رسائل بن لادن (آبوت أباد)

بذور التمرّد في (القاعدة) والخلاف مع الزرقاوي


(القسم الأول)


خالد شبكشي

في 20 مايو الماضي أفرج عن الدفعة الثالثة من وثائق آبوت آباد التي تمّ العثور عليها في المجمع السكني الخاص بزعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن. الوثائق المائة والثلاث تنوّعت في عناوينها وشملت العائلي والخاص، والمالي، والتقييم الميداني والمخاطر والتحديات التي يواجهها التنظيم، والخطط المقترحة لتنفيذ عمليات، والاستهدافات.. وإن أول ما يلفت إنتباه الباحثين في شؤون "القاعدة" هو التقييم الداخلي لبنية التنظيم وعمله وعلاقة الأفراد بالقيادة، في ظل تشكيلات متوالية حملت إسم التنظيم ولم يعرف طبيعة العلاقة بينها وبين قيادة "القاعدة".

في رسالة اشتملت على تقييم لبيئة العمل التي تعيش فيها (القاعدة) في أفغانستان وباكستان، حيث يرصد معد التقرير الى جانب ايجابيات العمل في هذين المكانين، فإنه يضفي عليها صفة "معاناة" لما تنطوي عليه من "مشاكل وسلبیات وأخطاء ونقص وقصور"، وكانت تلك سبباً في انسحاب الأفراد من التنظيم "فكم من رجلٍ جاء للساحة فلم یصبر فیھا لما رأى من الأخطاء مثلا ومن القصور والأخطاء الإداریة أو غیرھا، وربما انقلب بعضھم ذاماً ساخطاً أحیاناً..". وبرغم من ادعائه بأن هذه الحالات قليلة، إلا أن التفاصيل التي يوردها في التقرير تكشف عن أن ثمة تحديّاً جدياً فرض على التنظيم وأن قيادة (القاعدة) تواجه أخطاراً جديّة تمس كيان التنظيم، ومن المشاكل التي عانى منها التنظيم هي حسب الوثيقة:

مشكلة الحرب الجاسوسیة والطائرات الجاسوسیة التي تمكّن العدو من الاستفادة منھا استفادة كبیرة وقتل الكثیر من المجاھدین من القیادات والكوادر وغیرھم خلال السنتین الماضیتین، وھذا شيءٌ أرّقنا وأتعبنا، والله مولانا وحسبنا عز وجل، إليه المشتكى والمفزع وإليه المصیر، ونحن إن شاء لله صابرون ثابتون مستمرون في بذل الجھد في مكافئة ھذه الحرب والأخذ بالممكن من الأسباب، ولذا نحتاج أن نتعاون ونتبادل الخبرات، لا سیما وأننا نتوقع أن العدو سینقل ھذه التجارب إلى ساحتكم وإلى ساحة الصومال فإنه قد ذاق حلاوتھا أخزاه لله، فیجب علینا التعاون بسرعة، وبإذن لله سنجمع لكم ربما في مراسلتنا القادمة ما عندنا من فوائد في ھذا المجال".

المشكلة المالیة، وھذه كالعادة في الجھاد في الشدة والرخاء، ولله ھو الفتاح العلیم.

مشكلة إدارة الكثیر من مكونات "الوجود المھاجري" ھنا، فعندنا العرب والأزبك والأتراك والتركستان والبلغان والروس بأنواعھم وما قاربھم الألمان وغیرھم... فیحصل في الساحة الكثیرُ من الفوضى، للأسف، لكن نسدد ونقارب.

مشكلة بعض أفرادنا المھاجرین العرب على وجه الخصوص. وتفصيل ذلك حسب كاتب التقرير:

قُتل وترك وراءه كنزاً من وثائق القاعدة

"فنحن نعاني في ساحتنا الجھادیة عموماً من الانقسامات والتكتلات الناشئة بغیر حق، وما أسمّیھا بـ "الكوماندانیات" المزيّفة، حتى في ساحتنا نحن في خراسان. وأرجع ذلك الى سبب حسب قوله "أن قوتنا وتمكننا غیر كامل فإننا نبتلى بأناس "یجاھدون على مزاجھم" و"على كیفھم" فھم یأتون للساحة ویعیشون فیھا لكن لا ینضبطون، وربما لا یعجبھم النظام السائد ویكونون في الغالب أھل تسرّع وربما یكون فیھم حیویة وطاقة أو مھارة وشطارة ولا یخلون من خیرٍ بلا شك، لكن تحصل لھم فتنة من قبیل القول مثلاً: "نحن مھمّشون"! إن رأوا أننا مثلاً لم نوظفھم بسرعة فیما یرغبون فیه، ونحن لنا طبعاً طریقتنا في ذلك والتي تنبني في جزء منھا على الاحتیاط البالغ في تزكیة الناس وعدم تولیتھم بعد أن یمر زمنٌ لھم في الساحة من البذل والعطاء یظھر فیه حالُھم وینالون التزكیة، أو "أنا عندي طاقة أشتغل وأعمل وھم یقیدونني"، ونحو ذلك، وبعضھم مجرد أھواء محضة لا جدال فیھا، یرفض أن یكون مأموراً وأن یندرج تحت السمع والطاعة ویكون حیثُ وُ ضِعَ، ولا یرضى إلا أن یكون رأساً، ونماذج من ھذا الجنس متعددة الأنواع... فإذا انضاف إلیھا ما یرونه من أخطائنا وقصورنا وضعفنا اكتملت أسبابُ الفتنة، فتجدھم یتركون الجماعة و یظلون عبئاً على الساحة و فساداً فیھا شعروا أو لم یشعروا، لأنھم لا ینضبطون في حركتھم واتصالاتھم وعلاقاتھم...إلخ ولا یراعون مصالح "الاجتماع" الجھادي، وربما نشأ من انفرادھم واستقلالھم تعارُضات ومزاحمات مفسِدة ومحرِجة ومنفّرة، وربما انجر حالُھم ھذا معنا إلى تقاوُلٍ وكلامٍ وشر..".

ويذكر عدداً من النماذج بما نصّه:

فعندنا الآن من ھذه الأنواع عدة بؤر وعدة أفراد متناثرین، وكان منھم الأخ غزوان الیمني (أبو الحسین) الذي قتل قبل نحو شھر ونصف، والذي جاءنا قبل سنتین تقریباً وكان قال لنا إنه قادمٌ من عندكم (لا أدري ھل من جھتكم أو من جھة القعیطي) وغیرُهُ متعددون، كان منھم أیضا الأخ صفوان. وشابٌّ صغیر آخر یسمي نفسه "عیسى بن مریم"! الیمنیّان وكلاھم أُسِرا في باكستان في مدینة كویته، وكانا في طریقھما إلى إیران العام الماضي، وصفوان ھذا ھو الذي كان یتراسل معكم وعن طریقه جاءتنا رسالتكم المصورة العام الماضي.

ومنھم الأخ حمزة الجوفي، وكان منھم أخٌ معروف باسم: الذباح الطائفي، وھذا أسِر في باكستان في منطقة قبلیة قرب بیشاور العام الماضي وسُلم للسعودیة.. ومنھم عكاشة العراقي ومنھم أناسٌ آخرون.

ومنھم نجم أو نجم الخیر (صالح القرعاوي) القصیمي، فھو نموذج من ھذه النماذج أیضا لًلأسف.. ولابد من الفات الانتباه الى هذا النموذج لأن التقرير يقدّم معطيات مهمّة حول علاقة صالح بن عبد الله القرعاوي متزعم جماعة كتائب عبد الله عزام، ولم يكن على علاقة تنظيمية مع (القاعدة). يقول معد التقرير: (فھو لیس تابعا لًنا بالشكل الحقیقي والكامل، ولا یسمع ولا یطیع لنا، ھو یقول : أنا مع الشیخ أسامة ومع أمیر المؤمنین ملا محمد عمر، لكن لیس بالضرورة أكون مع مصطفى أبو الیزید ولا عطیة ولا غیره، الجھاد واسع، ولیس شرطاً التقید بجماعة! ھذا قوله بالحرف تقریباً) ويعلّق معد التقرير (وھذا الكلام جھلٌ وفسادٌ بلا شك، ویتضمن اللعب بإنشاء جماعات جھادیة لمن یحلو له ولمن شاء بدون ضوابط ولا قیود، كیف ونحن یجب علینا أصلاً أن نوحّد الجماعات الموجودة قدر الإمكان، وإنما نعذُرُ مَن له عذرٌ شرعيّ مقبولٌ فقط في الانفراد في ساحةٍ مثلا أو بمجالٍ..) ويخلص للقول (والحاصلُ أنه الآن عنده مجموعة ممن ھم على شاكلته وعامل لنا فتنة، ویحاول استقطاب شباب الجزيرة دائماً.. وطبعا ھو إنسان بسیط جد الًیس عنده مؤھلات لأن یقود عملاً جھادیاً، لا فقه ولا كثیر من المؤھلات.. المفروض أن یكون جندیاً من جنود الإسلام مجاھداً في سبیل الله حیثُ وُضع من قبل جماعة المجاھدین المأمونة، تحت قیادة كبیرة رشیدة تشرف علیه، حتى ینضج على ھدوء وإذا فتح لله علیه وارتضاه المسلمون وجاءَ زمانُه فلیكن مكانَ أسامة بعدھا، ما المشكلة؟!! إنما لابد لكل شيء أن یؤتى من بابه، لكن أن یكون ھو الآن قیادة مستقلة فھو غیر صالح لھا، ھذه قناعتنا، لكن ھو غیر مقتنع، ونحن فشلنا في استیعابه لقوة إصراره ھو على أن یكون شیئا!! وقد أجرى مركز الفجر قبل نحو أسبوعین لقاءً معه [ما كان لإخوة الفجر أن یُجروه، لكن قدر لله وما شاء فعل، فھم لم یشاورونا فیه ولم یرجعوا إلینا، والواجب علیھم كمؤسسة إعلامیة جھادیة ناشرة لنا، شبه رسمیة، أن یرجعوا لنا ویشاورونا في أي عملیة ترویج لقیادات وتزكیة لھم عند الأمة!!]

ولفت معد التقرير الى ما وصفه الثغرة الكبیرة في كلام القرعاوي في اللقاء من خلال السؤال حول موقعه من تنظيم القاعدة؟ ويقول معد التقرير (ھو لم یذكر القاعدة أبداً لا مدحاً ولا ذماً ولا بین موقعه ھو منھا. السؤال كان:

(تنظیم القاعدة له فرع "تنظیم القاعدة في جزیرة العرب" معروف بقیادة الشیخ أبي بصیر ناصر الوحیشي ما موقعك أنت یا نجم منه؟ طبعاً القرعاوي تفادى الاجابة المباشرة فهو لم يذكر ھذا ولا عرّج علیه، طبعا ولا یستطیع، بل ھو یتفادى ھذه المطبات!

طائرات الدرون الأمريكية فتكت بالقاعدة جنوداً وقيادات

من فحوى كلام معد التقرير يظهر أن القرعاوي كان يريد الاستقلالية بالعمل وأن يؤسس لنفسه مجموعة خاصة به وإن كان يستلهم من ابن لادن وملا عمر. هو يرفض الانصياع للتراتبية التنظيمية، ويريد اختصار الزمن وطي المراحل، والوصول مباشرة الى مراكز قيادية..في تقييم معد التقرير عن القرعاوي كلام واضح: أما أن یأتي الأخ ویشترط أنه عنده "قروب" (مجموعة) یرید أن یعمل في الجزیرة أو لبنان أو كذلك، وعنده خصوصیات كذا وكذا، ویرید أن یفرض ذلك على الجماعة فھذا غیر لائق"، ويعلّق: "في الحقیقة في نظري الخاص وتقویمي أن أكثر تلك الأشیاء لا تعدو كونھا أمراضا فًقط لا غیر، لكن نحن في مشكلة حقیقیة، فإذا سكتنا مشكلة، وإذا تكلمنا مشكلة، والناس لا تعرف، وھؤلاء یقتاتون على سكوتنا، وقد یحوّلون الأمر إلى مشاحنات شخصیة أحیاناً". ثم يتحدّث عن مجموعة القرعاوي:

"وبالنسبة لكتائب عبد لله عزام فھم مجموعة صغیرة من الإخوة في لبنان، قاموا برمي الصواریخ على الیھود في مرة أو مرتین أو أكثر، ویسعون لضرب الیھود وضرب قوات الیونیفیل ھناك..وھم (ھذه المجموعة) كانوا على تواصل معنا في فترة ما فلما انقطع الاتصال بیننا وبینھم، وجدوا ارتباطاً بالأخ نجم فارتبط بھم واحتواھم ودعمھم ببعض ما یجمعه من الدعم، وصارَ شبه مشرفٍ علیھم ویتحدث باسمھم، ویقول: عندنا مجموعة وكذا وكذا، فھو في الحقیقة لم یؤسس المجموعة".

وقد حاولت قيادات (القاعدة) استيعاب القرعاوي (وأن یكون مع الجماعة منضبطاً، ویُعطى له مثلاً الإشراف الرسمي على العمل في لبنان مع الإخوة "كتائب عبد لله عزام"، ویكونون تحت القاعدة...) ولكن المحاولات فشلت بسبب مشكلات تتعلق بالقرعاوي نفسه (ھناك مشكلات وعقبات، فیه ھو وتقویمنا له، وفي بعض من معه في ساحتنا ممن عرفناھم..).

* * *

في رسالة من أسامة بن لادن إلى الشيخ عطية الله الليبي (محمود) وأحد قادة التنظيم يدعى (الحاج عثمان) يطالبهم فيها بعد الاهتمام بتخزین المؤن وخاصة القمح والتمر، بالاجابة عن مجموعة أسئلة تبدو على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة له وهي:

ـ معلومات حول جمیع الیمنیین الموجودين تحت إدارتهم؟

ـ كيفية تسرب خبر مقتل سعد، نجل إسامة بن لادن.

من الأمور التي طلبها بن لادن: المناھج القطریة من أحمد زیدان، مدير مكتب قناة (الجزيرة) القطرية في باكستان، وفي حال عدم القدرة أخذھا من الانترنت.

كما طالب بكتابة رسالة إلى أفراد التنظيم في المغرب وإبلاغهم بالتصوّر السابق لدى (القاعدة):

وأن یعتبروا أنفسھم جیش المسلمین في المغرب الإسلامي مھمته المساھمة في اجتثاث الشجرة الخبیثة بالتركیز على أصل الساق الأمریكي، ولیس الانشغال بقوى الأمن المحلیة، مع الحرص على التفریق بین من یأتي إلیھم لقتالھم والأئمة المتفرغین لذلك، وبین من یذھبون ھم إلیھم بضربھم في مقارھم؛ فإن قتال العدو المحلي لا یأتي بالنتیجة التي من أجلھا خرجنا وھي إعادة الخلافة الراشدة ورفع الذل والھوان عن الأمة.

والتأكید علیھم بعدم الإلحاح على قیام دولة إسلامیة الآن بل العمل على كسر شوكة العدو الأكبر كضرب السفارات الأمریكیة في دول أفریقیا كالسرلیون وتوجو وشركات النفط الأمریكیة بالدرجة الأولى.

وهنا يبدو الفارق الجوهري بين تنظيم (القاعدة) وغريمه (داعش)، فبينما يتمسّك بن لادن بمهاجمة القوات الأميركية (العدو المفضّل) والنأي عن أي مصادمات مع السكّان المحليين أو حتى مع القوى المحلية (الشرطة والجيش) باستثناء تلك التي تقف عوناً الى جانب الصليبيين، حسب قوله، وكذلك تأخير أولوية إقامة الدولة الاسلامية واستبدالها بأولوية العمل على ضرب المصالح الأميركية، فإن داعش تعمل على العكس تماماً حيث تتمسّك بأولوية اشعال الحرب الطائفية والداخلية وكذلك إقامة الدولة الاسلامية.

يوجّه بن لادن عناصر التنظيم في المغرب على الاستعداد للعمل الخارجي ويقول: (وینبغي أن یھتموا بتدریب عناصرھم التدریب النوعي للقیام بالأعمال الخارجیة مع ملاحظة أن لا یبخلون بكمیة المتفجرات أو عدد الاستشھادیین مع إفادتھم بما لدیكم من خبرات في ھذا المجال، وتنبیھھم من الأخطاء التي مرّ بھا المجاھدون في العمل ضد الأمریكیین).

يوصي بن لادن عثمان ومحمود بمراسلة كوادر وقيادات (القاعدة) في اليمن والطلب منهم (بأخذ الاحتیاطات الأمنیة وتجنّب الحركة إلا في ضرورة ملحة وخاصة القیادات الظاھرة على الإعلام وأن تتجنب ھذه القیادات اللقاء بالناس (المطاعم) (محطات الوقود) كما أوصاهم بتنبيههم "بعد إفادتھم بالتصور العام السابق ذكره على خطورة الدخول في دماء مع القبائل..". كما أوصاهم بالحرص "على أن یكون أحد قادة التنظیم البارزین من الجنوب" و"عدم استھداف الجیش والشرطة في مراكزھم وكثرة الطرق على أننا لا نریدكم وإنما نرید الأمریكيین الذین یقتلون أھلنا في غزة، والتأكید على العسكر: كونوا بعیداً عن خدمة الصلیبین، من لا یقاتلنا لا نقاتله، فنحن ندافع عن أنفسنا ولا نصیب بشر إلا من جاء لقتالنا. ھذه المسألة مھمة تزید من تعاطف الناس مع المجاھدین وتضعف من نفسیات العسكر). وهنا يبدو بن لادن واقعياً ويراعي الاعتبارات المحلية بهدف عدم إثارة المجتمع. ومن الواضح أن بن لادن يريد من جماعته العيش في بيئة متصالحة ولايريد منها المواجهة مع المجتمع بل مع الاميركيين.

وبلغ التسامح لدى بن لادن أنه أوصى قادة التنظيم في اليمن بـ (الحرص على محاولة أخذ عھد وبیعة من الذین ھم مع القاعدة دون أن یكون عدم البیعة حائل بینكم وبین من لا یبایع وإنما تحرصوا على سعة الصدر وتقبلوھم معكم في العمل ومرور الوقت طالما أنھم یجدون من جانبكم حلماً وعدم انتقام للنفس یقرب بینكم ویجعلھم معكم في آخر المطاف).

يلفت ابن لادن نظر عثمان ومحمود الى العرض الذي تقدّم به الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، أي الحوار مع "القاعدة"، والقائمة على أساس تخلي عناصر التنظيم عن السلاح، ووجّه رسالة الى قيادات الجيل الأول في التنظيم في اليمن مثل أبو غزوان، أبو ھریرة الیافعي، أبو ریحانة الیافعي، أبو عمر الوصابي، عبد القوي الجعدي، وخاطبهم قائلاً "ینبغي أن تتعاملوا مع ما عرضه الرئیس علیكم من الحوار بأسلوب حكیم یظھر أن الخصم ھو المصر على تصعید الأمور المؤدیّة للقتال وبذلك یكون تعاطف الشعب مع المجاھدین مستمر وبشكل أكبر إن كان عرض ھذه الأمور لبقاً سیتحمل الخصم مسؤولیة تبعات الحرب ولیس نحن ویظھر للناس أننا حریصون على وحدة الأمة الإسلامیة وسلامة الناس بأسس سلیمة"، ولكن بن لادن رفض فكرة التخلي عن السلاح "وأما في مسألة التخلي عن السلاح فغیر واردة البتة فھو جزء من كیاننا وتاریخنا والحفاظ على حیاتنا والرجل من غیر سلاح لا شك أنه منتقص، فماذا جنى الذین تركوا السلاح غیر أنھم أصبحوا لا وزن لھم..".

ابو عطية الليبي

أمر آخر لافت في رسالة بن لادن أن عمليات القرصنة التي كانت تتم في بحر العرب والمحيط الهندي هي من تدبير التنظيم كقوله: "یا حبذا أن ترسلوا رسالة إلى الإخوة في الصومال یتم فیھا التنبیه على أن لا یعلنوا تضامنھم مع القاعدة وأن یھتموا بموضوع أخذ الفدیة وخطف سفن العدو".

ثمة ملاحظات مهمة وردت في رسالة بن لادن وهي موجّهة الى أعضاء التنظيم في البلدان العربية خصوصاً التي تشهد مواجهات مع أجهزة الأمن والجيش، إذ طالبهم "مراعاة حال الإخوة الذین في خضم المعارك والقتال كما ھو الحال في الجزائر والیمن فإنه یكون من الصعب علیھم الاقتناع أو تفھّم طرحنا في عدم ضرب الجیش وقوى الأمن لذا ینبغي أن یساق لھم أكبر قدر ممكن من الأدلة الشرعیة والعقلیة لإقناعھم كمثال سوریا ومصر السالف ذكره والسودان التي تم الضغط علیھا إلى أن تراجعت عن تطبیق الشریعة وانحرف مسارھا ومع ذلك زاد الضغط علیھا إلى أن تنازلت عن الجنوب ..". فابن لادن يرفض من حيث المبدأ المبادرة الى الدخول في مواجهات مسلحة مع الجيوش والأجهزة الأمنية في الجزائر واليمن والسودان ومصر وسوريا والتركيز على الأهداف العسكرية الأميركية "كل سھم وكل لغم یمكن أن یتم فیه تدمیر عربة أمریكیة وھناك غیرھا ینبغي صرفھا في تفجیر العربة الأمریكیة دون غیرھا من حلف النیتو فضلاً عن من دونھم". ويستثني من ذلك تلك القوات التي تبادر هي الى الهجوم على مراكز القاعدة في البلدان العربية التي يتواجد فيها التنظيم.

بكلمات أخرى، أن التنظيم يريد العمل ضد الأهداف الأميركية في الدول العربية وعلى هذه الدول السماح للتنظيم بالعمل بحرية، وهو بدوره سوف ينأى عن الدخول في مواجهات مع جيوش هذه الدول وقواتها الأمنية بشرط عدم استهداف التنظيم وعناصره أو مراكزه..وهذا على ما يبدو شرط في غاية التعقيد، لأن التنظيم يفترض أن الدولة تتنازل عما تعتقده جزءاً جوهرياً من سيادتها فتسمح للتنظيم بالعمل بحرية ضد الاهداف الأميركية مع أن الدولة قد تكون مرتبطة باتفاقيات ومعاهدات مع أميركا ما يفرض عليها دفاعاً مشتركاً ما يجعل المواجهة حتمية بين التنظيم والدول التي تتواجد فيها..

يقول بن لادن "یستثنى من ذلك ما ینبغي استثناؤه، كأن تكون قوة من جیش الدولة كالجیش الیمني أو الجزائري متوجھة نحو مراكز الإخوة ولیست دوریة عامة. وبعبارة أخرى "كل عمل للدفاع المباشر عن الجماعة المجاھدة في تلك الدولة للمحافظة علیھا للقیام بمھمتھا الأساسیة في ھذه المرحلة وھي ضرب المصالح الأمریكیة فھي تستثنى من القاعدة العامة".

يعيد بن لادن التأكيد على أولوية المواجهة مع الولايات المتحدة على إقامة الدولة الاسلامية، وله في ذلك فلسفة محدّدة "ینبغي التأكید على أھمیة التوقیت في إقامة الدولة المسلمة فھو في غایة الأھمیة مما تؤكده الأوضاع والأحوال عبر التاریخ الحاضر فیجب أن نضع نصب أعیننا أن ترتیب العمل في قیام الدولة یبدأ بإنھاك الكفر العالمي صاحب النفوذ الكبیر على دول المنطقة الذي یفرض الحصار على حكومة حماس التي لا یشك عاقل في أنه لا سبیل أمامھا إلا السقوط أو الرضوخ لما یطلب منھا والذي أسقط الإمارة الإسلامیة في أفغانستان ودولة العراق برغم أنه تم استنزافها بصورة كبیرة إلا أنه مازال لدیها قدرة على حصار أي دولة إسلامیة ولا یخفى ما للحصار من تبعات ثقیلة على الشعوب تجعلھا تسعى لإسقاط الحكومة وإن كانت قد انتخبتھا انتخابات نزیهة لذا ینبغي المواصلة والاستمرار في استنزافه وإرھاقه لیصل إلى حالة ضعف لا تمكنه من إسقاط أي دولة نقیمھا وعندھا یكون الشروع في البدء في إنشاء الدولة المسلمة بإذن لله وخلاف ذلك یظھر لي كالذي یضع العربة أمام الحصان".

ارهاصات الانقلاب على (القاعدة)

بعث قادة جماعة تطلق على نفسها (جبهة الجهاد والإصلاح) بتاريخ 6 جمادى الاول سنة 1428 الموافق 22 مايو سنة 2007، أي بعد مرور أقل من عام على مقتل الزرقاوي، وتولي أبو عمر البغدادي قيادة التنظيم وإعلانه الدولة الاسلامية في العراق. بعثوا برسالة الى أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، يظهر من نصها وفحواها أن أصحابها سعوا طويلاُ وبصورة جديّة وبطرق متعدّدة لإبلاغهما شكوى وعتاب حول ممارسات الزرقاوي وجماعته في العراق. وحسب نص الرسالة: "فاننا أخوانكم في جبھة الجھاد والاصلاح نعتب علیكم أشد العتب، إنا أرسلنا إلیكم الرسائل المكتوبة والصوتیة وتجشّمنا المصاعب لایصالھا الیكم منذ الایام الاولى لإعلان الاخ ابي مصعب مبایعته لكم، وبینا لكم ماحدث إثر ذلك من اشكالات ومخالفات شرعیة وضرر متزاید على مسیرة الجھاد في العراق ترتكب باسم القاعدة وباسمكم شخصیاً، واقمنا الادلة والبراھین على ذلك وتوالت الرسائل الیكم كي تتدخلوا بأنفسكم لحل الاشكالات الخطیرة التي تحیق بالعمل الجھادي المبارك في العراق، وتسيء الى سمعتكم، ولكن لم یتخذ أي إجراء لحد الآن لوضع حل للتردي المستمر الذي ینذر بكارثة وشیكة الحصول اذا بقي الحال على ما نحن علیه. وانا نطالبكم بالاجابة الواضحة على رسائلنا السابقة وموقفكم منھا، قبل أن نذكر المزید من المصائب المتتالیة والكوارث التي یرتكبھا تنظیم القاعدة باسم الدولة الاسلامیة، فإنّا نرى أن رسائلنا وكتبنا لا قیمة لھا عندكم، ولم تكترثوا بھا، وھذه آخر رسالة شكوى نبعثھا الى حضراتكم، ونبعث الشكوى بعدھا الى لله وحده".

القرصنة جزء من حرب القاعدة وتمويلها

ولفت أصحاب الرسالة الى أن الرسالة الأولى التي بلغت أسامة بن لادن عن طريق أبي اللیث اللیبي قبل ثلاث سنوات باسم جماعة أنصارالسنة، وبعدھا من الانصار أیضاً بید ابي الدرداء الذي يعرفه بن لادن جيداً، لما كان مسؤولاً للإعداد والتدریب في معسكر خردن والذي قتل بعد رجوعه من إيصال الرسالة الى بن لادن وكانت على شكل 12 شریط صوتي استلمھا ایمن الظواهري إضافة الى رسائل اخرى بلغته باسم (الجیش الاسلامي) و(جیش المجاھدین) وفصائل اخرى.

وحذّر أصحاب الرسالة بن لادن والظواهري بالقول "واعلموا انكم مسؤلون وموقوفون أمام الله یوم القیامة ما دمتم تباركون أعمال القاعدة في العراق دون ان تتبرؤوا من الفظائع التي ترتكب باسمكم شخصیاً؛ فاذا بقي في الامر متسع فان ھذه آخر فرصة لتدارك الانھیار الذي یوشك ان یحصل في الجھاد في العراق، والذي یشارك من انتسبوا إلیكم بالجزء الاعظم منه، واعلموا ان طامات عظیمة قد استجدت اعظم مما سبق، فبادروا أیھا المشایخ الفضلاء ولو بكلمة توجھونھا من خلال الفضائیات تبرؤون ذمتكم أمام لله وأمام المجاھدین والمسلمین الذین یحملونكم مسؤولیة كل ما یحصل في العراق من انتھاكات لاتقومون بالانكار علیھا وأنتم قادرون، واستمعوا الى كلام الصادقین والصالحین من أھل البلد من غیر أتباعكم كي تتضح الصورة الصحیحة لكم".

بداية القرار

في وثيقة مكتوبة بخط اليد ومبتورة أطرافها بحيث لا تظهر نهاية الجملة ما يتطلب ربط الجملة أو توقّع المفردة المكتوبة بحسب سياق الجملة.. الوثيقة بعنوان (بداية القرار) جاء فيها:

"إن العدو هو التحالف الصليبي الصهيوني وليس المسيطر عليه من أمريكا، وأن تحالف الشمال ما هو الا جندي واحد من جنود ذلك الجيش المجرم، فما ينبغي تعطيل الطاقات أمام الجندي وترك أكثر من 98% من الأمة تستباح من قبل الصليبيين والصهاينة. قرار الضربة يأتي في هذا السياق (نيروبي). (الغريب في ضربة نيروبي وقفوا عند رد الفعل. عندما تصعد الطائرات الأميركية تبيد الناس رجالاً ونساءً وأطفالاً تصبح في خبر كان. وكان الاخوة على القرار برغم توقعهم لهذا الرد ولم يكن معارضة ظاهرة وواضحة، ولكن في (كول) كان هناك معارضة من مجلس الشورى ـ بدأوا يرون ردود الفعل من ا.. والضجة والزخم الاعلامي وبدأ الطلبة يشعرون.. وظهرت معارضة الطلبة، ولكن المعارضة من الساحة (ألف) شديدة على القرار..وجماعة الجهاد كانوا من المؤيديين ومن بينهم تحالف وقد أيدوا..لكن مجلس القاعدة الخاص وعندما قرر سيثير ..نفوس الناس لشدة الأمريكي على الطلبة ويخطئونهم وضغط الطلبة على الاخوة".

وهناك فقرة يبدو أنها اعتراضية جاء فيها:

"أبو الوليد تكلم عليك كلاماً شديداً في الصحف، ورد الأخوة كلاماً شديداً عليه. وهو عند.. حالة صدمة حين سقطت دولة الطلبة انصدم وهو سيسقط لا يحببك نفسه، فكان يكتب باسم مستعار فيه ويعارض مجلس الشورى وأمير المؤمنين".

القرعاوي.. منظّراً

برغم من أن صالح عبد الله القرعاوي، متزعم (كتائب عبد الله عزّام) واجه معارضة من قبل كبار قادة (القاعدة) لإصراره على تجاوز التراتبية التنظيمية إلا أنّه بقي مصرّاً على أن يصنع لنفسه حيثية قيادية وفكرية خاصة ومستقلة. بل فرض نفسه على التنظيم، حين بدأ يتحدث باسم (كتائب عبد الله عزّام) ويكتب سلسلة (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيل الْمُجْرِمِين﴾ حيث وجّه رسالة الى أهل الشام بوصفه متزعماً للكتائب، وذلك بتاريخ 18 ذي الحجة 1431 هـ الموافق 24 نوفمبر سنة 2010 ونشرها (مركز الفجر للإعلام) المحسوب على تنظيم القاعدة.

صالح القرعاوي: مشاغب احتوى كتائب عبدالله عزام وشاغب على القاعدة

في الرسالة التي حملت إسم (نجم الخير) وهو الإسم الحركي للقرعاوي خاطب فيها (أهل السنة والجماعة في بلاد الشام)، والرسالة هي عبارة عن عملية استنهاض لأهله لأنهم "مستضعفون يعيشون الذلَّ والهوان، يُسَجَّن أبناؤهم، ويُهانُ شِيبُهم، ويُخرجونَ مِن أرضِهم، وتؤكلُ حقوقُهم كلُّها".

يقدّم القرعاوي نفسه بوصفه ناصراً لأهل الشام وأن دافعه إيماني وفطري وأن "ذا المروءةِ والنجدةِ تأبى عليهِ نفسُه أن يرضى على أهلِه".

يذكّر خطاب القرعاوي بخطابات التحريض والاستنهاض التي اتبعها تنظيم داعش وبرسائل الزرقاوي في استنهاض العراقيين السنّة للانخراط في مشروعه القتالي، عبر تبني مشروع الحرب الطائفية التي تقوم على استدراج السنة والشيعة الى مواجهة مسلّحة كيما تتهيأ الأجواء لتدخل التنظيم وتخلط الأوراق، فيصبح هناك فرصة للعمل، وتجنيد الأفراد، واستدراج القتال المتبادل. القرعاوي الى جانب نزعته الوصائية على الآخر، فإنه يقدّم رؤية تقوم على عسكرة المجتمع السنيّ وجرّه الى مواجهات مسلّحة وفتنة، وكأن حقوق السنّة لا تتحقق الا عبر إشعال حرب أو الدخول في مواجهة مع بقية المكوّنات المذهبية والدينية في المجتمع الذي يعيشون فيه.

المديح الذي يكيله القرعاوي للشام وأهلها، والذي يستند في جزء كبير منه على نصوص دينية من أحاديث نبوية وروايات تاريخية تأتي في سياق عملية الاستنهاض والتحريض..ومن ذلك أن أهل الشام "كانوا أول الاسلام مرابطين لمجاورة النصارى والشيعة وغيرهم من الطوائف المنافقة". ويعدّ ذلك من بشائر النصر والتمكين لأهل السنة في بلاد الشام بشرط ان يسعوا الى تحصيل أسباب النصر وطرق أبواب التمكين، وعليهم العمل حتى يكون الدين لله، وهذا لا يكون الا بأن يرتفع "تسلّط الظلمة ـ من الباطنية والشيعة وغيرهم ـ عن أهل الاسلام وبلادِ المسلمينَ..". ويستعرض القرعاوي أحوال الشام من زاوية طائفية محضة، ويقول بأن أحوال أهل السنة في لبنان وسورية وسائر بلاد الشام (مع ان سائر بلاد الشام يعني فلسطين والاردن ليس هناك ما يمكن وصفه بالانقسام الطائفي السني والشيعي)، ولكنه يقول بأن أهل السنة من الطوائف المظلومة المستضعفة في هذا الزمان وأن ثرواتها منهوبة من قبل الطوائف المهيمنة مثل "الباطينة العلوّية والشيعة الصفوية" حسب قوله.

ويثير القرعاوي أسئلة هي عبارة عن تمهيد لتوجيه نداء استنهاضي لأهل الشام، ومن تلك الأسئلة:

- لماذا لا يستجابُ لدعاوى رفعِ الظلمِ إلا إذا كانَت هذه الدعاوى مِن زعم الطائفةِ الشيعيةِ؟

- لماذا يتجاهلون ما وقع عليكم يا أهلَ السنةِ من قبيحِ الظلم وعظيم الجرائم؟

- ولماذا لا يُفتَح تحقيقٌ في مصيرِ مئاتٍ ممَّن قُتِلوا مِن التعذيبِ في السجونِ، ومَن قُتِلوا بدمٍ باردٍ في الطُّرُقاتِ وتُركوا تخَضِّبُهم دماؤهم؛ على يدِ هذه الطائفةِ الشيعيةِ الظالمةِ وأذرُعِها في البلدِ؟

- ولماذا لا يُحاسَبُ مَن قتل أهل السنةِ في السابعِ من آيارَ، مع أنَّ زعيمَهم الآثِمَ يتبجَّحُ بذلك اليومِ، ويعُدُّه يومًا مجيدًا مِن أيام المقاومةِ الشيعيةِ المزعومةِ؟

- ولماذا لا تُرَدُّ حقوقُ الأُمَّهاتِ الثكالى، اللاتي قُتِلَ أبناؤهن على أيدي عناصرَ مِنَ الجيشِ بل يغطِّيها ويَؤازرها حزبُ الشيعةِ؟

- ولماذا لا يُحاسَبُ النظامُ العلويُّ على جرائمِه الكثيرةِ في لبنانَ وسوريَّةَ؟

وكما يبدو ان انغماس القرعاوي في الملفين اللبناني والسوري ليس نابعاً من معرفة شاملة لأوضاع هذين البلدين ولا الملابسات المحيطة بكل الحوادث الواقعة فيه. فقد اختار نتفاً من الحوادث التي يمكن توظيفها في الصراع الطائفي الذي يخطط له. فالاسئلة التي يطرحها القرعاوي هي أسئلة مستمدة من قراءة مبتورة وانتقائية وقاصرة للشأن اللبناني والسوري، لأن الأداة الطائفية في التحليل تعجز عن تقديم قراءة دقيقة وشاملة، لأن الحوادث في لبنان أو حتى إدارة الدولة في سوريا ليست خاضعة تحت تأثير دوافع طائفية بالضرورة وإن كان الظاهر يوحي بذلك..

ما يطلبه القرعاوي هو ما ذكره صراحة "فإنَّنا في كتائبِ عبدِ اللهِ عزام؛ نطالبُ بتشكيلِ لجانٍ شرعيةٍ، يقومُ عليها أهلُ العِلمِ مِنَ القضاةِ" بهدغ التأسيس لإمارة دينية يحكم فيها بالشرع وفق التفسير الوهابي "ليردُّوا الحقوقَ إلى أصحابها المستضعفين، ويَقضوا في دماءِ المسلمين المسفوكةِ، وأعراضِهم المنتهكةِ، وأموالِهم المسلوبةِ، وأرضِهم المغتصبةِ؛ يقضون في كلِّ ذلكَ بحكمِ اللهِ فيه، ويَدُلُّون أهلَ الإسلامِ إلى سُبِل تطبيق هذه الأحكامِ الربانيةِ..". بكلمة أخرى، يطالب القرعاوي بدولة دينية في بلاد الشام تحكم وفق العقيدة الوهابية وتفسيرها للدين، وبهذه الطريقة يتحقق الهدف، أي استعادة حقوق أهل السنّة.

يقدّم القرعاوي مطالعة طائفية بامتياز لأوضاع لبنان وسورية ويرى بأن الخلاص الوحيد هو بإقامة إمارة دينية سلفية تطيح الحكم العلوي في سورية والنفوذ الايراني وحلفائه خصوصاً حزب الله في لبنان..

الصفحة السابقة