وثائق بن لادن على موقع الاستخبارات الوطنية الامريكية

رسائل بن لادن (آبوت أباد)

تكفير المخالف، الزعامة، بيعة الزرقاوي

(5)

خالد شبكشي 

في سياق غربلة لوثائق آبوت آباد في دفعتها الثالثة، بدا واضحاً أن عملية انتقائية دقيقة قامت بها السلطات الأميركية. فهي لم تنشر أي وثيقة تتضمن معلومات تفيد الاستخبارات المركزية الأميركية في تعقّب المطلوبين على قوائمها، كما اختارت نشر الوثائق تحوي أسماء كل من تمّت تصفيتهم عن طريق طائرات بدون طيار، أو قضوا على يد اجهزة أمنية وعسكرية محلية..

وثائق تكرّرت ومعلومات تفصيلية غير مفيدة أحياناً، ولكن تعكس الى حد كبير واقع الحياة التي يعيشها قادة «القاعدة» والهموم التي تشغلهم والهواجس التي تسيطر عليهم..

وفي الجزء الأخير من الوثائق، اخترنا نخبة منها بما يساهم في فهم التنظيم في مرحلة ما وفي اوضاعه وكيف يقارب الملفات موضع اهتمامه..

بن لادن وتكفير المخالف

في رسالة جوابية لأسامة بن لادن في شهر ربيع الأول سنة 1429هـ يعلّق فيها على ماورد له من مقترحات من الشيخ أبو الحسن رشيد البليدى، عضو الهيئة الشرعية، رئيس الهيئة القضائية لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وكان قاضي الجماعة السلفية للدعوة والقتال وله عدة كتب ومؤلفات شرعية، والشيخ أبي يحيى الليبي، وإسمه الحقيقي محمد عبد المجيد حسن قائد، وهو المسؤول الثاني بعد الظواهري، وقتل في 4 يونيو 2012 في غارة جوية اميركية.

رسالة بن لادن تتعلق بتعليقات البليدي والليبي على رسالة الإيمان لمؤلفها صالح سريّة، أردني من أصل فلسطيني، وتعد من الوثائق الفكرية المعتمدّة لدى تنظيم القاعدة. وكان من أهم الأفكار المركزية للكتاب تدور حول تكفير الحكّام وجاهلية المجتمع وعليه اعتبار الأخير دار حرب وأن الجهاد هو السبيل الوحيد لإقامة الدولة الإسلامية، وإن كل من يلتزم بأحكام وقوانين الدول الكافرة فهو كافر.

أشاد بن لادن في رسالته بالرجلين لتعليقاتهما النقدية علىى ما ورد في كتاب سريّة بما نصّه: «طالعت تعلیقي الأخوین الشیخین الكریمین أبي الحسن وأبي یحیى على «رسالة الإیمان» وسررتُ أیما سرورٍ وأثلح صدري..بما رأیتُ من تعلیقات مفیدة رصینة تدل على محبة وصدق وأمانةٍ ونصحٍ للإسلام وأھله، من قبل ھؤلاء الإخوة ، فنعم الإخوة ولله ھمْ، ونعم الجنود للإسلام..». ولفت الى أن الشيخ البليدي «لم یعلم من ھو كاتب الرسالة على ما یظھر من كلامه.. ومع ذلك أجاد ودقق ونصح وأفاد..».

ويبدي بن لادن تحفّظاً على النزعة التكفيرية لدى صالح سريّة، بقوله «لاحظت – خصوصا من الشیخ أبي یحیى - شدة الحساسیة من مسألة وجود إطلاقات في كلام الشیخ یمكن أن یفھَم منھا معانٍ غیر سدیدة وخصوصاً منھا ما یتعلق بالمیْل إلى إطلاق أحكام الكفر على أفرادٍ أو جماعاتٍ، وھذا الشعور ھو نفس الذي عندي، وسببه فیما أرى ھو ابتلاؤنا بجماھیر الشباب في ساحاتنا الإسلامیة الجھادیة منھا وحتى غیر الجھادیة، فولله إن مسألة التكفیر والمسارعة فیها لھي من المھلكات والبلایا العظیمة، وكذا عموم المسارعة إلى الخلاف والطعن على المخالف والحكم عليه..! ولا یخفى كثرة الأفھام السقیمة، حتى یغلبون في بعض الأحیان والنواحي على مَن سواھم من أھل الحكمة فیعجم المتلطفون من العلماء والمصلحین عنھم ، والله المستعان..!». وهنا يشير بن لادن الى نقطة افتراق بينه وبين كثير من شباب القاعدة أو المحسوبين على «الساحة الاسلامية الجهادية» في طريقة إصدار الأحكام ضد المخالف والحكم عليه بالكفر.

وينبّه بن لادن الى مواضع الاشكال مع مواقف سريّة والتي رصدها بصورة دقيقة ولعل فيها تنبيهات الى صاحبيه البليدي والليبي ومنها رأيهما التالي:

فهناك أفعال لها أحكام محددة في الشريعة، غيّبها الحكام وأعوام عن أسماع الناس [ينكرها بعضكم (أو بعضٌ من الناس)] لبعد عهدكم عن سماعها، فعلى سبيل المثال: فقد تنكروا: إذا تولى الحاكم دولة كافرة وناصرها [وظاهرها] ضد الإسلام وأهله، وزعم العالم بعد ذلك أنه ولي أمر [شرعيّ يجب له السمعُ والطاعة ولا يجوز الخروجُ عليه]، عندها فإني أسمي الأشياء بمسمياتها الشرعية فالحاكم قد ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام، يكون به كافراً مرتداً عن الدين، ويترتب على ذلك واجبات كالتبرؤ منه، والخروج عليه وخلعه، والعالم هنا يكون قد نافق نفاقاً أكبر مخرجاً من الملة.

ويعلّق بن لادن:

(يظهر لي أنه ينبغي التحرز جيداً في مثل هذه المواضع لا سيما والكلام صادر من الشيخ القائد المقتدى به، فعليه واجبُ الهداية أكمل وأتم من غيره، ويتأكد في حقه حسن البيان والتحرز من وقوع الوهم في أفهام الناس، ووقوع الفتنة بشيء من كلامه، كثير من النفوس من شبابنا وغيرهم – لأسباب متعددة من الواقع لا سيما ونحن نعرف السيء المزري للأمة وطبقات علمائها وغير ذلك - للتشدد والانفراد، فما أسرعهم إلى الفتنة وما أسرع الفتنة إليهم!! والمقصود: أن مثل هذا الموضع الذي فيه الكلام على علماء السوء الذين يعملون في الحكومات المرتدة المعاصرة في بلادنا، هو موضع حرجٌ دقيقٌ لابد فيه من التفصيل وشدة التحرّز والخوف من الغلط، والقيام بالقسط كما أمر الله أن نعدل..فلعل الأحسن أن تُضمَّن الفقرة المتعلقة بالكلام عن «العالِم» بعض القيود والاحترازات مثل: ...والعالم هنا – إن كان قد عرف كفرَ الحاكم وبانَ له أمرُه- يكون قد نافق نفاقاً أكبر مخرجاً من الملة).

أما أبو یحیى فقال:

فهناك أفعال لها أحكام محددة في الشريعة غيبها الحكام وأعوام عن أسماع الناس لبعد عهدكم عن سماعها، وسعوا في طمسها بكل ما يستطيعون، فقد تنكروا على سبيل المثال: إذا تولى الحاكم دولة كافرة وناصرها ضد الإسلام وأهله، وزعم العالم بعد ذلك أنه ولي أمر، تجب طاعته ويحرم الخروج عليه، عندها فإني أسمي الأشياء بمسمياتها الشرعية فالحاكم قد ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام، يكون به كافراً مرتداً عن الدين، ويترتب على ذلك واجبات كالتبرؤ منه ، والخروج عليه وخلعه ، والسعي لذلك سعياً جاداً عملياً عند العجز وفقد القدرة، والعالم هنا يكون قد نافق نفاقاً أكبر مخرجاً من الملة.

وعلّق بن لادن على قول الليبي:

[تنبيه: لا شك أن هذا الكلام ليس على إطلاقه؛ لأن العالم قد يكون منطلقه فيما ذهب إليه اجتهاداً شرعياً صحيحا أخطأ في نتيجته كما يخطئ في أية مسألة علمية أو عملية، فاللبس قد يقع للعالم في أصل الدليل الذي يستند إليه الحكم الشرعي، وقد يحصل عند تنزيل الحكم الشرعي على الواقعة العينية فكلا الوجهتين يحصل فيهما الخطأ أعني فهم الدليل وتنزيله، فلا يمكن بحال أن يوصف كل عالم أفتى بما ذكره فضيلة الشيخ بأنه نافق نفاقاً أكبر، كما أنني أرى أن استخدام مثل هذه العبارات الجازمة في موضع الاحتمال ستفتح علينا موجة من غلو بعض الشباب المتحمسين لا قبل لنا بها وستشغلنا في مناقشات وردود نشعر أننا بفضل الله تجاوزناها إلى حد ما فأرى لزوم مراعاة هذا الأمر مراعاة تامة ولهذا فأقترح أن تكون هذه العبارة – إن كان ولا بد من إبقائها - على النحو التالي]:

والعالم الذي يفتي بوجوب طاعة هذا الحاكم مع ظهور ردته يكون قد خالف الحق مخالفة صريحة، تمنع من متابعته عليها، وتوجب الرد عليه وبيان خطئه ومجانبته للحق، حتى ولو كان معذوراً في اجتهاده، فعذره فيما أخطأ فيه شيء ومتابعة الأمة له على زلته شيء آخر، خاصة في المسائل الظاهرة المشتهرة التي تواردت عليها الأدلة وتطابقت كلمة الأئمة، ويكاد يستوي في معرفتها العالم والعامي، كمسألة كفر من ظاهر الكفار على المسلمين، وزوال ولاية الحاكم الكافر بمجرد ردته، ووجوب السعي لخلعه.

من الواضح من خلال تعليقات البليدي والليبي، أن ثمة تبايناً لدى قادة القاعدة في تكفير العلماء وإن لدى بن لادن، في ضوء خلفيته الجهوية والمدرسية، خلفية شديدة المحافظة إزاء طريقة التعاطي مع العلماء..

واستعرضت الرسالة آراء الرجلين وتعليق بن لادن النهائي عليها فيما يرتبط بالحكم على عموم الناس وتقسيمهم، وقد رأى ابو يحيى الليبي بأن ذلك قد يجعل الشباب يخوضون غمار مسألة عظيمة بغير علم ولا فهم، ويرى آخر بأن المسلمين منقسمون الى من يعبد الله وحده ومن يعبد الله ومع شريك، والسبب في ذلك ليس الجهل فقط بل «أعظم منه في السببية الإعراضُ وعدم القبول للحق والهدى وعدم البحث عنه أصلاً بسبب الإستغراق في الدنيا ومحبتها..» ومن رأيه الاشارة الى أن معنى لا اله الا الله في أذهان الناس قد أصابه خلل كبيراً جداً وإن إصلاح الخلل هو صلب موضوع القاعدة..

بايع القاعدة شرط القبول بحرب طائفية في العراق

أما بن لادن فله رأي آخر:

«الأحسن عندي هنا إدراج فقرة تقول ما معناه: ...بغضّ النظر عن الحكم عليهم تفصيلاً بالكفر والخروج من الملة أو بقائهم في دائرة الإسلام، فإن هذا له أحكامه وتفاصيله، فينظر في مسائله وصوره وشروطه وموانعه، ولكني أصوّر واقع الحال المؤسفَ....».

من الواضح أن بن لادن يحاول الهروب من الوقوع في مطب التكفير ولذلك يتفادى المقاربة المباشرة ويجعله قضية ذات صلة بعمل التنظيم.

ولذلك رد على أبو يحيى الليبي في تعريفه لمعنى العبادة والاسلام إذ قال: إن شهادة أن لا إله إلا الله هذه الكلمة العظيمة، هي دعوة الله للناس كافة، وهي أعظم كلمة يقولها الإنسان، وهي الفارق بين الكفر والإيمان، فبها يدخل الدين الحق إذا كان عارفاً بمعناها، عازماً على العمل بمقتضاها.

ينبّه بن لادن الى نقطة مهمة بقوله: «تنبيه: لا داعي لذكر هذين القيدين، وإن كانا في الحقيقة صحيحين، ولكن هناك من سيستعملهما استعمالا خاطئاً من شراذمة الغلاة الذين يتصيدون مبتغاهم بين العبارات، وعليه فسيتم حمل الكلام على معنى: التوقف عن الحكم للإنسان بالإسلام مع نطقه بهما حتى نتحقق ونتبين أنه يعرف معناها وكونه عازماً على العمل بمقتضاها، والمقصود فقط هو التنبيه وإحكام الجُمَل قدر الإمكان بحيث تؤدي الغرض وتوصل المطلوب من غير أن تكون متكأ لحدثاء الأسنان سفهاء الأحلام أعني خوارج العصر».

بل حاول بن لادن أن ينأى بنفسه عن تكفير الدول أيضاً، وقد نبّه أبا يحيى الليبي الى تطبيقات نواقض الاسلام على الدول مثل اليمن وباكستان وقال بأنها مسألة مستقلة غير التشريع والتحليل والتحريم، ورأى

«عدم الدخول في مسائل تفصيليلة جزئية يمكن الخوض في ملابساتها وتعلقاتها من قبل المخالف ولكن يكتفى في ذلك بالتقرير العام بأن هؤلاء الطغاة قد أعطوا لأنفسهم حق التشريع وسوغوا التحليل والتحريم ونكلوا بمن خالفهم وحاول التمرد على ألوهيتهم، وهي قضية صارت مشتهرة لا يحتاج أمر إثباتها إلى ذكر جزئيات تفصيلية ربما يضعف بها البحث، كما أنني لا أحبذ الإشارة إلى مثل الزنداني لأنه رغم ما فعل من القبائح والفضائح إلا أن كثيراً من محبي الجهاد وأنصاره داخل اليمن وخارجه يوقرونه ويبجلونه وربما يستشيرونه، بل – وللإنصاف - فإن عدداً لا بأس به من المجاهدين الذين يصلون إلى ساحة الجهاد هنا تم توجيههم وربما تجهيزهم من قِبله خاصة بعض المسلمين الجدد من الروس الذين هاجروا من روسيا إلى اليمن بعد دخولهم في الإسلام وبقائهم مدة في جامعة الإيمان ومن ثَم جاءوا هم وعوائلهم إلى ساحة الجهاد، ولا نجد الآن ما يحوجنا إلى فتح جبهة معه ومع أتباعه ، ولا يعد هذا الأمر رقماً صعباً ووزناً ثقيلا في معركتنا مع الصليبيين وأذنابهم، فقد يكون لنا في السكوت سعة، أو في التعميم مندوحة تؤدي الغرض ولا تسوقنا إلى مساجلات غير مرضية أحياناً، هذا ما أراه في هذه المسألة فلذا أقترح أن يحذف الكلام عن شاويش اليمن إلا إذا أردتم ذكر بعض النواقض التي تلبسوا بها سوى التشريع في فقرة مستقلة، فتذكرون مظاهرة الكفار على المسلمين فيصبح أمرا منفرداً، أما قضية الزنداني وجامعة الإيمان فأرى حذفها على كل حال».

ولفت بن لادن إنتباه أبو يحيى الليبي الى شاهد أورده من التاريخ لتبرير قتل الخصوم وخصوصاً غزوة المريسيع والمشهورة بغزوة بني المصطلق حيث قال بعض المسلمين بحسب الاية الكريمة (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) المنافقون ـ 8، وكان ذلك أمام نفر من قبيلته وأصحابه وكان بينهم زيد بن أرقم وكان غلام حدث فأخبر عمه بالخبر فأخبر عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عمر، فقال عمر: مر عباد بن بشر فليقتله.

وعلّق بن لادن على الشاهد بالقول: «لا شك أن شريحة من الشباب سيفهمون من هذا أنه دعوة إلى تصفية وقتل هؤلاء العلماء المضلين «مر عباد ..فليقتله»، القول مع علمي اليقيني أن الشيخ حفظه الله لم يرد ذلك ولم يخطر له على بال إلا أن هذه العبارة تعد صيدا ثميناً لبعض الغلاة الذين يبحثون عما يوافق أهواءهم بعدسات المجهر، فالذي أراه أن تحذف هذه الجملة رأساً، وأن يكون الكلام صريحاً واضحاً محكماً في كيفية التعامل معهم، وهو هجر فتاواهم، وترك الاستماع لأراجيفهم، وتحذير الناس من ضلالهم وتضليلهم، وأن تفند حججهم الواهية التي يلبسون بها على الناس ويخلطون باطلهم بشيء من الحق ليسوَّق ويروج بين الدهماء ..ألخ).

وأضاف: «فهذا هو الواجب الذي ينبغي أن يقوم به المسلمون مع علماء القنوات (أرى حذف هذه العبارة فليس كل من يخرج عبر القنوات هم على نمط واحد ويكفي الوصف الذي بعدها مما ذكره الشيخ حفظه الله) اليوم من علماء السلاطين الرسميين وغير الرسميين، الذين يكذبون على الله وعلى الناس ويخذلون الناس عن الجهاد في أفغانستان والعراق..».

نرجسية «الزعيم/ المخلّص»

في رسالة لإحدى زوجات أسامة بن لادن (أم خالد) لابنه حمزة، تعكس فيها صورة بن لادن الزعيم الذي سوف يكتب على يديه خلاص الأمة من الضلال. تقول له «أن الفكر والنضج وإكتمال الإدراك بحال الأمة لدى والدك قد ارتقى في درجات الكمال مبلغاً وسما سمواً، وھم الأمة والنھوض بھا والشفقة علي أجیالھا یثقل كاھله..»، وتضيف: «إبني: أن رقي الفكر والمعرفة ھما الشغل الشاغل لأمیر الأمة في ھذه البرھة فدائماً یقول: لیست أزمة الأمة علماء وحفاظ، ولكنھا أزمة مفكرین فقھاء بفقه الدین والواقع. ودائما یردد أنتم أعلم بشؤون دنیاكم، وجل إھتمام أبیك وطول إعمال فكره: كیف یعم في عالم المسلمین الوعي وحسن الإدراك والإستفاده من الأفذاذ وأولي الألباب ویفرغونھم في مراكز للبحوث ودراسة استرتیجیات الأمة ، وكیف السبیل لانتشال أمة الإسلام من براثن الفقروالجوع والمرض، ویؤلمه ویدمع عینه رؤیة أطفال مرضى. ودائما یقول سوء التغذیة یولد أجیالاً متأخره ذھنیاً وعقلیاً، والمسلمون بحاجة إلى أجسام سلیمة وعقول حكیمة، إذ العقل السلیم في الجسم السلیم».

حلم ركوب الربيع العربي

في رسالة من ابن لادن الى الشيخ محمد (عطية عبد الرحمن) تتعلق بتطورات الربيع العربي، ويلفت انتباهه الى تساقط أحجار الدومينو بعد سقوط زين العابدين بن علي في تونس، إذ اندلعت في مصر بعد عشرة أيام من تنحيه، ثم اشتعالها في اليمن وقبل أن تحسم اندلعت الثورة في ليبيا ثم في عُمَان وحدّدت بلاد الحرمين موعداً للخروج بتاريخ 11 مارس فضلاً عن المظاهرات في الجزائر والمغرب والاردن ولبنان.

وتوقّف بن لادن عند تصريح هيلاري كلينتون وزير الخارجية الاميركية السابقه بقولها: (نخشى أن تقع المنطقة بأيدي الإسلاميين المسلحين). وذلك قبل أن تنطلق ثورة مصر «فمصر هي بوابة السد وسقوطها سقوط باقي الطواغيت في المنطقة وبداية عهد جديد للأمة بأسرها».

رسالة بن لادن هي نموذج في ركوب موجة الربيع العربي، تبدأ بإسقاط متأخر للمثال الافغاني ومحاولة تموقع في سياق تاريخي يبدأ بالقتال في أفغانستان وينتهي الى انفجار الربيع العربي.

حاول بن لادن استحضار المثال الافغاني في الربيع العربي، واعتباره أحد عوامل الثورات الشعبية في الشرق الأوسط:

«فبينما نحن نجاهد في أفغانستان، استنزفنا رأس الكفر إلى أن بلغ درجة من الضعف، مكنت الشعوب المسلمة من استعادة بعض الثقة والجرأة، وزال عنها الضغط القاهر الذي كان يحبط من يفكر بالخروج..».

واستتباعاً لمسار الربيع العربي يرى بن لادن بأن مهمة القاعدة حينذاك تكمن في مضاعفة الجهد والتوجيه وتفقيه الشعوب وعدم تركهم «لأصحاب أنصاف الحلول، مع الاعتناء بحسن تقديم النصح لهم. ستكون المرحلة القادمة هي إعادة الخلافة، علماً أن التيارات الداعية إلى أنصاف الحلول، كالإخوان مثلاً، قد انتشر فيها الفهم الصحيح، لاسيما في الأجيال الجديدة، فرجوعها إلى الإسلام الحق هي مسألة وقت، وكلما ازداد الاهتمام بتوضيح المفاهيم الإسلامية، كلما قصرت المدة. وقد تحدث أحد موجهي الأسئلة في الانترنت للشيخ أبي محمد حفظه الله وهو من الإخوان، عن وجود تيارات تحمل الفهم الصحيح للإسلام داخل الإخوان، كما ورد في كثير من وسائل الإعلام بأن هناك تيار سلفي له ثقل داخل الإخوان».

في ضوء تلك الرؤية يؤسس بن لادن لاستراتيجية التنظيم في مرحلة الربيع العربي

«وبناء على ما تقدم فلا يصح بحال أن نبقى منهمكين في جبهة أفغانستان، سعياً على أن يكون تحرير الأمة من قِبلها، فجبهة أفغانستان قد آتت ثمارها بكسر هيبة الكفر العالمي. ولا نعني بذلك أن نوقف الجهاد فيها وإنما نعني أن تكون جل جهودنا منصرفة إلى الاتجاه الذي يظهر أو يغلب على الظن أنه هو السبيل لتحرير الأمة. وكما ذكرت المؤشرات قوية من الواقع والتاريخ أن ثورة الشعوب المسلمة إن أضيئت بإدراك حقيقة التوحيد، هي الطريق لإعادة الخلافة بإذن الله».

ويرسم معالم التحرّك القاعدي في مرحلة الربيع العربي منها: زيادة الانتشار الإعلامي المبرمج والموجه وأن تكون جهودنا في توجيه الأمة مدروسة ومستقرة على خطة محددة. وأهم معالم هذه الخطة كما يرسمها بن لادن:

1/ مرحلة التدافع مع النظام وهي مرحلة الأخذ على أيدي الشعوب وتشجيع تمردها على الحكام، وذكر أنه واجب شرعي، فنركز سهامنا على إسقاط الحكام دون إدخال أي مسائل خلافية .(الكمُون)؟

2/ مرحلة ما بعد إسقاط الحاكم، وهي مرحلة التوعية وتصحيح المفاهيم.

وهناك نقطتان أخريان بقيتا فارغتين..

وبناء على هذه الخطة، يقترح بن لادن إعداد خطة لتوجيه الأمة تقوم على «استنفار جميع الطاقات التي لديها قدرات بيانية نثراً أو شعراً مرئياً أو مسموعاً أو مقروءاً ونفرغها» لتتولى مهمة توجيه الشباب. في الوقت نفسه، «نترك إدارة العمل في أفغانستان ووزيرستان للطاقات التي لديها قدرات إدارية وميدانية وليس لديها قدرات بيانية..». والخلاصة: «فمع وصول رسالتي هذه إليكم ينتهي عملكم الإداري في وزيرستان وتعينوا خلفاً لكم فلان..».

العاصمي من القاعدة الى داعش

بعث بن لادن رسالة بتاريخ 17 ديسمبر سنة 2007 إلى أبي عبد الله الحاج عثمان العاصمي (جزائري الجنسية) قائد تنظيم (جند الخلافة)، وقد قتل على يد الجيش الجزائري في منتصف مايو 2015. وينحدر العاصمي من حي القصبة الشعبي بالعاصمة الجزائرية، وكان يشغل منصب قاضي منطقة الوسط المحيطة بالعاصمة في تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، قبل أن ينشق عنه في صيف 2014، ومبايعة البغدادي وإعلان الولاء لتنظيم داعش الذي أعلن عن مقتله وأصدر بياناً ينعاه ونظم قصيدة فيه.

تقبيح للزنداني لا تكفير له!

وكان العاصمي قد اقترح في رسالة سابقة تكليف عطية عبد الرحمن الليبي بمهام أخرى، وتضاف اليها مهمة أن يكون أحد المتحدّثين باسم التنظيم ويتولى الدعوة والتحريض على الجهاد ونصرة المجاهدین، ولاسیما في المواقع الساخنة كفلسطین والعراق وأفغانستان والصومال والمغرب الإسلامي، ومناصرة دولة العراق الإسلامیة والذود عنها وتفنید الشبه التي تثار حولها، كما یتولى الرد على جبهة المخذلین والمثبطین والمرجفین بقیادة سلمان العودة ومن شابهه، على أن تكون الردود هادئة غیر مستفزة وعلمیة وموضوعیة، منضبطة بالضوابط الشرعیة، ومقتصرة على بعض من ینبغي الرد علیهم، فكثیر من الناس من المرجفین المتحدثین باسم الحكومات ینبغي تجاهلهم، ویستحسن الرد على ما تروجه زوراً وبهتاناً قنوات الضرار العربیة السعودیة من أن القاعدة لها صلة بإيران، كما ینبغي اغتنام أول فرصة مناسبة للحدیث عن دور الشیخین الجلیلین أبي عبیدة البنشیري وأبي حفص المصري رحمهما الله تعالى في الجهاد، وعظیم مكانتهما في أعین المجاهدین، ورد الغیبة عنهما حیث یتكرر النقد لهما بغیر حق وخاصة من عبد الله أنس وصهره.

اقتراحات أخرى تقدّم بها العاصمي ذات طابع عملياتي وتفصيلي وقد صادق عليها بن لادن، وقد يشي بقدرة لدى العاصمي وربما لنزعة عملياتية فيه تجعله يتقدّم بمقترحات عملية..

نقطة لافتة وردت في رسالة بن لادن للعاصمي وتتعلق برسالة تسلمها من وفد لم يكشف عن هويته ولكنه كما يبدو على صلة بدولة إسلامية، ولكنها على خلاف مع تنظيم القاعدة، ولكن وفدها زار العاصمي وسلمه رسالة «زعموا أنھا من صاحبنا» دون أن يكشف بن لادن عن هذا الـ «صاحبنا». مهما يكن، في الرسالة تفاصيل كثيرة ومن بينها مطلب في الرسالة يدعو لوقف «القتال بین السنة والشیعة»، فردّ بن لادن قائلاً: «فینبغي شرح الأمور لصاحبنا وإن الأمر مخادعة ومغالطات له، فھم الذین أشعلوا الحرب، ومصرون على مواصلتھا، والتھدئة بأیدیھم ویھدفون إلى السیطرة على العالم الإسلامي، ابتداءً من العراق وجزیرة العرب»..

طلب بن لادن من العاصمي اقتطاع مبالغ من حسابه الشخصي ووضعها في ميزانية أعضاء التنظيم. كما ذكر بن لادن أن مبلغ خمسة وثلاثين ألف يورو وصلوا الى بن لادن مع الرسالة التي بعث بها العاصمي ما يكشف عن أهمية الأخير كونه بمستوى قريب من صانع القرار في التنظيم.

الخصوصية القُطْرية!

كتب بن لادن رسالة الى أبو الليث الليبي، واسمه الحقيقي علي عمار الرقيعي، من مواليد 1972، وكان أحد أبرز القادة العسكريين في تنظيم (القاعدة) الذي قاتل قوات التحالف والقوات الباكستانية. كان مسؤولاً عن ولايات خوست وباكتيا وبكتيكا حتى مقتله من قبل القوات الأمريكية في ربيع 2008، وأبو يحيى الليبي، وإسمه الحقيقي حسن محمد قايد الذي ترقى قبل مقتله في غارة لطائرة بدون طيار في حزيران/يونيو 2012، لتولي منصب نائب زعيم (القاعدة) وكان رئيس اللجنة الدينية لـ تنظيم (القاعدة)، وعبد الله سعيد الليبي، وكان مسؤولاً خلال عامي 2008-2009 عن المناطق الداخلية (منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية) في اللجنة العسكرية لـ تنظيم (القاعدة) حتى مقتله في غارة لطائرة أمريكية بدون طيار.

رسالة بن لادن لهؤلاء الثلاثة تأتي في سياق الرد على طلب الانضمام الى تنظيم القاعدة، وقد رحّب به ووصفه بأنه «أمر عظیم أرجو الله أن یوفقنا وإیاكم لنصرة الدین، وإن انضمامكم ھذا یشد من أزر المجاھدین، كما أنه ینبئ بشعوركم بالمسؤولیة وقیامكم بالواجب..».

وقدّم بن لادن لهم مقترحاً آمناً فيما يتعلق بخصوصية ليبيا لجهة شكل الانضمام لتنظيم القاعدة، بـ «أن یكون الانضمام بالطریقة التي انضم بھا تنظیم الجھاد بقیادة الشیخ أیمن الظواھري، وتنظیم التوحید والجھاد بقیادة الأمیر أبي مصعب الزرقاوي، والجماعة السلفیة للدعوة والقتال بقیادة أبي مصعب عبد الودود»، ولفت بن لادن الى أنهم، أي أصحاب الرسالة، أكبر من أن يحصروا أنفسهم في ليبيا، وإنما دورهم يطاول الأمة بأسرها، لأن ثمة حرباً عالميةً تشن على المسلمين، ولابد من التصرّف على قاعدة الانتماء لأمة، وليس لقطر معين.

القاعدة في المغرب العربي

في رسالة من بن لادن بتاريخ 17 شوال سنة 1431 الموافق 26 سبتمبر 2010 الى عطية عبد الرحمن الليبي (محمود) تناول فيها جملة موضوعات، منها طلبه بإعداد بحث عن مهادنة المرتدين وإرساله الى كوادر التنظيم في الجزائر، كما طلب ترجمة أدبيات القاعدة في الجهاد الى اللغة الفرنسية وتوزيعها في بلاد المغرب العربي وكذلك باللغات الأفريقية.

طلب بن لادن ارسال أسماء القبائل في منطقة المغرب الإسلامي، بحسب ما ورد في تقرير للشيخ بشير المدني. كما لفت بن لادن الى بيان للشعب الفرنسي يطلب إيصاله لقناة (الجزيرة) العربية والدولية. وبدا من الطلب انه أمر مفروغ منه ويتحقق بدون سؤال عنه، وكأن ثمة اتفاقاً بين (القاعدة) وقناة (الجزيرة) على الترويج الإعلامي لبيانات قادة القاعدة..

طلب بن لادن إرسال رسالة إلى كوادر القاعدة في المغرب يقترح عليهم « بأن لا يتفاوضوا مع الفرنسيين على إطلاق سراح أسراهم بالمال، وإنما يكون التفاوض مع الفرنسيين على رفع مظالمهم عن الأمة، كتدخلهم في شؤون المغرب الاسلامي ويكون من أهم المطالب انسحابهم من أفغانستان، مع الإشارة إلى أن بدايات التفاوض قبل إبرام الاتفاق لا تلزمهم بشيء». وكذلك يكون الحال مع الأوروبيين، أما الأميركيون فيكون على رأسها التخلي عن دعم اليهود.

وأبدى بن لادن رأيه في المهمات المناطة بأشخاص محدّدين، خصوصاً مسؤولي المناطق المحدّدة لعمل التنظيم.

بن لادن.. العراق والزرقاوي

لم يبايع أبو مصعب الزرقاوي بن لادن أميراً على القاعدة ولا ملا عمر أميراً للمؤمنين في أفغانستان، وغادر بعد الحرب الأميركية على أفغانستان في نهاية عام 2011. انتقل الى كردستان العراق والتحق بجماعة أنصار السنة، وأفاد من فلول القاعدة الذين هربوا الى العراق، ثم انتقل الى الوسط والجنوب لبدء مرحلة جديدة من القتال، وأسّس جماعة باسم جماعة التوحيد والجهاد. وبعث من هناك رسالة الى بن لادن والظواهري يعرض فيها عليهما بيعة مشروطة بالموافقة على خطة إشعال حرب أهلية طائفية بين السنة والشيعة في العراق.

لم تتحدث المصادر عن قبول أو رفض خطة الزرقاوي، ولكن بيان النعي الذي أصدره بن لادن، تضمن إشارات توحي بأن الرجل حصل على موافقة ضمنية على أن يتجنّب قتل المدنيين، ويكتفي بقتل العسكريين ومن يساعد قوات الإحتلال الأميركي..

في الوثيقة التالية مطالعة تفصيلية يقدّمها بن لادن حول الوضع في العراق، بما تشتمل على إشادات بالزرقاوي وانضمامه للقاعدة، بما يجعل بن لادن شريكاً كاملاً في كل جرائم الرجل وما اقترفه من ويلات على الشعب العراقي بكل طوائفه.

لابد من الإشارة، برغم ذلك، الى أن تاريخ الرسالة يعود الى السنوات الأولى من سقوط النظام العراقي أي في عهد حكومة إياد علاوي في عام 2004، أي إلى ما قبل وصول وفد الجماعات العراقية التي تقاتل تحت راية الجهاد والذي جاء الى أفغانستان ونقل رسالة شكوى ضد ممارسات وسلوك الزرقاوي ومقاتليه.

على أية حال، وبحسب الوثيقة، وجّه بن لادن الى من وصفهم (إخواننا المسلمین في العراق خاصة وإلى الأمة الإسلامیة عامة). وخصّ بن لادن التحية للمقاتلين في «بعقوبة وسامرا والموصل وكركوك وتكریت واللطیفیة وأخواتھا، وبیجي وبلد.. والأحرار في أرض الأنبار، ولاسیما أھل الفلوجة..». فابن لادن يتحدث عن طائفة محدّدة وعن نوع معيّن من المقاتلين ومن الجماعات أيضاً.

وقد نعت بن لادن الحكومات السائدة في العراق وافغانستان وفلسطين بأنها حكومات مرتدة وأنها تناصر الكفار على المسلمين، وحكم من يتولى فيها الكفر الأكبر المخرج من الملة، ويجب قتالهم ويضيف الى ذلك: «ويدخل في ذلك أصحاب الشركات، والعاملین الذین یقومون بنقل الوقود والذخائر والمواد التموینیة أو أي احتیاجات أخرى، وإن كل من یناصرھم ویساعدھم بأي نوع من أنواع المساعدة ، فقد ارتد عن الدین، ویجب قتله». ويضيف:

«فالذین یقتلون من العراقیین المنتمین لحكومة علاوي المرتدة: كعناصر الجیش، وأجھزة الأمن والحرس الوطني، ھؤلاء كأبي جھل العربي القرشي، دمھم ھدر، كفار لا یصلى علیھم، ولایرثون ولایورثون، وتطلق منھم زوجاتھم، ولا یدفنون في مقابر المسلمین».

وحذّر بن لادن الملسمين من المشاركة في الانتخابات

«فإنه لافرق بین أن يعتقدوا صحة انتخاب أبي جھل الأول عمرو بن ھشام وبین أن ینتخبوا أبا جھل إیاد علاوي أو أبا جھل محمود عباس أو أبا جھل حامد كرزاي أو أبا جھل حسني مبارك أو أباجھل فھد بن عبد العزیز أو غیرھم من الحكام المرتدین..».

ومثّل لذلك بأن اذا كان فهد قد قام بمشروع توسعة المسجد الحرام فإن أبا جهل الأول قد قام مع قریش بتجدید بناء الكعبة المشرفة، وكانوا یطوفون بالبیت العتیق ویحجون ویسقون، ولكنھم في میزان الإسلام مشركون لأنھم لم یستسلموا.

تحدث بن لادن عن الميزانية الإسبوعية لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وهي مائتي ألف يورو أسبوعياً، ما عدا مصاريف الجماعات الأخرى.

وحين تحدث بن لادن عن مصاديق حديث (لا تزال طائفة من أمتي یقاتلون على الحق ظاھرین إلى یوم القیامة) عدّ الزرقاوي والجماعات التي انضمّت معه بأنهم مصداق لهذه الطائفة المقاتلة على أمر الله وأنهم من هؤلاء الأخيار. وبارك بن لادن عمليات الزرقاوي ضد المؤسسات الحكومية في العراق.

وفي فقرة تحمل دلالة واضحة على انضمام الزرقاوي ومجموعته لتنظيم القاعدة، وقد بارك بن لادن هذه الخطوة وقال: «وإننا في تنظیم القاعدة: نرحب باتحادھم معنا ترحیباً كبیراً، وھذه خطوة عظیمة، في طریق توحید جھود المجاھدین، لإقامة دولة الحق، وإزھاق دولة الباطل، فنرجوا لله أن یتقبلھا ویباركھا». وأشاد بن لادن بالزرقاوي وقال بأن «المقاومة بفضل لله تنمو وتزداد، ولننسین بإذن لله، أرطبونات الروم بوش ومن معه وساوس الشیطان بأرطبونات المسلمین إبي مصعب الزرقاوي وإخوانه».

إن مثل هذه الإطراءات الواضحة والصريحة لتقطع الشك باليقين، أن بن لادن قد قبل بيعة الزرقاوي على أساس إشعال الحرب الطائفية في العراق، وإن التحفظات التي بلغته من قبل وفد من أطلقوا على انفسهم فصائل المجاهدين في العراق لم تأخذ طريقها، وإن الانتقادات التي وصلت اليها في مرحلة لاحقة كانت متأخرة الى القدر الذي لم تنعكس على سلوكه السياسي، بل إن بيان النعي الذي أطلقه بعد مقتل الزرقاوي يدل على قبول بن لادن بالدور الاجرامي الذي كان يقوم به.

الصفحة السابقة