لتغطية نفقات عاصفة الحزم والفساد..

شدّ أحزمة وزيادة ضرائب وانفلات أمني مرتقب

محمد شمس

بدأت الأزمة الإقتصادية في السعودية تحفر عميقاً في تأثيرها على المجتمع السعودي؛ فانهيار أسعار النفط الذي سببه إغراق السعودية سوقه، لتحقيق أغراض سياسية ضد روسيا وإيران، ارتدّ عليها بشكل كبير. وما زاد المداخيل سوءً، عودة إيران للإنتاج النفطي بصورة أكبر بعد رفع الحظر عنها؛ وكذلك استمرار العراق في تصعيد مستوى انتاج نفطه لتعويض انخفاض الأسعار.

الحكومة السعودية أخذت تستهلك من احتياطيها بنسبة عالية، لتغطية نفقات عدوانها على اليمن، لكن هذا لم يعد كافياً. فاتجهت لزيادة الضرائب على المواطنين ورفع الدعم عن عدد من السلع، وابتداع وسائل جديدة في تحصيل الضرائب على الشركات وغيرها، ما فاقم المشكلة أكثر وأكثر.

أسعار البنزين، والوقود بشكل عام، واحدة من بوابات تغطية العجز في الميزانية. وزير النفط، علي النعيمي، قال ان الحكومة تتجه لزيادة أسعار الوقود والتي ستؤدي في النهاية الى زيادة التضخم في أسعار كل المواد المعيشية. والأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع، أشار في تصريح لصحيفة غربية الى نيّة الحكومة من جديد، بعد نفي سابق لتصريحات وزير النفط. ومجلة الإيكونوميست توقعت أن تشهد السعودية والدول التي تسببت في تراجع أسعار النفط تضخماً في أسعار السلع، وأزمة في الطاقة في المدى المنظور. وبديهي فإن المواطنين يتوقعون أن ترتفع أسعار الخدمات والنقل وبالتالي ارتفاع تكاليف المعيشة في حال تم إقرار رفع أسعار البنزين وغيره.

تصريحات المسؤولين بدت وكأنها تجس نبض الشارع السعودي المستاء من تدهور الأوضاع المعيشية. ومن وجهة نظر الخبير الإقتصادي إحسان بوحليقة فإن (الإصلاح الإقتصادي يتطلّب مكافحة الفساد حفاظاً على المال العام، ورفع كفاءة الجهاز الحكومي). وحذر الكاتب الإقتصادي برجس البرجس (من تحميل المواطن ثمن الفشل في مشاريع التنمية، والفشل في تنويع مصادر الدخل، وتعثّر مشاريع الطاقة الشمسية، وتحسين الأداء). وأضاف: (نحاول عمل كل شيء إلا البناء السليم. لكي تزدهر البلد، عليها تطوير الإنسان، والصناعات، والتكنولوجيا، وليس رفع سعر البنزين والكهرباء وفرض الضرائب).

قيل أن من منجزات الملك سلمان: حربه في اليمن، وتصعيد القمع الداخلي بإسم مكافحة الإرهاب، والتشدد في السياسة الخارجية التي اعتبرت سياسة حزم وظفر، والتحالف مع القوى الوهابية المتطرفة داخلياً وخارجياً تحت غطاء تطبيق الشريعة، وإنهاك البلاد اقتصادياً في تمويل الحروب ومشاريع التآمر، وعبر النهب والفساد الذي بلغ آفاقاً غير مسبوقة، وكل ذلك يجري تحت عنوان: إصلاحات إقتصادية.

هناك بالطبع تداعيات خطيرة لأخطاء الملك الحالي جراء إنهاك المواطن في معيشته اليومية، وتحميله أخطاء السياسة الحكومية، خاصة في البعدين الإقتصادي والمالي، عبر زيادة الضرائب في شتى المجالات، حتى وصل الأمر ان محمد بن سلمان ولي ولي العهد، يصرح بأنه سيفرض ضريبة على (الزبالة) التي تجمعها البلديات، فضلاً عن زيادة أسعار الماء والكهرباء وشركات الطيران، والسجاير، ورفع الدعم عن عدد من السلع الرئيسية.

تداعيات سياسات الملك سلمان، ستحول البلاد الى جحيم لا يطاق للأغلبية من السكان. وسيتصاعد الإضطراب الأمني والجريمة تبعاً لذلك، اضافة الى عدم الإستقرار السياسي.

ترى الناشطة الحقوقية هالة الدوسري، ان لا أمل في الإصلاح الإقتصادي حيث (لن تتنوع مصادر الدخل، أو يتم التحكم في مصادر الهدر، طالما أن من يصنع السياسات الاقتصادية غير متأثر بنتائجها). واضافت بأن محدودي الدخل هم من سيتأثر برفع أسعار الطاقة محلياً، خاصة مع غياب المواصلات العامة.

واقترح الفنان عمر حسين، أنه وقبل البدء برفع أسعار البنزين القيام بأمرين: الأول: (تقليل دعم الكهرباء والماء عن المنازل الضخمة والقصور. والثاني: استغلال مصادر الطاقة البديلة). وخاطب أحدهم وزير النفط النعيمي الذي تحدث عن رفع سعر البنزين بعنوان (اصلاحات اقتصادية) فقال له: (رفعوا شنبك يا شيخ. أي إصلاح؟ ارفعوا الرواتب أولاً. حلّوا مشكلة السكن. انهيار اقتصادي قادم). وعلّق مساعد الحارثي، مقدماً حلاً آخر: فـ (حجم الإستثمارات السعودية في السندات الأمريكية يصل الى واحد 1.8 تريليون ريال، الشعب أحقّ بها).

الدكتور بدر الديحاني يخاطب وزير المالية الذي يقول: (لا مساس بجيوب المواطنين): (حسناً.. وماذا نسمي زيادة الرسوم ورفع أسعار البنزين والكهرباء والماء؟ وماذا عن ضريبة القيمة المضافة؟!). لكن الأزمة الإقتصادية سببها نفقات (عاصفة الحزم). هذا ما يقوله انور الرشيد الذي يضيف بأن (القادم أسوأ، إنْ لم يتم تدارك الأمر). ويستغرب سليمان الغريافي، من حقيقة انه حينما كان سعر برميل النفط مرتفعاً لم تقم الحكومة برفع سعر البنزين، والآن حين انخفض سعره في كل الدنيا، قامت برفعه، خلافاً للمنطق.

ويغرد الحميدي الحربي فيقول: (سيتم رفع الدعم عن الكهرباء والماء، ورفع سعر البنزين، وبموافقة ممثلي مجلس الشورى. هذه اهم الانجازات الحكومية).

فيما يتعلق بالتذاكر الداخلية للخطوط السعودية المملوكة حكومياً، فقد قررت الأخيرة زيادة أسعارها ١٠٪ . ورسوم جسر الملك فهد الذي يربط السعودية بالبحرين، زادت بنسبة ٢٥٪، وتم رفع ضريبة السجائر فأصبح سعر العلبة عشرين ريالاً (أي ٥ دولارات و٣٤ سنتاً). 

الحويطي خالد يقدم مقارنة: فالتذكرة من تبوك على الحدود مع الأردن ذهابا وإياباً الى دبي، تكلف ٢٩٩ ريالاً، وتحصل على الحجز في نفس اليوم. في حين أن تذكرة داخلية بين تبوك الى الرياض ٩٧٠ ريالاً ويصعب ان تحصل على حجز إلا بواسطة!

وعاطف المسمار يسأل الخطوط السعودية التي كانت تقدم لحم حمير للركاب: (على أيش رفع الأسعار؟ الكراسي ضيقة، والممرات أضيق، ولا يوجد أي تطور بخدماتكم أبداً؟). ومزج أحدهم السخرية بالغضب فقال: (احنا محسودين على هذي الدولة الجبّارة، وعلى الرجالات الأكفاء في كل مناصبها. لعنة الله عليكم).

الصفحة السابقة