مستقبل الخطاب.. مستقبل الدولة السعودية

(الحلقةالثانية)


خالد شبكشي

لا يقدّم محصول الخطب، والمحاضرات، والكتب، والفتاوى، والتوجيهات الخاصة، والنشاطات الدعوية عموماً وفي أي وقت، ما يفيد بمساهمة الخطاب الديني في شكله المذهبي في تنمية الميول الوطنية أو تعزيزها لدى مواطني المملكة السعودية.. في الوقت نفسه، لم تنجح الطبقة السياسية في تحرير الدولة من طابعها الديني، وتالياً الانفتاح على مجمل المكوّنات السكّانية في سياق مشروع إدماج وطني شامل. ومن أجل فهم العقدة العالقة بين حدّي الانتماء الديني والولاء السياسي يلزم الفصل بين مرحلتين وخطابين: مرحلة إنشاء الدولة والخطاب الخاص بها، وكان ذا طبيعة مذهبية خالصة، ومرحلة تسيير الدولة والخطاب الخاص بها.

المنتج الديني

في المرحلة الأولى كانت مكوّنات الخطاب تتمركز حول إيصال القدرة التحريضية إلى أقصى مدى يسهم في تعبئة وتجنيد الأفراد في الغزوات ضد المناطق الأخرى التي أصبحت فيما بعد جزءاً من الدولة السعودية. في تلك المرحلة، كان الاقصاء، والخصومة، والتمايز مطلوبين كشروط في إقامة الدولة بصرف النظر عن مواصفاتها أو إن كانت تسلّطية أو تعاقدية.

وفي المرحلة الثانية، لم يعد بالإمكان تسيير الدولة بخطاب تحريضي ذي طبيعة إنقسامية وخصامية، وإقصائية، بل لابد من تكييف الخطاب مع المرحلة الجديدة، أي أن تتطابق مواصفات الخطاب مع شروط الدولة. إذ لا يمكن الحديث عن دولة وطنية وخطابها مذهبي إقصائي.

هناك من يجادل بأن القيادة السياسية السعودية عملت على إجراء تعديلات جوهرية في بنية الخطاب الديني في تمظهره الوهابي. وقد سعى الملك عبد العزيز إلى إقناع جيشه العقائدي (الإخوان) بالتخلي عن عقائد (التكفير والهجرة والجهاد) وطلب من المشايخ إعادة توجيه الأتباع بما يتناسب ومرحلة الدولة. بصرف النظر عن مدى النجاح الذي تحقّق في تلك المرحلة، إلا إن الخطاب الديني الوهابي حافظ على زخمه وتماسكه وتأثيره على الأقل في مجالات حساسة مثل التعليم والقضاء والشؤون الدينية.

إن تراجع زخم الخطاب الديني خلال فترة الخمسينيات من القرن الماضي عاد مجدداً في عهد الملك فيصل (1962 ـ 1975) في مواجهة القومية العربية بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ثم جنح الخطاب الديني منذ نهاية السبعينيات وما بعدها نحو الطائفية في مواجهة خطاب الثورة الإسلامية الايرانية ومتوالياتها.

لا بد من الإشارة الى أن المنتج الثقافي الطائفي لم يكف عن الصدور منذ الاعلان عن قيام الدولة السعودية في العام 1932. في رصد عاجل لنوع الكتب التي جرت طباعتها وتعميمها في المملكة وخارجها، يمكن أن نلحظ حضور الفتاوى والكتب والمقالات التي تشتمل على تكفير طوائف إسلامية مثل الشيعة والصوفية والاسماعيلية أو المدارس الكلامية مثل الاشاعرة والمعتزلة والماتريدية وغيرها.

بعد خمس سنوات من إعلان الدولة السعودية، أي عام 1937، صدر كتاب (الصراع بين الإسلام والوثنية) لمؤلفه عبد الله القصيمي، وأعيدت طباعته في عام 1982، في وقت كان القصيمي قد تنكّب الى الالحاد الصريح.

كرّس القصيمي الكتاب لعقد مقارنة بين ما يعتقده الإسلام المتمثل في الوهابية والوثنيّة المتمثلة في التشيّع. لغة الكتاب الصارمة والانتقائية لا تسعف على قراءته بطريقة محايدة، ومن ذلك قوله: «لما إن كان مذهب الشيعة قائماً على عداء الصحابة وعلى الغلو في آل البيت كره المتشيعون كل أرض يوالي أهلها الصحابة وقدّسوا كل أرض يعاديهم أهلها، ولهذا فإنهم يكرهون الحجاز أشد الكراهة لأن أهله لم يزالوا من أولياء أبي بكر وعمر ولأن في الحجاز جسدي هذين الخليفتين..»، ويضيف «وهجوم القرامطة على مكة وتخريبها وانتهاب الحجر الأسود وقتل الحجيج مرجعه هذا، لأن القرامطة فرقة من فرق الشيعة..ولأجل هذا فإنه يندر أن يحج الشعة وهم يعتقدون أن بلداً يحلّه مشهد من مشاهد آل البيت أفضل من مكة، وزيارة واحدة لمشهد من المشاهد أفضل من الحج..»(1).

 
الشيخ العريفي

يرشد الكتاب بمضمونه الملتهب إلى نوع الخطاب الذي يجري إنتاجه حينذاك حتى بعد قيام الدولة السعودية. فقد كتب ابراهيم بن سليمان الجبهان (تبديد الظلال وتنبيه النيام الى خطر التشيع على المسلمين والإسلام)، طبع بإذن من رئاسة وإدارة البحوث العلمية والافتاء والدعوة والإرشاد، رقم 4411/5 في 11/7/1400هـ الموافق 26 مايو 1980، وأعيدت طباعته أكثر من مرة. ويكشف الجبهان عن سبب تصنيفه للكتاب بما نصّه:

وكان أول ما حملني على كتابة هذه الرسائل كلمة ألقاها سماحة الشيخ محمود شلتوت، شيخ الجامع الأزهر، من محطة صوت العرب. قال في مستهلها (إن المذاهب الاسلامية الخمسة واحدة جوهراً، واحدة مصدراً، واحدة مورداً وإنه يجوز التعبد بالفقه الشيعي) الى آخر ما جادت به قريحته المشلولة. وكانت هذه الكلمة بمثابة ناقوس الخطر، فقد نبهتني الى أن (وراء الأكمة ما وراءها)(2).

ويمكن أن نرصد نماذج مماثلة من الكتب المذهبية لمؤلفين ينتمون للمذهب الوهابي والتي تمّت طباعتها وتعميمها على نطاق واسع وبإشراف مؤسسات رسمية. عناوين من مثل (نصيحي الى كل شيعي) للشيخ أبي بكر الجزائري، وكان يوزّع في المناطق الشيعية وفي المدارس وحتى خلال موسم الحج، إلى جانب كتب أخرى لمؤلفين من أمثال إحسان إلهي ظهير، وعبد الله الغريب والحفناوي، من بينها كتب: «الشيعة والتشيّع» و»الشيعة وأهل البيت» و»الشيعة أصولها ومعتقداتها» و»الشيعة والتصحيح» و»جاء دور المجوس» وغيرها.

يمكن وضع تلك المؤلفات في سياق سياسة التحصين لدى الحكومة السعودية إزاء الخطاب الثوري الايراني. من الضروري عدم التقليل من شأن ارتدادات تلك التدابير الحمائية على الوحدة الداخلية، الهشّة بطبيعتها. ومن غير الممكن القبول برواية أن صعود النبرة الطائفية كان رد فعل على الخطاب الثوري الإيراني بطابعه الشيعي، إذ يمكن العثور على أمثلة عديدة ثقافية وسياسية وعقدية سابقة، وتعود الى ما قبل وبعد قيام الدولة السعودية تكشف عن أن تماسك المجتمع المحلي لم يكن بالقدر الكافي، وهناك ما ينهض دليلاً على فشل السلطات السعودية في تحقيق الاندماج الوطني.

لسنا في صدد مناقشة تفصيلية لمجمل الإرث الطائفي المتراكم منذ قيام الدولة السعودية سنة 1932، ولكن سوف نكتفي ببعض النماذج ذات الصلة بمستقبل الخطاب وتأثيراته على مستقبل الدولة السعودية، منذ تولي الملك سلمان العرش في يناير 2015.

لقد تساءلت مجلة (فورين بوليسي) عن السبب الذي يدفع قطر والسعودية والامارات لتوفير منبر لشيوخ الوهابية الذين ينادون بتدمير الشيعة، والعلويين، والمسيحيين واليهود. وربطت المجلة بين تنامي انغماس السعودية في حروب عبر الشرق الأوسط، وبين توفيرها منصّة للدعاة المتطرّفين الذين يعتقدون بأن هذا الصراع ليس ضد الدولة الإسلامية «أي داعش» أو الخصوم في اليمن.

سعد بن عتيق العتيق، الداعية السعودي الذي يحتفظ بروابط قديمة مع الحكومة السعودية والمسؤول عن الوعي الإسلامي في وزارة التعليم، دعا الله أن يدمّر الشيعة والعلويين والمسيحيين واليهود. وبرغم من أن الملك سلمان يلحّ على أن الكراهية السنيّة الشيعية تحفّز على التدخل في اليمن من قبل قوى إقليمية، أي إيران، إلا أن العتيق ينبىء عن قصة أخرى: في حديثه الى قناة (الإخبارية) السعودية الرسمية بعد يوم من دخول الرياض الحرب في اليمن، قال العتيق بأن الأراضي اليمنية مخصصة فقط لعقيدة التوحيد و»ربما لا تكون قد تلوثت، لا من قبل الحوثيين ولا الإيرانيين». لقد وصف هذه المجموعات بـ»الروافض»، وهي تسمية مهينة لاحتقار الإسلام الشيعي، وتحدث بشكل أكثر فجاجة قائلاً: «نحن نطهر الأرض من هذه الجرذان».

وترفض المجلة ادعاء السعودية وغيرها من الدول عدم علمها عن أحاديث الكراهية التي تبّث «لسنوات في أماكن بارزة وبكل علانية تحت سمع وبصر الحكومات»(3).

وفي محاضرة للعتيق في جامع محمد بن عبد الوهاب في العاصمة القطرية، الدوحة، بتاريخ 30 يناير 2015، دعا فيها على من وصفهم بأعداء الدين وعلى اليهود والنصارى والنصيرية والشيعة(4).

برغم من أن المساجد الخاضعة تحت إشراف الدولة شهدت منذ مطلع الثمانينات خطباً تحرّض على بعض الطوائف الاسلامية في المملكة مثل الشيعة والاسماعيلية، إلا أنها كانت تجري في مناطق هامشية وبعيداً عن الإعلام، ولكن أمكن العثور في السنوات الأخيرة من عهد الملك عبد الله وعهد الملك سلمان على نماذج لخطب تحرّض على مكوّنات دينية محلية.

في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض، حذر الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة في خطبة الجمعة مما أسماها «المذاهب والجماعات الضالة والهدامة، خاصة التي ترفع شعارات إسلامية في الظاهر وهي في الحقيقة لديها أهداف خفية، معارضة للدين والقيم والأخلاق» مشيراً إلى «دعاة الطرق الصوفية» الذين يدّعون حسب قوله «شركيات وعبادات ويخالفون الحق ولا يتقيدون بسنة محمد صلى الله عليه وسلم»(5).

بعد اندلاع الحرب على اليمن في مارس 2015، أخذ الخطاب الطائفي منحى خطيراً، وقام أئمة مساجد وكلها تابعة للدولة بالتصريح بمواقف تحرّض على الكراهية. على سبيل المثال، بثّت قناة (وصال) في ليلة الثالث عشر من شهر رمضان لعام 1436هـ الموافق 30 يونيو 2015 صلاة التراويح من جامع عائشة الراجحي بمكة المكرمة بإمامة الشيخ محمد المحيسني، ودعا قائلًا: «نسألك اللهم عزاً ونصراً وتمكيناً لإخواننا المجاهدين فى اليمن والشام والعراق، اللهم انصرهم على الرافضة الملحدين، وانصرهم على اليهود الخائنين، وعلى النصارى الحاقدين، وعلى المنافقين المندسين»(6).

في أجواء شديدة الاحتقان، أطلق أعلى سلطة دينية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ بالتزامن مع مناسبة عاشوراء من شهر المحرم لعام 1437هـ، والذي يكتسب أهمية روحية بالنسبة للطائفة الشيعية، تصريحات حادّة على برنامج (مع سماحة المفتي) الذي تبّثه قناة (المجد) الرسمية، ودعا الى ضرورة «اتباع سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ محذّراً البعض من مخالفتها بالغلو..». ووصف إحياء يوم عاشوراء بأنها «بدعة تخالف العقيدة السليمة». ووصف من يقوم بذلك بأنهم «مبتدعون ويزعمون أنهم يحبون آل بيت النبي»(7).

وليس بوسعنا النظر الى مثال المفتي معزولاً عن سياق عام ممتد على مدى عقود طويلة. فقد كان هناك إصرار لا يكل على تظهير الموقف النبذي من الطوائف الأخرى كما لو أنها شرط من شروط حفظ وحدة السلطة المركزية. ولذلك، قد تصدر فتاوى تبطن تحريضاً على الكراهية دونما سبب ظاهر ومباشر يستوجب ذلك.

في حالات أخرى ترسم السياسة خارطة طريق رجل الدين الذي يعمل في مؤسسة رسمية. على سبيل المثال، صدرت فتوى للشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، بتكفير الشيعة في سياق تأييد بيان المفتي العام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بخصوص انتقادات الشيخ يوسف القرضاوي ضد (حزب الله) كرد فعل على مشاركته في القتال في سوريا الى جانب النظام. وقال الفوزان:

إنني أؤيد ما قاله سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ في الشيعة الرافضة، خصوصا (حزب اللات) ، وقد عرفت عداوتهم للإسلام والمسلمين من قديم، وفي هذه الأيام ظهرت عداوتهم أكثر في حربهم لأهل السنة في سوريا.... هذا هو تاريخهم الأسود تجاه الإسلام والمسلمين منذ نشئوا... وهم وإن تظاهروا بالإسلام وطلبوا التقارب مع أهل السنة ، فإنما ذلك من باب الخداع من أجل الاعتراف بمذهبهم الباطل، حتى يتمكنوا من الكيد للإسلام والمسلمين، ثم يوقعون بالمسلمين كما فعل أسلافهم.... قد عرف عن الشيعة وقوفهم الدائم مع الكفار ضد المسلمين كما في حروب التتار والصليبيين، ولكن الله ناصر دينه(8).

وكما يظهر في كلام الفوزان، فإنه لم يكتف بنقد الموقف السياسي لحزب الله، بل جعله مدخلاً لهجوم غير منضبط على الشيعة، يختلط فيه التاريخ السجالي بالرؤية الذاتية. من شأن هذا الخلط التنبيه الى وجود الحافز الدائم على خوض رجال المؤسسة الدينية الرسمية غمار هذا النوع من السجالات التي يحقّقون فيها ذواتهم، ويؤكدون على أنهم حرّاس دائمون لما يزعمون بأنها «العقيدة الصحيحة».

 
المفتي عبدالعزيز آل الشيخ

عاصفة الحزم، وتمذهب الخطاب

بعد احتلال تنظيم «داعش» الموصل في 10 يونيو 2014، كنا أمام مشهد غير مسبوق، إذ تمّت إعادة إدماج «القاعدة» و»داعش» في المجال الوهابي تشرعنه الخصومة مع إيران وحزب الله في لبنان/ سوريا والحشد الشعبي في العراق. ثم جاءت الحرب على اليمن في 26 مارس 2016 لتنقل الخطاب السائد في الدولة الى مسرح آخر، حيث يحتدم النزال السياسي والعسكري والاعلامي على خلفية مذهبية مكشوفة.

المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أطلق خلال خطبة صلاة الجمعة في مسجد جامع الإمام تركي بن عبدالله بمنطقة قصر الحكم وسط مدينة الرياض في 10 إبريل 2015 دعوة للتجنيد الاجباري، وقال: «لا بد من تهيئة شبابنا التهيئة الصالحة؛ ليكونوا لنا درعاً للجهاد في سبيل الله ضد أعداء الدين والوطن». تأتي الدعوة في سياق عقدي عبّر عنه المفتي نفسه في مقابلة مع صحيفة (عكاظ) في 10 نوفمبر 2009، أي إبان الحرب السادسة التي شاركت فيها السعودية ضد حركة «أنصار الله»، وصف فيها عقيدة الحوثيين بالفاسدة وقال بأن «من يقاتلون الحوثي إنما هم مجاهدون».

ومنذ العام 2011 ساهم الخطاب الطائفي المرتفع في المملكة على وجه الخصوص والمنطقة عموماً في تقريب المسافة بين المعتدل والمتشدّد في المجال الجغرافي الذي نشأت فيه الوهابية، حتى باتت أدوات التحليل متطابقة بين العلماني اللاديني والسلفي المتشدّد داخل المجال الوهابي السعودي.

ومنذ بدء «عاصفة الحزم» ضد اليمن، مرّ الاعلام السعودي الرسمي بمنخفض أخلاقي وثقافي حاد، مثال في الإسفاف: الكاتب في صحيفة (المدينة) محمد الرطيان كتب مقالاً في 13 إبريل 2015 حول «لثغة» السيد حسن نصر الله، واستخدمها متكئاً للنيل الشخصي بطريقة مبتذلة وهابطة.

بدا وكأن العقل النمطي هو المسؤول عن توحيد الرؤية إزاء الآخر، فلا فرق بين الآخر الدولة، أو المذهب او الجماعة، إذ توحّدت المعايير وأصبح المذهب وحده معيار الحكم النهائي.

بلغ التوتّر ذروته، وبات جمهور السلطة عامل ضغط إضافي على القيادة السياسية، وأصبح شريكاً في صوغ خطاب طائفي موتور، بل يظهر ما تبطنه القيادة بما في ذلك الحديث عن تشكيل «حلف سني» يضم الى جانب دويلات الخليج في مجلس التعاون مصر وتركيا وباكستان.

كان المحرّض الطائفي نشطاً في «عاصفة الحزم» في وقت يكاد يغيب فيه المحرّض الوطني، إذ غابت الدولة وحضرت الطائفة بسطوة شعاراتها من قبيل «من ليس معنا فهو ضدنا» و»سوف نحارب لوحدنا حتى لو تخلى العالم بأسره». وحتى القوة العربية المشتركة التي جرى الاعلان عنها بطريقة احتفالية، أسبغ عليها طابعاً طائفياً، وغذّت أحلاماً مندّسة في اللاوعي الجمعي، الى حد أن هناك من وهبها تفويضاً مفتوحاً بـ «إنقاذ» الأمة واستكمال مهمتها في سوريا وربما العراق!

حين تصبح حرية التعبير حكراً على فئة دون سواها لا تعود حرية، وإنما مصادرة عليها. كلمة لجبران خليل جبران: (قمة الوقاحة حين تنسى فعلك وتحاسبني على ردة فعلي) تختصر بيان لمجموعة من المشايخ في مناصرة الشيخ المثير للجدل محمد العريفي بعد هجومه على المرجع الديني الشيعي السيد علي السيستاني والانتقادات التي تعرّض لها العريفي نتيجة ما وصف بأنه تطاول على الأخير.

الموقعون الإثنا وأربعون هم من حقول التعليم والقضاء والدعوة. 8 من جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض (عبد الرحمن البراك وعبد الله بن حمود التويجري)، ومدير الجامعة الاسلامية سابقاً عبد الله بن عبد الله الزايد، والداعية الصحوي المتشدد ناصر العمر والشيخ عبد الله بن حمد الجلالي، ورئيس التوعية الاسلامية بتعليم الرياض سابقاً الشيخ حمود بن صالح النجيدي، والداعية المعتقل الشيخ يوسف الأحمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام، وغيرهم.

البيان تضمن مواقف حادّة وتكفيرية مثل:

فإن أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين ما يزالون يجلبون بخيلهم ورجلهم للكيد لهذا الدين وأهله». وأوضح البيان بما جرى بعد خطبة العريفي وهجومه على السيستاني «حيث تكالب الروافض وإخوانهم العلمانيون للنيل من فضيلة الشيخ محمد والوقيعة في عرضه وإلصاق التهم به في الصحف وعلى المواقع الشبكية.

وعبّر الموقعون على البيان عن مساندتهم للعريفي وأعادوا تأييد مقولاته في السيستاني والشيعة عموماً وفي الأخير دعا الموقّعون «عامة الشيعة إلى أن يتوبوا إلى الله عز وجل من مذهبهم الباطل القائم على الطعن في القرآن وفي الصحابة وعلى الشرك بالله بدعاء الأموات..»(9).

في خطوة تصعيدية أخرى أصدر مائة وأربعون شيخاً وهابياً (بيان بشأن واجب أهل الإسلام تجاه الخطر الصفوي الإيراني) في 17 يناير 2016، وجاء موتوراً من بدايته حتى الخاتمة. جمع البيان بين لغة إعلام البعث العراقي السابق (الصفويين، نظام الملالي، المجوس، الفرس، وغيرها) واللغة الطائفية التي أدمن مشايخ الوهابية على استخدامها، ووجد في الصراع السياسي مع ايران فرصة للتصويب ليس على النظام الايراني بل منه على التشيع عقيدة وجماعة.

الطريف في البيان استخدام الموقّعين مصطلحات تنطوي على إدانة غير مباشرة لهم مثل (نظام الملالي) مع أنهم ينتمون الى رجال الدين، وهذا على وجه الدقة المعنى الحقيقي لمفهوم (الملالي) بحسب المعجم السياسي البعثي، بل كان الشيخ ناصر العمر، وهو من صقور الموقّعين على البيان، متهماً بتبني نسخة وهابية لحكم رجال الدين على غرار نظام «ولاية الفقيه» في ايران، وهذا ما يسهب في شرحه في محاضرة له بعنوان «على بصيرة»، والتي أكّد فيها على أن ولاية الأمر تنطبق بدرجة أساسية على العلماء، وأن الأمراء تبع لهم(10).

استهل البيان بعبارات تنم عن توتّر المشرفين على البيان بالقول: «فلا زال سجل الإجرام والغدر للنظام الصفوي الإيراني الخبيث تتوالى صفحاته السوداء مكتوبة بمداد من دماء أهل الإسلام في العراق وسوريا ولبنان واليمن، بل وفي إيران نفسها، ممارساً أبشع صور الإجرام والتنكيل والحصار والتجويع والتعذيب، سعياً منه لفرض الهيمنة والسيطرة على كل بلاد الإسلام..».

بدا واضحاً أن لغة البيان تكشف عن الهدف من صدوره وهو ما عبّر عنه بكلمات قد تبدو مخاتلة، وتتصل على وجه التحديد بالصراع الايراني السعودي على النفوذ في المنطقة.

يمكن تفّهم غضب الموقّعين على البيان فيما يتصّل بالخوف من تعاظم النفوذ الايراني بعد تنفيذ الاتفاق النووي ورفع العقوبات، ولكن ما يلفت أن الموقّعين استغلوا المناسبة السياسية للتعبئة المذهبية، فحملوا على المعتقدات الشيعية في عودة الى السياق السجالي الكلاسيكي الذي يتموقع فيه الموقعون على البيان.

وجّه الموقعون ضربة مزدوجة لإيران ولعموم الشيعة على السواء بالحديث عن انتقال أموال الخمس من الشيعة الى إيران «لتنفيذ مخططاتها الاجرامية» حسب البيان.

وكما في بيانات سابقة، يقدّم مشايخ الوهابية الموقّعون على البيان أنفسهم بكونهم ممثّلين عن المسلمين عامة. الاستعمال المتكرر لعناوين عامة من قبيل «أهل الاسلام»، «المنطقة الاسلامية» وأضرابها، وهي من المصطلحات الغامضة التي يراد منها التعبئة وليس الاقرار بصحتها. بكلمات أخرى، أن إضفاء العنون الإسلامي على منطقة لا يعني من وجهة نظر مشايخ الوهابية الاعتراف بصحة معتقدات أهلها.

حشد الموقّعون جملة مواقف من قضايا محلية وخارجية، وعقدية وسياسية. كان لهم على سبيل المثال موقف من حرق السفارة السعودية في طهران، وهذا يمكن وضعه في سياق الصراع الإيراني السعودي، ولكن تجاوز الموقّعون ذلك لتسجيل موقف من السبب وراء الحرق، وهو حكم الاعدام ضد الشيخ النمر. الموقعون أعطوا موقفاً مذهبياً أكثر منه سياسياً، وفيه انتصار لمؤسسة القضاء الخاضعة بصورة كاملة للمذهب الوهابي. وصف مشايخ البيان حكم الاعدام بأنه (حكم شرعي) وأن الشيخ النمر هو «أحد المفسدين في الأرض» وأنه «من المحسوبين» على إيران.

 
ناصر العمر

ينطلق الموقعون في بيانهم من رؤية خاصة عن الدور المنوط بهم فهم معنيون «بنشر دينه ونصرته» للحيلولة دون «تسلط الاعداء ومنهم الإيرانيون الصفويون على أهل الإسلام..».

ثمة ملاحظة لافتة في البيان، وهي تعمّد المشايخ الوقوف عند موضوع العلاقة بين المكوّنات الشيعية في المنطقة وايران. يجدر نقل النقطة كما هي قبل تفكيكها على النحو التالي:

من المهم التنبه إلى خطر ما تفعله فئات من الأقليات في الدول الإسلامية ساعية للتحكم بالأكثرية منسلخة من نسيجها الوطني، ثم تعزز ذلك بقطيعتها وانفصالها المجتمعي، لتدين بالولاء والتبعية السياسية والمذهبية للخارج وتكون خنجراً يوظف للانقلاب على المجتمع والدولة، وهنا نطالب هذه الأقليات بالتعقل والاستقلالية ومراجعة سياساتها حتى لا تكون أداة تستخدم لتنفيذ أهداف أجنبية(11).

الخلفية الاتهامية التي ينطلق منها المشايخ تعكس جانباً من الصراع الداخلي بين المكوّنات السكانية على خلفية مذهبية. في هذه الفقرة المكثّفة تبرز رؤية الشيخ ناصر العمر وسفر الحوالي في ما يعتقدونه «تحكّم الأقلية في الأغلبية» دونما دليل أو أدلة تثبت ذلك. القطيعة والانفصال المجتمعي الذي يتحدث عنه الموقّعون ليس سياسياً بالضرورة، بل المؤكّد هو المذهبي ولكن بأثره السياسي. يلحظ في الفقرة سالفة الذكر الجمع بين السياسي والمذهبي في الحديث عن التبعية والولاء للخارج. فهل كان يقصد بأن يتخلى الشيعة عن مذهبهم لإثبات عدم تبعيتهم المذهبية للخارج مثلاً؟

يصدر المشايخ عن موقف تخويني لمن يصفونهم بالأقليات، وهو موقف يكتنز علاقة المركز والاطراف، إذ يمارس أهل المركز شكلاً من أشكال الوصاية المؤسسة على ذريعة احتكارهم للحقيقة الدينية أولاً وللحقيقة الوطنية ثانياً. ولذلك يحذّر المشايخ من انسلاخ الاقليات من النسيج الوطني، برغم من غموض إن لم يكن نبذ مكوّن «الوطنية» في الثقافة السلفية الوهابية حصرياً، الأمر الذي يجعل استخدامه هنا في مقابل الاقليات هو من قبيل المناكفة وليس القناعة الدينية، اللهم الا في حال قرّر مشايخ الوهابية الفصل بين ما هو ديني وما هو سياسي أو إدماج الثاني في الأول.

فرضية ارتباط الاقليات (وهنا الشيعية بدرجة أساسية) بالخارج (وهنا إيران حصرياً)، ليست ثمرة مواكبة ميدانية بقدر ما هي رؤية عقدية مستحكمة في العقل السلفي الوهابي. وكما في كل النقاشات المختطفة مذهبياً، تغيب معايير الدولة، كأساس لنقاش علمي موضوعي، وتحضر المعايير المذهبية الخاصة وليست الدينية العامة، بما يبقي النقاش في حلقة مفرغة وفي نهاية المطاف يصبح الجدل عقيماً.

في ملاحظة أخرى، يتقمص المشايخ دور المستشارين الأمنيين، من خلال مطالبة دول الخليج قاطبة بتعزيز دور الاجهزة الاستخبارية والأمنية. وتبدو خطة التحصين لدى المشايخ أشمل مما يمكن توقعه فهم يطالبون برفع درجة التأهب للحيلولة دون وقوت اختراقات «استخبارية وسياسية واقتصادية»، وهذه الاختراقات لا تقوم بها ايران وإنما، وبناء على الخلفية سالفة الذكر، خلايا محلية..

تموضع مشايخ البيان في سياق الصراع الايراني السعودي والحديث عن مواجهة مشروعين متناقضين والمطالب بتعزيز مشروع مضاد للمشروع الايراني، ينطوي على مطلب خاص لدى المشايخ بتعزيز دورهم في الدولة السعودية بعد سنوات الاقصاء والتهميش التي تحدّث عنه ناصر العمر ذات لقاء تلفزيوني. من المقترحات التي تقدّم بها المشايخ في سياق تعزيز دورهم في المجتمع والدولة هو ما وصفوه «بناء شراكات حقيقية مع علماء الأمة والمؤسسات والجمعيات الإسلامية، لتحصين بلاد المسلمين من خطر التمدد الصفوي».

ما هو متناقض في بيان مشايخ الوهابية المطالب بـ «دعم أهل السنة في إيران، ونصرة قضاياهم..» وأن يكون ذلك «من الأولويات الاستراتيجية التي يجب السعي لها بكل الوسائل المتاحة..»، مع أنهم قبل ذلك يطالبون بفك الارتباط بين الاقليات الشيعية وايران وألا يسمحوا للأخيرة بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج عبر اختراقات استخبارية وسياسية واقتصادية، فيما هم هنا يقدمون دعوة مفتوحة لدعم أهل السنة، وهم أيضاً أقلية في ايران. وذات الشيء يقال أيضاً عن التدخل في الشأن العراقي والحديث عن أهل السنة في العراق ومطالبة «عموم المسلمين حكومات وشعوباً، مؤسسات وأفراداً، المسارعة لنصرة إخوانهم في العراق ومعونتهم بكافة الصور والوسائل السياسية والإغاثية والحقوقية والإعلامية، وبكل الطرق المشروعة للدفاع عن أنفسهم والحفاظ على هويتهم وبلادهم».

في واقع الأمر، أن التناقض الظاهري بين حالة الاقليات الشيعية في دول الخليج والاقليات السنيّة في ايران والعراق وغيرها محسوم لدى المشايخ، ببساطة للخلفية التي ينطلقون منها، فهم يقدّمون أنفسهم بوصفهم أوصياء، وملاّك للحقيقة الدينية المطلقة وبالتالي يحق لهم توزيع الحق والباطل وفق الطريقة التي يشاؤون بموجب الصلاحية التي تمنحها إياهم الحقيقة الدينية.

لفتة مهمة ختم بها البيان «أن الخلاف مع ايران ليس مجرد خلاف سياسي عابر، بل هو خلاف عقدي متجذر»، وفي الترجمة العملية أن الخلاف مع الشيعة هو خلاف عقدي، وهذا ما يؤكدّه المشايخ في كل مناسبة.

بصورة إجمالية، تحفل مواقع كبار علماء الوهابية بفتاوى تنص صراحة على كفر الشيعة وغيرهم من الطوائف الاسلامية في المملكة مثل الصوفية والاسماعيلية والزيدية. ويدعو بعضها الى تخيير هذه الطوائف بين: الانتقال الى العقيدة الصحيحة، أي الوهابية، أو الهجرة أو القتل. مسألة كفر الشيعة باتت محسومة، وبحسب الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين «فالرافضة بلا شك كفار»(12).

إن أول ما تكشف عنه نبرة الخطاب الديني المرتفعة في شكلها ومضمونها: ضعف فكرة الدولة، لا يبدو أنها بلغت لدى التيار السلفي درجة يمكن أن نقول عنها بأنها أصبحت إطاراً جامعاً ونهائياً. وتؤكد النبرة تلك أيضاً أن أفول فكرة الدولة وكثافة حضور الخطاب الطائفي يجعل من الدولة مادة خلافية لدى الديني، ومبتذلة لدى السياسي، وفي أسوأ الاشكال تتحول الى أداة ابتزاز لدى مثقف السلطة.

في النقاشات المحتدمة العلنية داخل المملكة ثمة سياق غالب يضع الجميع على المحك وهو بلا ريب غير الدولة. فالمواطنة ليست المبدأ الذي يشكل منطلقاً ومفتاحاً لأي نقاش داخل المكوّن الإجتماعي الواحد أو بين المكوّنات بعضها ببعض، بل على العكس تصبح مضاداتها محرّضات على النقاشات العقيمة حول الوطن. أولئك الذين اختاروا المزج بين حقل اليقينيات وحقل المتغيّرات يوحدّون سياق النقاش حول ما هو انتماء ديني وما هو ولاء سياسي.

فالمطالبة بوضع حد للتعارض بينهما بمثابة الاحتجاج أن الايمان بالله يتعارض مع القبول بشروط الدولة. إن التباين بين رجل الدين والمثقف الليبرالي في السعودية، خصوصاً في سنوات الخصوبة الطائفية، ليس بين الدولة واللادولة ولكن بين اللادولة مطلقاً والدولة المشروطة. أي أن التصوّرات التي يحملها رجل الديني السلفي حول الدولة تجعل منها كياناً معدوماً، وهذا ما تكشف عنه طبيعة المحاكمات التي تتمّ على أساس قبول الأفراد ورفضهم بوصفهم مكوّناً في كيان هلامي لا طبيعة له ولا هوية، وإن بدا بأن الايمان الديني شرطه وصبغته النهائية.

أما بالنسبة للمثقف الليبرالي، ونخص الأقرب الى السلطة، فهو يضع شروط أهل الحكم، غير المتطابقة غالباً مع شروط الدولة الوطنية، كيما تخضع أبناء الفئات الأخرى من خارج مجال تأثير المركز لـ «امتحان قبول» في الدولة، التسلّطية حكماً.

من جهة أخرى، تشكل مواقع التواصل الاجتماعي فضاءً رحباً لرجال الدين للتعبير دونما قيود عن آراء عقدية إزاء بقية شركائهم في الوطن. الداعية المثير للجدل محمد العريفي والذي يحوز على أكبر عدد من المتابعين في (تويتر) نحو 13.7 مليون متابع، وفي (فيسبوك) نحو عشرين مليون، له تغريدات ذات طبيعة تحريضية منها:

في 12 يوليو 2012 كتب: (مذهب الرافضة: دمُ السنيّ أحقرُ من دم الكلب. حدثني لاجئون سوريون أن شبيحة شيعة كانوا يرددون: اقتل أحفاد معاوية.. اقتل أعداء الحسين).

 
صالح الفوزان

بتاريخ 16 يوليو 2012 كتب: (أسلوب الرافضة المخربين في البحرين والقطيف أسلوب واحد..إعتداء على الشرطة دراجات نارية ومولوتوف وحرائق! فهل قائدهم واحد؟ أم تدربوا بمكان واحد؟).

في 26 إبريل 2015 كتب: (رأي: سنوات أدرّس وأؤلف في علامات الساعة لم أر حديثاً يُشير لقوّة رافضية آخر الزمان كما أشير لليهود والروم فاستنتجت أن الرافضة لهداية أو زوال).

وبقدر ما تثير مصادر العريفي أسئلة مشروعة، فإن اللغة التي تصوغ مثل تلك الآراء تلامس جوهر الدولة، بما هي إطار لتنظيم العلاقات والمصالح بين مختلف الفئات المنضوية بداخلها. بكلمات أخرى، يتعامل العريفي مع الشيعة لا بوصفهم مكوّناً سكّانياً في دولة، بل جماعة مذهبية تقع خارج نطاق أي كيان يكفل المساواة سواء كان ذلك دولة أم أمة أم أي إطار لا يتحقق فيه التمايز. في التغريدتين الأوليين يرسم صورة الشيعة للآخر، وفي التغريدة الأخيرة، يصدر الحكم عليهم، فيخيّرهم بين الذوبان في المذهب السلفي الذي ينتمي إليه العريفي أو الإبادة. وفي كل الأحوال، ثمة نزوع مستبد بنفي الآخر وإثبات الذات يوجّه التصوّرات إزاء الآخر والحكم عليه.

يجري التعبير عن التمايز الطبقي على قاعدة مذهبية بأشكال مختلفة ومن قبل مختلف رجال الدعوة الوهابية في المملكة. الداعية المعروف سعد البريك لم يجد وسيلة للتعبير عن اعتراضه على الممثل التلفزيوني ناصر القصبي في نقده لمشايخ الوهابية إلا من البوابة المذهبية. وتحدّى البريك عبر برنامج (مجلس التراويح) الذي يقدّمه في قناته على (يوتيوب) القصبي بتمثيل «دور الروافض لو حلقة واحدة»(13).

يصدر التحدي عن رؤية عقدية إزاء الشيعة، وقد عبّر عن ذلك في مناسبات عديدة. نذكر منها خطبة في المسجد الجامع بقرية الرايس، على ساحل البحر الأحمر بمنطقة المدينة المنورة، في 17 مارس سنة 2012 بعنوان (أهمية التوحيد وخطر الرافضة) تحدّث فيها عن دور عقيدة التوحيد في إنجاز مشروع الدولة السعودية وفي الوقت نفسه تناول الشيعة «وخطرهم على الامة وانهم يحاولون بشتى الطرق تقويض بنياننا في حرب عقائدية..»(14)، بحسب وصفه.

وبرغم من أن الأمثلة التي أوردها البريك لا تتصل مباشرة بالشيعة في المملكة، إذ كان يتناول حوادث سوريا والبحرين واليمن، إلا أن الارتدادات المباشرة على شيعة المملكة لا يمكن استبعادها، وهذا ما ظهر في التفجيرات التي حصلت في المناطق الشيعية بالمنطقة الشرقية، من دالوة الإحساء، الى القديح، والدمام وسيهات، وانتهاءً بمحاسن في الأحساء.

تمثل خطبة البريك امتداداً لرسالة الشيخ الصحوي المتشدّد ناصر العمر بعنوان: (واقع الرافضة في بلاد التوحيد) التي طبّعت أول مرة سنة 1992. وتكشف الأخيرة عن نزعة استئصالية لدى التيار الديني الرسمي في السعودية.

يرصد العمر في رسالته الانشطة الشيعية كافة في المجالات الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية والدينية، ليخلص الى توصيات لجهة إيقافها بصورة كاملة، بما في ذلك وضع حد لتكاثر الشيعة: «إيجاد حل سريع لمدّهم وتكاثرهم وزحفهم المخطط على المنطقة الشرقية لما في ذلك من الخطر على معتقدات وأمن هذه البلاد». وزاد على ذلك بأن طالب بوقف الأنشطة الدينية كافة: «إيقاف جميع علماء ودُعاة وملالي الرافضة، وفرض الإقامة الجبرية عليهم، ومنعهم من التدريس، أو الحديث للناس في مجامعهم ومنتدياتهم، أو تأليف الكتب وكذا سائر الأنشطة الأخرى، وإيقاع العقوبة الرادعة لم يثبت منه مخالفته لذلك»(15).

بعد قيام القضاء الألماني بملاحقة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين في مايو 2009، وتصاعد المطالبات برفع دعاوى ضد مشايخ الوهابية أمام المحاكم الأوروبية، قام الشيخ ناصر العمر بإزالة التوصيات من رسالته، كما قام آخرون بعملية تنقية شاملة لمحتويات مواقعهم وحذف ما يمكن أن يدين المشرفين عليها.

لم يتخل العمر عن كل ما ورد في رسالته، وبعد مرور نحو خمسة عشر عاماً على صدورها عاد وأكّد موقفه وقال: «والذي أراه أن الروافض أخطر من اليهود والنصارى». وأنهم «أخطر من أمريكا ومن اليهود ومن غيرهم..». وعارض دعوة التقريب وقال: «فهذه كلها تخدم العدو..»(16).

الملفت أن العمر ذكر في رسالته سالف الذكر، مسجد العنود الذي اختاره «داعش» هدفاً لعملية انتحارية في 30 مايو 2015 وأدّت إلى استشهاد عدد من المصلّين، ولولا افتداء أحد الحرّاس الأهليين الشهيد عبد الجليل الأبرش، لكان عدد الشهداء كبيراً.. يقول العمر:

«أما في بلاد أهل السنة، كالدمام مثال، فللرافضة لقاءات داخل البيوت في مجالس يتمّ فيها ما يتم في الحسينيات من احتفال أو عزاء أو دعوة أو غير ذلك. كما أنهم قد أعطوا مسجداً جامعاً في (حي العنود) وأصبحوا يصلّون فيه ويكثر فيه سوادهم مع أن إسم وزارة الحج والأوقاف مكتوب بشكل واضح على مدخل المسجد. وقد علّقت في ذلك المسجد المسابح، وفرشت الحصر، وأقصيت المصاحف»(17).

في رسالة العمر ما يشي بنوع العلاقة غير المتكافئة بين الفئات السكانية على أساس الانتماءات الدينية، والتي من شأنها التحكّم في أحوال كل واحدة منها وفي حالات معينة تحدد مصيرها. فالانتماء المذهبي يحسم الموقع السياسي والحقوقي لكل طائفة، وعليه فإن الدولة وقوانينها أو الوطن وقيمه ليست مورد تبجيل من جانب رجال المذهب الرسمي في المملكة.

إن ثمة إكراهاً يمارسه العمر في ربط السياسي بالمذهبي، فهو، شأن أهل دعوته، لا يميّز، على سبيل المثال، بين إيران الدولة والتشيع المذهب، وحين يصوّب على ايران لا يفرّق بينها وبين انتمائها المذهبي. فالقضية بالنسبة له مذهبية، ولكن يقاربها بطريقة أخرى تبدو في الظاهر سياسية، ولكن في المحتوى ينصاع الى ما يمليه المعتقد الديني الخاص.

وما يجعل الشيعة السعوديين في دائرة الاستهداف الإيديولوجي والسياسي، وفي ترجمته العملية الأمني، أن العمر، كما كثيرين من أهل دعوته، يستدعي البعد المذهبي في أي جدال تكون فيه إيران أو حزب الله في لبنان أو عراق بعد 9 إبريل 2003، وأخيراً اليمن بعد صعود العامل الحوثي.. عناوين في المساجلة السياسية/ العقدية.

في مؤتمر لنصرة الشعب العراقي، خصّص الشيخ العمر كلمته للنصرة أهل السنة في العراق، وتحدّث عن الخطر الشيعي من زاوية مذهبية خالصة. بدا التاريخ والعقيدة، من بين مبررات أخرى لا صلة لها بالحاضر، فاعلين رئيسين في كلمة العمر. دور الحاضر كان مجرد دمغة لتأكيد تفسير العمر لحوادث التاريخ، وهذا ما أضفى اطمئناناً على مواقف العمر من حزب الله، وايران، وأخيراً التشيع، الذي وجد فيه «الخطر الأشد». إحضار الشيعة في المملكة الى دائرة الصراع، تفسير العمر نفسه لنوع الخطر الذي يشكّله الشيعة على عموم المنطقة، بما فيها الخليج. وعليه، فإن الإتكال على خاصيّة الانصياع لدى البشر، يصبح العمر وليس الدولة مرجعية لتوجيهات الأفراد، لأن الاحتكام لا يتم بناء على ما تتطلبه الدولة، بل ما يتطلبه رجل الدين في تفسيره للنصوص الدينية.

ولذلك، فإن العمر يفتتح الخصومة من البوابة السياسية، ولكنه ما يلبث أن يغلق الخصومة من البوابة المذهبية. فهو يتحدث عن تفوّق ايران وحزب الله في السياسة، ولكن حين يطالب بمواجهة التفوق يضع له مقترحات مذهبية من قبيل: بيان حقيقة المذهب الشيعي، وحقيقة الخلاف مع الشيعة، كما حذّر من «خطورة التساهل في التعامل مع الشيعة والاغترار بالدعوة إلى الوقوف مع المظلومين أو المستضعفين»(18).

المشكلة لدى العمر وكثيرين من المنشغلين في الحقل الديني، تكمن في جهل مفاعيل تفسيراتهم، وتطبيقاتها الراديكالية ضد أولئك الذين نزع العمر عنهم حق الحياة، وحمّلهم مسؤولية الشرور عبر تاريخ المسلمين. بعد وقوع الهجوم الانتحاري على مسجد العنود بالدمام في 29 مايو 2015، واجه العمر انتقادات واسعة نتيحة تحريضه على الشيعة في رسالته سالفة الذكر، وعلى مسجد العنود بوجه خاص.

ونفى العمر في حديثه لبرنامج «140» على شبكة «المجد» الفضائية أن يكون قد حرّض على قتل الشيعة وأن فحوى ما يؤكّد عليه هو«خطورة تحكُّم الأقلية في الأكثرية..». وبيّن العمر، أن الذين فجّروا في القديح وفي الدمام هم أنفسهم الذين فجّروا أضعافهما في أهل السُّنَّة(19).

وهنا يلفت العمر الى نقطة جوهرية في الاحتجاج، إذ يتم تجاوز الجغرافية السعودية، ليحل مكانه الإطار المذهبي المفتوح. في حديثه عن تحكّم الأقلية في الأكثرية، يجعل من الدولة السعودية إطار التحاكم النهائي، للخروج في هيئة الضحية أو الخاسر، بينما في موضوع الهجمات الإرهابية يفتح أفق المكان على ما هو أبعد من جغرافية الدولة السعودية، لأن الاكتفاء بالأخيرة يؤول حكماً الى إدانة العمر ويضعه في قائمة واحدة مع المنفّذين للهجوم الارهابي فيما يخرج الشيعة ضحايا حتميين.

على أية حال، فإن نفي العمر لتهمة التحريض، تنقضه تغريدات له على «تويتر» منها تغريدة له بتاريخ 16 أغسطس 2015 يقول فيها: «خطر الرافضة في الخليج تعدى التوقعات إلى حقائق كارثية، وما خلية حزب الله بالكويت إلا طليعة جيش احتلال صفوي، فمتى نعي تقية ودين المجرمين!».

في حقيقة الأمر، أن للعمر تغريدات ذات طبيعة تحريضية تطاول فئات أخرى من بينها تغريدات ضد من يصفهم بالليبراليين ونختار منها:

 
سفر الحوالي

بتاريخ 19 يناير 2015: (العلماء والدعاة يبنون ويصلحون «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت»، والليبراليون والمنافقون يهدمون ويفسدون «ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون»).

بتاريخ 21 أغسطس 2015: (أطل بعض الليبراليين برؤوسهم المملوءة سما زعافا بعد بيات عدة شهور، ليستأنفوا بث تلك السموم، فياترى ماسر ذاك البيات وهذه العودة المريبة!).

بتاريخ 10 أغسطس 2015: (بعض مقالات كتبة الليبرالية تزيدك قناعة بزيف مبادئهم وفجورهم في الخصومة «يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار»..).

بتاريخ 5 أغسطس 2015: (ليبراليو ومنافقو اليوم لا يدركون أن القرآن يشملهم بحديثه عن المنافقين وهتكه لأستارهم، ويحسبون أنه يتحدث عن حقبة تاريخية ماضية).

بتاريخ 31 يوليو 2015: (شكرا عزام الدخيل، فقد فضحت فلول المنافقين والليبراليين بقرارك، ولا عذر لأحد بعد اليوم أن ينخدع بتلبيسهم «يحسبون كل صيحة عليهم”..).

بتاريخ 30 يوليو 2015: (شكرا عزام الدخيل عندما تعتني بالقرآن الكريم، أساس قيام الدولة، وسر بقاءها، وتلك حقيقة الوطنية، لا ما يدعيه أعداء الوطن من الليبراليين وغيرهم).

للإشارة فإن الشكر كان بسبب تصريح وزير التعليم السابق عزام الدخيل بما نصّه: (سنتوسع في فصول تحفيظ القرآن لأن من يحمل القرآن في صدره سيحميه من كل فكر ضال).

ضروب اليقين لدى العمر تجعل التمحور على الذات قوة تدمير لما عداها، إذ يكون النبذ لكل آخر خاصية راسخة ولا تقبل مجرد التفكير في وجود شريك يتنفس الحرية. في نقده لمعرض الكتاب في الرياض في مارس 2008 عارض العمر السماح لكتب محظورة بالدخول والعرض وهي التي قال عنها: (كتب تروج لليهودية والنصرانية والبوذية والصوفية ـ ومن بينها كتب ابن عربي ـ والإسماعيلية والباطنية والتشيع والأباضية (الخارجية) والدرزية، وحتى كتب إلحادية وفيها سب لذات الله جل وعلا، وسب لرسوله صلى الله عليه وسلم، وكتب تطعن في عقيدة أهل السنة والجماعة كتلك التي تنكر رؤية المؤمنين لله عز وجل في الآخرة، وكتب السحر والجنس والشذوذ ـ تحت لافتة الثقافة، وكلها مطروحة وغيرها بشكل علني في المعرض، أمامي منها الآن قائمة)(20).

وبعد أيام من هجومه على معرض الرياض الدولي للكتاب، تمّت مصادرة العديد من الكتب والروايات السعودية والعربية.

في سياق الخصومات، يصبح كل آخر شيطاناً كاملاً، وتؤكّد صورة الآخر لدى الديني وغير الديني في حال الخصومة، أنها نقيض الموضوعية، وهي بالقطع على الضد من العدالة. لم يجد العمر ما يميّز فيه المكوّن الصوفي في بلده سوى اتهامهم بأنهم يدرّبون أبنائهم على العمالة، وأن الغرب يتعامل معهم كـ «بديل»، والسبب في ذلك بحسب رأيه: «أن بعض اصحاب البدع قد لا يكونون مقبولين في بعض البلاد، فقد لا تقبل بعض الشعوب المسلمة الرافضة أو النصيريين، لكن قد تقبل الصوفية”(21).

ونلتقي هنا عند النقطة الحاسمة، حيث يتوحّد السياسي والديني في التملّك الاحتكاري للحقيقة، وتالياً للحق في احتكار الحكم ومتوالياته. ويلخّص هذا التوحّد عبد العزيز بن ريس الريس ، المشرف العام على موقع (الاسلام العتيق) بما نصّه: (إني لأدعو أهل الخير والهدى أن يضعوا أيديهم بأيدي هذه الدولة السلفية المباركة، ويقطعوا الطريق على كل متربص بها الدوائر من الرافضة والصوفية والعلمانية، والأحزاب السياسية المتقنعة بقناع الشريعة .فوالله إن هذه الدولة غصة في حلوق الكفار وأهل البدع من الرافضة والصوفية..)(22).

استخدام منابر الدولة في إطلاق مواقف مذهبية أو فئوية، بقدر ما يهدّد الوحدة المجتمعية، فإنها تضع الدولة والدين في مواجهة غير متكافئة. فالدولة هي ساحة الصواب والخطأ، ولكن حين يتم إقحام الدين طرفاً فيها، تنقلب المعادلة الى إيمان وعدم إيمان. وهذا ما يلفت إليه الشيخ فريد الغامدي المحاضر في جامعة أم القرى بمكة، من خلال خطبة الجمعة في جامع بغلف بمكة المكرمة، تناول فيها حرب السعودية على اليمن وقال:

(عباد الله.. عداوة الشيعة لأهل السنة عداوة شديدة، وتلك العداوة والبغضاء متأصلة في نفوسهم منذ أن اعتنقوا عقيدة التشيع الفاسدة أصلاً ومنهجاً، ولا عجب فإن الحية لا تلد إلا حية، فمن يستقرئ التاريخ أيها المسلمون، فإنه سيجد المآسي والمجازر التي أقامها الشيعة ضد أهل السنة، وتحالفهم مع أعداء الإسلام أشهر من أن يذكر. عباد الله.. إن لهؤلاء مواقفهم الغادرة بأهل السنة والجماعة سجلها التاريخ عليهم في مصادره الوثيقة «(23).

يلتزم الشيخ المتشدّد عبد الرحمن البرّاك المسار نفسه، فقد أصدر بياناً في 28 مارس 2015، أي بعد يومين من اندلاع الحرب على اليمن حول مقاتلة الحوثيين في اليمن لأنهم شيعة اثني عشرية!! وقال:

( فإن من المعروف عن الحوثيين أنهم معتنقون لمذهب الرافضة الاثني عشرية..أن مذهب الرافضة يقوم على الشرك بالله بالغلو في أئمتهم الاثني عشر، فهم يدعونهم ويستغيثون بهم، ويحجون إلى قبورهم. ومن المتقرر عند العلماء أن جميع طوائف الرافضة؛ كالإثني عشرية والنصيرية والدرزية أشد عداوة لأهل السنة من غيرهم..فالواجب على المسلمين من أهل اليمن وغيرهم التعاون على نصرة إخوانهم المظلومين، بالدفاع عنهم، وكسر شوكة هذه الطائفة الضالة طائفة الحوثيين....وعليه فقتالهم مشروع، وهو جهاد في سبيل الله)(24).

فتوى البرّاك تنطلق من الرؤية العقدية والتاريخية لتبرير العدوان وليس من خلال ردود فعل على عدوان حاصل. البرّاك يستند على تصوّراته الذاتية حول حوادث التاريخ لإسباغ مشروعية على فعل الاعتداء على الحوثيين في الوقت الحاضر. لدى البراك فتوى سابقة بتكفير الشيعة، لا تختلف عن فتاوى التكفير التي أصدرها علماء الوهابية على مدى أكثر من قرنين. بل زاد البرّاك على فتاوى التكفير بأن جمع في الشيعة وبلغة صريحة وصارمة:الكفر والشرك والنفاق. وعدّ ذلك حكماً عاماً لطائفتهم، أي بما يشمل عامة الشيعة(25).

البرّاك كان أحد صقور البيانات المحرّضة على الكراهية، وشارك في بيانات يهاجم فيها الشيعة وحزب الله عقب الانتصارات التي حقّقها بدحر قوات اسرائيل من جنوب لبنان في مايو 2000 ثم في حرب تموز (يوليو) 2006، وخشي مشايخ الوهابية أن تتزايد شعبية حزب الله في العالم العربي، فلجأ الى التصويب على المذهب الشيعي، وقال الموقّعون على البيان وعددهم 22 بأنه بني على «أصول كفرية» وأضافوا: «لشيعة الروافض هم الذين احدثوا في الامة شرك القبور.. وهم يثيرون الفتن وانواع من الفساد والدمار بالمسلمين وزعزعة الامن في بلاد المسلمين»(26).


هوامش

(1) عبد الله القصيمي، الصراع بين الإسلام والوثنية، القاهرة 1982، الجزء الأول، ف

(2) إبراهيم بن سليمان الجبهان، تبديد الظلام وتنبيه النيام إلى خطر التشيّع على المسلمين والإسلام، طبع خاص، الطبعة الثالثة 1988، ص 8

(3) Oren Adaki, David Andrew Weinberg, Preaching Hate and Sectarianism in the Gulf, Foreign Policy, May 5, 2015, http://foreignpolicy.com/2015/05/05/preaching-hate-and-sectarianism-in-the-gulf-saudi-arabia-qatar-uae-saad-bin-ateeq-al-ateeq/

(4) مقطع على يوتيوب بعنوان (قطر - الوهابي سعد بن عتيق العتيق يدعو على الشيعة)، أنظر الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=_olH4Erf5t8

(5) المفتي: فرق ضالة تدعي أنها تنتسب إلى الإسلام وهي تعمل ضده وتطعن فيه، موقع (سبق) الالكتروني، بتاريخ 3 مارس 2011، أنظر الرابط:

http://sabq.org/bdRede

(6) إمام مسجد عائشة الراجحي بمكة يدعو لداعش و يكفر الشيعة، أنظر الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=5bnYZ9rjiTc

(7) مفتي المملكة: ضرب الصدور وسفك الدماء يوم عاشوراء مخالف للسنة، موقع (ٍسبق) الالكتروني، بتاريخ 18 أكتوبر 2015، أنظر الرابط:

http://sabq.org/E9Jgde

(8) الشيخ الفوزان: «الرافضة» مخادعون يتظاهرون بالإسلام ويتربصون بالسنة، صحيفة (المدينة) بتاريخ 7 يونيو 2013، أنظر الرابط:

http://www.al-madina.com/node/458328

(9) بيان للعلماء في مناصرة الشيخ «العريفي»، موقع (المسلم) بتاريخ 10/2/1431هـ الموافق 26 يناير 2010، أنظر الرابط:

http://www.almoslim.net/node/123159

(10) ناصر بن سليمان العمر، على بصيرة (1 - 2)، موقع المسلم، بتاريخ 14 مايو 2006

http://www.almoslim.net/node/83311

(11) بيان بشأن واجب أهل الاسلام تجاه الخطر الصفوي الايراني، موقع المسلم، 6/4/1437هـ، الرابط:

http://www.almoslim.net/node/248814

(12) اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين أسئلة في العقيدة، دفع زكاة أموال أهل السنة لفقراء الرافضة، السؤال: س43: ما حكم دفع زكاة أموال أهل السنة لفقراء الرافضة (الشيعة)..

الرابط:

http://www.ibn-jebreen.com/books/6-67-3986-3585-3257.html

(13) بالفيديو: سعد البريك يتحدى ناصر القصبي.. وقناة إم بي سي لا تعرض شيئًا يفيد الإسلام، موقع صحيفة (صدى) الالكترونية، بتاريخ 23 يونيو 2015 أنظر الرابط:

http://www.slaati.com/2015/06/23/p355368.html

(14) الشيخ سعد البريك، أهمية التوحيد وخطر الرافضة، تصوير ومونتاج اللجنة الاعلامية بمكتب الدعوة بالرايس، 23 ربيع ثاني 1433هـ/17 مارس 2012، انظر الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=wApsbPaBDMs

(15) ناصر بن سليمان العمر، واقع الرافضة في بلاد التوحيد، رسائل العقيدة، نسخة الكترونية، نشر سنة 1413هـ/1992، ص 6؛ 52

(16) الشيخ ناصر العمر في لقاء مطول مع شبكة (أنا المسلم).. يجيب عن عديد من القضايا التي تهم الأمة الإسلامية والشباب المسلم، بتاريخ 30 شعبان 1431هـ/11 أغسطس 2010

http://almoslim.net/node/132564

(17) ناصربن سليمان العمر، واقع الرافضة في بلاد التوحيد، مصدر سابق، ص 15

(18) د. ناصر العمر: الخطر الشيعي يمتد ليشمل المنطقة كلها، موقع المسلم، بتاريخ 23 ذي القعدة 1427هـ الموافق 14 ديسمبر 2006، أنظر:

http://almoslim.net/node/46688

(19) ناصر العمر: لم أحرِّض ضدّ الشيعة وتهديد «داعش» بتصفيتي ليس جديداً، موقع (سبق)، بتاريخ 19 يونيو 2015

http://sabq.org/mV9gde

(20) أنظر الرابط:

http://www.almoslim.net/node/83816

(21) د. العمر: ما يجري في سوريا حرب عقدية ولا بد من استمرار الاحتساب، موقع المسلم، بتاريخ 23 جمادى الأولى 1432هـ/27 إبريل 2011

http://www.almoslim.net/node/145324

(22) عبد العزيز بن ريس الريس، تناقضات الحركيين ناصر العمر أنموذجاً، موقع (الإسلام العتيق) بتاريخ 25 ربيع الأول 1433هـ/18 فبراير 2012، أنظر الرابط:

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=101652

(23) بالفيديو..الغامدي يسرد أهداف الشيعة والحوثيين في خطبة الجمعة، موقع الوئام، 31 مارس 2015، الرابط:

http://goo.gl/5BkUMB

(24) الشيخ عبد الرحمن البراك: قتال الحوثيين جهاد في سبيل الله، موقع سبق الالكتروني، 28 مارس 2015، أنظر:

http://sabq.org/aw2gde

(25) تكفير عوام الرافضة - العلامة الشيخ المفتي عبدالرحمن بن ناصر البراك، بتاريخ 31 ديسمبر 2006، أنظر الرابط:

http://www.surour.net/index.php?group=view&rid=549

(26) رجال دين سعوديون يهاجمون الشيعة وحزب الله، وكالة رويترز، 1 يونيو 2008، أنظر الرابط:

http://ara.reuters.com/article/idARAOLR16226220080601?pageNumber=2&virtualBrandChannel=0

الصفحة السابقة