الدولة الساديّة

نشرت صحيفة الاندبندنت البريطانية تقريراً بتاريخ الرابع والعشرين من مارس الماضي، ذكرت فيه أن السعودية قامت بإعدام شخص جديد، ما رفع عدد الاعدامات التي قامت بها الرياض خلال هذا العام حتى الآن الى ستة وسبعين. وأشار التقرير الى ما تقوله منظمة العفو الدولية بـأن وتيرة الاعدامات في السعودية هي الأعلى منذ عشرين عاماً، إذ ان عدد الاعدامات طوال عام 2015 الماضي وصل الى 153، مقارنة مع ستة وسبعين خلال الأشهر الثلاثة الاولى فقط من عام 2016 الحالي.

وشدد التقرير على ان وتيرة الاعدامات قد ارتفعت بشكل دراماتيكي منذ تسلّم سلمان مقاليد السلطة في 23 يناير عام 2015، مضيفاً ان السعودية تواجه الانتقادات من مجموعات حقوقية بسبب كثرة تنفيذ عقوبة الاعدام، حيث أن السعودية هي من اكثر الدول التي ينفذ بها هذا الحكم. ونبّه التقرير الى ان السعودية تواجه انتقادات شديدة في بريطانية بعد ما بث تلفزيون آي تي في البريطاني فيلماً وثائقياً يظهر الإعدامات العلنية وعرض الجثث في الشوارع.

مطالعة عامة في الصحف الأجنبية منذ مطلع العام 2016، تكشف عن تصاعد الانتقادات ضد النظام السعودي نتيجة ارتكاباته غير المسبوقة على مستوى حقوق الانسان، وحروبه العبثية والعدوانية التي ترقى الى مستوى جرائم الحرب، وخوض خصومات مفتوحة مع كل من يصنّفه بأنه معاد له أو متآمر عليه.

ليس ثمة ثوابت في السياسة السعودية في الوقت الراهن، لا على مستوى قضايا الداخل، ولا على مستوى قضايا الخارج. القرارات الراديكالية التي تبنتها السلطات السعودية منذ الاعلان عن موازنة العام 2016 في ديسمبر الماضي لجهة تخفيض الانفاق الحكومي، وزيادة الضرائب على السلع، والمشتقات النفطية، والخدمات العامة مثل الكهرباء والماء والهاتف، كانت بداية مرحلة انقلابية، وترافقت مع موجة قمع غير مسبوق بزيادة قياسية لأحكام الاعدام، والاعتقال العشوائي، والتحريض على الكراهية، وإشاعة أجواء من الخوف وسط الناس، الأمر الذي يبعث شكوكاً حول العلاقة بين القرارات ذات الطابع الاقتصادي، والتدابير القمعية، وذلك للحيلولة دون تفجر السخط الشعبي على الأوضاع المعيشية المتدهورة، والتي تأتي بعد فترة من الرخاء النسبي.

لا يحتاج المرء لمزيد جهد للتعرّف على الصورة التي ترتسم في الأوساط السياسية والاعلامية في الغرب، بل وعلى مستوى العالم. يكفي اليوم أن كل حادث إرهابي يقع في أي بقعة من العالم، ولا سيما في أوروبا المتحالفة مع النظام السعودي على مدى عقود طويلة ـ يتم استحضار النظام السعودي بوصفه الراعي الايديولوجي للجماعات الارهابية التي ترتكب مثل تلك الحوادث الارهابية.

في كل يوم هناك مقالة في صحيفة أو مجلة أو تقرير من منظمة حقوقية أو خبر في وكالة أنباء يتعلق بالشؤون السعودية. وقد أدبر الزمن الذي تتحدث الصحافة بإطراء عن أمراء آل سعود، برغم من أن أموالهم لا تزال تتدفق على الصحف والأحزاب، والجامعات، ومراكز الدراسات.. ولكن جاء الوقت الذي يجد كل المستقبلين لتبرعات ال سعود أنفسهم في حرج شديد إن سكتوا عن جرائمهم في اليمن، واضطهادهم لمواطنيهم، وقتل الناشطين، تحت طائلة كذبة محاربة الارهاب.

يتصرف آل سعود من وحي الخوف على دولتهم، ولذلك يجيزوا لأنفسهم ارتكاب كل ما من شأنه الابقاء على ما تحت أيديهم، وإن كان باعتقال الابرياء، وتلفيق الاتهامات لهم، وتقديم لمحاكمات صورية، ثم إصدار أحكام الاعدام بحقهم وتنفيذها، أو التلويح بتنفيذها، أو/و إن كان بشن الحروب على الجيران، ولا سيما اليمن الذي يرتكب النظام السعودي بحقه أبشع جرائم الحرب والابادة الجماعية.

التعطّش نحو سفك الدماء، وقتل الأبرياء من أطفال ونساء، والاستعداد للذهاب الى أقصى ما تصل اليه النزعة الاجرامية، هو ما يدفع بعض الأقلام في الغرب للمطالبة بلجم الروح المجنونة لدى حكّام آل سعود، وإطفاء نائرة السادية المتوحّشة، التي تسوقهم للانتقام من كل شيء من أجل الحفاظ على الكيان المتصدّع.

الصفحة السابقة