أوباما في الرياض مجدداً

شبح 9/11 يلاحق آل سعود

سياسي أميركي يطالب باعطاء السعودية مهلة نهائية كإنذار لوقف دعم الارهاب

 محمد شمس

لعنة تفجيرات نيويورك وواشنطن لازالت تلاحق آل سعود.

لم ينجح اللوبي السعودي في واشنطن في إبعاد فكرة فك قيد النشر عن 28 صفحة من نتائج التحقيق في تلك الأحداث، والتي أخفيت فقط إرضاءً لآل سعود.

ولم يفلح وزير الخارجية عادل الجبير في تهديداته لواشنطن بسحب الودائع السعودية من الولايات المتحدة، إن تمّ محاكمة السعودية على تمويلها للخاطفين المفجرين أبطال غزوة نيويورك وواشنطن! ما دعاه لاحقاً الى نفي تصريحاته، بعد أن آتت تلك التصريحات عكس ما أُريد منها.

بعد أسابيع من الضجة التي ثارت حول الصفحات المخفية من تقرير الكونغرس الاميركي المتعلق بأحداث الحادي عشر من سبتمبر، عاد الحديث اليها مجددا في الصحافة الاميركية خصوصا، وبعض الصحف البريطانية.

وكانت تلك الضجة قد اندلعت في اواسط الشهر الماضي، اثر مطالبة عدد من اعضاء الكونغرس الاميركي بالكشف عن تلك الصفحات، استجابة لرغبة اهالي الضحايا، وبما يمهد لسلسلة من الملاحقات القضائية، لكل من يثبت انه كان طرفا ساعد او سهل للارهابيين القيام بجريمتهم.

وطيلة السنوات الماضية كانت اصابع الاتهام تتجه الى حكام المملكة السعودية وبعض امراء العائلة الحاكمة، بالتورط في تلك الهجمات. وبينما نظر الكثيرون الى زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما في العشرين من ابريل نيسان الماضي، باعتبارها مناسبة لتهدئة القلق السعودي، اكدت مختلف المصادر التي تابعت تلك الزيارة، ان المباحثات فيها جرت في اجواء من التوتر والخلافات، وان الرئيس الاميركي كرر على مسامع مضيفيه السعوديين المواقف ذاتها التي سبقت زيارته، والتي تؤكد مسؤولية السعودية عن الشحن المذهبي المتطرف الذي يفرخ هذا الارهاب، في كل العالم، وليس في المنطقة وحسب، كما قال الرئيس اوباما لمجلة ذي اتلانتيك، من قبل.

الا ان الرئيس الاميركي على الرغم من ذلك، حافظ على موقف الادارة الاميركية الرافض الكشف عن مضمون تقرير الكونغرس فيما يتعلق بمسؤولية النظام السعودي عن احداث سبتمبر. وهذا الرفض يؤكد للطرف الاخر جدية ما يتوقعونه في ذلك التقرير، وهو ما تخشى ادارة الرئيس اوباما، وكل الرؤساء السابقين، من ان يؤدي الى تدمير العلاقات السعودية الاميركية، ويجبر واشنطن على اتخاذ خطوات قاسية بحق امراء آل سعود المتورطين في تلك الجريمة الارهابية.

 
اوباما في الرياض.. ابتزاز صفحات التقرير

مدير وكالة الاستخبارات الاميركية (سي آي ايه) جون برينان، والصديق الحميم لمحمد بن نايف، انضم الى مسؤولي الادارة الاميركية في رفض الكشف عن محتوى الصفحات الثماني والعشرين من تقرير الكونغرس الاميركي. هذه الصفحات التي يعتقد على نطاق واسع انها تحتوي معلومات عن دعم رسمي سعودي، وتمويل من مستويات عليا في الاسرة الحاكمة لارهابيي القاعدة الذين هاجموا برج التجارة العالمية ووزارة الدفاع (البنتاغون) بالطائرات المتفجرة. وقال برينان ان تلك الصفحات «تحتوي على معلومات غير مؤكدة»، حسب تعبيره.

بينما يعتقد بعض الناشطين وعائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر انه ينبغي الإفراج عن تلك الصفحات لايضاح الصورة للرأي العام. ومن بين هؤلاء السيناتور بوب غراهام، من فلوريدا، الذي كان احد العاملين في اعداد التقرير، والتحقيقات التي رافقته، حيث شدد على ضرورة كشف محتوياته، واشتكى من اعاقة السلطات الاميركية ذلك. وقال السيناتور غراهام ان تلك الصفحات تتعلق في المقام الأول بأولئك الذين مولوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وفيها تأكيدات على الدور القوي جدا للمملكة السعودية باعتبارها الممول الرئيسي للإرهابيين.

وفي مناسبة أخرى قال غراهام لوسائل الاعلام: ان الشيء الوحيد الذي يزعجه هو أن مكتب التحقيقات الفدرالي قد ذهب إلى أبعد من مجرد التستر، في محاولة لتجنب الكشف، اذ عمد الى ما أسماه الخداع العدواني، لمنع نشر هذه الصفحات. وفي رده على هذه التصريحات اكتفى برينان، بحسب ما نقلت عنه صحيفة الاندبندنت، بالقول انه محتار جدا.

وفي هذه الاثناء خطت المملكة السعودية خطوة اخرى الى الوراء، للتخفيف من حدة الاحتقان في العلاقات بينها وبين واشنطن. اذ نفى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن تكون بلاده هددت بسحب استثماراتها من الولايات المتحدة في حال وافق الكونغرس على مشروع قرار يسمح بمقاضاتها في هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقال الجبير، في الثاني من هذا الشهر مايو، إن الرياض «حذرت» واشنطن من أن مشروع قانون أمريكي محتملا من شأنه تحميل السعودية المسؤولية عن أي دور في هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001، قد ينال من ثقة المستثمرين من مختلف أنحاء العالم في الولايات المتحدة.

 
تركي وأخته هيفاء وزوجها بندر، متورطون في هجمات 9/11

وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قد نشرت في السادس عشر من أبريل الماضي أن السلطات السعودية هددت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ببيع أصول المملكة في الولايات المتحدة والتي تبلغ حوالي 750 مليار دولار، اذا ما اقدم الكونغرس على ذلك. وأشارت الصحيفة إلى أن التهديد نقله الوزير الجبير نفسه أثناء زيارته لواشنطن في مارس الماضي. ولم ينف الجبير ولا أي مصدر سعودي حينها تلك المعلومات، بل ردت الصحف السعودية بتأكيد هذه التهديدات، مهللة لقوة الردع السعودية في وجه الولايات المتحدة.

الخطوة التراجعية السعودية تأتي في سياق اعادة التموضع السعودي تحت المظلة الاميركية، والتي عززتها المعركة الخفية بين الاميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، للفوز بالدعم الاميركي في سباق الوصول الى عرش المملكة العجوز، خلفا لملكها المريض.

وعلى الرغم من اتفاق المحللين الاميركيين على ان التهديدات السعودية لا قيمة لها، ويستحيل على الرياض القيام بذلك، فقد اثارت هذه التهديدات غضب الاميركيين. وبينما يتمنى امراء العائلة السعودية اسدال الستار كليا على هذا الملف المقلق، والذي قد يهدد مُلكهم، كما يقول مصدر اميركي، فإن حسابات الحقل السعودي لا تتوافق مع حسابات البيدر الاعلامي.

اذا لا تزال الصحافة الاميركية تلاحق هذه المسألة، التي لم تغب عن تصريحات المرشحين لانتخابات الرئاسة الاميركية، في هذه المرحلة المتأخرة من الصراع المحموم للفوز ببطاقتي الترشح عن المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، لانتخابات الرئاسة في نوفمبر المقبل.

ففي عددها الاخير عادت مجلة المونيتور الاميركية لطرح المسألة باعتبارها شبحا يلاحق العائلة السعودية، ويزلزل امنها واستقرارها. ونشرت المجلة مقالا لبروس ريدل وهو سياسي أمريكي ومستشار لأربعة رؤساء أمريكيين منذ جورج بوش الأب وحتى اوباما، ويشغل منصب مستشار لشؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا في مجلس الامن القومي.. تحت عنوان بعد خمس سنوات من وفاة بن لادن، لا يزال الغموض يلفّ دور السعوديّة في أحداث 11 سبتمبر. ويقول ريدل:

 
بروس ريدل: التهمة تلاحق ال سعود

في 11 سبتمبر 2011، كنتُ في البيت الأبيض عندما نفّذ أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة هجوماً على الولايات المتّحدة. وبصفتي مساعد الرئيس الخاصّ لشؤون الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، كنتُ مسؤولاً عن التعامل مع حكومة المملكة السعوديّة، مسقط رأس بن لادن وموطن 15 شخصاً من الخاطفين التسعة عشر الذين نفّذوا الجريمة الجماعيّة في ذلك اليوم.

ومنذ 11 سبتمبر، أثير جدل كبير حول الدور المحتمل الذي اضطلعت به الحكومة السعوديّة أو المسؤولين الحكوميّين السعوديّين في التخطيط للهجوم أو تمويله أو تنفيذه. وقد أُبقيت 28 صفحة من تقرير أعدّه مجلس الشيوخ حول دور السعوديّة بعيد الاعتداءات، سريّة لأكثر من عشر سنوات. ولم يحظَ تقرير حديث تطرّق إلى هذه المواضيع السنة الماضية بالاهتمام الكافي.

ويضيف المسؤول الاميركي ان العلاقات السعوديّة الأميركيّة كانت في العام 2001 متوتّرة.. وفي تلك السنة، سافرتُ مرّتين برفقة وزير الخارجيّة كولين باول لمقابلة الأمير عبدالله، مرّة في الرياض ومرّة في باريس، بغية شرح موقف الرئيس وحثّ وليّ العهد على المجيء إلى واشنطن.

في علاقتي مع السعوديّين، كان محاوري الرئيسيّ الأمير بندر بن سلطان، السفير السعوديّ إلى واشنطن وعميد السلك الدبلوماسيّ في العاصمة الاميركية. تعرّفتُ إلى بندر وعملتُ معه منذ العام 1990. وكنتُ قد رأيته قبل الاعتداءات بأقلّ من 72 ساعة، وتحدُثتُ إليه مرّات متعدّدة بشأن أحداث 11 سبتمبر، بعد أن أصبحت الأخبار حول مسؤولية تنظيم القاعدة واضحة بالنسبة إلى الحكومة الأميركيّة.

وسرعان ما طالت الاتّهامات السعوديّين بشأن دورهم في التخطيط للاعتداءات وتمويلها. واتُّهمت زوجة بندر، الأميرة هيفاء الفيصل، بإرسال الأموال لاثنين من الخاطفين السعوديّين، أقاما في سان دييغو أثناء التحضير للاعتداءات. واعترف زكريا موسوي، الذي أدين بتهمة الضلوع في الإرهاب وسُمّي الخاطف العشرين، أنّ الأمير بندر شارك في تمويل القاعدة إلى جانب الأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق للاستخبارات السعوديّة، وشقيق الأميرة هيفاء. وأطلق موسوي ادّعاءات كثيرة أخرى، بما فيها أنّ السفارة السعوديّة شاركت في مؤامرة لإسقاط طائرة الرئيس الأميركيّ في عهد إدارة كلينتون. ودأب الإعلام على مهاجمة السعوديّين الذين نفوا كلّ تلك الاتّهامات وغيرها.

وكالة سبوتنيك الاخبارية الروسية اكدت ان روابط السعودية مع الإرهاب تسمم المجتمع الدولي. ونقلت عن اليكس بيرنشتاين، المرشح الجمهوري للحصول على مقعد في الكونغرس الأمريكي المقبل، ان السعودية بدلا من كونها حليفا رئيسيا للولايات المتحدة، ينبغي أن توضع على قائمة واشنطن للدول الراعية للإرهاب. وكشف ان النفوذ الذي تتمتع به السعودية في الاقتصاد الأمريكي ووسائل الإعلام يساعد الرياض على التهرب من تهمة دعمها الإرهاب.

وذكر بيرنشتاين، بما أكده الكاتب الاميركي سيمور هيرش، ان الحكومة السعودية نفسها كانت حتى عام 2011،  تمول مباشرة أسامة بن لادن في باكستان، وهناك أيضا أدلة على وجود خطة لاسقاط طائرة الرئاسة الاميركية بصاروخ ستينغر من سفارتها في واشنطن، وشدد على انه إذا كنا نريد حل مشكلة الارهاب بصورة حاسمة فإن علينا أن نركز على المملكة السعودية. واوصى بيرنشتاين بوضع السعودية في القائمة الامريكية للدول الراعية للإرهاب، كما ينبغي تجميد ممتلكات المسؤولين السعوديين في الولايات المتحدة إذا وجد أن لهم أي علاقات مع الإرهابيين. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الولايات المتحدة خفض العلاقات التجارية مع السعودية، التي تمنع الحكومة الأمريكية ووسائل الإعلام من التحقيق على نحو فعال في دور الرياض في الإرهاب. وختم بيرنشتاين بالقول انه يتعين على الحكومة الامريكية القادمة إعطاء الحكومة السعودية مهلة لمدة ستة أشهر إلى سنة للتوقف عن دعم الإرهاب والتطرف، وإذا لم تتغير الأمور بعد ذلك يجب على واشنطن اتخاذ إجراءات حاسمة.

الصفحة السابقة