سوريا.. منطلق نشر العنف الوهابي

الألمان أعلنوا أن 360 ألف مقاتل من كل دول العالم ذهبوا الى سوريا للقتال، بينهم 21 ألفاً من أوروبا؛ وأن أكثر الإنتحاريين هم من السعودية. مع هذا يصمّ العالم أذنيه ويتعامى عن حقيقة أن هذا الإرهاب الذي يضرب قارات العالم يخرج من سوريا. جاء هؤلاء وليس في جيوبهم سوى الفراغ، ولكن ثمة متعهدين بانتظارهم يحملون أكياساً من المال لإنفاقها على سلاحهم ومأكلهم ومشربهم ومسكنهم، ولكن الأخطر من ذلك كله على عملياتهم خارج مسرح العمليات الذي أريد حصرهم فيه.

الارهاب يضرب الشرق والغرب والشمال والجنوب، ولكن أصابع الاتهام لا تشير الى الجهة المسؤولة عن الافكار والأموال والأفراد ومصدرها وجغرافيتها. كل العالم يدرك أن الدعم المالي بالغ السخاء للجماعات المسلّحة لا يحقق هدفه المعلن فحسب، أي محاربة النظام السوري، ولكنّ ثمة أهداف أخرى تتحقق عرضاً مع وجود قدرة تخريبة عالية جداً قد تؤدي الى مراجعة مشروع الاتحاد الأوروبي نفسه..

كريستينا لين، الباحثة المختصة بعلاقات الصين مع الشرق الأوسط، كتبت مقالة في “آسيا تايمز” في 6 أغسطس الجاري أشارت فيها الى أن وسائل الاعلام الاميركية وكذلك معاهد الدراسات ووزارة الخارجية الاميركية باتت تطالب بدعم جبهة النصرة من أجل الاطاحة بالحكومة السورية، وذلك بعد أن اعلنت النصرة عن تغيير إسمها الى جبهة فتح الشام وزعمت بأنها انفصلت عن تنظيم القاعدة. في حين أن أبو محمد الجولاني لم يعلن بالفعل الانفصال عن القاعدة وأن ما حصل هو مجرد “تلاعب بالألفاظ”. وأضافت بأن مسؤولاً سابقاً في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية كان مكلّفاً “بإثارة الحرب الأهلية السورية عام 2012”، قد اعترف بأن الولايات المتحدة دعمت “المتمرّدين” رغم عدم وجود “معتدلين” بينهم، ونبّهت الكاتبة الى أن جميع المجموعات المسلحة التي تحارب الحكومة السورية هي مجموعات متطرفة.

مطالب دعم المجموعات المسلحة في سوريا تخدم، من وجهة نظر الكاتبة، أجندة السعودية التي تريد تصدير الوهابية من الخليج الى المشرق وشرق المتوسط وتمكين الجماعات الراديكالية في الشرق الاوسط “من أجل إلحاق الأذى بالأمن القومي الاميركي وكذلك الإستقرار في منطقة يورو آسيا”. وأضافت أن الولايات المتحدة تبدو عازمة على تعزيز التحالف مع السعودية من أجل تحصين الدويلة السلفية الوهابية في سوريا. وأن إحدى الجماعات التابعة للقاعدة المدعومة أميركياً وسعودياً هي أحرار الشام، وأن نائب زعيم هذه الجماعة المدعو علي العمر اعتبر أن حركة طالبان في افغانستان هي نموذج للحكم في سوريا، حيث وصف العمر طالبان “بالحركة المباركة”.

في الخلاصات، فإن الدعم السعودي للجماعات المسلّحة سوف يؤدي الى انتشار الايديولوجية المحرّضة على العنف والارهاب، وإن ذلك يتم على مرأى ومسمع الدول الغربية الداعم للسعودية والمزوّدة لها وللجماعات المسلّحة بالأسلحة النوعية وبالخبرات القتالية التي ترتد على الغرب وعلى العالم بأسره، بما يحقق ما حذّر منه كثيرون بمن فيهم الأسد نفسه من أن الارهاب الذي يضرب سوريا سوف يرتد على العالم بأسره، وهذا ما يحصل حالياً.

الصفحة السابقة