المحيسني الفصيح.. أبكم سعودياً وإسرائيلياً!

سعدالدين منصوري

«نعم نحن إرهابيون».. صرخة أطلقها القاضي الشرعي العام لـ «جيش الفتح» الشيخ الوهابي السعودي عبد الله المحيسني، القادم من بريدة في نجد، وسط الجزيرة العربية، والمتخرّج في جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض في الفقه المقارن، وكان يفترض استكماله مرحلة الدكتوراه في جامعة أم القرى بمكة قبل أن يغادر البلاد في أكتوبر 2013 للعب دور الوسيط بين «داعش» و»جبهة النصرة» ولكن وساطته فشلت وكان يميل الى الأخيرة. اقتصرت وظيفته في البداية على القضاء بين المتخاصمين أفراداً أو فصائل، ولكن بسبب الاستقطاب بين الجماعات المسلّحة، قرر الالتحاق بفصيل «أحرار الشام»، وأصبح القاضي الشرعي فيه ومقاتلاً بارزاً في صفوفه.

ما يلفت الانتباه، أن المحيسني الذي كان يتولى إمامة جامع عمر بن الخطاب في بريدة بالقصيم، وسط الجزيرة العربية، بقي متسمّكاً بالبيعة للملك عبد الله بن عبد العزيز، وعبّر عن ذلك في أكثر من تغريدة يخاطبه فيها ويناصحه من باب مناصحة العلماء للأمراء.

ويروي المحيسني سيرته القتالية قبل الهجرة الكاملة الى بلاد الشام بقوله: «فطفقت أتردد على الشام للجهاد والدعم فيسر الله دعم إخواننا في جبهة النصرة وأحرار الشام وذلك في بداية الجهاد..» ويضيف «كما عملت على الجهاد بالمال بجمع التبرعات للإغاثة والسلاح فبدأ التضييق يزداد وتم أخذ قرابة خمس تعهدات من قبل المباحث بعدم الجمع وقد آليت على نفسي أن لا أخذل الجهاد وأهله ماحييت..».

ولا يخفي المحيسني ومحمد العريفي ما بينهما من تناغم وانسجام، فالرسائل الإيحائية المتبادلة تعكسها الهاشتاغات على تويتر مثل «حلب تحترق» الذي صكّه العريفي والتي يعدّها المحيسني وقوفاً مع من يصفهم «المجاهدين» ويقابله المحيسني بوعد بأن قتاله وأتباعه في حلب وبلاد الشام هو للدفاع عن أهل الخليج..!

المحيسني الذي نجا من أكثر من مرة من الموت في ساحات القتال في بلاد الشام، بدا حذراً للغاية في التعامل مع سؤالي البيعة لآل سعود والتعاون مع الكيان الاسرائيلي.

في مقابلة مع صحيفة «الأخبار» اللبنانية التي نشرت في 21 سبتمبر الماضي، وضع المحيسني ضوابط صارمة لنوع الأسئلة التي سوف يجيب عنها. كان على استعداد أن يتناول كل شؤون خصومه ولاسيما ايران والنظام السوري وحزب الله وحتى الشيعة مجتمعاً وعقيدة. ولكن في المقابل بدا منحازاً للنظام التركي كما يظهر في موقفه الرافض للإنقلاب، ورفض الإجابة عن سؤال حول الدور السعودي والقطري في سوريا، كما رفض أن يبدي رأيه في قتال السعوديين في اليمن.. فشجاعته هنا تقصر عن الإجابة عن أسئلة تتطلب شجاعة من نوع خاص، تلك التي تنطوي على إدانة وتجريم للذات، للرعاة، للحلفاء.

لم يقبل المحيسني الاسئلة المباشرة، بل طلب المكتب المسؤول عن تنسيق لقاءات المحسني الصحافية الإطلاع على نوع الأسئلة وإقرار ما يشاء منها ورفض ما يشاء.. المفاجأة كانت أن كل الاسئلة التي تتعلق بالمملكة السعودية وتحديداً مسألة بيعة الملك عبد الله أو علاقة والده الشيخ محمد بن سلميان المحيسني بالملك فكانت مرفوضة تماماً. فلم يشأ المحيسني إبداء أي رأي يشم منه رائحة سلبية بحق آل سعود، وكأنه يخفي اتفاقاً سريّاً بينه وبين آل سعود، أو الجهة التي تمسك بملف سوريا والمقاتلين السعوديين فيها بهذا الشأن.

المفاجأة الأخرى، أن من بين الأسئلة المحذوفة كان التالي: «كُثُر يأخذون عليكم أنكم تسيطرون على جبهة محاذية للعدو الإسرائيلي، لكنكم لم تُطلقوا طلقة ضدهم... لم تفتحوا معركة... وتسمحون لجرحاكم بالتطبّب في الداخل الإسرائيلي.. ماذا تقولون؟».

يعلّق رضوان مرتضى، الصحافي الذي أجرى المقابلة مع المحيسني قائلاً: «حُذِف هذا السؤال أيضاً، رغم أنّ الجهاديين يجيبون عادة على هذا السؤال بنفي تلقيهم عناية طبية من الإسرائيليين». أما عدم بدء اسرائيل القتال، فيردون عليه بمقولة أنّ «العدو الصائل أولى». أي أنّ هناك عدوا يهاجمنا اليوم ويتمثّل بالجيش السوري وحلفه، فلماذا نستعجل بفتح جبهة مؤجلة؟».

الصفحة السابقة