من التماهي الى الحذر في العلاقات السعودية الأمريكية

(القسم الثاني)

بين الحاجة وعدم الثقة يكمن المخبوء البراغماتي في تفسير مآل العلاقة المرتبكة بين الرياض وواشنطن..

 أسئلة جمة تحوم حول المنعرجات الحادّة التي مرّت بها العلاقة بين المملكة السعودية والولايات المتحدة

منذ نشأتها وحتى اليوم...فإلى أين تسير هذه العلاقة، وماهي متغيراتها وثوابتها. مالذي تغيّر في

مكوّنات التحالف الاستراتيجي بين الرياض وواشنطن..وهل حقاً بدأت الرياض تبحث عن شركاء جدّد.

سعدالشريف

1973 - 2000: المصالح المشتركة

برغم من المنعطفات الحادة التي شهدتها العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة في تسعينيات القرن الماضي الا أن الطرفين حافظا على الشروط المطلوبة لتأمين الشراكة الحيوية بين البلدين. وبصورة إجمالية، يعد عهد الملك فهد من أكثر العهود السعودية تماهياً مع الولايات المتحدة حيث «أصبحت المملكة مشاركاً فعالاً في العلاقات الدولية من خلال إسهامها في تقرير المواقف واتخاذ القرارات، كما هو الحال مثلآ، دورها الفاعل والقيادي في حوار الشمال والجنوب عام ألف وتسعمائة وواحد وثمانين وغيره»(1).

 
كارتر: أمن السعودية جزء من الأمن القومي الأمريكي

وخلال هذه السنوات كانت الروابط على أشدّها بين البلدين، وقد ارتفعت المبيعات الاميركية من السلاح للسعودية بصورة صاروخية وكذلك بناء المنشآت العسكرية السعودية. وأصبحت السعودية المزود رقم واحد من النفط الأجنبي خلال هذه السنوات. وخلال إدارة كارتر، خالفت السعودية رغبة كل منتجي النفط العرب الآخرين، في سبيل دعم كارتر في حملة إعادة انتخابه (ولكن لم تنجح)، وقامت بخفض أسعار النفط للولايات المتحدة الى ما بين ستة الى سبعة دولارات أقل من أسعار المنتجين الآخرين.

وبعد فوز رونالد ريغان بالرئاسة على منافسه الديمقراطي كارتر، نجح في بناء تحالف مع السعودية هو الأكثر حيوية على الإطلاق في تاريخ العلاقة بين البلدين. فقد شارك السعوديون حملة ريغان نيابة عن معارضي النظام الشيوعي في أفغانستان، وقدّموا المال للمجاهدين المحاربين للسوفييت في أفغانستان، ومساعدته حين أراد تخصيص المال للكونترا في نيكارغوا، وقدّموا المال ليونيتا (الاتحاد الوطني للاستقلال التام في أنغولا).

يذكر في هذا الصدد التنسيق الوثيق بين الامير بندر بن سلطان، السفير السعودي في واشنطن سابقاً، مع وكالة الاستخبارات المركزية، منها وما هو معلوم، أنه تكفّل بدفع فاتورة تفجير بئر العبد العام ألف وتسعمائة وخمسة وثمانين، كما كشف عن ذلك بوب وود وورد في كتابه (الحجاب)، ثم افتضاح أمره في (إيران كونترا) العام 1987، والتي أدّت الى الاطاحة برأس السي آي أيه وليم كيسي، بسبب تجارة الاسلحة للكونترا مقابل الكوكائين، وتسهيل تجارة المخدرات لتمويل النشاطات السوداء والحرب السريّة للمجاهدين الافغان، والتي ثبت فيما بعد تورّط بنك الاعتماد الاماراتي (بي سي سي آي).

 
التحالف الأقوى بين آل سعود وأمريكا في عهد ريغان

كان بندر في الثمانينات والتسعينيات عنصراً ناشطاً في العمليات السرية للولايات المتحدة وحروبها القذرة في الصين وكوريا الشمالية وليبيا والسودان. وقد عمل وليم كيسي مع بندر بن سلطان معاً لتنفيذ عمليات وحشية ضد كل الشخصيات المقرّبة من إيران، ومنها محاولة اغتيال العلاّمة محمد حسين فضل الله في بئر العبد، بضاحية بيروت، في 1985، وقد دفع بندر تكاليف العملية البالغة ثلاثة ملايين دولار(2).

ويسجّل كتاّب معروفون مثل بوب وودورد، وروبن رايت، وديفيد أوتاواي، وكريج أنجر وغيرهم تفاصيل كثيرة حول قصص التعاون بين الأمراء السعوديين ومسؤولين أميركيين كبار في الادارات المتعاقبة منذ عهد ريغان وصولاً الى جورج بوش الإبن، وتعكس الى حد كبير عمق الروابط التي انبنت خلال هذه العهود إلى القدر الذي أصبحت العمليات السريّة والقذرة جزءاً من تلك العلاقة التي تتطلب ثقة عالية بين الطرفين.

إدارة جورج بوش الأب وحرب الخليج في عامي 1990/91 مثّلت الذروة في العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة على وجه الخصوص، وبين الأخيرة ودول الخليج عموماً. فبعد مفاوضات قادها بندر بن سلطان مع قادة في البنتاغون مثل كولن باول والجنرال شوارزكوف، سمح الملك فهد للرئيس بوش بإرسال نصف مليون جندي الى المملكة بهدف حمايتها وتحرير الكويت، كما يذكر تفاصيل ذلك بوب وود وورد في كتابه «القادة».

على أية حال، مضت العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية بوتيرة غير مستقرة خلال إدارة كلينتون. ولم يكن الأخير يولي اهتماماً خاصاً بالسعودية. في الواقع، كانت بداية عهد كلينتون سيئة للغاية مع السعوديين. وقد أوفدت وزارة الخارجية ولجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس فريقاً لدراسة أوضاع المملكة، عقب احتجاجات شهدتها مناطق متفرقة من السعودية بدأت مع أزمة الخليج الثانية وتواصلت حتى الربع الأخيرة من العام ألف وتسعمائة وإثنين وتسعين.

ورفع الفريق تقريراً إلى الرئيس كلينتون في بداية ولايته الأولى في البيت الأبيض في يناير 1992. تضمّن التقرير نصائح قدّمها الأميركيون إلى الملك فهد بإجراء إصلاحات سياسية فاعلة بهدف احتواء الاحتقانات الداخلية. وكما في كل مرة، لجأ السعوديون إلى الأسلوب التقليدي في المراوغة والمكر، وقام الملك فهد في الأول من مارس سنة 1992 بإعلان الأنظمة الثلاثة (النظام الأساسي للحكم، نظام الشورى، نظام المناطق)، وهي إصلاحات وصفتها منظمة ميدل إيست ووتش في الأول من مايو سنة 1992 بـ»الفارغة» وأن المخرجات النهائية للإصلاح هي أدنى بكثير من التوقعات(3).

 
تفجير بئر العبد، ثمرة تعاون الأمير بندر مع السي آي أيه

وكان انشغال إدارة كلينتون في الولاية الأولى بالشؤون الداخلية (الضمان الصحي، والتعليم، والضرائب، والبطالة)، على حساب الشؤون الخارجية أضفى فتوراً على العلاقة بين الرياض وواشنطن. وكانت الزيارة التي قام بها بيل كلينتون في 28 أكتوبر سنة 1994، كانت روتينية وتأتي في سياق طمأنة الحلفاء بشأن التزام الولايات المتحدة بأمن وحماية الدول الصديقة.

وكان لمعطيات محلية دورها في تراجع وتيرة العلاقة بين الدولتين وقوع انفجارين في الرياض والخبر في عامي 1995 و1996 على التوالي، ورفض وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز بالسماح للمحققين الأميركيين من هيئة التحقيق الفيدارلية بالمشاركة في التحقيق حول انفجار الخبر وانفتاح السعودية على ايران خاتمي، الى جانب إصابة الملك فهد بجلطة دماغية في نوفمبر سنة 1995 تسبّبت في تعطّل حركة الدولة بصورة عامة نتيجة عدم اتفاق كبار الأمراء من الجناحين (الجناح السديري وجناح الملك عبد الله) على آلية إدارة الدولة مع بقاء الملك فهد في منصبه أو نقل السلطة.

على أية حال، بدا السعوديون قلقين من بقاء العلاقة مع الولايات المتحدة في حالة ارتياب، وفي خريف عام 1998، سافر ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله (الملك لاحقاً) إلى واشنطن في محاولة لإحياء العلاقة. التقى مع جميع شركات النفط الأميركية القديمة التي كانت في تعمل في المملكة السعودية سابقاً، وقال: «نحن منفتحون للعمل»، ودعاهم إلى تقديم مقترحات للعودة إلى المملكة للبحث عن الغاز وفي وقت لاحق النفط. وكان يعد ذلك تحولاً كبيراً، ما يشير إلى أن السعوديين كانوا قلقين حقّاً مما كان سيحدث، إذ ارادوا إعادة بناء الجانب الاقتصادي من العلاقة، على أمل أن يؤدي ذلك إلى بعث حياة جديدة في العلاقات السياسية. ولكن المفاوضات التي بدأت في عام 2000 واستمرت خلال عام 2003 انتهت الى الفشل.

وبصورة إجمالية، لم يكن هناك من أسباب موجبة لتدهور العلاقة، ولكن المتغيرات المحلية في كل من البلدين ساهمت إلى حد كبير في دخول العلاقة مرحلة ركود متقطعة، باستثناء جرعات الحياة التي كانت تكتسبها بفعل التحرّكات ذات الصلّة بعملية السلام في الشرق الأوسط في عهد كلينتون.

2001 - 2008: الحليف اللدود
 
حرب تحرير الكويت وثقت العلاقة الأمريكية السعودية

كانت بداية عهد بوش سيئة مع السعودية، رغم الآمال الكبيرة التي عقدوها على وصوله الى البيت الأبيض، كونه إبن جورج بوش الذي يرجع له فضل حماية النظام السعودي من خطر القوات العراقية التي احتلت الكويت، وأيضاً بسبب علاقاته الخاصة التجارية مع العائلة المالكة في السعودية. ولكن جورج بوش الإبن، كما سلفه بيل كلينتون، لم يكن لديه اهتمام بالسياسة الخارجية، وقد تجاهل الشرق الأوسط، وأصبح الملك عبد الله (ولي العهد حينذاك) مستاءً من هذا التجاهل.

وقبيل هجمات الحادي عشر من سبتمبر أطلق ولي العهد حينذاك الأمير عبد الله تصريحاً صادماً، وخاطب الرئيس الأميركي بوش: «إذا لم تفعل شيئاً إزاء مواصلة محادثات السلام في منطقة الشرق الأوسط، فسوف نمضي نحو تجميد العلاقات العسكرية معكم. بل كانت هناك تلميحات الى امكانية عمل شيء في مجال النفط»(4).

ضلوع خمسة عشر سعودياً من أصل تسعة عشر انتحارياً قلب الصورة تماماً عن السعودية، على مستوى الادارة والرأي العام الاميركي على السواء. فلأول مرة تصبح الايديولوجية المشرعنة للنظام السعودي، قضية خلافية في البلدين، فلم يعد ينظر الى السعودية باعتبارها مجرد أرض مقدّسة تضم أقدس البقاع الخاصة بالمسلمين بل تحوّلت الى مصدر الارهاب والمموّل للارهابيين. وطرح السؤال الكبير في مراكز القرار: هل السعودية صديق أم عدوّ؟ ولماذا كثير من السعوديين تورّطوا في الهجمات، ومالذي يجري في السعودية حتى ينتج هذا العدد الكبير من الارهابيين.

وقد أصبح الأمر جدّياً الى حد أن وزارة الخزانة وهيئة التحقيق الفيدرالية إف بي آي صادرت كل الوثائق المالية للأمير بندر بن سلطان في السفارة في محاولة لتعقّب مسار المال السعودي إلى أين يذهب داخل الولايات المتحدة. وهذا التدبير الاستثنائي غير المسبوق محثوث بالقلق من أن السعوديين يموّلون الارهابيين أو الاصوليين داخل الولايات المتحدة.

في تقرير لجنة المخابرات بالكونجرس الأمريكي لتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر هناك ثمان وعشرون صفحة سرية لم يتم عرضها على العامة حتى اليوم تربط السعودية بدعم التفجيرات، هذا التقرير تم إصداره في ديسمبر عام ألفين واثنين إلا أنه تم إخفاء الجزء الرابع الذي يحمل عنوان «الحقائق، النقاش والسرد فيما يتعلق ببعض مسائل الأمن القومي»، بأمر من الرئيس السابق جورج بوش.

وقد كُتب في التقرير:

 
عهد كلينتون: علاقة غير مستقرّة مع الرياض

"لم يكن الهدف من هذا التحقيق المشترك أن يقوم بهذه التحريات المفصلة اللازمة لتحديد الأهمية الحقيقية للدعم المزعوم للمختطفين، من جانب، من المحتمل أن هذه الروابط (بين الداعمين والمختطفين) ممكن أن تكون مؤشرا على - كما تم ذكره في مذكرة الاستخبارات الأمريكية - دليل لا جدل فيه أن هناك دعم لهؤلاء الإرهابيون، من جانب آخر، من المحتمل أيضًا أن تحقيقات إضافية في هذه الادعاءات قد تفصح عن تفسير قانوني وبريء لهذه الروابط”.

ستيفن لينش أحد أعضاء الكونجرس الذين قرأوا الصفحات السريّة أخبر أنه يرى الصفحات «مثيرة في وضوحها في عرض التخطيط المسبق، التمويل، والتفجيرات التي حدثت ذاك اليوم»، كما أضاف أنه لا يمكن الاستدلال إذا ما كان الأشخاص المتعرّف عليهم في التقرير «يعملون كجزء من حكومة أو ضمن وكلاء محتالين»(5). لينش طالب الرئيس أوباما بالافرج عن القسم المحجوب كونه يكشف عن «هوية بعض الاسماء، ويكشف نوع بعض العمليات»(6).

وبصورة إجمالية، مثّلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر التظهير الأخطر والأقصى للتناقض بين مجالين ثقافيين متناقضين. ربما لم يكن بغير حادث دموي صادم على مستوى العالم من هذا القبيل يمكن الكشف عن الخلل العميق في بنية العلاقة التاريخية والاستراتيجية بين دولتين ما يفرّق بينهما أكثر ما يجمع..

على أية حال، فإن العلاقات السعودية الأمريكية التي اكتسبت أهمية استثنائية منذ العام ألف وتسعمائة وتسعة وسبعين وألفين وواحد لم تعد هي كذلك، بل بقيت عرضة لاهتزامات عنيفة. فقد بدت صورة السعودية في الولايات المتحدة معقدّة لجهة ضلوع مواطنيها في هجمات إرهابية مروّعة.

في مؤتمر خاص لهيئة السياسة الدفاعية في البنتاغون في السادس من أغسطس سنة ألفين وإثنين خرج من بين المشاركين من وصف السعودية بأنها «نواة الشر» ويجب إلزامها بوقف دعم الإرهابيين أو مواجهة مصادرة أصولها المالية في الخارج(7).

 
تفجير الخبر وقتل الأمريكيين.. بداية الإرتياب!

الهيئة التي تضم جنرالات سابقين، ووزراء دفاع وخارجية بمن فيهم هنري كيسنجر، كانت على النقيض مع السياسة الاميركية الرسمية إزاء السعودية. وزير الدفاع الأسبق دونالد رامسفيلد، سارع الى النأي بإدارة بوش الإبن عن مضامين المؤتمر، التي كتبت من قبل محلّل من شركة راند، وهي غرفة تفكير على صلات قديمة مع المؤسسة العسكرية الأميركية.

وقد نقل موقع (وورلد تربيون) مقاطع مسرّبة من المؤتمر، من بينها «أن السعوديين ينشطون في كل مستوى من سلسلة الارهاب، من المخططين الى المموّلين، ومن الكادر الى الجندي العادي، ومن الأيديولوجي الى المشجّع»(8).

في تلك الأجواء المشحونة، طرحت فكرة التحرر من الاعتماد على النفط السعودي، من خلال إطاحة نظام صدام حسين وإقامة نظام صديق للولايات المتحدة، وتالياً إنهاء الاعتماد على النفط السعودي، وبما يسمح لأميركا في نهاية الأمر مواجهة دعم السعودية للإسلام المتطرّف.

مسؤول في إدارة بوش لم يكشف عن إسمه عبّر عن تأييده لفكرة (أن الطريق الى الشرق الأوسط بأكمله يمرّ عبر بغداد). ويضيف: «متى ما كان لديك نظام ديمقراطي في العراق، مثل الانظمة التي ساعدنا على إقامتها في ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، فستكون هناك الكثير من الاحتمالات».

مساعد سابق لرامسفيلد، كينيث أدلمان قال: «من الخطأ اعتبار السعودية بلداً صديقاً». إيليوت كوهين، عضو سابق في الهيئة سالفة الذكر، قال: «كان لدى السعودية الكثير من المدافعين في هذا البلد. أما الآن فهناك قلة جداً، وأودّ القول بأن السعودية هي مشكلة كبيرة لنا»(9).

 
جلطة فهد ساعدت في انشغال امريكا عن الرياض

بصرف النظر عن مفاعيل تلك المواقف على السياسة الاميركية الرسمية، إلا أنها تعكس الوجه المستور أو المواقف اللاملفوظة والى حد كبير المتصالحة مع المبادىء الليبرالية الأميركية، كونها تصدر عن رؤية ذاتية، لا تأخذ في الاعتبار الحسابات السياسية ولا المصالح المشتركة.

على كل حال، عملت العائلة المالكة على احتواء تداعيات الحملة الاعلامية المضادة في الولايات المتحدة، والتي شاركت فيها أطراف عدّة يسارية ويمينية بما فيها اليمين الصهيوني لاعتبارات داخلية بدرجة أساسية. وشعر الأمراء السعوديون بأن ثمة مخطّطاً يستهدف نظامهم، وقد يطيحه، ولعل إطلاق ولي العهد عبد الله (الملك لاحقاً) مبادرة السلام مع اسرائيل يأتي في سياق تحسين صورة المملكة وفي الوقت نفسه تخفيف حدّة الضغط الذي يمارسه اللوبي الاسرائيلي في الولايات المتحدة..

على أية حال، فإن هجمات الحادي عشر من سبتمبر نبّهت الى التناقضات القائمة بين الحليفين، وعلى كل منهما الاستعداد لمرحلة جديدة قد تأتي بما هو أسوأ. وبدا أن الاتفاق على المصالح ليس كافياً لجهة ضمان بقاء التحالف متماسكاً لأمد طويل وغير معلوم.

في عهد الملك عبد الله بدأت العلاقة بين الرياض وواشنطن تسلك مساراً مختلفاً، ويمكن القول بأنه منذ العام ألفين وواحد وحتى ألفين وأربعة عشر شهدت العلاقة سلسلة اختبارات جديّة بدأت من هجمات الحادي عشر من سبتمبر سنة ألفين وواحد، وصولاَ الى مرحلة المنخفض السياسي الحاد الذي شهدته المنطقة منذ بدء الربيع العربي آواخر 2010 وتخلي واشنطن عن دعم حليفين رئيسين زين العابدين بن علي (تونس) وحسني مبارك (مصر)، ثم وقعت الضربة القاصمة بإلغاء أوباما قرار الحرب على سوريا في سبتمبر ألفين وثلاثة عشر وتالياً مفاوضات الاتفاق النووي بين إيران و 5+1.

ثمة علامات فارقة في مسار التباين بين الرياض وواشنطن، يذكر منها، على سبيل المثال، الخطوة المفاجئة التي قامت بها السعودية في يناير 2002 بمطالبة الولايات المتحدة بإنهاء وجودها العسكري على أراضي المملكة، وقال مسؤول سعودي رفيع المستوى لم يكشف عن إسمه لشبكة بي بي سي في 18 يناير سنة 2002 قوله: « يتوجب ابتكار صيغة جديدة أقل ظاهرية للتعاون العسكري بين الجانبين حالما تضع حرب افغانستان أوزارها»(10). ويرجع مراقبون قرار السعودية هذا الى الخشية من استهداف تنظيم «القاعدة» للقوات الأمريكية في السعودية. ومنذ انتهاء حرب الخليج الثانية وحتى يناير سنة 2002 كان يتواجد خمسة آلاف عسكري أمريكي على الأراضي السعودية.

في المقابل، تقدّم ولي العهد حينذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز في فبراير سنة 2002 بمبادرة سلام مع اسرائيل تتضمن البنود نفسها التي جاءت في مبادرة ولي العهد الأمير فهد (الملك لاحقاً) في أغسطس سنة 1981، بما في ذلك الاعتراف الضمني بإسرائيل على أساس حق دول المنطقة كافة العيش في سلام. مثّلت تلك مبادرة سعودية مستقلة لجهة إحداث تغيير في المناخ الدولي السلبي الذي أحاط بالمملكة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

 
بوش وآل سعود.. صداقة عائلية

وفي إبريل سنة 2002 لبّى الأمير عبد الله بن عبد العزيز دعوة الرئيس بوش، في ظل أحاديث عن تعدّيله لمسار السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط. ونقلت صحيفة (نيويورك تايمز) عن مسؤولين أميركيين ما دار خلال مباحثات خاصة بين بوش وعبد الله في كراوفورد بولاية تكساس، وتمّ الاتفاق على استراتيجية جدديدة لناحية عمل مشترك والضغط من أجل إزالة الإنسداد في أزمة الشرق الأوسط. الاتفاق، وإن لم يكن رسمياً، كان يهدف الى دفع ادارة بوش الى لعب دور قيادي في الشرق الأوسط الذي قاومه ذات مرة، أي المرة التي أصبح الآن فيها متحالفاً مع زعيم سعودي كان أيضاً يقاوم من الناحية التقليدية أي دور واضح للغاية(11).

ومن الصعوبة تخيّل فصل المبادرة السعودية للسلام ومتوالياتها عن رغبتها في شق قناة فاعلة من أجل إحياء العلاقة الفاترة مع الولايات المتحدة، التي على ما يبدو أن الرؤوساء الأميركيين منذ عهد بيل كلينتون في 1992 وما بعده يميلون الى تخفيف مستوى الانشغال السياسي الأميركي في الشرق الأوسط والتركيز على الشؤون الداخلية وعلى المناطق التي تقل فيها الاعباء المالية والعسكرية وتزيد فيها الفرص والحوافز.

انتوني كوردسمان، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، والعضو البارز بمركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن رأى أن «هذه مجرد بداية. وعلى الولايات المتحدة أن تعيد التوازن الى سياستها على نحو دائم ومستمر، وماعدا ذلك فسوف يؤدي إلى المزيد من عدم الثقة، إذ لا أحد سيعرف كيف يتعامل مع إدارة بوش»(12).

وجاءت دبلوماسية الهاتف التي انتهجها الرئيس بوش في أعقاب تحذير هادىء وجّهه ولي العهد الأمير عبدالله بأن «صدعاً عميقاً» سيحدث لا محالة بين الولايات المتحدة والعالمين العربي والإسلامي إذا لم تفرض الولايات المتحدة نهاية للوضع العسكري المتوتر.

في الشكل، ساهمت الزيارة في تخفيف الاحتقان بين الطرفين، وقيل بأن الأمير عبد الله غادر الولايات المتحدة وهو راض عن الجهود التي يبذلها الرئيس بوش بكل حيوية ونشاط من أجل إنهاء العنف وإعادة إطار جديد للمفاوضات. وقال مسؤول سعودي بأن ولي العهد يشعر بأنه حقق شيئاً من زيارته للولايات المتحدة(13).

وفي بيان صادر عن وزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل في ختام الزيارة جرى: «التأكيد على العلاقة التاريخية الراسخة والصلبة التي تعكس المصالح الاستراتيجية للدولتين». ووصف المباحثة بـ «الصراحة والاخلاص»، ونفى أن تكون المباحثات بين بوش وعبد الله اشتملت على تهديدات سواء بحظر النفط أو غير ذلك «بل محادثات واضحة وصريحة بين أصدقاء» بحسب البيان(14).

ولكن في سنة 2003، حصلت مجموعة متغيّرات في المنطقة جعلت من العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة أشد تعقيداً، ويأتي على رأس المتغيرات: الاحتلال الأميركي للعراق في مارس ـ إبريل سنة ألفين وثلاثة، ما أثار مخاوف كبيرة لدى السعودية..

بحسب أغلب الروايات الصادرة عن الجانبين السعودي والاميركي، لم تكن العائلة المالكة تعارض خيار الحرب على العراق، وإنما الخلاف على نتائجها. فقبل وقوع الحرب الأميركية على العراق، كان بندر بن سلطان قد نقل رسالة من الامير عبد الله الى الرئيس بوش جاء فيها:

 
تفجيرات سبتمبر 2001: بداية توتر العلاقات السعودية الأمريكية

«صديقي العزيز جورج بوش: لم تتم بيننا أي اتصالات منذ بعض الوقت، بداية يسعدني أن أهنئك على النتيجة التي حققها الحزب الجمهوري في ظل قيادتك، كما بفضل جهودك العظيمة على طريق بلوغ قرار مجلس أمن متفق عليه».

ثم علّق بندر قائلاً:

«منذ عام ألف وتسعمائة وأربعة وتسعين، كنّا على اتصال وتماس متواصل معكم على أعلى المستويات فيما يخص ما يجب عمله مع العراق والنظام العراقي، وعلى امتداد هذه الفترة كنا نفتقد الجدية التي كان لابد من إبدائها على صعيد التعاون لصياغة خطة بين الحكومتين للخلاص من صدام من جانبكم»(15).

وكشف ودورد بأن الملك فهد اقترح في عام 1994 على الرئيس كلينتون عملية أمريكية ـ سعودية مشتركة للإطاحة بصدام، وكان ولي العهد الأمير عبد الله اقترح في إبريل سنة ألفين وإثنين على بوش إنفاق ما يصل إلى مليار دولار على مثل هذه العمليات المشتركة مع وكالة الاستخبارات الامريكية. يقول بندر «كلما التقينا نفاجأ بالمطالبة من قبل الولايات المتحدة بعرض انطباعاتنا عما يمكن عمله بشأن صدام حسين» ملّمحاً الى الطلبات المتكررة التي دفعتهم الى أن «يبدؤوا يشكّون بمدى جديّة أمريكا حول قضية تغيير النظام»(16).

وسأل بندر الرئيس بوش قائلاً: «إذا كنتم جادين، فسوف نبادر إلى اتخاذ القرار الصحيح القاضي بتوفير الدعم المناسب»(17). وكما يبدو فإن بندر بالغ في الدور السعودي في الحرب على العراق واعتبره مناسبة لإعادة إحياء التحالف السعودي الأميركي بل ذهب الى أن «تضطلع السعودية بدور رئيسي في صياغة النظام الذي سيبرز ليس فقط في العراق بل في المنطقة بعد سقوط صدام حسين»(18).

لم تأت نتائج الحرب الاميركية على العراق وفق رغبة السعودية، وهذا ما جعل الأخيرة تشعر بأن الولايات المتحدّة مارست خديعة ضدها، ونفّذت خطّة غير تلك التي تمّ الاتفاق عليها، بل كانت هناك مخاوف من تكرار التجربة في بلدان عربية أخرى وهذا ما حصل حين زار كولن باول دمشق وأبلغ الرئيس بشار الأسد بالنزول عند شروط واشنطن أو توقّع سيناريو العراق.

السعودية التي كانت تنتظر تقاسم كعكة العراق مع الأميركان، فوجئت بأن العراق بات في المقلب الآخر، وهذا ما جعل وزير الخارجية سعود الفيصل يعبّر عن موقف شديد الصراحة بما نصّه:

« لقد خضنا معا حربا لابعاد ايران عن العراق بعد طرد العراق من الكويت» في إشارة الى حرب الخليج عام ألف وتسعمائة وواحد وتسعين عندما قاتلت السعودية ضمن ائتلاف عسكري قادته الولايات المتحدة لتحرير الكويت من الغزو العراقي. وأضاف «والآن فاننا نسلم البلاد كلها لايران دون مبرر»(19).

كان رد الفعل السعودي سريعاً، بعد إطاحة صدام حسين، فقد طلبت السلطات السعودية من فريق سلاح الجو الأميركي في السعودية بحزم أمتعته والمغادرة، كما أوقفت المفاوضات مع شركات النفط الأميركية، وتحولت بدلاً من ذلك إلى شركات نفط صينية وروسية وأوروبية وطلبت منها القدوم والبحث عن الغاز والنفط. وقرّرت السعودية عدم شراء المزيد من الطائرات الحربية الأميركية، الرمز الرئيسي للعلاقة العسكرية، واستبدلتها بطائرات تايفون الأوروبية من بريطانيا.

كما قامت السلطات السعودية في تطوّر مفاجىء، برفع أسعار البترول بصورة دراماتيكية، وشهدت الأسعار صعوداً مضطرداً من ثلاثين دولاراً للبرميل في بداية عام 2004 إلى ذروة لامست سعر الثمانين دولاراً للبرميل في أواسط عام 2006(20).

أنس الحجي، كبير الاقتصاديين في شركة إن بي جي الاميركية، أرجع ارتفاع الاسعار في ألفين وأربعة الى الزيادة الكبيرة وغير المتوقعة في واردات الصين النفطية بعد تحولها إلى مستورد صافٍ للنفط، وانتقال عدد ضخم من المصانع من الولايات المتحدة واليابان وأوروبا إلى الصين، ما أدى الى ارتفاع غير عادي للطلب على النفط في الصين. يضيف الحجي إليها العوامل السياسية في عدد من دول أوبك، من بينها توتّر العلاقات بين ايران والدول الغربية وبعض الأحداث الإرهابية وأعمال العنف في بعض الدول النفطية(21).

وزير البترول السعودي علي النعيمي أبدى عدم رضى حكومته عن أسعار النفط حينذاك وقد تجاوزت خمسين دولاراً أميركياً للبرميل، وقال خلال كلمة له في معرض أبوظبي الدولي للبترول (ادبيك ألفين وأربعة)، أن أوبك ما زال لديها طاقة انتاجية فائضة تقدر مليون ونصف المليون برميل يومياً. وأكد ان انتاج السعودية يبلغ تسعة ملايين ونصف المليون برميل يوميا ويمكنها انتاج 11 مليون برميل يومياً اذا تطلب السوق ذلك. وطمأن النعيمي الاسواق العالمية قائلاً «نحن نسعى لاستقرار السوق وتحقيق السعر العادل وتلبية الطلب المتزايد»(22).

ولكن التعهد السعودي بخفض الأسعار لم يكن ممكناً، فثمة عوامل أخرى ساهمت في ارتفاعها، ومع أن السعودية زادت طاقتها الانتاجية بفائض يتراوح بين مليون ونصف المليون ومليوني برميل يوميا «لتلبية الطلب العالمي المتزايد»، بحسب النعيمي في مؤتمر اقتصادي في نيودلهي، الا أن الاسعار لم تتراجع بل واصلت ارتفاعها(23).

 
مبادرة الملك عبدالله للسلام لتحسين صورة المملكة السلبية

في النتائج، إن المعادلة التي حافظت على تماسك العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة لعقود طويلة، والقائمة على أساس تزويد الأخيرة بالنفط بأسعار مقبولة مقابل الحصول على الحماية، لم تعد تعمل. وبحسب ديفيد أوتاوي «كنّا السبب في انعدام الأمن في منطقة الخليج، وكانوا هم عاجزين عن تزويدنا بالنفط بأسعار معقولة. وعليه فإن أسس العلاقة قد اهتزّت بصورة جدّية»(24).

حاول الرئيس بوش إعادة الروح الى العلاقة بين الدولتين في الزيارة الثانية للملك عبد الله (ولي العهد حينذاك) في إبريل 2005 الى الولايات المتحدة، على أن يكون المدخل لتلك العلاقة زيادة مستوى الانشغال بمشروع السلام في الشرق الأوسط. لقاء بوش ـ عبد الله وصف بأنه «قمة توثيق العلاقات الثنائية وترسيخ التعاون بين البلدين»، بعد التوترات التي شابتها منذ حوادث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001(25). وصف من هذا القبيل ينطوي على إشارة بالغة الدلالة على أن الزيارة السابقة التي قام بها الأمير عبد الله في عام 2002 لم تحقّق أيّاً من أهدافها المعلنة، وزاد عليها الخلاف حول المسألة العراقية الذي بقي قائماً حتى اليوم.

كان من بين الخطوات التي تم الاعلان عنها في البيان الختامي تشكيل لجنة عليا أطلق عليها إسم (اللجنة السعودية - الأمريكية المشتركة للحوار الاستراتيجي)، بهدف تعزيز التبادل التعليمي والثقافي والعسكري والتجاري والاستثماري بين البلدين. ومن أوجه التبادل التعلمي برامج ابتعاث الطلبة السعوديين الى الولايات المتحدة، والافساح في المجال أمام المواطنين الأمريكيين للسفر إلى المملكة للعمل أو الدراسة. وتمّ الاتفاق على لجنة برئاسة وزيري خارجية البلدين تجتمع سنوياً، وقد عقدت أولى اجتماعاتها في الرابع عشر من نوفمبر سنة 2005 برئاسة سعود الفيصل وكونداليزا رايس في قصر المؤتمرات في جدة. الحوار الاستراتيجي كان يهدف، بحسب الفيصل، وضع العلاقة بين الدولتين في إطار مؤسسي من خلال إنشاء مجموعات عمل رئيسية يشارك فيها كبار المسؤولين الحكوميين من البلدين لبحث الموضوعات الاستراتيجية الهامة فيما بينها في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية والاجتماعية والعلمية..».

ما يلفت في مشروع من هذا القبيل أنه يأتي في سياق استئناف علاقة أو ربما تدشينها، كما يشي بفتور طويل شهدته علاقة البلدين ما يثير هذا المشروع الطموح وبعد أكثر من ستة عقود على العلاقة سؤالاً مشروعاً حول مآلها. اللافت أن وزير الخارجية الاميركية كونداليزا رايس كشفت عن جانب مغفول من النقاش وقالت بأن «الاجتماع قد ناقش عدداً من المواضيع المتعلقة بالإصلاح والخطوات التي قطعتها المملكة في هذا الجانب»(26). إن التركيز على هذا النوع من الموضوعات هو ما يرفضه قادة السعودية، لأنهم لا يرغبون في الاجندة الديمقراطية، ويرفضون تشجيع الولايات المتحدة إصلاحات ديمقراطية في المنطقة(27).

لا يبدو أن الحوار الاستراتيجي مضى كما أرادته السعودية، فالتوتّر رافق العلاقة بين الدولتين لسنوات لاحقة. صحيفة (واشنطن بوست) ذكرت أن الملك عبد الله ألغى دعوة إلى العشاء مع الرئيس الاميركي جورج بــوش في البيـت الابيض، والذي كان مقرراً في السابع عشر من إبريل سنة 2007. وقالت الصحيفة بأن أسباب الألغاء المفاجىء دفعت البيت الابيض للتأمل في ما يعنيه هذا الالغاء، وأن أفضل النتائج تبقى «لا شيء جيد»(28).

الأمين العام لمجلس الأمن الوطني حينذاك بندر بن سلطان طار الى واشنطن كي يشرح للرئيس بوش أن المشكلة تتصل بالتوقيت فحسب. إدارة بوش لم تقتنع بالشرح السعودي، في ظل تطوّرات إقليمية لافتة وتأتي «عقب قرارات السعودية بالسعي إلى أرضية مشتركة مع إيران و(منظمتي) حزب الله وحماس الاصوليتين، بدلاً من مواجهتهم كجزء من الاصطفاف الذي اقترحته وزيرة الخارجية كونداليزا رايس «بين المعتدلين والمتطرفين في الشرق الاوسط». وكان بندر بن سلطان حينذاك بدأ يتردد على طهران وموسكو بانتظام، الأمر الذي فهمته إدارة بوش بأنه «مناكفة سعودية».

 
الرياض قبلت باحتلال العراق، ولم تقبل «الديمقراطية» و»الشيعة»!

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في البيت الأبيض قوله: «إن السعوديين يفاجئوننا بالذهاب إلى ذلك الدرك» وأضافت: «لكن السعوديين، أيضاً، يجيدون قراءة نتائج الانتخابات. إنهم يرون أن بوش يسبح عكس تيار من الفضائح والنتانة، يغمر معظم مساعديه الموثوقين».

السبب الحقيقي وراء إلغاء الملك عبد الله دعوة العشاء كشف عنه الأخير في كلمته في القمة العربية في الرياض في الثامن والعشرين من مارس سنة 2007 حين وصف الوجود العسكري الأميركي في العراق بأنه احتلال وقال: «في العراق الحبيب تراق الدماء بين الاخوة في ظل احتلال أجنبي غير مشروع»، مضيفاً «لن نسمح لقوى من خارج المنطقة ان ترسم مستقبل المنطقة». وقد أثار هذا التوصيف حفيظة الإدارة الأميركية، حيث أعلنت الخارجية أن الوزيرة كونالديزا رايس إتّصلت هاتفياً في الثاني من إبريل سنة 2007 بنظيرها السعودي الأمير سعود الفيصل وبحثت معه كلام الملك حول «الاحتلال الأجنبي غير المشروع» للعراق. المتحدث باسم الخارجية السابق شون ماكورماك وصفت المحادثات بالجيدة. وأضاف «ما استخلصناه من هذه المحادثات هو ان العلاقات الاميركية السعودية جيدة وصلبة وكما كانت دائما ولنا نفس الاهتمامات».

المسؤول الثالث في وزارة الخارجية الاميركية نيكولاس بيرنز قال ان الولايات المتحدة «فوجئت» بكلام العاهل السعودي وانها تنوي طلب «ايضاحات» من الرياض. سعود الفيصل في مؤتمر صحافي بعد ختام القمة ورداً على سؤال حول كلام الملك قال: «لم يتحدث عن وجود معين بل قال ان العراق تحت الاحتلال». واضاف «لا أدري كيف يعرف عن بلد يحتوي على جنود ليسوا من جنسيته الا بالاحتلال». وتابع «أي عمل عسكري لا يكون بدعوة من البلد المعني: هذا تعريف الاحتلال»(29).

ثمة ما يكمن خلف التوصيف السعودي للوجود العسكري الأميركي في العراق، فقد وجدت السعودية نفسها أمام معادلة جديدة يصعب التكيّف معها، وأن التغييرات البنيوية التي جاءت بعد سقوط نظام صدام كانت لغير صالحها لا سيما اختلال ميزان القوى الداخلية وفق نظام المحاصصة الطائفية الذي جاء به الحاكم الأميركي السابق للعراق بريمر، كما أن انهيار مؤسسات الدولة بما في ذلك المؤسستين العسكرية والأمنية وإقرار قانون «اجتثاث البعث» ولّد لدى الرياض إحساس بالخطر والخسارة على مستوى تقاسم النفوذ مع منافسها اللدود، إيران. الأهم من ذلك كله، أن السعودية التي كانت تنظر الى العراق بكونه بوابة شرقية في مواجهة إيران، أصبح بعد سقوط نظام صدام حسين يمثّل خطراً جديّاً على أمنها القومي، خصوصاً وقد أصبحت السلطة في العراق بيد الأغلبية الشيعية.

لم يكن مجرد مصادفة أن يتبوأ المقاتلون السعوديون مركز الصدارة من بين المقاتلين الأجانب في العراق. وعلى مدى اربع سنوات بعد سقوط بغداد، أي في الفترة ما بين 2003 ـ 2007 بدا في حكم المؤكد تفوّق العنصر السعودي في العمليات الانتحارية في العراق. وأفادت تقديرات صدرت في مارس 2005 أن الانتحاريين من الجنسية السعودية يمثلون 61 بالمئة من منفذي العمليات الارهابية في العراق.

 
غضب سعودي بعد رضا: لماذا سمح اوباما بالإطاحة بمبارك وبن علي؟

وهذا هو ما توصل اليه القادة العسكريون الأميركيون بعد الغارة على مخيّم سنجار بالقرب من الحدود السورية في سبتمبر 2007 حيث حصلوا على وثائق تؤكد أن 60 بالمئة من الانتحاريين كانوا من السعوديين والليبيين، وكان نصيب السعوديين أربعين بالمئة(30). وكانت الصحافية الأميركية سوزان جلاسر كتبت في واشنطن بوست في 15 مايو 2005 أن 70 بالمائة من الانتحاريين هم سعوديون(31).

في رسالة السفير الأميركي السابق في بغداد كريستوفر هيل الى الخارجية الأميركية في سبتمبر سنة 2009 ما يفيد في فهم الموقف السعودي من العراق وتصوّرات الساسة العراقيين الجدد حول الدور السعودي.

وينقل هيل في برقية للخارجة الأميركية بأن مسؤولين في الحكومة العراقية ينظرون الى السعودية، وليس إيران، بكونها التهديد الأكبر لوحدة وانسجام للدولة الديمقراطية الفتيّة في العراق. وذكرت البرقية أن السعودية تنفق أموالاً طائلاً لتفجير حرب طائفية في العراق، وأن الهدف السعودي هو تعزيز النفوذ السني وإضعاف الهيمنة الشيعية والعمل على تشكيل حكومة عراقية ضعيفة ومنقسمة. ولفت هيل الى أن القادة العراقيين حذرون في تفادي انتقاد حاد للدور السعودي خشية إغضاب الأميركيين، الحلفاء المقرّبين للرياض(32).

الأشد خطورة في العراق، من وجهة النظر السعودية، هو في حال نجاح التجربة الديمقراطية وتداعياتها على الإقليم. وقد كانت الآمال والتوقعات معقودة على أن تغيّر التجربة الديمقراطية في العراق شكل المؤسسات السياسية في الشرق الأوسط قاطبة(33).

وفي ضوء التجارب الإنسانية، أن نجاح الديمقراطية في أي بلد سوف ينتقل الى بلد آخر. وعليه، فإن الديمقراطية في تركيا والعراق ومصر واليمن وبلاد الشام من شأنه أن يخلق زخماً ولا يمكن للسعودية أو أي دولة أخرى مقاومته. ولاشك أن الحديث وسط شباب دول الخليج عن البرلمانات والإصلاحات السياسية لم يأت من فراغ(34). وكما يقول ساسة عراقيون في ردّهم على التدخّل السعودي في العراق بأنهم يخشون من نجاح التجربة الديمقراطية في العراق لأنها معدية، بحسب وصف رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي(35).

في أعقاب أزمة الخليج الثانية، أطلق الرئيس جورج بوش الأب تصريحاً واعداً بأنه سيستأنف ما وعد به جون كينيدي بتطبيق مشروع دمقرطة الشرق الاوسط، وكان يومىء حينذاك الى السعودية. لم يتم التعامل بصورة جديّة مع الدعوة، وبعد مرور عقد من الزمن وفي إدارة جورج بوش الإبن، وضعت مبادرة «الشرق الأوسط الكبير»، كعنوان لمشروع دمقرطة واسعة النطاق تشمل أولاً وابتداءً: مصر والاردن والسعودية، وتستوعب لاحقاً دول الشرق الأوسط قاطبة. وبدأت ورش عمل، ولجان تأهيلية، وفرق تدريبية وكانت تعمل بحماسة عالية في دول المنطقة، وشاعت تكهنات بأن الإدارة الأميركية تسعى من أجل تغيير صورة الولايات المتحدة في المنطقة عبر تأييد مبادرات داعمة لتطلعات الشعوب نحو الحرية والديمقراطية.

 
سلمان يهين أوباما في زيارتيه للرياض

وفي خطاب له أمام مؤسسة الوقف القومي من أجل الديمقراطية (National Endowment for Democracy)، في 6 نوفمبر سنة 2003 قال الرئيس جورج بوش:»إن الحكومة السعودية تتخذ خطوات أولية باتجاه الديمقراطية، بما في ذلك خطة نحو إدخال تدريجي للإنتخابات. ومن خلال إعطاء الشعب السعودي دور اكبر في مجتمعهم، فإن السعودية يمكن تضطلع بقيادة حقيقية في المنطقة»(36).

برغم من اللغة المحافظة والحذرة الى حد كبير في خطاب بوش خصوصاً فيما يتعلق بالاصلاحات السياسية في السعودية، إلا أن ما أعقب ذلك من تطوّرات كان يبعث القلق لدى الجانب السعودي، خصوصاً مع تبني إدارة بوش مشروع الدمقرطة في الشرق الأوسط.

ويتأسس مشروع الدمقرطة على فكرة الشرق الأوسط الكبير، حيث وزّعت الإدارة الأميركية ورقة عمل في الثالث عشر من فبراير سنة ألفين وأربعة على قادة الدول الصناعية الثماني بعنوان «شراكة الدول الثمان ـ الشرق أوسطية»، للتحضير لقمّة مقررة في يونيو سنة ألفين وأربعة في جورجيا. وتستند الورقة على معطيات تقارير صادرة عن الصندوق العربي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والمكتب الاقليمي للأمم المتحدة لبرنامج التنيمة، حول الفقر، والأمية، والبطالة في البلدان العربية، لناحية تحذير الدول الثماني، التي تعتقد بأن مصالحها المشتركة مهدّدة عن طريق زيادة التطرّف، والارهاب، والجريمة الدولية والهجرة غير الشرعية.

وبحسب المعطيات الواردة في التقرير فإن نسبة الأمية في البلدان العربية لم تحدث تقدّماً ملحوظاً بين الشباب وانخفضت من نحو 60 بالمئة في العام أ1980 الى نحو 43 بالمئة في منتصف التسعينيات، وتبقى معدّلات الأميّة هذه في العالم العربي الأعلى وفق المعدّل العالمي، بل وأعلى حتى من معدل الأمية في البلدان النامية(37). وتزداد نسبة الأميّة بين الفئات الأضعف مثل النساء والطبقات الفقيرة.

تناول التقرير الآثار المترتبة على تدنّي مستوى التعليم في المجالات الصناعية والعلمية والاقتصادية والتكنولوجية والثقافية..على سبيل المثال، فإن العالم العربي يترجم 330 كتاباً سنوّياً، وهذا يمثّل خمس العدد الذي تترجمه اليونان، وإن إجمالي الكتب المترجمة في العالم العربي منذ زمان الخليفة المأمون (في القرن التاسع الميلادي/الثاني الهجري)، هو نحو مائة ألف كتاب، وهو تقريباً معدل ما تترجمه أسبانيا في عام واحد(38).

وعلى مستوى الناتج المحلي الاجمالي في البلدان العربية، فبحسب التقرير ، فإن الدول العربية مجتمعة تقف عند 531.2 مليار دولار في العام 1999، وهو أقل من دولة أوروبية واحدة مثل أسبانيا التي وصل فيها الناتج المحلي الاجمالي 595 مليار دولار. وخلال الفترة ما بين 1975 ـ 1998، فإن الناتج الاجمالي المحلي الحقيقي في العالم العربي ارتفع من 256.7 مليار دولار في العام 1975 الى 445.7 مليار في عام 1998 بأسعار ثابتة. وكان المعدل السنوي للنمو خلال هذه الفترة بمجملها 3.3 بالمئة فحسب(39). ويقترح التقرير توفير خمسين مليون وظيفة جديدة بنهاية عام 2010 في حال حافظت معدلات النمو السكاني والنسبة المتدنية من الناتج المحلي الاجمالي على الوتيرة نفسها.

إدارة بوش أعلنت عن خطة طموحة في التدخل الاقتصادي والسياسي العميق في ما أطلقت عليه الادارة «الشرق الأوسط الكبير». الاهداف المعلنة للخطة هي: فتح الأسواق، وتصدير الديمقراطية الى العالم الاسلامي. ويمتد الشرق الأوسط الكبير الى الغرب الأقصى على الساحل الاطلسي للمغرب، والى أقصى الشرق حيث الطريق السريع لكاراكورام شمال باكستان والى الشمال حيث البحر الأسود لتركيا، والى أقصى الجنوب حيث ميناء عدن في اليمن.

 
الاتفاق النووي الايراني أصاب الرياض بالجنون

ولكن برز الخلل في بنية المشروع في مرحلة مبكّرة، إذ أن العنصرين الأساسيين لمبادرة الشرق الأوسط الكبير غير متوائمين: العنصر الاقتصادي - سلسلة من اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية التفاوض (أي بين ممثلي حكومات) والتي تهدف للإرتقاء الى مستوى منطقة التجارة الحرة الكبرى في الشرق الأوسط – وهذا من شأنه أن يقوض العنصر السياسي – والمتمثل في مشاريع بناء المجتمع المدني الهادفة الى تعزيز الحكم الديمقراطي في المنطقة(40).

في مايو سنة 2011 وفي ظل أجواء الربيع العربي، تحدّث الرئيس أوباما عن حزمة حقوق أساسية: حرية التعبير، حرية الاجتماع السلمي، حرية الاعتقاد، المساواة، حكم القانون، وحقو اختيار القادة. وأن إدارته سوف تستخدم كل الأدوات المتاحة الدبلوماسية، والاقتصادية، والاستراتيجية»(41). على أية حال، هناك من اعتبر خطابه في سبتمبر 2013 أمام الأمم المتحدة بأنه بمثابة تراجع، إذ قال «سوف يكون من النادر تحقيق مثل هذه الاهداف عبر عمل أميركي منفرد ـ خصوصاً باستخدام العمل العسكري». وقال بأن «أمضى أربع سنوات ونصف من أجل العمل على إنهاء الحروب وليس الشروع فيها»، وأضاف «لايمكن أن نحل الحرب الأهلية لدى شخص ما عبر القوة، خصوصاً بعد عقد من الحرب في العراق وأفغانستان»(42).

من وجهة النظر الأميركية، أن العلاقة مع السعودية ليست دائمة، ويميّز الرئيس أوباما بين نوعين من المصالح: قصيرة المدى وبعيدة المدى، ويرى بأن هناك أوقاتاً سوف تجعل من هذين النوعين من المصالح غير متطابقين على مستوى الرؤية الأميركية للمنطقة. ويضع أوباما عدم التطابق في سياق مبدئي، ويرى بأن ثمة حزمة مبادىء إرشادية توجّه مواقف الولايات المتحدة وأهمها معارضة الأخيرة المبدئية لاستخدام العنف والقهر ضد شعوب المنطقة.

رد الفعل السعودي إزاء دعوة الدمقرطة في الشرق الأوسط كان سلبياً بل وانفعالياً، خصوصاً حين تأتي في ظل توتّر في العلاقات بين البلدين على خلفية تداعيات هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وتوجيه الإتهام للمملكة السعودية بأن مناهجها الدينية وانغلاق نظامها السياسي مسؤولان الى حد كبير عن العنف التطرّف في العالم، وكذلك التغيير البنيوي في العراق بعد إطاحة نظامه السابق، وصولاً الى الثورات العربية وما أحدثته من انفجارات شعبية هائلة.

إن الخلافات بين الرياض وواشنطن تباينت في حدّتها بحسب الموضوع وتداعياته. فمن بين الثورات العربية الست لم تتباين مواقف البلدين سوى في الثورة المصرية أول مرة، حين تخلّت واشنطن عن حليف قوي لها، أي حسني مبارك، ثم في إسقاط حكومة مرسي المنتخبة في الثلاثين من يونيو 2013 حين عارضت واشنطن دعم السعودية والامارات للانقلاب.

في الثورات الأخرى بدت المواقف بين واشنطن والرياض شبه متطابقة، باستثناء خلافات شكلية، سواء في اليمن عبر المبادرة الخليجية، أو التدخل العسكري في البحرين، أو دعم العمل العسكري لاسقاط النظام الليبي، ودعم الجماعات المسلّحة في سورية..في الأخيرة بلغ التنسيق بين البلدين مستوى متقدماً الى حد العمل في غرفة عمليات مشتركة، على وجه الخصوص على مستوى الاجهزة الاستخبارية والعسكرية حيث كان رئيس الاستخبارات العامة السابق بندر بن سلطان يدير الملف السوري مع مدير الاستخبارات المركزية السابق ديفيد بتريوس ثم مع خلفه جون برنين، ودام ذلك حتى أواخر عام 2013.


المصادر

1- وليد حمدي الأعظي، العلاقات السعودية الأميركية وأمن الخليج ص 84

2- Craig Unger (2004), House of Bush, House of Saud..The Secret Relationship Between the World’s Tow Most Powerful Dynasties, New York, P.71

3- Empry Reforms..Saudi Arabia’s New Basuc Laws, Human Rights Watch/Middle East (Formerly Middle East Watch), see:

http://www.hrw.org/reports/pdfs/s/saudiar/saudiara.925/saudi925full.pdf

4- David Ottaway, The U.S. and Saudi Arabia Since the 1930s; op.cit

5- هل يؤثر تورط السعودية في 11/9 على علاقتها بأمريكا؟، إعداد فريق التحرير في نون بوست، 12 شباط (فبراير) 2015 6- مقابلة مع شبكة سي ان ان في 5 شباط (فبراير) 2015، انظر الرابط:

http://edition.cnn.com/TRANSCRIPTS/1502/05/cnr.06.html

7- David Rennie, Saudi Arabia is kernel of evil, says US brief, The Daily Telegraph, 07 Aug 2002

8- Rand report: Saudis ‘active at every level of the terror chain’, SPECIAL TO WORLD TRIBUNE.COM, August 6, 2002

9- David Rennie, ibid

10- تحليل العلاقة السعودية الاميركية، بي بي سي أون لاين، 18 يناير 2002

11- PATRICK E. TYLER, New Strategy Set by U.S. and Saudis for Mideast Crisis, The New York Times, May 1, 2002; see:

http://www.nytimes.com/2002/05/01/international/middleeast/01DIPL.html

12- PATRICK E. TYLER, MIDEAST TURMOIL: NEWS ANALYSIS; The Hurdles And the Goal, The New York Times, April 29, 2002, see:

http://www.nytimes.com/2002/04/29/world/mideast-turmoil-news-analysis-the-hurdles-and-the-goal.html

13- PATRICK E. TYLER, MIDEAST TURMOIL: NEWS ANALYSIS; The Hurdles And the Goal, International New York Times, April 29, 2002; see:

http://www.nytimes.com/2002/04/29/world/mideast-turmoil-news-analysis-the-hurdles-and-the-goal.html

14- الأمير سعود الفيصل أصدر بياناً في ختام زيارة الأمير عبدالله..، صحيفة الرياض، بتاريخ 30 نيسان (إبريل) 2002، أنظر:

http://www.alriyadh.com/Contents/2002/04/30-04-2002/page10.html#15

15- بوب ودورد، خطة الهجوم، تعريب فاضل جتكر، مكتبية العبيكان، الرياض، 2004، ص 330

16- المصدر السابق، ص330

17- المصدر السابق ص 331

18- المصدر السابق، ص 332

19- سعود الفيصل: سياسة واشنطن في العراق تسلم البلاد لإيران دون مبرر، العربية، 21 إيلول (ٍسبتمبر) 2005 أنظر:

http://www.alarabiya.net/articles/2005/09/21/16975.html

20- ابراهيم علوش، ارتفاع أسعار النفط، الجزيرة نت، 23 تشرين أول (أكتوبر) 2007

21- أنس بن فيصل الحجي، عوامل ساهمت في ارتفاع أسعار النفط، الحياة، 20 شباط (فبراير) 2012

22- وزير البترول السعودي: لسنا راضين عن أسعار النفط الحالية ومستعدون لتلبية احتياجات السوق، الشرق الأوسط، 11 تشرين أول (أكتوبر) 2004 السعودية تحتفظ بمليوني برميل يوميا كفائض طاقة انتاجية للمحافظة على سعر «معقول»، صحيفة الغد الاردنية، 7 كانون الثاني (يناير) 2005

23- David Ottaway, The U.S. and Saudi Arabia Since the 1930s, August 2009; see:

http://www.fpri.org/articles/2009/08/us-and-saudi-arabia-1930s

24- جميل الذيابي، عبدالله يبحث اليوم مع بوش في توطيد العلاقة وترسيخ التعاون، صحيفة الحياة، 25 نيسان (إبريل) 2005

25- اللجنة السعودية - الأمريكية المشتركة للحوار الاستراتيجي: جدية الانتقال إلى مرحلة الشراكة، صحيفة الرياض، 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005م

26- David Ottaway, The U.S. and Saudi Arabia Since the 1930s, op.cit

27- Jim Hoagland ,Bush’s Royal Trouble, The Washington Post, March 28, 2007

28- رايس تبحث مع الفيصل تصريحات العاهل السعودي حول العراق، موقع إيلاف الالكتروني، 2 نيسان (إبريل) 2007

29- فؤاد ابراهيم ، السلفية الجهادية في السعودية، دار الساقي بيروت 2008، ص 134

30- Susan Glasser, ‘Martyrs’ In Iraq Mostly Saudis, Washington Post, 15 May 2005

31- Simon Tisdal, WikiLeaks cables: Saudi Arabia rated a bigger threat to Iraqi stability than Iran, The Guardian, 5 December 2010

32- Robert J. Barro, A Step in the Right Dirtection for Iraq, The BusinessWeek, April 5, 2004; see: http://scholar.harvard.edu/barro/files/04_0405_astep_bw.pdf

33- Victor Davis Hanson, Ten reasons to support democracy in the Middle East, National Review, February 11, 2005; see: http://www.nationalreview.com/article/213640/why-democracy-victor-davis-hanson

34- رئيس الوزراء السيد نوري كامل المالكي يلتقي بالرئيس الاميركي في البيت الابيض، مركز إعلام الامانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، 23 تموز (يوليو) 2009.

35- Remarks by President George W. Bush at the 20th Anniversary of the National Endowment for Democracy, National Endowment for Democracy, 3 November 2003

36- ARAB HUMAN DEVELOPMENT REPORT 2002..Creating Opportunities for Future Generations, issued by UNITED NATIONS DEVELOPMENT PROGRAMME ARAB FUND FOR ECONOMIC AND SOCIAL DEVELOPMENT, P.51, see link:

http://www.arab-hdr.org/publications/other/ahdr/ahdr2002e.pdf

37- ARAB HUMAN DEVELOPMENT REPORT 2002, ibid, p.78

38- ARAB HUMAN DEVELOPMENT REPORT 2002, ibid,p.85

39- Christopher Candland, The U.S. Greater Middle East Initiative: Implications for Persian Gulf Economies and Polities(1), http://academics.wellesley.edu/Polisci/Candland/USGMEI.pdf

40- Remarks by the President on the Middle East and North Africa , The White House, office of the Press Secretary, May 19,2011; see:

https://www.whitehouse.gov/the-press-office/2011/05/19/remarks-president-middle-east-and-north-africa

41- Zeke J Miller, Obama Makes Case for Strike on Syria, TIME, Sept. 10, 2013; see:

http://swampland.time.com/2013/09/10/obama-makes-case-for-strike-on-syria

الصفحة السابقة