السعودية وأمريكا.. علاقات المنفعة والحماية الى أين؟

إعداد توفيق العباد

بصدور هذا العدد من مجلة الحجاز، يكون الرئيس المنتخب دونالد ترامب، قد استلم منصبه رسمياً كرئيس للولايات المتحدة.

لا يخفي ترامب سياسته، فهو يريد التركيز على امريكا داخلياً: ترميم اقتصادها بالدرجة الأولى؛ وخارجياً يريد تخفيض النفقات، وتحميل الحلفاء في اوروبا واليابان والشرق الأوسط دفع اثمان الحماية الأمريكية.

لا يخفي ترامب اشمئزازه من آل سعود، الذين يبادلونه نفس الشعور.

واذا كان الأمراء السعوديون قد انزعجوا من أوباما لتردده في سياسته الخارجية، وعدم قبوله الانخراط في حرب امريكية مفتوحة في سوريا.. فإن ترامب، سيكون ـ بالحكم على شعاراته وما ذكره عن سياساته ـ اكثر سوءً بالنسبة للسعودية، خاصة وانه يتهمها بتمويل الإرهاب، فضلا عن ان ترامب مستعد لعقد صفقة مع روسيا لمحاربة داعش، التي تمثل هي والقاعدة، جيش السعودية الخارجي.

ما هي آفاق التحولات في السياسة الأمريكية؟ هذه المقالات تكشف عن بعضها.

تآكل العلاقات الغربية السعودية
 

كتب رئيس البعثات المسؤولة عن العلاقات البرلمانية مع ايران في البرلمان الاوروبي إلدار ماميدوف “Eldar Mamedov” مقالة نشرت على موقع “LobeLog” في 20 ديسمبر الماضي، 2016، حملت عنوان «تآكل العلاقات الغربية السعودية»، أشار فيها إلى تقرير تبناه البرلمان الاوروبي بتاريخ الرابع عشر من ديسمبر الماضي حول السياسة الخارجية والامنية للاتحاد الاوروبي.

ولفت الكاتب الى أن البرلمان الأوروبي أدان في تقريره الحرب السعودية على اليمن وطالب بتحقيق في الانتهاكات التي يرتكبها التحالف الذي تقوده السعودية في هذا البلد، كما أضاف أن التقرير دعا الاتحاد الاوروبي الى عدم تقديم أي دعم إضافي للتحالف الذي تقوده السعودية الى أن يتم التحقيق ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

الكاتب تابع بأن التقرير هذا ختم عاماً شهد «تآكل مستمر للعلاقات السعودية الغربية»، مذّكراً بأن البرلمان الأوروبي تبنى في شهر فبراير الماضي مشروع قرار غير ملزم دعا الإتحاد الاوروبي الى فرض حظر على مبيعات الاسلحة الى السعودية.

كذلك أشار الكاتب الى التصريحات التي أدلى بها رئيس المفوضية الاوروبية “Jean-Claude Juncker” الذي وصف السعودية «بالنظام البغيض». وتطرّق أيضاً الى تصريحات وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون التي انتقد فيها السعودية على خلفية دعمها للتطرف. كما أضاف أنه أصبح هناك إجماعاً لدى أجهزة الاستخبارات الاوروبية بأن الفكر الوهابي الذي ترعاه السعودية ساهم بشكل مباشر بنشوء تهديد إرهابي في أوروبا.

الكاتب نبّه أيضاً الى أن العلاقات الاميركية السعودية ليست أفضل حالاً بكثير، مشيراً الى تبني قانون جاستا الذي يسمح لعائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر بمقاضاة السعودية.

وقال الكاتب أن هذه التطورات تأتي على خلفية فشل السياسة الخارجية التي اتبعها ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لافتاً إلى أن السعودية عالقة في مستنقع اليمن وأن الرئيس المنتهية ولايته والذي تدعمه السعودية عبد ربه منصور هادي يتحول الى عبء أكثر فأكثر. كما تحدّث الكاتب عما وصفه بتوبيخ دبلوماسي للسعودية عندما التقى وزير الخارجية الاميركي جون كيري بممثلين عن انصار الله في مسقط. وتابع بأن استعادة الجيش السوري وحلفائه لمدينة حلب تعد أيضاً نكسة كبيرة للسعوديين.

الكاتب توقف عند بعض المؤشّرات التي تدل على استعداد سعودي لسياسة أكثر واقعية في ظل «عزل الرياض المتزايد و سمعتها الدولية المتدهورة». وعدّ أن من بين هذه المؤشرات ما حصل في لبنان مع انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للبلاد ضمن صفقة شهدت تسلم سعد الحريري منصب رئيس الوزراء.

كما اعتبر الكاتب أن مؤشراً آخر على سياسة أكثر واقعية هي الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه بين الدول المصدرة للنفط (أوبك) في العام الماضي، حيث تمّ الاتفاق على الحد من انتاج النفط.

غير أن الكاتب نبّه الى أن الوقت لا يزال مبكّراً للحديث عن سياسة سعودية جديدة أكثر انضباطاً، مشيراً إلى الاعلان السعودي مؤخراً عن إصدار حكم الاعدام بحق 15 «جاسوس ايراني»، على حد زعم السلطات السعودية. وقال أنه في حال تمّ تنفيذ حكم الاعدام بحق هؤلاء، فإن ذلك قد يشعل أزمة جديدة في العلاقات بين الرياض وطهران كما حصل مع إعدام الشهيد الشيخ نمر النمر أوائل العام، 2016. وأضاف أن السعوديين ربما سيستفيدون من تنفيذ الإعدامات من أجل اختبار إدارة ترامب المقبلة في حال صدر رد فعل قوي من طهران. غير أنه نبّه الى ضرورة أن يدرك السعوديون بأن فكر «إيرانوفوبيا» الذي تحمله بعض الشخصيات في فريق ترامب لا يعني بالضرورة النظرة الايجابية تجاه السعودية. وتابع بأن معاداة بعض الشخصيات بفريق ترامب لايران تأتي ضمن إطار أجندة «اسلاموفوبيا» أوسع، وبالتالي فإن السياسة التي تضر بإيران على الأرجح لن تخدم السعودية.

واشنطن والصراع الاقليمي
 

كتب زلماي خليل زاد، المدير السابق لتخطيط السياسات في وزارة الدفاع الأميركية والسفير الأميركي سابقاً في أفغانستان، والعراق، والامم المتحدة، مقالة في موقع (ناشيونال انترست) في 21 ديسمبر الماضي، 2016، وقال بأن هناك تحديين أساسيين في الشرق الأوسط: مساعي إيران للهيمنة الاقليمية، والتهديد الإرهابي الذي يشكّله داعش وكذلك منطقة أفغانستان وباكستان.

ورأى الكاتب أن على الولايات المتّحدة تجنّب الدخول في تدخل عسكري كبير وأن لا تقف مع طرف معين فيما أسماه «الصراع الإقليمي الطائفي»، بل أن تساعد على إيجاد توازن قوى بين الدول المتخاصمة. وأضاف أن ذلك يتطلب أن تجد واشنطن سبلاً للاستفادة من قدرات و موارد شركائها. كما أشار إلى أن شركاء أميركا أحياناً ما قاموا بمعاملات تجارية مع نظام معين بينما كانت تحاول الولايات المتحدة فرض عقوبات وضغوط أخرى على هذا النظام. بالتالي شدّد على ضرورة أن تصر إدارة ترامب المقبلة على سياسات منسجمة في داخل التحالفات التي تقودها أميركا.

من مصلحة أميركا، حسب خليل زاد، أن تشهد دول مثل الاردن ومصر وتونس وأفغانستان وكذلك دول آسيا الوسطى وبحر قزوين حكم أفضل ونمو اقتصادي، مضيفاً إن واشنطن تستطيع أن تساعد بهذا الإطار وإن على (واشنطن) أن تشجع دول الخليج على المساهمة في تمويل المساعدة التي قد تقدّمها إلى هذه الدول.

كذلك أكّد الكاتب على ضرورة أن تبقي الولايات المتحدة عينها على أجندة الإصلاحات لدى القيادة السعودية. وقال أنه بات على السعوديين اتخاذ خطوات واضحة وحقيقية لوقف تدفّق الموارد من منطقة الخليج الى «المساجد و الحركات الراديكالية». وتابع زاد أنه في حال كانت السعودية جادة في تطبيق «رؤية عام 2030» (مشروع محمد بن سلمان لتحديث البلاد) فإن الحكومة الاميركية حينها قد تحث الشركات والجامعات وأيضاً منظمات المجتمع المدني في الولايات المتحدة على ضمان نجاح هذا المشروع.

وحول ايران، وإذ شدّدزاد على ضرورة أن تقوم الولايات المتحدة باحتواء ايران وتعديل الاتفاق النووي معها (حيث يعد زاد ان الإتفاق النووي متساهل مع طهران)، أكد في الوقت نفسه على ضرورة أن تبقى واشنطن مستعدة للإنخراط مع ايران.

وفيما يخص سوريا قال الكاتب أن رغبة ترامب بالتوصّل إلى اتفاق مع روسيا هي منطقية، وتحدّث عن خيارات حول مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد ومن بينها ان يصبح رئيس لمنطقة علوية في دولة سوريا «لا مركزية». كما تحدّث عن ضرورة أن يكون ترامب مستعداً لخيار ثانٍ وهو حملة مكثفة ضد داعش في شرق سوريا، بحيث يسيطر الأكراد والعرب على المناطق المحرّرة من أجل عدم سيطرة «ميليشيات تدعمها ايران» عليها، على حد قول الكاتب. وأضاف زاد أن هذه المناطق يمكن أن تتوسّع تدريجياً نحو الغرب، إذ سيقوي ذلك الموقف الغربي في التعاطي مع روسيا ونظام الاسد وايران.

وحول منطقة أفغانستان وباكستان، شدّد زلماي خليل زاد على ضرورة أن تراجع إدارة ترامب السياسات الاميركية في كلا البلدين وكيفية بناء دولة افغانية لا تكون قاعدة للارهابيين ويمكن أن تساعد الولايات المتحدة في الصراع مع التطرف.

وأكّد زاد على ضرورة جعل باكستان توقف دعمها للمتطرفين والارهابيين، مشيراً إلى أن واشنطن لديها أوراق يمكن أن تلعبها مع اسلام آباد مثل استهداف الارهابيين والمتطرفين داخل باكستان، وكذلك تقليص المساعدات إلى هذا البلد، إضافة الى تصنيفها دولة راعية للارهاب. وقال زاد أن الولايات المتحدة يجب أن تكون مستعدة للمزيد من التعاون مع باكستان في حال غيرت الأخيرة سياستها بشكل حقيقي.

الكاتب أكّد على ضرورة أن تنخرط الولايات المتحدة مع كبار لاعبي المنطقة وخاصة إيران والسعودية وتركيا، وذلك من أجل تشجيع حوار اقليمي. وأضاف أن الولايات المتحدة يجب أن تساعد على إنشاء منتدى شبيه بمنتدى “ASEAN” (رابطة دول جنوب شرق آسيا) من أجل البدء بحوار لنزع فتيل الإنقسامات الطائفية والخصومات. وتابع بأن منتدى الدول المطروح هذا يجب أن يؤسس بناء على ميثاق يشير إلى مبدأ القبول بالآخر بين السنة والشيعة ويفتح عملية لحل النزاعات وإيجاد مجالات للتعاون المشترك.

آل سعود ودعم الاهارب.. لقد ضلّلناكم
 

من جهة ثانية، كان زلماي خليل زاد قد كتب مقالة في مجلة (بوليتيكو) في 14 ديسمبر الماضي، 2016، تمثل خلاصة لزيارة نظمها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى للسعودية وقابل خلالها مسؤولون أميركيون سابقون، أو ممن لهم علاقة بمراكز صنع القرار، مسؤولين سعوديين واطلعوا على برنامج التحوّل الوطني وعلى رؤية السعودية 2030 والخطط الاصلاحية في المملكة. وقال زاد أن السعوديين إعترفوا بقيامهم بدور في تمويل التشدد. وأوضح ذلك: «في زيارة قريبة إلى السعودية تمّ الترحيب بي باعتراف أدهشني، ففي الماضي عندما كنّا نطرح موضوع تمويل التطرف الإسلامي مع السعوديين، كل ما كنا نحصل عليه هو النفي، وفي هذه المرة، وخلال لقاءات مع الملك سلمان وولي العهد (محمد بن نايف)، وولي ولي العهد محمد بن سلمان، وعدد آخر من الوزراء، إعترف لي مسؤول كبير قائلاً: (لقد ضلّلناكم)، قائلا إن دعم السعودية للمتطرفين بدأ في الستينيات من القرن الماضي؛ لمواجهة الناصرية الأيديولوجية السياسية الاشتراكية، التي كانت من نتاج أفكار جمال عبد الناصر، الذي هدّد السعودية، وقاد حربا بين البلدين على طول الحدود اليمنية، وسمح لهم هذا التكتيك باحتواء الناصرية، وتوصّل السعوديون إلى نتيجة مفادها أن الإسلامية وسيلة نافعة، ويمكن استخدامها على نطاق أوسع”.

ويضيف زاد: «في ضوء سياسة المصارحة غير المسبوقة، شرحت القيادة السعودية لي بأن دعمهم للتطرف كان أداة لمواجهة الاتحاد السوفيياتي، وبالتعاون مع الولايات المتحدة، وفي مناطق مثل أفغانستان في الثمانينيات من القرن الماضي، وفي هذا التطبيق يقولون إنها نجحت، وفي مرحلة لاحقة تمّ نشره ضد الحركات الشيعية المدعومة من إيران في التنافس الجيوسياسي بين البلدين”.

ويشير زاد إلى أنه مع مرور الزمن فإن السعوديين يقولون إن دعم التطرف تحوّل ضدهم، وانتقل إلى مرحلة صار فيها تهديداً على المملكة وعلى الغرب، وخلقوا «وحشاً» بدأ يفترسهم، ونسب إلى مسؤول سعودي بارز قوله: «لم نعترف بالأمر بعد 9/11؛ لخشيتنا من تخليكم عنّا، أو خوفاً من أن تعاملونا بصفتنا أعداء»، وأضاف: «كنّا في حالة إنكار».

وتساءل خليل زاد: «لماذا هذه الصراحة الجديدة؟»، ويجيب: «أولاً: من العدل التساؤل عن المدى الذي ستذهب إليه هذه السياسة، فمن الواضح أنه ستظل هناك أسئلة حول جماعات سنية متطرفة في سوريا، مثل جبهة النصرة، وفيما إن ظلت تتلقى دعماً سعودياً، وكما وصف لي السعوديون، فإن النهج الجديد، والتصارع مع الماضي، هما جزء من جهود القيادة السعودية لصناعة المستقبل، بما في ذلك مشروع إصلاح اقتصادي واسع”.

ويلفت الكاتب إلى أن السعوديين ينظرون في ضوء هذا التفكير الجديد إلى التطرف الإسلامي على أنه واحد من تهديدين يواجهان المملكة، والثاني هو إيران، ويرى أن هناك تواصلاً في الموضوع الإيراني، ويقول: «أتذكر عندما طلب مني الملك عبدالله أن أنقل إلى جورج دبليو بوش في عام 2006، أن هناك حاجة لقطع (رأس الأفعى)، والهجوم على إيران، والإطاحة بالنظام هناك، وتلوم القيادة الحالية كسابقتها إيران على غياب الاستقرار الإقليمي، والنزاعات العديدة التي تشهدها المنطقة”.

ويضيف خليل زاد: «يبدو، وبعبارات أخرى، أن القيادة السعودية تقوم بالتخفيف من الأيديولوجية لصالح الحداثة، وفي الحقيقة، قال مسؤول سعودي بارز وبشكل واضح أن المملكة تقوم بثورة تحت غطاء الإصلاح، ما يعني أن التحديث هو المحرك وراء السياسة السعودية”.

وتساءل زاد: «هل يمكن أن تنجح عندما لم يتغير إلا القليل سياسياً في بلد لا يزال يدار بطريقة استبدادية على يد آل سعود؟، وأكبر الأشياء المعوقة هي إغراءات الماضي، سواء القيادة السعودية المتحدة خلف برنامج جديد، أو فيما إن حاول من استفادوا من النظام القديم عرقلة أجندة الإصلاح، وبالتالي زعزعة استقرار البلد، وربما جاءت المعارضة من داخل المؤسسة الدينية القوية، التي ترفض فتح مراكز ترفيه، وإصلاح المؤسسات الدينية، وحتى التعليم المحدود، وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل”.

وينوّه خليل زاد إلى برامج الإصلاح، التي تمّ الإعلان عنها في السعودية، التي كانت تتلاشى دون أن تترك أثراً، ويقول إن «الحداثة تضعف من أعمدة الشرعية السياسية السعودية؛ مصادقة المؤسسة الوهابية والتقليدية التي تقوي الحكومة الملكية، ومثلما تخلق الحداثة وضعاً اقتصادياً غير واضح لمن ينتفعون من النظام الحالي غير الفعال، فربما نتج عن هذا وضع اقتصادي مضطرب، ويظل السؤال مفتوحاً حول استعداد السعوديين، وبشكل كاف، وعلى المستويات كلها المتعلقة بالتعليم والمهارات للتنافس في عالم الاقتصاد، وما يحتاجونه في الإقتصاد الحديث، وإن لم يحدث، فقد يظهر توتر اجتماعي، واضطرابات بين غير الراغبين في التنافس”.

ويقول زاد: «هذه ليست المرة الأولى التي أزور فيها السعودية، فأنا أذهب إلى هناك منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما كنت أعمل في وزارة الخارجية، وتعرفت أكثر على القيادة السعودية عندما كنت سفيراً في العراق، في الفترة ما بين 2005 إلى 2007، وزرت المملكة، وأقمت علاقات ودية مع الملك عبدالله والمسؤولين الكبار، ولسنوات عدة تعودت على غموض وإبهام المسؤولين السعوديين، أما اليوم، فمن نقابلهم واضحين في نقاشاتهم، وكمن يتحدث عن صفقات وهم يتحدثون عن خطط الماضي والحاضر، وكان الانطباع الذي كونته خلال العقود الماضية هو أن السعوديين لا يعملون بكد كبير، واليوم هناك فريق من الوزراء المتعلمين الشباب الذين يعملون ما بين 16إلى 18 ساعة في اليوم، على تشذيب وتطبيق خطة تحويل البلاد، والخطة هي من بنات أفكار محمد بن سلمان، وتركز على الجبهتين الداخلية والإقليمية”.

ويعلق زاد قائلا: «تشهد المجتمعات ذات الغالبية المسلمة معركة قائمة بين الحداثة والإسلامية، وتتعامل الرياض مع الحداثة على أنها عربة تستطيع من خلالها الدولة السعودية وأخيراً مواجهة التطرف وهزيمته، وتقوية القطاع الخاص، والسيطرة على التحديات الاقتصادية التي تلوح في الأفق”.

ويشير زاد إلى البرنامج السعودي للإصلاح، الذي يشمل تحديد سلطة الشرطة الدينية، واعتقالها للمعارضين، وتطهير المتطرفين من الحكومة، وبذل جهود كبيرة لمراقبة تأثيرهم في المؤسسات الأمنية، وتعيين قيادات دينية لمواجهة التطرف الإسلامي عبر الرؤية الدينية الصحيحة، وتغيير رابطة العالم الإسلامي، وهي المنظمة الرئيسة التي تدعم من خلالها السعودية الحركات الإسلامية في الخارج، بالإضافة إلى قرار وقف دعم المدارس الدينية في الخارج.

ويلفت خليل زاد إلى رؤية 2030 على الصعيد الاقتصادي وبرنامج التحول الوطني، ويهدف إلى وقف اعتماد الدولة المبالغ فيه على النفط، وتخفيف حجم البيروقراطية، ورفع الدعم، وتوسيع القطاع الخاص، واجتذاب المستثمرين من الخارج، من خلال التأكيد على المحاسبة والشفافية، مشيراً إلى أن الرؤية تشمل تحويل شركة النفط العملاقة «أرامكو»، وطرح بعض أسهمها للاكتتاب، وجمع ما يقرب من تريليوني دولار؛ من أجل تخفيف الاعتماد على النفط، ومن أجل تشجيع السعوديين على إنفاق أموالهم داخل بلدهم، فإن الحكومة تخطط لبناء مراكز ترفيه، واجتذاب أسماء مهمة من الولايات المتحدة، وتخطط لزيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل.

ويقول زاد: «زرت مدينة الملك عبدالله، المدينة التي خطط لها ومولت من القطاع الخاص، وحيث يدرس فيها الأولاد مع البنات، وتمّ بناء مؤسسات لتناسب الشركات الأجنبية، واحدى نتائج تركيز السعودية على تنظيم الدولة هو الموقف المتنور للرياض من إسرائيل، وتشترك السعودية وإسرائيل في التعامل مع التهديد المشترك القادم من إيران وتنظيم داعش، والعداء القديم لا يعني عدم التعاون بينهما”.

ويبين زاد أن «السعوديين عبّروا بصراحة مباشرة عن أنهم لا يعدون إسرائيل عدواً، وأن المملكة ليست لديها خطط عسكرية طارئة لمواجهة إسرائيل عسكرياً، لكنهم أكّدوا أهمية حدوث تقدم في موضوع القضية الفلسطينية، لكن نبرتهم حول هذا الموضوع أقل عاطفية مما عهد عنهم في السابق، فالأولوية التي يركزون عليها هي تنظيم الدولة، وموازاة إيران من موقع القوة”.

ويذهب السفير السابق إلى أن «الخطط الإصلاحية تبدو على بعض المستويات واعدة أكثر منها في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط، ولدى السعودية احتياطي للنفط، ولا تعاني من مشكلات، وجئت من زيارتي للسعودية مقتنعاً بأن قطاعاً من القيادة السعودية جاد بشأن خطط التحديث، ويحاولون تحقيقها بحماس ومهنية”. ويستدرك زاد بأنه «مع ذلك، فإن هناك الكثير من الأسباب التي تدعو إلى التشكيك بإمكانية تحقيق النجاح النهائي..».

الصفحة السابقة