إعلان الحرب على الغاز القطري

الأزمة مع قطر.. خسارة الرهان!

السحب الإعلامية الكثيفة التي غطّت سماء الخليج منذ اندلاع الأزمة مع قطر..
سهّلت تمرير قرار نقل السلطة في الرياض، وتعيين إبن سلمان وريثاً وحيداً للعرش
ونشّطت فعالية قنوات التواصل السعودي الاسرائيلي

سعدالدين منصوري

لا شك أن مسار الأمور في الأزمة الخليجية لم يكن كما أراده صانعوها، لا سيما محمد بن سلمان ومحمد بن زايد. فقد خرجت الأمور عن السيطرة، وبات التحالف الرباعي يتصرف من وحي خسارة الرهان، وليس حصد الأرباح.

 
قطر تدعم الإرهاب، كما السعودية والامارات وتركيا!

بدت السيناريوهات المرسومة للمسألة القطرية طوباوية الى حد كبير، فقد سعى المحور السعودي - الإماراتي المنفلت الى إنزال هزيمة بالمحور الإيراني، وفي الوقت نفسه المحور التركي في سياق استكمال الحرب التي شنّها على الاخوان المسلمين منذ سنوات على مستوى الخليج ابتداءً، ثم في العالم العربي تالياً، وعلى مستوى العالم أخيراً.

السيناريو الآخر، أن الأزمة مع قطر أريد لها أن تتواشج مع مسعى سعودي إماراتي لتثبيت خلافة محمد بن سلمان.

لا شك أن السحب الإعلامية الكثيفة التي غطّت سماء الخليج منذ اندلاع الأزمة مع قطر قد سهّلت تمرير قرار نقل السلطة في الرياض، وتعيين إبن سلمان وريثاً وحيداً للعرش.

السيناريو الثالث، أن الأزمة مع قطر ومتوالياتها، نشّطت فعالية قنوات التواصل مع الاسرائيلي لجهة بناء تحالف سعودي إماراتي مصري إسرائيلي إردني، لمواجهة المحورين الايراني والتركي.

على أية حال، فإن جنوح المحمدين (إبن سلمان وإبن زايد) في الذهاب الى أقصى ما يمكن أن تصل اليه المواجهة مع قطر، واجه مكابح غير منظورة، ونجحت الدوحة في توسيع هامش المناورة، إلى القدر الذي نجحت في تعطيل قرار الحرب العسكرية عليها، بعد نجاحها في كسر الحصار الاقتصادي والسياسي.

صحيح أن بعض الخسائر حصلت في الجانب القطري، منها خروج الجنود القطريين من القرن الأفريقي والذين كانوا يشاركون كقوة فصل بين إريتريا وجيبوتي التي انحازت الى جانب الإمارات في مقاطعة قطر. كما انسحب القطريون من التحالف العربي في الحرب على اليمن.

في الاتهامات، تبدو قطر في موقع المتهم في تمويل الارهاب، وليس في ذلك شك، تماماً كما هو حال السعودية والامارات أيضاً.

علاقة قطر بالارهاب تمويلاً وتسليحاً لم تكن خافية، وإن قطر كما تركيا والسعودية والامارات والاردن جميعاً ضالعة في علاقات صريحة مع الجماعات الارهابية. وقد كتب ماتيو ليفيتش ـ باحث بمعهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى الصهيوني، وكاثرين باور المسؤولة السابقة في وزارة الخزانة الأميركية مقالة في 15 يونيو الماضي نشرت في مجلة (فورين بوليسي) ـ كتبا مقالة تحدّثا فيها عن علاقات قطر مع تنظيم القاعدة وشدّدا على ضرورة إنهاء هذه «العلاقة».

   
رأسا الفتن والحروب يخسران معاركهما في اليمن وقطر وغيرها

وقال الكاتبان أن لدى تنظيم القاعدة في سوريا شيئاً من الشرعية داخل قطر كجماعة تحارب كلاُ من نظام الرئيس بشار الاسد وكذلك داعش، وأضافا بأن «قوّة القاعدة في سوريا» أعطاها فرصاً جديدة سواء من الناحية العملية أو المالية، وأن تنظيم القاعدة في سوريا يبقى تهديداً للغرب. كذلك لفتا الى أن العديد من الناشطين الكبار في تنظيم القاعدة جاءوا الى سوريا قادمين من جنوب آسيا، وشدّدا بالتالي على ضرورة قطع الموارد والتمويل عن تنظيم القاعدة في سوريا (المقصود طبعاً جبهة النصرة ـ جبهة فتح الشام).

قال الكاتبان أن «الجهات المانحة» في منطقة الخليج طالما دعموا تنظيم القاعدة المركزي وكذلك أتباعها في العراق وسوريا، واستشهدا بما صدر عن مجلس الامن اوائل العام الحالي، 2017، بأن تنظيم القاعدة يستمر في تلقي الدعم المالي بشكل أساس من «جهات مانحة خارجية»، إضافة الى مصادر «إجرامية» مثل الفدية وغيرها.

وتحدث الكاتبان عن أفراد كويتيين وقطريين يتبرعون بالمال لتنظيم القاعدة في سوريا، وذكّرا بما قاله مستشار وزارة الخزانة الاميركية السابق في عام 2014 ديفيد كوهين حيث سمّى قطر تحديداً في مجال تمويل الإرهاب. وأشارا إلى أن كوهين شدّد حينها على أن المشكلة لا تنحصر «في دعم حركة حماس» وإنما الدعم القطري للجماعات المتطرفة الناشطة في سوريا.

 
هل يتشكل حلف تركي ايراني قطري؟

و قال الكاتبان إن الاجراءات التي اتخذتها قطر لمعالجة هذه «المشلكة» جاءت بنتائج «متباينة» وان موضوع محاكمة مموّلي الارهاب في قطر على وجه الخصوص يبقى ملفاً غامضاً. وتطرّقا إلى ما قاله المسؤول السابق في وزارة الخزانة الاميركية دانيال جلاسر في شهر فبراير الماضي عن وجود مموّلي للإرهاب في كل من قطر والكويت، وكذلك عن عدم اتخاذ قطر القرارات الجوهرية المطلوبة لمحاربة تمويل الارهاب.

من ثم تطرق الكاتبان الى الحملة التي تقودها السعودية والامارات ضد قطر وقالا ان الجهات التي فرضت عليها عقوبات (من قبل المعسكر بقيادة السعودية ولامارات ضد قطر) متّهمة بتمويل الارهاب وتلقي الدعم من قطر. وأضافا بأن الولايات المتحدة والأمم المتحدة فرضت عقوبات على نفس هذه الجهات بسبب تمويل تنظيم القاعدة.

وأضاف الكاتبان كذلك بأن قطر «تأخرت كثيراً» في التصدي لتمويل الجماعات الارهابية، وخاصة الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، لكنهما قالا في الوقت نفسه أن معالجة المشكلة في وقت متأخر أفضل من عدم معالجتها على الاطلاق.

اليوم وبعد أن رفضت قطر المطالب المستحيلة الثلاثة عشر والتي تمس بسيادة قطر، بحسب وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، فإن وجبة العقوبات التي فرضتها دول الحصار، سواء الاقتصادية أو السياسية والدبلوماسية، بات على التحالف الرباعي مجرد خوض حرب النفوذ ضد قطر، أي ملاحقتها في الساحات التي حقّقت فيها الأخيرة نفوذاً وتأثيراً بفعل أموالها، ولذلك يجري التخطيط لضرب مصدر قوتها بإعلان الحرب على الغاز القطري.

على أية حال، فإن اقتصار الحرب السعودية الاماراتية على تقطيع مصادر قوة قطر عن طريق تمويل حروب النيابة (الاقتصادية والسياسية والأمنية والدبلوماسية)، سيدخل السعودية والامارات في ملعب مشترك مع قطر التي تملك أيضاً خيارات تعطّل فيها مفعول الأسلحة المضادة.

 
تيلرسون وماتيس قلبا الموقف الأمريكي من الأزمة لصالح قطر

في أول تظهيرات النجاح القطري في تعطيل المخطط السعودي الاماراتي، ما لحظناه في التباينات الواضحة داخل ادارة ترامب حيال ملف الحملة على قطر، والتي من شأنها تقويض المساعي الأميركي لتوحيد دول الخليج

فقد كتب جيورجيو كافيرو وثيدور كارسيك في 15 يونيو الماضي مقالة في موقع (لوبلوج) اعتبرا فيها أن الدور الذي قد تلعبه إدارة ترامب في الحملة السعودية الإماراتية ضد قطر يبقى غير واضح، فيما يبدو بأن مسؤولي الإدارة الاميركية ليسوا على نفس الصفحة بهذا الموضوع. وأشار الكاتبان الى إعلان وزارة الدفاع القطرية بأن الدوحة وقعت على صفقة لشراء طائرات حربية من طراز إف- 15 من واشنطن قيمتها 12 مليار دولار، وذلك رغم ما قاله ترامب عن رعاية قطر للجماعات الارهابية. كما لفتا الى وصول بارجتين حربيتين أميركيتين الى ميناء حمد في قطر من أجل المشاركة في مناورات مشتركة مع البحرية القطرية، بحسب وكالة الانباء القطرية.

الكاتبان تحدثا عن رسائل متباينة تأتي من ادارة ترامب حيال موضوع قطر وقالا أن هذا يعكس الآراء المتباينة من قبل المسؤولين في واشنطن. وتابعا بأنه بحسب رأي كل من وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس فإن الدوحة حليف مهم ومعاقبتها تهدّد المصالح الامنية الاميركية في الشرق الاوسط، إذ تعتمد واشنطن على القاعدة الأميركية في قطر من أجل مواصلة العمليات العسكرية في افغانستان و العراق و سوريا و اليمن.

وفي الوقت نفسه لفت الكاتبان الى ان لهجة ترامب حيال قطر كانت حادّة، والى انه حيّا حكومات السعودية والامارات والبحرين ومصر بسبب الإجراءات التي اتخذتها ضد الدوحة. وأشار كذلك الى أن كلام ترامب هذا ينسجم مع مواقف بعض مراكز الدراسات في واشنطن وكذلك بعض المشرّعين الاميركيين الذين يطالبون منذ أعوام بالنظر في نقل القاعدة العسكرية الاميركية من قطر الى بلد خليجي آخر من أجل الضغط على قطر كي تغير سياستها الخارجية.

الا ان الكاتبين نبّها الى أن صفقة بيع الطائرات الحربية الى الدوحة ستتوقف عنده مصر ودول الخليج التي تحرّكت ضد قطر، وأضافا بأن التوقيع على إتفاقية دفاعية مع قطر إنما يشير الى أن واشنطن لا تزال تعتبر قطر حليفاً أساسياً في المنطقة رغم كلام ترامب وتغريداته. وتحدّثا عن مؤشر آخر يفيد بأن «واشنطن لا تتعاون مع أجندة السعودية والامارات لمحاربة الارهاب»، يتمثل بما قاله تيلرسون خلال شهادة له أمام الكونغرس حيث أعرب عن مخاوفه من تصنيف حركة الإخوان المسلمين كحركة ارهابية.

وتابع الكاتبان بأن ترامب ورغم مساعيه لتمييز مقاربته في الشرق الاوسط عن مقاربة سلفه، إلا أن إدارة ترامب يبدو أنها ملتزمة بالعمل مع قطر ودول الخليج الاخرى في مجلس التعاون من أجل حل الخلاف، وهو ما فعله أوباما في عام 2014. غير أنهما اعتبرا في الوقت نفسه ان استمرار الرسائل الاميركية المتباينة والمتناقضة من ادارة ترامب سيقوض مساعي تيلرسون لتوحيد صفوف دول الخليج الحليفة لاميركا «خلف رؤية ترامب لاستئصال الارهابيين والمتطرفين من الشرق الاوسط».

 
صهر الرئيس كوشنر يدير سياسة خارجية ثانية أغضبت تيلرسون

في السياق نفسه، كتب المؤلف الأميركي مارك بيري مقالة نشرتها صحيفة “The American Conservative” كشف فيها نقلاً عن ضابط عسكري أميركي رفيع المستوى بأن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس كان مصدوماً مع بدء الحملة ضد قطر والتي قادتها السعودية والامارات، إذ اعتبر أن السعوديين اختاروا الدخول في معركة لا داعي لها، وفي الوقت الذي اعتقدت فيه إدارة ترامب أن جميع الدول الخليجية على نفس الضفة بانشاء جبهة ضد ايران.

و قال الكاتب أن ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون كانا في مدينة سدني الاسترالية مع بدء الحملة على قطر، كاشفاً عن أنهما قرّرا حينها أن يتولى تيرلسون الدور الريادي بمحاولة تسوية الوضع، وأشار الى أن الأخير وبعد ثلاثة أيام من بدء الحملة دعا كلاً من السعودية والامارات والبحرين ومصر الى تخفيف الحصار على قطر وأعلن دعم واشنطن لجهود الوساطة من قبل الكويت. إلا أنه لفت في الوقت نفسه الى ان الرئيس دونالد ترامب أدلى بتصريح تناقض مع بيان تيرسلون، إذ قال ترامب أن قطر تاريخياً هي ممولة للارهاب على مستوى عالي جداً.

الكاتب نقل عن مصدر مقرب من تيلرسون بأن الأخير لم يتفاجاً فقط بتصريح ترامب بل شعر بغضب شديد كونه تبيّن بأن هناك اختلافاً بين البيت الابيض ووزارة الخارجية. وأضاف هذا المصدر بحسب الكاتب أن معاوني وزير الخارجية الاميركي كانوا مقتنعين بأن السفير الاماراتي يوسف العتيبة الذي هو صديق مقرب من زوج ابنة ترامب (جاريد كوشنر والذي يعمل مستشاراً لترامب)، هو الذي يقف وراء تصريح الرئيس الاميركي الذي اتّهم فيه قطر بتمويل الإرهاب.

كذلك نقل الكاتب عن المصدر ذاته بأن تيلرسون توصّل الى استنتاج بأن كوشنر كان يدير «سياسة خارجية ثانية» من البيت الأبيض. وأضاف بأن العتيبة تواصل مع كوشنر حول موضوع قطر وأن الأخير نقل الرسالة حينها الى ترامب. كما نقل عن المصدر المذكور بأن تيلرسون يشعر بإحباط شديد ويجول العالم لإصلاح الأضرار «الناتجة عن رئيس يعمل لديه هاو يبلغ من العمر 31 عاماً ككبير المستشارين في السياسة الخارجية».

 
قطر.. السعودية تفكك التحالف ضد عدوها إيران

غير ان الكاتب نبّه في الوقت نفسه الى أن ترامب وبينما بدا انه انحاز لصالح السعوديين و الامارات، فان تيليرسون وماتيس إنحازا لصالح قطر، واعتبر ان الانحياز هذا لصالح قطر هو لأسباب وجيهة. ونقل عن ضابط عسكري أميركي رفيع سابق بأن قطر دائماً ما استجابت للمطالب الأميركية، وأن ذلك لا ينطبق على السعوديين. كما قال هذا الضابط المتقاعد بحسب ما نقل عنه الكاتب بأن قطر كانت متعاونة جداً مع واشنطن في موضوع محاربة داعش، بينما السعودية «لم تتسبب سوى بالمتاعب وخاصة في اليمن»، بحسب تعبير هذا الضابط السابق نفسه الذي شدد على ان الحرب على اليمن عبارة عن كارثة.

وتطرق الكاتب أيضاً الى لقاء ماتيس مع وزير الدفاع القطري خالد العطية بعد ستة أيام من تصريح ترامب التصعيدي إزاء قطر، حيث تمّ التوقيع حينها على اتفاق لبيع ستة وثلاثين طائرة حربية أميركية من طراز “F-15” لقطر. واعتبر الكاتب أن إعلان ماتيس عن إبرام هذه الصفقة يبدو أنه كان يهدف الى التعبير عن موقفه وكذلك موقف تيلرسون المعارض للحملة الخليجية ضد الدوحة.

وأشار الكاتب كذلك الى أنه وفي نفس يوم إعلان صفقة بيع السلاح المذكورة بين واشنطن و الدوحة، فقد شدّد تيلرسون خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الاميركي على أن تصنيف حركة الاخوان المسلمين كمنظمة إرهابية سيكون خطأ، وهنا لفت الكاتب الى أن أحد أبرز الاسباب التي أعلنتها دول الخليج لشن الحملة على الدوحة هو علاقات الأخيرة الجيدة مع الاخوان المسلمين.

وفي الوقت نفسه أكّد الكاتب على أن السبب الأهم وراء انحياز البنتاغون ووزارة الخارجية لصالح قطر هو القاعدة الجوية الأميركية الموجودة على الاراضي القطرية. وتابع بأن هذه القاعدة لا تستخدم فقط من أجل ضرب داعش في العراق وسوريا، بل إنها تشكل ما أسماه «خط الدفاع الاول ضد التجاوزات الايرانية في المنطقة». كما قال إن هذه القاعدة لا تحمي فقط حلفاء أميركا الخليجيين بل تحمي أيضاً «إسرائيل»، إذ إنها ستكون نقطة الإنطلاق للطيران الحربي الاميركي لضرب ايران في حال قامت ايران «بمهاجمة «إسرائيل»، بحسب تعبير الكاتب.

و اضاف الكاتب بأن ماتيس على وجه الخصوص يرى بأن الخصومة بين السعودية و قطر لم تؤدِ فقط الى انهيار التحالف المعادي لإيران، بل الى إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية في الشرق الاوسط. وأشار في هذا السياق الى التعهد التركي بدعم قطر وارسال قوات تركية الى قطر، وفي الوقت نفسه الخطوات التي أقدمت عليها ايران لتخفيف الحصار على الدوحة.

الكاتب نقل عن مستشار لدى البنتاغون قوله ان «السعوديين والاماراتيين قالوا لنا تكراراً انهم يريدون إضعاف ايران، لكنهم في الواقع قاموا بتقوية إيران». كما أضاف المستشار بأن ما قامت به السعودية جاء بنتائج عكسية، وان السعوديين وبدلاً من إرعاب القطريين فإنهم «رموا قطر في أحضان إيران».

 
صهر الرئيس كوشنر يدير سياسة خارجية ثانية أغضبت تيلرسون

في سياق مماثل، كتب الباحث بروس ريدل، مقالة في موقع (المونيتور) تحت عنوان «الأمور تسوء ضد السعوديين» اشار فيها الى أن ما سمي بـ التحالف السعودي من الدول السنية» أصبح «في حالة يرثى لها»، واعتبر أن السعوديين ألحقوا «الضرر الذاتي» (من خلال الحملة على قطر)، بينما وصلت حدّة التوتر مع إيران الى مستوى خطير بشكل غير مسبوق، حسب ريدل. كما حذر من أن الدعم داخل اميركا للسعودية بدأ يأخذ شكلا استقطابيا (قسم ضد السعودية بحدة وقسم آخر معها بقوة).

الكاتب قال ان مجلس التعاون الخليجي أصبح منقسما بين ثلاثة معسكرات: أولها، المعسكر السعودي البحريني الاماراتي الذي قطع العلاقات مع قطر، أما المعسكر الثاني فهو الكويت و سلطنة عمان، والثالث قطر نفسها. وأضاف بأن تركيا تتخذ ما سماها «خطوة غير مسبوقة» بنشر قوات من اجل الدفاع عن قطر، مذكراً بان مؤسس الدولة السعودية الحديثة عبدالعزيز آل سعود وقبل قرن من الزمن ساهم في انسحاب الامبراطورية العثمانية من شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج بمساعدة من بريطانيا. وأشار الى ان ابنه (الملك سلمان بن عبدالعزيز) تسبب بعودة الجيش التركي الى هذه المناطق، مستبعداً ان تغادر القوات التركية.

كذلك نبّه الكاتب الى أن أغلب الدول الاسلامية بقيت خارج الحملة التي تشن على قطر، لافتاً الى أن كلاً من ماليزيا وأندونيسيا التي زارهما الملك سلمان قبل أشهر لم تقم بقطع العلاقات مع الدوحة. وتابع بأن صفقة بيع الاسلحة الى القوات الجوية السعودية تمّ تمريرها بصعوبة في الكونغرس، مشيراً الى أن عشرين سيناتوراً ممن صوتوا لآخر صفقة تسلح مع السعودية في عام 2016 غيروا مواقفهم هذه المرة وعارضوا الصفقة الاخيرة، حيث جاء التصويت في الكونغرس بنسبة 53 مؤيد مقابل 47 معارض. ورأى الكاتب أن الإتجاه العام يسير ضد السعوديين، بينما تزداد المعارضة للحرب على اليمن داخل الكونغرس.

هذا فيما أشار الكاتب الى ان تغريدات الرئيس الاميركي دونالد ترامب هي في الغالب مؤيدة للسعودية وتعتبر أن الحملة على قطر هي نقطة أساسية في الحرب على الارهاب، بينما فريق الامن القومي بادارة ترامب يركز أكثر على بقاء القاعدة العسكرية الاميركية في قطر وإعادة اللحمة الى مجلس التعاون الخليجي. كما لفت الى أن ترامب وكذلك فريقه للامن القومي لم يتطرقوا ابداً الى تعاملات السعودية نفسها مع المتطرفين و لا الى سياسات الرياض «الطائفية المتطرفة». وشدّد ريدل على ضرورة تبني مقاربة دقيقة في التحالف الاميركي السعودي، وقال إنه ليس مطلوب غض الطرف عن أي شيء تقوم به الرياض، محذّراً من أن السيناريو النهائي للحملة ضد قطر قد يكون سيئاً جداً.

في الخلاصات، فإن قطر نجحت في كسر الحصار الاقتصادي والدبلوماسي حتى فقد التحالف الرباعي زمام المبادرة، واختار التهويل والتلويح الفارغ بالقوة والعقوبات، فيما اختلطت الأوراق وتبدّلت المواقع، وبتنا امام تحالفات جديدة قد تعيد تشكيل خارطة المنطقة.

الصفحة السابقة