لبنان ينتخب حزب الله!

هل تترك الرياض استثمارها في لبنان؟

عبدالحميد قدس

انزعج آل سعود وكتابهم ومغردوهم من انتصار حزب الله في الانتخابات اللبنانية.

هزيمة تيار المستقبل وسعد الحريري سببه الأول آل سعود. فهم من فتّت الصوت السنّي، وهم من أراد مناطحة الحزب بقوائم انتخابية موالية لم تحصل حتى على خمسين صوتاً. وهي التي أوقفت الدعم المالي عن الحريري وفضلت مرشحين مثل ريفي وغيره.

(نتيجة الانتخابات في لبنان نكسة لمساعي السعودية في تحجيم النفوذ الإيراني) هكذا علق جمال خاشقجي. فآل سعود وكتابهم لا يرون الربح والخسارة الا من زاوية ماذا أنجز الخصم. ودعا خاشقجي لإعادة النظر في تحالفات السعودية في لبنان وعلى مستوى المنطقة، في إشارة الى حلمه الذي لن يتحقق، بأن تتحالف الرياض وأنقره ضد طهران.

وكتب عثمان العمير صاحب ايلاف بتأفّف من النتيجة: (دع لبنان ينتخب او لا ينتخب. الاهتمام بهذا الموضوع خَوَر في الفهم. رأس الأفعى إيران، ولكل حادث حديث). رد عليه متابع ذكي: (عظم الله لكم الأجر) أبا عفّان!

الصحفي صالح الفهيد قال ان حزب الله حقق خطوة كبيرة ومهمة في مشواره لتحويل لبنان الى جزء من جمهورية ولاية الفقيه، حسب زعمه. وزاد (نتيجة الانتخابات اللبنانية تؤكد ان الاستثمار السعودي في هذا البلد خاسر، ويجب تركه كما تركنا سوريا. ولنترك إسرائيل تتعامل مع هذا البلد بالطريقة التي تناسبها). يعني أن الجماعة السعودية تنسق الجهد ومشروعها والصهيوني واحد في لبنان.

 
الحريري: خرج من الحبس وانتصر في الانتخابات رغما عن ولي أمره ابن سلمان!

ووصف الصحفي سليمان العقيلي خطاب الحريري ما بعد الانتخابات، بخطاب انكسار، واتهمه بأنه مصر على سياسته الاسترضائية لحزب الله، من أجل الكرسي. ورأى العقيلي ان حزب الله يسعى لتغيير قواعد اللعبة السياسية في لبنان، وهدد: (اذا كان لبنان قادراً على العزلة والمقاطعة العربية، ونُذر حروب قادمة، فليفعل الحزب ما يحلو له بحكومة بيروت)!

الصحفي الموتور دائماً، محمد آل الشيخ، وضع استفتاءً في موقعه بتويتر يقول: (بعد أن صوّت خمسين في المائة من اللبنانيين على ان تكون لبنان ولاية فارسية، وخلعت ثوبها العربي؛ هل تؤيد طرد اللبنانيين من المملكة والامارات والبحرين؟).

استثار موقف آل الشيخ الكثيرين، وطالب بعضهم بطرده الى تل أبيب بدلاً من طرد العمال اللبنانيين. وعلق نايف العنزي مخاطباً إياه: (لماذا هذا التعالي والغطرسة؟ من أنت حتى تقرر طرد اللبنانيين؟ ومن أنت حتى تتدخل في انتخاباتهم واختياراتهم؟ هم احرار في بلدهم يختارون من يريدون. انت ايش دخلك؟ لو فيك خير تسوّي انتخابات في بلدك، او على الأقل تطالب بها).

وسخر ضياء سعيد من منطق كتاب السلطة فقال: (اما ان تكون الانتخابات اللبنانية على كيفنا، ويفوز المرشحون اللي احنا نبيهم، وإلا ترى الشعب اللبناني خاين، وعميل، ومجوس مسيطرة عليهم ايران. وشْ هالمنطق الأعوج؟ متى نتعلم نحترم الشعوب، ونحترم خياراتهم ونستوعب أيش يعني ديمقراطية وصندوق انتخابات؟).

الكاتب نبيل المعجل فكتب ساخراً ضد لبنان والكويت: (بلدان عربيان تعداد سكانهما لا يتجاوز ستة ملايين نسمة؛ أزعجا سكان الأرض بالانتخابات والديمقراطية والحرية، وأظنهما أفشل البلدان نسبة لما يملكان من إمكانيات). وأضاف ساخرا: (لا أقصد لبنان والكويت). أي انه يقصدهما.

رد عليه دويع العجمي من الكويت: (صحيح أنك لا تقصد الكويت، لأن لديها مجلس منتخب، نجح في إيقاف الضريبة المضافة، وخصخصة قطاعات حيوية، ومنعَ فرض الرسوم على المواطنين في القطاعات الخدمية، وقام بجدولة وتشريع قوانين وتعديلها. في حين ان بلداناً أخرى لا تملك حتى حق انتقاد قرار مدير بلدية. ولا نقصد نيجيريا او غانا). أي انه يقصد السعودية والامارات!

وأخيراً كتب الدكتور المعارض حمزة الحسن ساخراً بأن سبب خسارة تيار المستقبل الانتخابات هو (الخرزة الزرقا). فبدل ان تجلب له الحظ جاءت له بالنحس. ورأى أن من المهم فهم الموقف السعودي: (فالسعودية لا يهمها ان تكسب في لبنان. ما يهمها حقاً هو ان لا يكسب خصمها السياسي. هذا يعني ان الرياض ومعها الامارات كانتا تتحركان بغرض التخريب ليس الا. وهذا هو سبب فشل السعودية تحديداً).

ماذا بعد؟

هل تتخلّى الرياض عن لبنان كمنصة وكموقع للنفوذ؟

هذا ما يريده بعض من النخبة النجدية الحاكمة. فلبنان بالنسبة لهم ليس حتى موقع سياحي، ولا هو مكان استثمار اقتصادي، ولا يجب ان يُستثمر فيه سياسياً، فمن يربحه لا يربح الا الأزمات او المواجهات مع إسرائيل او سوريا او ايران، او أفرقاء لبنانيين.

هذا رأي، يؤيد الانسحاب من لبنان، وتجاهله، والتخفف منه، وعدم دعمه مالياً او سياسياً.

وهناك رأي آخر يزيد في الأمر فاضافة الى (التخلي) عن النفوذ السعودي في لبنان، يجب (معاقبته) أيضاً. وذلك من خلال محاصرته مالياً، وطرد العمالة اللبنانية من السعودية والإمارات، ومنع المواطنين من السفر اليه للسياحة أو غيره، ومنع الاستثمار الاقتصادي فيه لرجال الأعمال والأفراد.

الغاية النهائية من هذا الخيار، معاقبة الحريري، ومعاقبة بقية النخبة اللبنانية الحاكمة، من رئيس الجمهورية الى رئيس مجلس النواب الى حزب الله. فالرياض غاضبة من الجميع باستثناء جعجع.

لكن الأرجح ان سياسة الرياض تقوم على منع الحريري من قبول تكليفه برئاسة الوزراء، من أجل زيادة التشنج الطائفي، وهناك حراك صهيوني امريكي سعودي لاتهام نصر الله نفسه بأنه هو من قتل الحريري.

باختصار الرياض لن تترك لبنان، ولن تستثمر فيه إلا تخريباً.

يستطيع اللبنانيون ان يتجاوزوا الرياض بسهولة، وان يكنسوا ما تبقى لها من نفوذ، ومنعها من التخريب.

الصفحة السابقة