«عملاء السفارات».. مكارثية سعودية!

عبدالحميد قدس

فاجأ محمد بن سلمان المواطنين في الأول من رمضان باعتقال أشهر المحامين وأكثرهم نظافة واخلاصاً، وهو الدكتور إبراهيم المديميغ، ومعه ناشطات سعوديات مشهورات مثل: لجين الهذلول، والدكتورة عائشة المانع، ومديحة العجروش، وعزيزة اليوسف، والدكتورة ايمان النفجان، وولاء آل شبر، وغيرهم. هذا وقد فرّ العديد من الناشطات الى خارج الحدود، حتى أن احداهن وصلت الى الصين!

 
معتقلون ومعتقلات

في اللحظة التي أعلنت عنها الاعتقالات، كان الجيش الالكتروني الحكومي، او ما يسمى بالذباب الالكتروني، جاهزاً لاطلاق حملة تشويه غير مسبوقة ضد المعتقلين تحت عنوان (عملاء السفارات)، ومع انفوغرافات رسمية تتهمهم بالخيانة، وتحرض على اعتقال آخرين وأخريات؛ ولم تقصر الصحافة السعودية في مانشيتاتها الرئيسية مجاراة للأوامر الرسمية.

مفاجأة الاعتقالات الجديدة، كان سببها: توقيت الاعتقال؛ في الأول من رمضان، حيث ينتظر المواطنون عادة تخفيف الأحكام واطلاق سراح السجناء. ثم انها موجهة للنساء اللاتي لم يعد لهن حرمة في مجتمع شرقي محافظ؛ وايضاً لأن التهمة الرسمية للجميع كانت: الخيانة العظمى، والتآمر على استقرار البلاد؛ وأيضاً لأن الناشطات بالتحديد هن اكبر المناصرين لقرارات ابن سلمان المتعلقة بالمرأة، ومن بينها قيادة السيارة، وهي القرارات التي تعمدها ولي العهد لينال الحظوة في الغرب واعلامه.

لا التوقيت كان جيداً، ولا المستهدفين بالاعتقال، ولا التبرير والحجة كانت مقنعة لأحد البتة.

انفجر طوفان من الاحتقار والغضب ضد القرارات، ونددت به وسائل إعلامية خارجية وعربية ومواقع الانترنت والمنظمات الحقوقية الدولية، وحتى حلفاء النظام السعودي نفسه.

جهاز أمن الدولة اعلن ان سبب الاعتقالات هو: تجاوز الثوابت الدينية، التواصل المشبوه مع جهات خارجية، تقديم الدعم لمعادين في الخارج للنيل من امن واستقرار البلاد وسلمها الاجتماعي.

اذن هم وهنّ خونة، غير مأسوف عليهم، و (لا مكان للخونة بيننا)، يقول الأمير سطام آل سعود. وقال آخر بأن الخونة، عملاء السفارات، يريدون جعل الوطن مستباحاً، والدليل أنهم يتواصلون مع المنظمات الدولية للتحريض على الوطن.

حملة ترويع وتخوين
 
التخوين رسمياً

وقادت أجهزة المباحث حملة ترويع وترهيب علنية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتب أحد موظفيها مهدداً: (الصدمة ان تتذاكى وتحاول الهروب، ثم تُصدم بمنعك من السفر، وتنتظر موعد استدعائك. صرت اليوم تغرد بالانجليزية معتقداً ان المنظمات والدول الغربية لها تأثير على القرار، ولكن هذه إدانة إضافية عليك).  وهدد موظف مباحث آخر: (أيها الخائن، يا من تدعي انك محامي وحقوقي وناشط اجتماعي ومثقف. ستُسحب قريباً برجليك على وجهك كالكلب، ولن تنجو من فعلتك حتى لو لبست ثوب جدك وشماغ عمّك، فهذه لا تمنحك الوطنية يا خائن، لأنك تربية عملاء السفارات).

وبدأت حملات تحريض على أشخاص بعينهم، من خلال التفتيش في مقالاتهم السابقة، وتغريداتهم من أجل ادانتهم، بحيث أن كل من يُراد تصفيته وقمعه، يتم حشره في قضية العمالة للسفارات، التي هي في الأصل كذبة من ابن سلمان ورئيس الجهاز الأمني: الهويريني.

بسبب الحملة اضطر مغردون الى حذف تغريداتهم المؤيدة للناشطات والتي كُتبت قبل سنوات، حتى لا يعتقلوا بسببها، فيما يؤكد موظفو المباحث على موقع تويتر بأن كل ما كتب موجود نسخة منهم لديهم!

مشاري الغامدي، مثلاً، سارع الى حذف تغريدة قديمة له عن لجين الهذلول قال فيها: (نضال لجين الهذلول بعد سبعين من الآن سوف يُدرّس بالمناهج)؛ فما كان من أحدهم إلا أن أظهر له تغريدة أخرى يمتدح فيها الناشطة المعتقلة هي الأخرى عزيز اليوسف: (تحية لعزيزة اليوسف التي وقفت وقفة مشرّفة مع نساء وطنها، ولم تعطِ انتباهاً للأضواء والشهرة التي ركض خلفها بعض النساء مقابل تخوينهن نساء بلدهن).

حتى أولئك المؤيدين للنظام، كالمحامي عبدالرحمن اللاحم، حذف بعضاً من تغريداته، ومثله نايفكو الذي يعمل الآن مع جوقة ابن سلمان ويدافع عنه، حيث حذف تغريدات بشأن الناشطة السابقة سعاد الشمري، إضافة الى لجين وميساء العمودي.

الكاتبة والناشطة همسة السنوسي، لم تحذف تغريداتها التي تعضد ميساء العمودي ولجين الهذلول، ما أدى الى اعتقال الأخيرة حين قادت سيارتها من الامارات، والتي قالت فيها: (سيأتي يوم ونرى لجين وميساء ومن قمن بمسيرة ٦ نوفمبر ١٩٩٠ من الرائدات، وسيشجب التاريخ كل من آذاهن أو قذفهن). كلما لم تحذف تغريدتها المتعلقة بالناشطة عزيزة اليوسف وهي أهل ثقة لديها. كلا، هي لم تفعل ذلك، ولكنها فعلت أسوأ من ذلك، حيث تنكرت لمواقفها السابقة، وكتبت مؤيدة قمع زميلاتها: (لا أحقر من خونة الأوطان). رد عليها مستنير: (ان لم تكوني مكرهة يا همسة، فلعنك الله وأخزاك يا ناكرة العيش والملح، ويا خاينة العشرة والجميل. بالأمس تضحكين معهم، واليوم تؤكدين خيانتهم دون أدنى حق في الدفاع عن أنفسهم؟). وزاد: (انه نفاق وارتزاق وبيع للرفاق دون تثبّت. ممكن بكره يجي دورك، وقتها ما بينفعك تطبيلك الأعمى). وعدّ عبدالرحيم البخاري ما قامت به همسة السنوسي، سقوطاً اخلاقياً مرعباً، حيث يحتفل بعضهم بقمع اشخاص تربطهم معرفة وربما صداقة.

اتهامات وتحريض على القمع
 
المديميغ مع الإعلامية ايمان الحمود

لقد جهز النظام السعودي اتهاماته واداناته منذ اللحظة الأولى لاعتقال الناشطين والناشطات في الأول من رمضان. لم يهمه انتظار القضاء ولا المحاكمات، فمن اعتقلوا مدانون حتماً ويجب التشهير بهم ونشر كل الإتهامات الباطلة التي تبرر قمع السلطة لهم؛ يعضد آل سعود في ذلك جيش من الإعلاميين والكتاب!

الإعلامي الرسمي محمد النحيت، أيد الاعتقالات متهما المعتقلين بتقمص أدوار المطالبين بالحقوق والحريات، ولكن (انكشف غطاء الخونة) بزعمه. أمير آخر، هو عبدالعزيز بن فهد آل سعود يحرض على اعتقال المزيد: (ما مصير من يسوّق لهم ويلمعهم ويعرضهم على أنهم حقوقيون ومصلحون)؛ وأضاف: (الآن هناك حملة قوية لتنظيف المملكة من جميع هذه الشوائب). وأضاف مبشراً بأن (الخير في الطريق)؛ أي مزيد من المعتقلين، وأن (العمل لايزال جارياً لتحديد كل من له صلة بأنشطة هؤلاء الأشخاص واتخاذ كافة الإجراءات بحقه).

وحين وجد الأمير خالد آل سعود ان مزاعم الحكومة لم تلق التجاوب المطلوب حتى في أوساط مؤيديها، اتهم المتوقفين عن المشاركة في مسرحية السلطة بأنهم وطنيون في قضايا تتفق مع توجهاتهم فحسب، والوطنية لا تتجزّأ. أي لا بد من القبول بكل ما تفعله الحكومة.

صحيفة الرؤية السلفية الوهابية، خلطت جميع من تختلف الحكومة معه، وليس بالضرورة العكس، ووضع الجميع في (مَفْرَمَةْ) قمع ابن سلمان، فكلهم خونة وعملاء الأجانب: الرافضي الشيعي، والاخونجي، والليبرالي: (لكن لن تجد سلفي يخون ويتواصل مع جهات خارجية، لأن المملكة معقل السلفيين، ولأن المنهج السلفي يحرم خيانة الجماعة والإمام) كما يقول. اذن من أين جاءت القاعدة وداعش، مع ملاحظة، ان كل المعتقلين الجدد ـ عدا الناشطة ولاء شبر ـ فإن ينتمون في جذورهم الى نجد والى السلفية/ الوهابية.

 
نفس التخوين والتسقيط لنسوة ٦ نوفمبر ١٩٩٠

الداعية الوهابي، نايف العساكر، شقيق بدر العساكر، مدير مكتب محمد بن سلمان، وصلت به الصفاقة ان يحرض من لا يبادر ويؤيد الاعتقالات. يقول: (الذي يصمت عن تأييد وشكر ولاة الأمر بعد القبض على عملاء السفارات، فهو خائن لدينه ووطنه، ومحل ريبة وشك، اما كونه شريكاً مستتراً لهم، او جاهلاً لا يعرف ديناً ولا وطناً). وزاد بأن (الصامت في القبض على عملاء السفارات شر وخطر. ومن توقّف عن مساندة الوطن فهو أشر من الخوارج والعملاء)! وهدد الداعية العساكر: (كل من يتحالف مع أعداء الوطن فقد كتب نهايته بيده، سواء كانوا اخونجية او ليبرالية، والدولة ستضربهم بيد من حديد).

استاء نواف العصيمي من هكذا فجور، وسأل النيابة العامة: (هل يُسمح لهذا الشخص بتخوين المواطنين بهذه الطريقة؟)؛ يقصد من الناحية القانونية وما هو موقف السلطة؟. لم يتلقَ الجواب المُضمَر: نعم يجوز، مادام مطيعاً لولي الأمر!

سلطان العساكر، من نفس الصنف والعائلة، يزايد في الوطنية فيقول: (حين يكون المستهدف وطن؛ يصبح الحياد خيانة؛ والصمت تواطؤ). أي لا بد من التأييد لحملة القمع وإلاّ!

الصحفي عبدالله السبيعي من جريدة الرياض، يقول مخاطباً الضحايا من المعتقلات والمعتقلين الأبرياء: (سوّد الله وجيهكم يا خونة الوطن). فيما تفاخر الإعلامي الرسمي عبدالله البندر بجرائم النظام: (نحن اليوم نعيش مرحلة تنظيف البلد من خونة الأوطان).

ابنة الملك سلمان، حصة، تكتب: (التاريخ يبصق في وجوه خونة الوطن). ولكن للأسف: اذ لو كان التاريخ عادلاً، لوصل البصاق الى مستحقيه من هذه العائلة الحاكمة التي نكبت البلاد والأمة. تتناغم أميرة أخرى هي نورة آل سعود مع حصة، فتقول: (جميع الخيانات قد تُغفر الا خيانة الوطن). وتقصد بخيانة الوطن، التمرد على ال سعود. فالوطن عند آل سعود، هو أنفسهم ليس الا.

السخرية بالناشطين وبحقوق الإنسان 

في قضاء وشرع آل سعود، فإنه لا يجوز التعاطف مع الضحايا المظلومين، ولكن يجوز شتمهم والتشهير بهم بعد ساعات من اعتقالهم وقبل ان يقول القضاء (الفاسد اصلاً) كلمته.

المحامي المعتقل إبراهيم المديميغ، خريج هارفرد، كانت مشكلته أنه دافع عن معتقلي الرأي، والنظام بعد اعتقاله والناشطات معه طلب من جمهوره ارعاب الحقوقيين والسخرية بهم تحت عنوان عريض: (اين الناشطون الحقوقيون)؟ بمعنى ان من يقول ها أنذا سوف يعتقل! وانضمت جوقات أخرى لتشكر جهاز أمن الدولة نظير ما فعله من اعتقالات هؤلاء النسوة اللاتي كل جرمهن انهن في يوم ما كنّ يطلبن قيادة السيارة!

 
الدكتورة عائشة المانع

كتب الشيخ عايض القرني مؤيداً جهاز أمن الدولة بعد قيامه باعتقال (عملاء السفارات!): (جزاهم الله خيراً وزادهم توفيقاً ونجاحاً) يقصد رجال المباحث والقمع، هاتكي الأعراض ومعذبي الأحرار. ورأى منذر آل الشيخ رجال المباحث يواجهون شكلاً آخر من أشكال داعش! وطبيعي ان يقف سعود المصيبيح مؤيداً جهاز القمع، فقد كان ولازال أحد رؤوسه!

من جهتها، تزايد فضيلة العوامي، المتعاونة مع مباحث السلطة، في الولاء لآل سعود، لتقول ان المعتقلات اللاتي لم يحاكمن بعد، واتهمن بالخيانة، قضيتهن أمنية وليس حقوقية، وان نشاط المعتقلين (تعدّى المطالب الشفوية الى نشاطات هدفها الإفساد في الوطن والتحريض عليه). وهدفها الافساد في الوطن والتحريض عليه. ثم جاءت الدكتورة فطيم العسبلي لتصف المعتقلات هكذا: (باختصار.. هن مجموعة من خونة، من المجنّسات والمتعاطيات واللقيطات، وبنات الرعاية، وخريجات السجون، والعاهرات، وخريجات المستشفيات النفسية والعقلية). فهل هذه ألفاظ بدل يحترم قانوناً او ديناً؟ والغريب ان هذا القذف يأتي دفاعاً عن آل سعود في شهر رمضان.

وتفاخر الأمير خالد آل سعود بأن الناشطين الحقوقيين (ورا الشمس) أي في المعتقل. لهذا تساءل الناشط الحقوقي في المنفى عادل السعيد: (ما هي الحاجة من وجود محاكم وقضاة مع وجود رئاسة امن الدولة التي بإمكانها ادانة المتهمين عبر المنصات الإعلامية الرسمية، عوضاً عن قيام القضاء المستقل بذلك)؟

الناشط الحقوقي والمحامي في المنفى طه الحاجي، قال ان الناشطين الحقوقيين هم في السجون والمنافي وممنوعين من الكتابة، وقال انهم ضحوا بكل ما لديهم لانتزاع الحقوق (والآن نرى المتردية والنطيحة تشكك في وطنيتهم، وتصفهم بعملاء السفارات.. زمن أغبر).

حقاً، انه زمن أغير، حين يصل الاسفاف حدا ان موقعا رسميا مباحثياً يكتب هكذا: (التاريخ يبصق في وجوه خونة الوطن). يرد عادل السعيد: (من خانوا الوطن ووهبوا خيراته لأعداء الوطن كترامب يقدمهم الاعلام على انهم حماة الوطن والقيمين على أمر الناس. اما من يدعون للإصلاح، فيتهمون بالعمالة والخيانة). ورأى عبدالله الزهوري أن (وصمهم بالخيانة قبل الشروع حتى في إجراءات قضائية، يشير الى العبثية والارتجالية، وخفّة العقل التي يدار بها كل شيء في هذا النظام). وعموماً فإن ما تم الترويج له لا يعدو من الناحية القانونية ـ في البلد التي تحترم القانون ـ مجرد ادعاء من قبل جهة الأمن والمدعي العام، وليس حكماً قضائياً.

 
نايف العساكر: تجريم من لا يصفق للقمع!

لكن لننظر ماذا استفاد صاحب الدكتوراة في القانون من فرنسا وعضو الشورى السابق فهد العنزي، ماذا استفاد هو ونحن من علمه بعد ان اصبح في جيب السلطة. يقول القانوني إياه بان ما جرى من تواصل وتنفيذ اجندات مغرضة عقوق تحت ستار ادعاء الحقوق. والصحفي إبراهيم المنيف يكتب سخفاً فيقول: (الحكومة لم تمنع احداً من المطالبة بأي حقوق) ولكن: (أمن الوطن أهم من أي حق).

من هو الخائن؟

وجاء الصحفي خالد السليمان ليتفلسف في مقال له بعنوان: (لماذا يخون الانسان وطنه)، عوضاً عن سؤال: لماذا اتهم النظام واعلامه وأجهزته الأمنية المصلحين بالباطل والخيانة. وقالت الإعلامية ايمان الحمود: (التخوين أقصر طريق للإقصاء، وأول خطوة نحو السقوط).

ووصف حساب حملة ٢٦ أكتوبر المطالب بحق المرأة بقيادة السيارة، وصف مطلقي اتهامات التخوين بأنهم جبناء أنذال، يقصدون بالوطن آل سعود، ويقصدون بالخونة المدافعين عن المواطنين، وأضاف: (بمثل هؤلاء الجهلة المرتزقة تخلف الوطن وتمكن الظلم).

 الصحفي في المنفى جمال خاشقجي، ذكرنا بنفس الموقف الرسمي والوهابي عام ١٩٩١ حين قادت أربعون امرأة السيارة، فقد اتهمن في اعراضهن وبالخيانة لوطنهن، واعتقلن ايضاً: (نفس المنطق ونفس الإقصاء: لا مكان للخونة بيننا).

الناشط عادل السعيد يقول ان جميع المطالبين بالإصلاحات في السعودية عملاء بحسب الرواية الرسمية، وعمالتهم مختلفة: (السنّي عميل لقطر وللإخوان وتركيا. الشيعي عميل لإيران وحزب الله. اخرون عملاء للغرب والسفارات الأجنبية). وقد كانوا من قبل يتهمون المعارضين بأنهم (زوار السفارات)، وهي ملاحظة أشار اليها ابن النظام البار: جمال خاشقجي، الذي انتقد الاعتقالات. ولهذا تحدّى احدهم ابن سلمان بان يسمي السفارات التي يزعم ان المعتقلين تعاملوا معها، وأن يطرد سفراءها ويقطع العلاقة معها.

 
التخوين قبل القضاء!

المحامي والناشط السعودي في المنفى عبدالعزيز الحصان، استفزه كما آخرين الهجوم الشرس بالباطل على المعتقلين فقال: (والله انني لكم ناصح ومنذ ست سنوات أدفع ثمن النصيحة في المنفى. يا قوم الظلم مُهلِك، والاعتقال التعسفي ظلم، وتشويه السمعات ظلمات فوق الظلم. أي عقول هذه التي تظن انها تحمي الوطن وهي تهدّهُ بالظلم؟). وأضاف: (لا يوجد أحد يحب الوطن أكثر منا. دفعنا سنين عمرنا ما بين المعتقلات والمنافي). وحول التشهير والكذب في الاتهامات قال بأن (الوزارات التي تمتهن الكذب لا يمكن تصديقها هكذا. لا بد من مُعرِّف وشاهدين من غيرهم، على كل خبر تنشره). وختم منزعجاً من الاتهامات بالخيانة قبل حتى بدء التحقيق والتي مارسها النظام وادواته وذبابه، وخاطبهم: (المجرمون أنتم، كيف تصدر احكام دون إجراءات قانونية عادلة ودون محاكمات. هذا تشويه للسمعة. وفي ظل الأنظمة الحالية، فِعْلُكم مُجرَّم).

ناشط آخر في المنفى هو علي الدبيسي، أثنى على المحامي الدكتور إبراهيم المديميغ، وقال انه معدن نفيس، وأنه أنبل واشجع المحامين في تاريخ البلاد، وقف بجسارة أمام المستبد، وترافع فيما يخشى المحامون الترافع بشأنه، ولكن (الدولة لا تحب الشرفاء، فوجب التخلص منه). ولاحظ الدبيسي ان الحكومة بغبائها أعلنت سبب اعتقال المديميغ رسمياً بأنه مجرد الترافع في قضايا معتقلين، يقول النص الرسمي: (كما ان احد الموقوفين كان يسخّر نفسه للدفاع والترافع على اشخاص حاولوا احداث البلبلة واثارة الفتن). وتابع بأن الحكومة تعلم جيداً ان اعتقال الناشطات دون اعتقال المديميغ، فسيكون المديميغ أول من يتقدم للدفاع عنهن بروح ابوية ومهنية عالية رغماً عن حالته الصحية (فأغلب القضايا السياسية تبحث عن محامين فلا تجد إلا المديميغ).

 
همسة السنوسي.. الطعن في الظهر!

للمعلومية فقد كتب الصحفي المعتقل جميل فارسي عن المديميغ بأنه رفض حضور حفل نيله شهادة الدكتوراة من هارفرد، عام ١٩٨٢، وذلك احتجاجاً على انحياز الجامعة الى إسرائيل في غزوها لبنان.

 الدكتورة مضاوي الرشيد ترى ان الاتهامات الرسمية للحقوقيين والمعارضين بالعمالة والتواصل مع الجهات الأجنبية، غرضه اثارة الشعور القومي وتجييش المسعودين ضد عدو وهمي، في سبيل قومية واهية. في حين يتساءل جمال خاشقجي: (لو عمّ الخوف الجميع وبات احدنا من الشغل للبيت، نسمع ونطيع ونترك الساحة للدولة وانصارها، هل هذه وصفة للنجاح والنهضة؟).

وحول اتهام المعتقلين بالخيانة قال المعارض الدكتور حمزة الحسن: (خونة الوطن وسرّاق ثروته، وباعةُ كرامة سكانه، هم آل سعود، وذبابهم وحاشيتهم. الاعتقالات قد تكون تمهيداً لشيء سيء قرره سلمان وابنه الداشر). ووصف الحسن ما جرى في الأيام الأخيرة من حملات ترهيب واعتقالات بأنها (مكارثية سعودية)، وخلص الى أن ابن سلمان فقد البوصلة في التكتيك والاستراتيجيا.

من جانبها تساءلت الناشطة الحقوقية هالة الدوسري بشأن الاتهامات الموجهة للمعتقلين: لماذا لم يظهر ضررهم المزعوم على الوطن أبداً خاصة وانهم يقومون بنشاط عام علني منذ سنوات؟ والدكتور عبدالله الشمري، يكتب من منفاه: (في الدول المحترمة المتهم بريء حتى تثبت ادانته. وفي انصاف الدول: المتهم مدان قبل ان تثبت ادانته، وهذا ما يفعله النظام السعودي).

الصحفي الرسمي سعود الريّس قال انه لا يشعر بذرة تعاطف مع من خان وطنه، ومع من يتواجد في ملاهي أوروبا وامريكا ويدافع عن الخونة! فرد أحدهم بأن كل من يكتب ان الوطن خط أحمر مبررا القمع، هم من أدوات ال سعود، وهم يقصدون ان ال سعود خط أحمر وليس الوطن.

الصفحة السابقة