الـسـعــوديـة.. الأمـن غـيــر الآمـن

إن هجوم بداية الاسبوع في السعودية في الثلاثين من مايو الماضي على مجمع الواحة في الخبر كان الهجوم الثاني من نوعه ضد الوافدين الغربيين العاملين في صناعة الطاقة في السعودية. لقد بدا واضحاً بأن الجماعات الجهادية المسلّحة تسعى الى زعزعة استقرار الدولة، وازالة حكومة العائلة المالكة، وطرد الغربيين من البلاد، وتقويض القاعدة الاقتصادية للمملكة.

وبعد يومين من العملية المزدوجة في الخبر، بدأت سلسلة حوادث في المنطقتين الغربية والوسطى، ففي الاول من يونيو أعلنت اجهزة الامن عن حادث اطلاق نار وقع بالقرب من مكة المكرمة، وأن إثنين من المسلحين فتحا النار على افراد الشرطة قبل ان يلوذا بالهرب الى المناطق الجبلية في الطائف، وقيل بأنهما الشخصان الذين قتلا لاحقاً وحاولت السلطات السعودية ربطهما بالجماعة التي نفذت عملية الاقتحام لمجمع الواحة في الخبر، وهو ربط فسّره بعض المراقبين بأنه محاولة لتحقيق ما يمكن وصفه بمكسب أمني ما بعد أن منيت قوات الامن بفشل ذريع في إنهاء فصل عسير من معركة كان يتطلع الامراء الى أن ينتهي بنفس الصورة التي عرضتها شاشة التلفزيون في كيفية التعامل مع العمليات المسلّحة الفدائية.

هل يستطيع النظام حماية إمدادات النفط؟

وفي الخامس من يونيو أعلنت مصادر أمنية من جدة بأن الشرطة السعودية تبادلت منذ صباح ذلك اليوم اطلاق نار مع مسلّحين قيل بأنهم ينتمون الى الجماعات المتشددة وقد استمر اطلاق النار لساعات عديدة ولم تتمكن قوات الامن من القبض عليهم، حيث كان المسلّحون يقومون باطلاق النار من سيارات مسرعة على سيارات الشرطة، وقد تمكّن المسلّحون من الفرار بعد مطارة مطوّلة لهم من قبل رجال الشرطة.

وفي اليوم التالي، أي السادس من يونيو سقط مصوّر يعمل لحساب هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي قتيلاً برصاص مجموعة من المسلّحين فيما نقل صحافي مرافق له الى المستشفى إثر اصابته بعدة رصاصات في جسمه، عندما حاول البريطانيان اللذين كانا يستقلان سيارة تابعة لوزارة الاعلام السعودي من التوجه الى حي السويدي في الرياض من أجل تصوير بيت ابراهيم الريس أحد قادة الجماعات المتشددة، الذي فضّل القتل على الاستسلام في مواجهة مع قوات الامن في الثامن من ديسمبر من العام الماضي. وقد تمت محاصرة سيارة الصحافيين من قبل أربع سيارات كانت على ما يبدو تراقب تحركات البريطانيين، وفور وصولهما الى حي الدريهمية بمنطقة السويدي غربي الرياض وقع الحادث ونقل الصحافي الى مستشفى الايمان جنوبي الرياض.

وتذكّر هذه العملية بأخرى وقعت في الثامن والعشرين من مايو الماضي حيث قتل ألماني في شرق الرياض وهو يهم بركوب سيارته بعد خروجه من بنك في حي الحمراء شرقي الرياض، ولاذ منفّذو العملية بالفرار.

يذكر بأن عبد العزيز المقرن حذر في بيان له من أن عام 2004 سيكون (دموي وبائس)، ونفى أن تكون القوات السعودية قد تمكنت من قتل اثنين من الضالعين في عملية الخبر كما أعلنت السلطات السعودية.

مصادر عديدة تنعي جهازي الامن والاستخبارات السعودي اللذين ظهرا في حوادث كهذه بأنهما غير مؤهلين بصورة كافية وأن انتشارهما ضعيف، وفي بعض الحالات لم يشأ أفراد هذين الجهازين الدخول في مواجهة ضد المسلّحين. ومن الجدير بالملاحظة أن بعض المهاجمين هرب بعد حادثي ينبع والخبر، مصعّداً من خطر تكرار وقوع الهجمات على يد هؤلاء الهاربين. وبالرغم من أن حوادث العنف المتأخرة كانت موجّهة ضد الوافدين وبدرجة أكبر ضد العاملين في الصناعة النفطية السعودية في ينبع والخبر، وأن هناك تصريحات منسوبة الى القاعدة تقول بأن صناعات كهذه ستكون هدفاً لهجماتهم، وأن شركات البترول الغربية لن تكون الاهداف الوحيدة بالنسبة للمسلّحين.

إن الاجهزة الامنية الخاصة والعامة في السعودية كان لها اليد الطولى في الحفاظ على مستوى معين من الامن، أو على الضد من ذلك، أي انعدام الأمن، بحسب ما تكشف عنه الحوادث الأخيرة حيث تتواصل هجمات الجماعات المسلّحة.

وهناك مصادر عديدة تؤكد بأن الفنادق الغربية قد تكون الثغرات الضعيفة التي قد تنفذ منها الجماعات لضرب الاجانب في السعودية، وبخاصة الوفود التجارية والدبلوماسية التي تقدم الى المملكة بصورة متواصلة. وتبقى هذه تهديداً جديّاً كونها مرتبطة بسهولة الهدف المراد توجيه الضربات له الى جانب الجاذبية التي تمتع بها هذه الاهداف كونها سهلة بدرجة أساسية وتؤدي الى إحداث أضرار كبيرة في القطاعين التجاري والسياحي. بالنسبة لقوات الامن، فإن الفنادق الاكثر شعبية وشهرة هي ذات طبيعة اشكالية من ناحيتين: الاولى أن الفنادق تمثل نقاط تجمع لعدد كبير من الغربيين، وأن أنظمة الامن فيها تعتبر هزيلة للغاية. إن ثمة نقطة حماية وحيدة في هذه الفنادق هي كون الاخيرة تضم بداخلها عدداً كبيراً من الموظفين المحليين والمسلمين من جنسيات أخرى الى جانب الساكنين من بلدان عربية واسلامية، اضافة الى الغربيين.

لقد سعت الجماعات المسلّحة في الآونة الاخيرة للحيلولة دون سقوط ضحايا من المسلمين سواء من المواطنين او الوافدين، ولكن هذا الحذر الشديد لم يقلل من التهديد بشن هجمات جديدة، وعلى أية حال فإن التعقيد الذي كشفت عنه هجمات ينبع والخبر يسلّط الضوء على الصعوبات التي تواجه المؤسسة الامنية. إن المسلحين في كلي الحادثين، استعملوا أزياء تنكّرية، وخططاً متطورة، ورقابة شديدة، وعربات متنوعة، وقوة اطلاق نارية هائلة من أجل اختراق المنشآت وتنفيذ المهمة. إن السيناريو يقتضى أن يجد حراس الامن الخاصين وغير المسلّحين (مثل أولئك الذين كانوا في حادث الخبر) صعوبة بالغة في القيام بمهامهم الامنية بصورة فاعلة.

وهذا كما يظهر تطوّر في التكتيكات، أعني الدقة في استعمال التغطية النارية من اجل الوصول الى الهدف، بالنسبة لهذه الجماعات المرتبطة من الناحية التنظيمية بشبكة القاعدة، كما أنها تمثل في واقع الامر عودة الى جذور المجموعة. ففي سنة 1993، تشكّل تحالف بين تنظيمات إسلامية مسلّحة عرف فيما بعد بإسم تنظيم القاعدة وقام بالتخطيط لعدة هجمات ضد شخصيات هامة ومراكز من بينها فندق والدورف أستوريا في مدينة نيويورك. وبالرغم من أن رمزي يوسف اختار تنفيذ تفجير مركز التجارة العالمي، فإن خططاً أخرى كانت معدّة سلفاً ويشمل بعضها سلسلة من الهجمات المسلحة الصغيرة والمتقنة.

السيناريو الآخر الذي خطط له من قبل خلية نائمة في نيويورك كان استعمال شاحنة مسروقة من أجل هجوم بعربة مفخخة على بعض الفنادق المعروفة التي ترتادها الشخصيات المرموقة. وكان من المفترض قيام فريق من المسلّحين توفير الاسناد الناري من الخلف للشاحنة المفخخة، عن طريق القاء أصابع الديناميت والقنابل اليدوية كتكتيك تمويهي، واطلاق النار على الوفد المستهدف وحراس الأمن المرافقين له. إن جاذبية هذه الخطة يمكن رؤيتها الآن في النشاط العسكري المسلّح في المملكة.

وبالنظر الى الاتجاهات التاريخية الحديثة، فإن الهجمات المتعاقبة ضد الغربيين في المملكة قد أصبح قضية مرتبطة بسؤال: متى يقع الهجوم وليس فيما اذا وقع. وبالنظر الى الاخطاء الواضحة في نظام الحماية الذي كشفت الجماعات المسلّحة في هجماتها الاخيرة ضعفه وهشاشته وخصوصاً في عمليتي ينبع والخبر، فإن المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة المسؤولة عن الامن أمامها طريق طويل قبل أن تستعد بدرجة كافية من أجل توفير نظام أمن وحماية فعّال، ابتداءً من تقييمات الضعف والرقابة المضادة، قبل أن يتم ضمان الأمن بالنسبة للمصالح والوفود التجارية الغربية في المملكة.

في الثالث من يونيو، أي بعد يومين على انتهاء عملية الخبر التي أسفرت عن مقتل 22 مواطناً ووافداً، وجرح العشرات وهروب المجموعة في عملية مازالت تفاصيلها غامضة حتى بعد ظهور انباء عن (صفقة سرية) بين قوات الامن والمسلّحين سمحت لهم بالفرار حفاظاً على حياة الرهائن، فإن مسلسل الحوادث متواصل في مناطق متفرقة من المملكة.

ففي هذا اليوم وقعت عدة أمور فيما يرتبط بالحرب بين الحكومة والعناصر الجهادية المسلّحة. فقد بدأ هذا اليوم باطلاق نار من قبل عدد من المسلّحين على عربتين كانتا محمّلتين بمدرّبين عسكريين اميركيين كانوا يغادرون القاعدة العسكرية جنوب الرياض، ويعد هذا ثاني هجوم ضد الغربيين خلال أربعة أيام. وقد جُرح في هذا الهجوم ضابط أميركي في عملية الاطلاق، حسب ما أشار بيان للقاعدة نشر في موقع على شبكة الانترنت.

ويقول البيان بأن (المجاهدين من سرية الفلوجة هاجمت مجموعة من الضباط الاميركيين) على طريق الرياض ـ الخرج، وقتلت إثنين فيما أصابت الثالث بجروح خطيرة. وقد ذيّل البيان بإسم تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية. وقد نفت السلطات الاميركية أن يكون أي من الضباط الاميركيين قتل في الحادث.

قوائم قديمة والخلايا تتكاثر

وبعد ساعات من الحادث، أي في عصر الثالث من يونيو أعلنت السلطات السعودية بأن اثنين من المسلّحين قتلا بعد ملاحقة دامت إثني عشر ساعة. وزعمت السلطات السعودية بأن الاثنين على علاقة بالهجوم ضد الغربيين في الخبر.

إن ثمة تطوّراً هاماً يستحق التأمل هو اعلان عادل جبير، مستشار السياسة الخارجية لولي العهد الامير عبد الله في مؤتمر صحافي عقد في واشنطن بأن الحكومة السعودية قررت حل مؤسسة الحرمين الاسلامية، وهي جمعية خيرية تتخذ من الرياض قاعدة لها والمتهّمة بتمويل القاعدة. وقال الجبير بأن أرصدة الحرمين سيتم نقلها الى مؤسسة جديدة تتكفل بتحويل كافة التبرعات الخيرية من السعودية. لقد أمضت الحكومة السعودية الوقت بالانشغال في مقاومة العمليات العنفية أو لا أقل خلق انطباع بانها تفعل أقصى ما تستطيع من اجل محاربة المسلّحين. لقد واجهت السلطات السعودية انتقادات واسعة ازاء تراخيها في مجهود مقاومة الارهاب، وهي تهمة حاولت الحكومة جاهدة إثبات عكسها منذ هجوم الثاني من مايو 2004 في ينبع. وتدرك الحكومة بأنها ما لم تثبت كفاءة عالية في ضمان أمن الوافدين الغربيين سواء كانوا عمالاً أو شركات فإنهم قد يبدأوا مغادرة المملكة بصور جماعية، وهو وضع يتطلع اليه الجهاديون. وقد بثّت وسائل اعلام بريطانية أنباء عن فرار عدد من الموظفين البريطانيين حتى دون ابلاغ مرؤوسيهم، أو إدارة الشركات التي يعملون لصالحها.

وقد يكون الجانب الخطير للغاية في هذا الوضع هو تزايد الشكوك حول مستقبل تزويد السعودية للنفط، وهو تزويد يعتمد على الحضور المتواصل للعمال الغربيين الذين يديرون المواقع الرئيسية في صناعة النفط السعودية. لقد حاول الجبير التقليل من شأن هذا الخطر من خلال استعمال لغة مواربة قائلاً (إن منشآت النفط آمنة جداً، جداً) والسبب في ذلك لأن 10 بالمئة من العمال هم من الاجانب. إن هذا التصريح هو محاولة لاظهار بأن النظام السعودي يسيطر على الأمور، ولكن من السخرية والتناقض أن التصريح نفسه يتضمن اعترافاً بأن البلاد ليست قادرة على منع المتشددين الاسلاميين من القيام بهجمات.

ومن المعروف أن السعودية هي أكبر مصدر للنفط في العالم، وأن عدم الاستقرار فيها يثير مخاوف من وقوع أزمة اقتصادية في العالم بسبب تأثير النفط على إمدادات الطاقة، وهو أمر تدركه العناصر المسلّحة التابعة للجماعات المتشددة، وهو ما دفع بهم الى تكريس قسم هام من عملياتهم النوعية في مجال الصناعة النفطية.

ولا شك أن رسالة التهديد التي أرادت الجماعات الجهادية المسلّحة ابلاغها الى الدولة والغربيين على السواء قد وصلت بوضوح بالغ، وهو ما عكسته تصريحات المسؤولين السعوديين عقب الهجوم المسلّح على مجمع الواحة السكني في الخبر، فقد فسّر عادل الجبير مستشار ولي العهد أهداف منفذي هجوم الخبر بأنهم (يحاولون استهداف صناعة النفط وترويع الأشخاص ولاسيما الأجانب ليغادروا البلاد). ومضى الجبير في تفسير استراتيجية الجماعة الجهادية المسلّحة قائلاً (إنهم يعتقدون أنه في حال حدوث ذلك سينهار الاقتصاد السعودي وتصبح الحكومة مهيأة للانهيار).

لقد انقسمت التحليلات حيال توجيه الجماعات المتشددة هجوماتها ضد صناعة النفط، وحول التأثير الذي يمكن ان تتركه هذه الهجمات على الصناعة النفطية السعودية. وفيما يعتقد بعض خبراء الطاقة بأن المسلّحين لم ينجحوا بعد في التأثير على تدفق النفط السعودي، فيما يحذّر البعض الآخر من أن استمرار الهجمات الدامية على العاملين في الصناعة النفطية سيؤدي بلا شك الى احداث اضطرابات غير مريحة في السوق النفطية وقد يضطر عدد كبير من العاملين في حقول النفط من الفرار من السعودية بدون عودة، وقد يكون الثمن الذي يدفعه العاملون في السعودية في حقول النفط غالياً. ويشدد وزير النفط السعودي وخبراء دوليون في مجال الطاقة بأن البنية التحتية للنفط في السعودية محمية بشكل كبير جداً ولن تتمكن هذه الهجمات من التأثير عليها، الا أن التاريخ القريب يخبر عن وقوع عدة حوادث تخريب في منشآت نفطية في رأس تنورة والجبيل الصناعية، وان نظام الحماية والامن في المنشآت النفطية ليست بالقوة التي يتحدث عنها المسؤولون في الحكومة، خصوصاً اذا ما نظرنا الى الكفاءات التسلحية والمهارات القتالية لدى الجماعات المتشدّدة.

يبقى السؤال حول تأثير الهجمات العسكرية في الحاق الضرر بعمليات تصدير النفط في حال تم تخريب خط أنابيب او احداث عطب في واحدة أو أكثر من منشآت تكرير النفط تماماً كما يحصل في البصرة وكركوك. تزعم الحكومة السعودية بأنها قادرة على تغطية حاجة السوق بصورة سريعة في حال أصيبت منشآتها وانها قادرة على الضخ والانتاج بدرجة كفوءة، ولكن خبير طاقة دولي ذكر بأن في حال وقوع عملية مسلّحة متقنة ومتزامنة ضد شبكة الانابيب النفطية فإن السعودية قد تخرج من السوق النفطية العالمية لمدة عامين. وبالرغم من استعمال إجراءات أمنية معقدة في المنشآت النفطية والتي تتضمن الكاميرات وأجهزة المراقبة والدوريات التي تقوم بها المروحيات فضلا عن تفتيش العاملين، فإن امكانية وقوع تخريب في المنشآت النفطية ماتزال قائمة. إن الصعوبة التي يجدها المسلّحون في الهجوم على البنية التحتية للنفط ليس السبب في استهدافهم لأشخاص بدلاً من منشآت نفطية على مدى العام الماضي، ولكن لأن هذه الجماعات مازالت تمتلك أجندة أهداف واضحة ومحددة وقد تكتفي بها عن خوض معارك شرسة، والتي قد تضطر اليها في حال عجزت عن تحقيق أهدافها على المدى البعيد.

وجدير بالذكر أن عدة آلاف من الأجانب الأسيويين والغربيين يعملون في صناعة النفط السعودية، وفي حال نجاح المسلّحين في ترويع هؤلاء الأجانب فسيغادرون البلاد ومن ثم تتأثر صناعة النفط. ولا شك أن زيادة معدل العنف في السعودية سيخلف تأثيرات كبيرة على الصناعة النفطية عموماً الى جانب هروب العمال الوافدين الذين قد يكون لهروبهم تأثير ضئيل على سير العمل في المجال النفطي.

وسواء كان لهذه المزاعم قيمة عملية ام لا فإن ما هو واضح أن مستشار السياسة الخارجية لولي العهد الامير عبد الله يحاول صرف الانتباه بعيداً عن منع الهجمات الى تقديم تطمين بأن آبار النفط السعودية لن تتوقف عن الضخ فقط لمجرد احتمال اختيار الغربيين المغادرة بفعل الخوف على سلامتهم، وهو شيء يبدو أن العائلة المالكة لم تعد قادرة على توفيره للوافدين.

وفيما تتكرس محاولات الجبير من أجل صرف الانتباه جانباً، فإن الحقيقة هي أن البلاد خاضعة تحت ضغط هائل من واشنطن من اجل الامساك بزمام الأمن بقوة، وأن الاحساس بالإندفاع لإيجاد حل أي كان لمعضلة النفط والأمن لدى حكام المملكة قد تزايد مع وقوع الهجمات الاخيرة.

وفيما يبدو، يعتقد السعوديون بأنه من خلال قتل العناصر القيادية من المسلّحين المشتبه بهم، ومن خلال حل أكبر مؤسسة خيرية في السعودية متهمة بتورطها في تمويل العمليات العسكرية، فإن بإمكانهم اقناع واشنطن بأنهم يقومون بما في وسعهم كحليف في الحرب ضد الارهاب. وقد اعتادت الحكومة السعودية ومن خلال سفارتها في واشنطن، أن تقوم الأخيرة عقب كل عملية عسكرية بنشر ملف انجازاتها الأمنية ضد القاعدة وعناصرها في المملكة، للإيحاء بأنها تقوم بدورها في مكافحة الإرهاب، وانها عازمة على المواصلة، وأنها لم تفشل في مشروع المواجهة التي تقوم به، وأنه لا يجب أن يضغط عليها أحد للقيام بما هو أكثر!

والى جانب إظهار قدرتها وكفاءتها كشريك في الحرب ضد الارهاب، فإن الحكومة السعودية لديها محفّز آخر من اجل القضاء على المسلّحين وملاحقة المؤسسات المالية، فبإمكانها أن تبقي الغطاء على العلاقات السريّة بين الجهاديين وبعض الأمراء البارزين.

الصفحة السابقة