الإنتخابات البلدية ولا عزاء للسيدات

الوسط السعودي بجميع أطيافه وتنوعاته تفاجأ بقرار عدم السماح للمرأة السعودية بحق الإنتخاب وحق المشاركة في صنع القرار كأنسانه شريكه للرجل في حياته وتعيش معه في وطن ومجتمع واحد وتحمل نفس التطلعات والهموم التي يحملها الرجل. لا أتحدث عن حق المرأة بالترشيح كممثله في المجالس البلدية الذي اختلف البعض فيه بين التأييد والرفض وقد تم حسمه بقرار القيادة بأن السماح للمرأة بحق الترشيح في هذه المرحلة أمر غير وارد... إلا أن الشي غير المفهوم وغير الواضح وهو بالفعل غير مبرر ولا يوجد له أي تفسير، هو عدم السماح للمرأة بالتصويت للناخب التي تعتقد أنه الشخص المناسب والكفوء بتحقيق مطالب الأسرة والحي والمجتمع ككل. الحرمان من حق الترشيح لا يعني تلقائيا الحرمان من حق الإنتخاب والمشاركة في صنع القرار كما يحاول البعض فهم الامور بهذه الطريقة الضيقة والمجحفة، فحق الترشيح وحق الانتخاب هما حقان منفصلان عن بعضهما البعض، وكل حق من هذه الحقوق له مبرراته وتفسيراته.

المرأة السعودية كانت دائما أخت الرجل وشريكة حياته ورفيقة دربه وقد شملها مثل ما شمل الرجل السعودي من تعليم وتقدم وتطور وكان حظها في جميع مجالات الحياة وافرا حتى شاهدنا الان عددا هائلا من النساء السعوديات اللواتي يحملن أعلى الشهادات الجامعية وقد تبوأن مناصب رفيعة ووصلن الى مراتب عالية في جميع مجالات الحياة وفي جميع التخصصات. الا أنه مما يحز في النفس هو تلك التصريحات المتعاقبة والمتتالية من المسئولين والمشرفين على الانتخابات البلدية والقائمة الطويلة من التبريرات والحجج الواهية بعدم السماح للمرأة السعودية بحق الانتخاب، ولقد قرأت وتابعت هذه التبريرات فوجدتها بالفعل غير مقنعة ولايكمن أن يصدقها العقل والمنطق. والسؤال الذي يفرض نفسه في هذا المرحلة بالذات هل هناك أسباب أخرى غير معلنه تم فيها حرمان المرأة السعودية من حق التصويت وأن هذه الحجج التي يطلقها المركز الاعلامي للإنتخابات هي للإستهلاك الأعلامي ولمجرد ذر الرماد في العيون؟

التقليل من شأن المرأة السعودية في هذا العصر خطأ كبير لا يمكن تجاهله أو المرور امامه مرور الكرام فعدد النساء السعوديات قد تجاوز السبعة ملايين أمرأة، ونسبة التعليم وصلت الى نسب عالية وكبيرة حتى أصبح تجاهل هذا العدد بكل بساطه يعني أن المجتمع لا يمكن له النمو والتطور، وأن أي خطط إقتصادية أو إجتماعية في المستقبل سوف يكون مصيرها الفشل أذا استمر هذا التجاهل بهذه الطريقة الغريبة.

عندما نتحدث عن حق المرأة في الانتخاب فإننا لا نتحدث عن أمر غريب وجديد أو أنه شئ مخالف للعادات والدين أو أنه من تبعات الحياة الغربية، بل الحقيقة أن لا يوجد في الدين الأسلامي ما يمنع المرأة من الادلاء بصوتها والذهاب الى صناديق الاقتراع، وحسب علمي لا يوجد دوله في العالم توجد فيها إنتخابات من أي نوع وتمنع المرأة فيها من حق التصويت، وآخر هذه الدول أفغانستان بصورتها الجديدة في عهد ما بعد طالبان.

هناك لبس وخلط كبير في المفاهيم عند البعض فالذي يرفض هذا الحق البسيط للمرأة يعتقد أن لو تم السماح لها بذلك فأنه سوف تكون هناك كارثة كبرى سوف تحل بالمجتمع، وأن جميع النساء سوف يتركن أعمالهن وبيوتهن ويذهبن ألى مخالطة الرجال عند صناديق الإقتراع وما يصاحبها من لغو ونقاشات، وان المرأة سوف تحضر مجالس الرجال وسوف تجادل المرشحين وتناقشهم وتخالطهم، وهذه للأسف الشديد نظرة ضيقة ودونية وغير مدركة للأمور ولا تعرف غير وضع العوائق أمام كل مطلب نسائي حتى ولو كان بسيطا بحجج واهية لم يعد لها مكان في هذا الزمن. الحقيقة التي يجب أن يدركها كل معارض لذلك بأن حق الانتخاب للمرأة لا يعني أجبار النساء على الذهاب الى صناديق الاقتراع والأدلاء بصوتهن بل حق الأنتخاب يعني أن تترك للمرأة كامل الحرية في الأشتراك في التصويت او عدم الاشتراك، وحتى لو أدلت أقل من 1% من النساء في الأقتراع فإن ذلك يعتبر مؤشرا جيدا، فالمهم هو أعطاء ذلك الحق للمرأة والقرار النهائي يعود إليها وهي التي تقرر أن شاءت أدلت بصوتها وأن شاءت امتنعت، شأنها في ذلك شأن الرجال أنفسهم. ففي استفتاء في جريدة عكاظ تبين أن الغالبية العظمى من الرجال ليس لديهم الحماس الكبير أو الرغبة بانتخاب مرشحيهم ومن يدري فربما من يتقدم الى صناديق الإقتراع لن يتجاوز الا نسبة بسيطة ممن كفل لهم النظام حق التصويت.

من المستغرب أن يسمح للرجل بالإنتخاب، وبينهم من لا يدرك أهمية الانتخابات أو ربما لا يعرف بعضهم أكثر من القراءة والكتابة، بينما يتم حرمان المرأة الجامعية، أو التي حصلت على اعلى الشهادات العليا او ربما تعمل في منصب رفيع ومتميز أو قد تكون أستاذة جامعية او من سيدات الأعمال. إن السماح للمرأة السعودية بحق الإنتخاب خطوة مهمة وكبيرة من أجل النهوض بالمرأة السعودية ويعني ولادة المزيد من الوعي والإدراك والتلاحم الأسري والشعور بالحس الوطني الذي دائما نحن متهمون بأننا مقصرون فيه.

عن منتدى دار الندوة

الصفحة السابقة