الملك وشركاؤه السديريون

لا يعكس الخلاف بين الملك عبد الله والامير نايف، بشكله ثقافياً في تقاطب التيارين الليبرالي والسلفي المشهد الكامل للخلاف داخل العائلة المالكة، التي مازالت منقسمة على نفسها في موضوع إختيار النائب الثاني للملك، في ظل رفض من أغلب الاجنحة على تعيين أمير سديري في هذا المنصب. فموضوع المحاصصة لا يزال أولوية مركزية في مجالس العائلة المالكة، وأولوية أيضاً في المناقشات الثنائية التي تجري داخل قصور الامراء المتضررين.

لقد بدا في الشهور الاولى لعهد الملك عبد الله بأن مركز الملك المهيمن الذي غاب نحو عقد من الزمن يستعيد قوته ومركزيته المنقسمة بين الامراء الكبار (سلطان، نايف، سلمان)، ولكن الشهور القليلة الماضية كشفت عن حقيقة أن المركز قد تآكل للأبد بفعل ضخامة النفوذ والسلطة التي اقتطعها الأمراء الثلاثة من مركز الملك قبل وصول عبدالله الى العرش.

قد تكون النهاية غير السعيدة لزيارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى السعودية واحدة من صور الوهن الذي أصاب مركز الملك، حيث عاد شيراك الى بلاده دون تحقيق هدفه في توقيع صفقة الحلم مع السعودية والممثلة في طائرات رافال الفرنسية التي كان يعوّل عليها في تهدئة الاوضاع الاقتصادية الفرنسية التي كشفت الاضرابات والمظاهرات في المدن الفرنسية عن حجم خطورتها. كان شيراك موعوداً بتلك الصفقة من الملك عبد الله والتي تأتي كتعبير عن الصداقة الشخصية والصلة الوثيقة التي تعززت بينهما خلال أكثر من عقد. ولكن الامير سلطان وزير الدفاع الذي يتطلع لعقد صفقة كبرى يجني منها عمولة مليارية أدخل الاميركيين على خط المفاوضات لتخريب صفقة الطائرات الفرنسية، ونجح في ذلك، وهو ما أغاظ الملك عبد الله الذي شعر بالحرج أمام نظيره الفرنسي الذي طوى أشرعة الامل وعاد مع وفد رفيع المستوى من بلاده بمجرد وعود مؤجّلة.

أفصح الملك عبد الله عن غضبته من موقف الأمير سلطان الذي لم يحفظ لأخيه ماء وجهه أمام الضيف الفرنسي، الذي يتقاسم مع الملك صفة الاهتمام بالعلاقة الشخصية، ما دفع بالامير سلطان الى إختيار المغرب (أغادير) مكاناً لتنفيس الهم، فذهب اليه الوسطاء بغرض تهدئة الخلاف بينه وبين الملك، وناشدوه العودة الى الديار لاستلام مهامه، وقد لحق به ملك البحرين الشيخ حمد المقرّب من الجناح السديري لذات الهدف، ونجح في إقناعه بالعودة، بإنتظار رحلة الملك عبد الله في نهاية شهر مايو التي كان من المقرر لها أن تتم في نهاية شهر أبريل ولكن تم تأجيلها لمزيد من المشاورات بخصوص صفقات الاسلحة المقترحة.

الصفحة السابقة