حين يتحول الحكم بيد عصابة

السلطة حين لا تحتكم الى قانون تتحول الى عصابة.

والعائلة التي تتحكم في سلطة ولا تخضع لقانون هي عصابة.

وممارساتها لا تختلف عن ممارسة العصابة.

لقد كتب حسن العلوي عن (دولة العصابة السريّة) في عهد صدام حسين.. والعراق اليوم هو أيضاً ـ بسبب غياب القانون وتغوّل الميليشيات ـ لازال يعيش دولة العصابة أو العصابات السريّة والعلنيّة.

والدولة السعودية، من حيث الممارسة هي دولة عصابة، وتنطبق على حكامها صفة العصابة، وعلى ممارسات العائلة المالكة ما تمارسه العصابات والمافيات في كل أنحاء الدنيا.

السعودية بلد اللاقانون، وإن تذرّع آل سعود بشعارات تطبيق الشريعة التي لا يلتزمون بها. وهي البلد الاقل في انتاج القانون وتطبيقه، وحين يغيب القانون ـ أي قانون ـ سوى من حيث عدم الوجود في الأصل، أو من حيث الوجود ولكن مع عدم التطبيق، لا يبقى توصيف أفضل للحكم من صفة العصابة.

ولنضرب هنا مثلاً واحداً بسيطاً وواضحاً ومعروفاً غير قابل للجدل.

اليوم هناك من يتحدث عن نهب نفط العراق، البلد الوحيد الذي لا توجد فيه صنابير تقيس حجم المادّة النفطية المصدرة. وبعضنا يتعجب من سرقات النفط، ولكنهم لا يدركون أن النفط السعودي يسرق بأسوء مما يجري في العراق نفسه.

الجميع يعلم أن الأمراء الكبار، والأميرات من بنات الملك المؤسس لهم حصص ثابتة من النفط المصدر بشكل يومي. ولعل ما نُشر مؤخراً من أن ثروة الملك عبدالله قد وصلت الى عشرين ملياراً من الدولارات (نحو ثمانين مليار ريال سعودي) تعود في اكثرها الى حصّته من النفط (مئات الآلاف من البراميل تباع له يومياً). ولذا فإن ما لدى سلطان ونايف والأمراء الآخرين من ثروات تصل الى رقم أعلى بكثير من هذا، كونهم سراق أراضي أيضاً، وهذا لا يحتاج الى شواهد، فكل الأراضي صارت ملكاً لهم يبيعونها على الناس كما هو معروف.

وقصة تحصيص النفط على بعض الأمراء معلومة ومنشورة وثائقها، وقد سبق أن نشرت في بعض الكتب العربية (ما نشره هيكل مثلاً).

ومعلوم أن سلطان سرق من خزينة الدولة عشرات ـ إن لم يكن مئات ـ المليارات من الدولارات، تحت مسمّى مشروع (الخزن الإستراتيجي) حيث حوّل الى حسابه قيمة مائتي الف برميل يومياً منذ سنوات عديدة، باسم ذلك المشروع وحده، هذا غير الحصص الأخرى.

ذات الأمر فعله الملك فهد حين خصص ما يقارب نفس الحجم من البراميل بحجة (توسعة الحرمين الشريفين) وقد استولى الطفل المعجزة (عبدالعزيز بن فهد) على الصندوق طيلة مرض أبيه، ويقال أن عبدالله قد أوقفه مؤخراً.

وعبدالله ـ الملك الحالي ـ كان يحول الى حسابه فيما يحول، تخصيص ما قيمته ثلاثة مليارات دولار من النفط لصالح إنعاش الوضع في الصومال، وقد استولى عليها كلّها، وهناك مخصصات أخرى. وهكذا النهب.

ومن أراد أن يدرك حجم النهب، فليقرأ مقالة (فين الباقي) في هذا العدد.. وليقارن المواطن بحساب عادي بين مدخولات الدولة من النفط الحقيقية (9 مليون برميل معدلاً في 65 دولاراً قيمة البرميل معدلاً مضروبة في 365 يوماً) ولينظر بعدها الى حجم الميزانية السعودية ليكتشف ان قيمة مئات الآلاف من البراميل دخلت في جيوب الملك والأمراء (ويقدر بنحو 3 مليون برميل يومياً منهوبة).

لا شك أن هناك عصابة تدير الدولة، الملك جزء هامشي فيها، والأصل هي العصابة السديرية المتحكمة في كل مناحي الحياة السياسية. وهي تتحرك كمافيا لا يحكمها قانون ولا اخلاق ولا ضمير، وتمارس القتل والسحل والتطفيش وكل العقوبات وعلى كل الأفراد. إنهم هم القانون، وبمكالمة تلفون تدار الدولة وبقرار واحد من الأمراء الثلاثة: نايف وسلطان وسلمان.

فهل نحن أمام دولة أم عصابة؟

العصابة صغيرة الحجم، ولا تريد لاعبين كثر، حتى وإن كانوا أعضاء في العائلة المالكة (ويشرفهم) الدخول كلاعبين كومبارس!

والعصابة تقوم في عملها على مبدأ المؤامرة والسريّة، والتخلص من غير المرغوب فيهم حتى وإن كان الملك ـ عبدالله (اقرأ مقالات الغلاف هذا العدد).

والعصابة تبث سمومها وفسادها في كل جهاز الدولة، حتى أنك لا يمكن أن تجد مكاناً في أجهزة الدولة لغير الفساد، ولغير أمير عابث، حتى جهاز التعليم الجامعي والقضاء فضلاً عما يجري في المالية وسوق الأسهم والأراضي وصفقات الأسلحة وغيرها.

فلا يغضبن أحدٌ إن وصفنا حكم آل سعود بأنه حكم عصابة، فهذا أفضل وصف يستحقه.

الصفحة السابقة