التدخلات السعودية في اليمن متواصلة

سلطان يغيظ اليمنيين ويهرب بدون وداع رسمي

كانت الزيارة الأخيرة لولي العهد سلطان الى اليمن يرافقه فيها نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، ذات أهمية خاصة. فسلطان كما هو معروف مسؤول الملف اليمني منذ الستينيات الميلادية من القرن الماضي.

وقد ذهب سلطان الى صنعاء للتوقيع على اتفاقيات أمنية وحدودية طالما أرادتها السعودية.

وكان المسؤولون اليمنيون يتوقعون من (النهّاب الوهّاب) سلطان أن يدفع ثمن توقيعهم على تلك الإتفاقيات التي تميل بشكل كبير لصالح السعودية.

لهذا استعدوا له بالحفاوة البالغة.

وغادر أحد التجار السعوديين من آل (بقشان) الى صنعاء بغرض تمهيد الحملة الإعلامية للص الأكبر. فظهرت صور سلطان على الجدران، وكذا أعلام السعودية، فضلاً عن يافطات الترحيب وغيرها.

ووقع اليمنيون صكوك المعاهدات.

وانتظروا الثمن من النهاب الأكبر، الذي وعدهم بعدة مشاريع بينها رصف بعض الطرق اضافة الى دفعات مالية.

وكان اليمنيون قد خططوا للنهاب الأكبر أن يزور عدن، العاصمة الإقتصادية. ولكنه لم يزرها.

وفجأة وبدون اعلان بيان مشترك، وبدون توديع رسمي، غادر النهاب الأكبر اليمن وسط ذهول المسؤولين اليمنيين.

وبسبب الحنق، أمر المسؤولون بخلع صوره من الجدران، وإزالة يافطات الترحيب بأسرع وقت!

الملك عبدالله حاول تسلية المسؤولين اليمنيين، والتخفيف من صدمة ما فعله أخوه ولي العهد، فأعطى تصريحاً (لا مالاً ولا دعماً!) أشاد فيه باليمن، وألمح الى أنها ستكون عنصراً فاعلاً في المستقبل في مجلس التعاون الخليجي.

بقي ان نعرف أن سلطان ـ ولي العهد ووزير الدفاع ـ ومسؤول الملف اليمني، له يدٌ طولى في رسم السياسة اليمنية الداخلية، وكان تدخل السعودية قد وصل حد تعيين الرئيس أو حتى قتله كما فعل سلطان بالرئيس الغشمي.

ومقتل الرئيس الغشمي يحتاج الى اختصار الحكاية. فقد بعث سلطان بحقيبة الى الغشمي مع موفد من الدرجة الثالثة طلب منه ايصالها اليه دون أن يفتحها، وحين جاء للقاء الغشمي رفض أن تفتش الحقيبة، واستشاروا الرئيس في الأمر، فأمرهم بأن يفسحوا له الطريق دون تفتيش، وحين فتحت الحقيبة بعد دقائق من اللقاء قتلتهما معاً!

وقد سجّل الشاعر اليمني الكبير الراحل عبدالله البردوني مرارته من التدخل السعودي، فنشر قصيدة في عام 1973، مطلعها:

وجاء فيها:

الوهاب النهاب!
أمير النفط نحنُ يداك

نحن أحدّ أنيابكْ

ونحن القادة العطشى

الى فضلاتِ أكوابكْ

ومسؤولون في صنعاء

وفرّاشونَ في بابكْ

ومن دمنا على دمنا

نُموقع جيش إرهابكْ

لقد جئنا نجرّ الشعب

في أعتابِ أعتابكْ

ونأتي كلما تهوى

نمسّح نعلَ حُجّابكْ

ونستجديكَ ألقاباً

نتوجها بألقابك

فمُرنا كيفما شاءت

نوايا ليلُ سردابكْ

نعمْ يا سيّدَ الأذنابِ

إنّا خيرُ أذنابكْ

واشتكى شاعر يمني آخر من تدخل السعودية لتحويل اليمن الى منارة وهابية فقال:

أين الثمن؟!
دعونا في ضلالتنا وخلّوا

بنا الإسلام ينقصُ أو يزيدُ

وكفّوا عن فتاواكم فإنا

نرى الإرشادَ منكم لا يفيدُ

ونكرهُ دعوةَ التوحيد منكم

وسادتكم لأمريكا عبيدُ

فلا تتشدقوا بالدين زوراً

ودينُ محمد عنكم بعيد

ُ وفي إسلامكم هفوات جهلٍ

يباركها النصارى واليهودُ

الصفحة السابقة