من بيان تبرير العدوان الى لقاء الأعداء

دبلوماسيـة الفضائـح

كشفت الحجاز في عددها الماضي عن مبادرة سعودية للسلام مع الدولة العبرية، وأن القيادة السعودية ستمنح دوراً في العملية بعد أن أظهرت الى جانب مصر والاردن جانباً من الالتزام الادبي مع الدولة العبرية خلال عدوانها على لبنان.. وذكرنا في نفس الصدد، بأن لقاءً سيتم بين مسؤولين سعوديين وإسرائيليين وستقتصر في البداية على لقاء يبن الأمير بندر بن سلطان رئيس مجلس الأمن القومي السعودي ونظيره الاسرائيلي بحضور قيادات من يهود أمريكا. وذكرنا أيضاً بأن الرياض تلّقت إشارات إيجابية من الرئيس الأميركي بتعديل خطة أولمرت والمبادرة السعودية لتوسيع الحل للصراع في المنطقة يبدأ تطبيقه ببدء عملية تطبيع شاملة بين الدول العربية والكيان العبري (أنظر الحجاز عدد 46 ص 16ـ17).

لقد لحظنا بعد وقف الاعمال العدائية الاسرائيلية على لبنان، بأن الفصل العملي لما تم الحصول عليه من معلومات من مصادر موثّقة قد بدأ. لقد بدا وكأن ثمة خارطة طريق قد أعدّت سلفاً يتقاسم فيها عدد من الأطراف أدواراً محددة ومرسومة، ففي الوقت الذي تولت فيه القوى اللبنانية المعروفة بإسم قوى 14 شباط مهمة إثارة الفتنة الداخلية عبر رفع شعار نزع سلاح حزب الله، بدأت الخطوات العملية في طريق السلام بين أعضاء معسكر الاعتدال في الشرق الاوسط بحسب التصنيف الاميركي، وفي ذلك التصنيف ما يصلح دليل إدانة ضد أعضاء المعسكر، لأنه قام على أساس خلفية العداون الاسرائيلي على لبنان وتالياً مناوئة مصالح شعوب الشرق الاوسط..

كانت السعودية تعتقد بأن التاريخ يسير بحسب إرادة الاقوياء الافتراضيين، وهي العقيدة التي تسببت في ارتكابها لحماقات تتسم بالبلاهة أحياناً، كما هو الحال بالنسبة للادارة الاميركية. وكما أخطأت في بيانها الفضيحة بالوقوف ضمنياً الى جانب الطرف المعتدي في الحرب الاخيرة على لبنان، حين أدانت حزب الله بلهجة صادمة، أخطأت مرة أخرى في السير ضمن خط الشرق الاوسط الجديد بنسخته الأميركية، وكما أخطأ الشخص صاحب البيان الفضيحة، أي الأمير بندر بن سلطان، فقد أخطأ الأخير أيضاً في الاسراع بتنفيذ خطة المصالحة العربية الاسرائلية.

أحد أدوار بندر مجسدة في خراب لبنان

اكتشفت العائلة المالكة فداحة الخطأ للمرة الثانية، وعلى يد الشخص نفسه الذي صوّره بعض الكتاب الاميركيين مثل بوب وودوورد، ووليام سيمبسون، وكريك أنجر على أنه عقلية فريدة في عالم العلاقات الدولية، فانتقلت العدوى الاميركية الى العائلة المالكة التي منحته أدواراً خاصة وبالغة التعقيد، ولكن المفاجأة الصادمة وقعت حين تبين أن الرجل يتصرف بغطرسة وغرور لا يتكافأ وإمكانياته الذهنية، فقد أخطأ في بيان كتبه بيده، كما أخطأ حين اعتقد بأن اللقاء بالمسؤولين الاسرائيليين سيمنحه وسام صانع السلام. اكتشفت العائلة فداحة ما تقدم عليه كما تبين لها بعد البيان الفضيحة الذي مازلت تدفع أثمانه مضاعفة في سمعتها ومصداقيتها على مستوى العالم الاسلامي، وكان بامكانها تفادي ذلك بقليل من الحكمة، وهاهي تكتشف فداحة استعجال الانضواء تحت مشروع الشرق الاوسط الجديد، الذي طرحته رايس وتنظر اليوم الشعوب العربية والاسلامية الى الانخراط السعودي المتسارع باعتباره جزءا من مشروع أميركي ـ اسرائيلي ولا دخل له بالمبادرة السعودية في بيروت عام 2002.

وفيما لم تستطع العائلة المالكة التراجع عن بيانها الفضيحة في اليوم الأول من العدوان الاسرائيلي على لبنان في 12 تموز/يوليو الماضي، بل كابرت في دفاعها عن بيانها ودفعت رزمة الاقلام الحليفة لها بحشد المقالات بأدلة دفاعية، فلم يزدها الدفاع الا ارتكاساً، فإنها في قضية اللقاء الفضيحة لم تجد بدّاً من استعمال السلاح التقليدي وهو النفي والانكار، على قاعدة أن ليس ثمة ما يمنع من تكذيب الحقائق طالما لم يشهد عليها عدد كبير من الأفراد وبأدلة غير قابلة للانكار.

تمتلك العائلة المالكة تراثاً ثرياً من النفي، حتى أمكن القول بأنها تحوز على عبقرية فريدة في فن النفي، الى درجة القدرة على إقناع الرأي العام باستحالة صحة خبر ما، فما بالك اذا ما تولى هذه المهمة شخصية بحجم الامير سلطان المعروف بأمير الكلام، فهو يتقن لغة الكذب بطريقة الاستهتار بالامكانيات العقلية لدى الآخر. نقلت عنه وكالة الأنباء السعودية الرسمية في 10 أكتوبر تعليقاً على تقارير اللقاءات السعودية الاسرائيلية فأجاب بما نصه (من المضحك أن نسمع أن (مواطناً) سعودياً اجتمع مع إسرائيلي، فما بالك بالقيادة السعودية). فهو هنا يرمي بالتحليل الى أقصى اللامعقول الافتراضي عبر عقد مقارنة بين ممكن ومزعوم مستحيلين، ليوصل المستمع لهذا الكلام الى حقيقة منطقية وهي ألا مجال لصحة خبر كهذا!

سير ردود الفعل إزاء هذا الحدث يبدأ أولاً على هذا النحو: انتظرت العائلة المالكة، وبحسب العادة، ردود الفعل الشعبية والخارجية قبل أن ينبري (المصدر المسؤول) للادلاء بأي تصريح، في وقت كانت الاردن تلتزم الصمت منذ أن بدأت الاخبار تروج حول اللقاء الاسرائيلي ـ السعودي، ولم يقرر الجانب الاردني الافصاح عن موقفه من التقارير الصحافية الا في السابع من أكتوبر كما جاء على لسان المتحدث بإسم الحكومة الاردنية ناصر جودة والذي نشرته الصحف الاردنية باعتبار أن تلك التقارير هي مجرد محض إدعاء وأنها تأتي في ظل أجواء السلام المراد التشويش عليها بهذه التقارير.

وجّهت الحكومة السعودية اتهامات الى الاعلام القطري في الترويج لمثل هذه الأخبار. وتجدر الاشارة الى أن قطر تقيم علاقات سياسية معلنة مع الدولة العبرية، بما يجعل مسألة التشويش التي تحدث عنها المتحدث الاردني غامضة، فالتقارير تعود الى مصادر اسرائيلية بالدرجة الاولى. السعودية اعتبرت ترويج الخبر بأنه انتقام قطري من أجل إزالة الفارق الوهمي بين قطر والسعودية في مجال الاتصال مع الدولة العبرية، وهو ما تحاول العائلة المالكة التنصل منه. وزير الخارجية القطري الذي لا يخفي علاقاته الشخصية مع مسؤولين في الكيان العبري، يستاء كثيراً من إصرار الرياض على التعامل بعنجهية مع قطر حتى في موضوع الاتصالات مع الاسرائيليين، وقد كشف قبل عدة شهور بأن اللقاء الذي جمعه مع شارون قبل عدة سنوات كان يضم أيضاً وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل.. وعلى أية حال، فإن لقاءً كهذا لم يكن فريداً، فتقارير عديدة نشرت خلال العقدين الماضيين عن لقاءات شبه سرية كان يقودها الامير بندر في واشنطن مع مسؤولين أمنيين اسرائيليين، ولا ننسى العلاقة الشخصية المتميزة التي تربط الامير بندر برئيس جهاز الموساد، وكذلك عدد من الخامات اليهود الأميركان، وكان الامير بندر قد التقى شيمون بيريز في واشنطن أكثر من مرة بين عامي 2002 ـ 2004.

وفيما يرتبط بالتقارير الاخيرة عن اللقاءات السياسية بين مسؤولين سعوديين وإسرائيليين، بدأت الرواية بخبر نشرته صحيفة (يديعوت احرونوت) الاسرائيلية في صفحتها الاولى في 22 سبتمبر تحدّثت فيه عن 'اتصالات سريةب جرت بين اسرائيل والسعودية بدأت خلال حرب لبنان. أثار الخبر فضول الصحافيين في الدولة العبرية، الذين طرحوا سؤالاً على رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت حول طبيعة هذه الاتصالات، فأحجم عن الاجابة وقال (لست ملزما بالرد على كل سؤال يطرح). ولكنه اشاد بموقف السعودية خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان وقال بأن (المساعي والتصريحات التي صدرت عن السعودية سواء علناً أو بطرق أخرى خلفت لدي انطباعا قويا). وأضاف قائلاً (إن حكمة (العاهل السعودي) الملك عبدالله وحس المسؤولية لديه تركا لدي أيضاً انطباعاً قوياً).

واستغل أولمرت السؤال كيما يوجّه رسالة إيجابية للعائلة المالكة في السعودية، حيث أشاد بمبادرة السلام للملك عبد الله خلال القمة العربية المنعقدة في 28 اذار/مارس 2002 في بيروت، بالرغم من أن الموقف الاسرائيلي المبدئي من المبادرة سلبي.

في اليوم التالي، 23 سبتمبر، صدر رد فعل رسمي سعودي ينفي وجود إتصالات سرية مع مسؤولين اسرائيليين أثناء حرب لبنان. اللافت في نفي الوزير المفوّض في وزارة الخارجية السعودية أسامة نقلي، أنه اقتصر على اتصالات خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان. في الجانب الاسرائيلي، رفض شيمون بيريز، نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي خلال زيارته الى لندن شهر سبتمبر الماضي التعليق على أخبار لقاءات بين مسؤولين اسرائيليين وسعوديين، ولكنه في الوقت نفسه أشاد بجهود السعودية في عملية السلام!.

وزير اسرائيلي سابق، أوفير بينيس، وصف الاتصالات السعودية ـ الاسرائيلية ذات أهمية سياسية وأنها تصلح كأساس لانشاء (جبهة جديدة مقابل محور الشر في الشرق الاوسط) في إشاة الى كل من ايران وسرية وحزب الله وحركة حماس. المثير أن الوزير الاسرائيلي تحدث عن ما اسمته كونداليزا رايس لاحقاً محور الاعتدال، وقال بينيس (ويتوجب علينا استيضاح إمكان إنشاء محور مع السعودية التي تشكل في نهاية المطاف جزءاً من محور أكثر اعتدالاً).

الصحيفة الاسرائيلية (يديعون أحرونوت) ذكرت بأن اللقاء بين مسؤولين سعوديين واسرائيليين تم في 12 سبتمبر وكان (تحت غطاء كثيف من السرية ولم يعلم به سوى عدد قليل من المسؤولين الإسرائيليين وبمباركة أمريكية).

الشكوك التي صاحبت واعقبت التقارير الاعلامية الاسرائيلية تعود الى غموض الشخصية السعودية رفيعة المستوى التي التقاها أولمرت، ولعل هناك من تعمد دسّ اسم الملك عبد الله، بما يجعل الخبر مهزوزاَ. والصحيح أن المسؤول السعودي الكبير الذي التقاه أولمرت كان الامير بندر بن سلطان، رئيس مجلس الأمن القومي.

المصادر الاسرائيلية الرسمية رفضت الافصاح عن مكان انعقاد اللقاء، ولكن المصادر الاسرائيلية اعتبرته تطوّراً كبيراً في العلاقات بين إسرائيل والسعودية.

الصحيفة أشارت الى الموضوعات التي تمت مناقشتها بين الجانبين الاسرائيلي والسعودي وأهمها: البرنامج النووي الإيران، ومبادرة السلام العربية التي كانت السعودية قد طرحتها في القمة العربية في بيروت التي انعقدت في العام 2002. التطور الجديد في الموقف الاسرائيلي أن أولمرت أبدى مرونة ملحظومة حيال مبادرة الملك عبد الله على خلاف سلفه شارون الذي رفض المبادرة.

أولمرت الذي رفض نفي أو تأكيد خبر اللقاء مع مسؤولين سعوديين، أكّد في مقابلة مطوّلة مع صحيفة (يديعوت أحرونوت) بأن (هناك خطوات مع السعودية مختلفة عن تلك التي كانت علنية). مسؤولون إسرائيليون كشفوا أيضاً بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، (قد أجرى مؤخراً محادثات غير مسبوقة مع من وصفته بعضو بارز جدا من العائلة المالكة السعودية). وقد نفى أولمرت أن يكون الاجتماع المذكور قد تم مع الملك عبد الله نفسه.

في 26 سبتمبر، صرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودي بأنه (لاصحة على الإطلاق لما روجته وسائل الإعلام الإسرائيلية والقطرية مؤخراً حول اتصالات بين مسؤولين سعوديين واسرائليين). وأكد المصدر (أن الخبر مختلق من أساسه وأن المملكة تقوم بأدوارها الوطنية والقومية بوضوح وشفافية، وليست لها سياسات معلنة وأخرى غير معلنة) في إشارة واضحة الى قطر بالتحديد.

لم يضع تصريح المصدر السعودي المسؤول حداً لقصة اللقاء السعودي ـ الاسرائيلي، فقد توالت الانباء عن اللقاء، فقد بدت الصورة تتضح تدريجياً، لتحسم هوية الشخصية السعودية الرسمية التي التقت أولمرت، حيث ذكرت المصادر الاسرائيلية بأن رئيس مجلس الأمن القومي السعودي الأمير بندر هو المسؤول السعودي الذي التقى أولمرت في الاردن. وذكرت صحيفة (هآرتس) الاسرائيلية أن بندر بن سلطان الذي سبق وأن شغل منصب سفير السعودية في واشنطن طيلة 22 عاماً، كان خلالها ضالعاً في اتصالات لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط وخصوصاً خلال ولاية جورج بوش الأب، قد التقى أولمرت في عمان.

جيروزاليم بوست نقلت في السابع والعشرين من سبتمبر عن دبلوماسيين تحدثوا عن لقاء بين مسؤوليين اسرائيليين وسعوديين. فيما نقلت صحيفة المنار التي تصدر داخل الخط الاخضر من فلسطين المحتلة في السابع والعشرين بأن الامير بندر بن سلطان رئيس مجلس الامن القومي السعودي زار اسرائيل في العشرين من سبتمبر والتقى مع مسؤوليين أمنيين اسرائيليين.

وفي 28 سبتمبر اعترف رئيس الوزراء الاسرائيلي أولمرت في حديث للاذاعة الاسرائيلية ضمنياً بأنه التقى مؤخراً أحد اعضاء الاسرة الحاكمة في السعودية. وفي رد لا يخلو من إقرار ساخر على أسئلة صحافيين حول هذا اللقاء قال أولمرت (لنقل بشأن هذا الموضوع أننا قررنا أن أقوم بنفي ذلك لكنكم لستم مجبرين على تصديقه)، وأضاف (بشأن المواضيع الاخرى عليكم تصديق كل نفي أصدره). وفي ذلك إشارة واضحة الى أن النفي الصادر عن الجانب الاسرائيلي لا يعدو كونه نفياً شكلياً واستجابة لرغبة الطرف الآخر ـ السعودي.

وفي 5 أكتوبر كشفت صحيفة يديعوت احرونوت تفاصيل جديدة عن ما أسمته (لقاء ليليا سرياً) عقد قبل عدة أسابيع في قصر الملك الأردني عبد الله الثاني وجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت ومسؤول سعودي.

وقال المراسل السياسي للصحيفة شمعون شيفر الذي يتمتع بمصداقية عالية في الدولة العبرية بأن الأمريكيين كانوا (على علم بسر مسار المحادثات السرية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، ولا شك أن أولمرت ورايس (وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس) قد تبادلا، خلال لقائهما في المنزل الرسمي لرئيس الوزراء في القدس، معلومات حول اللقاء السري الذي عقد قبل عدة أسابيع بين أولمرت ومسؤول في المملكة السعودية).

وأضاف شيفر أن جهات سياسية إسرائيلية رفيعة جداً اطلعت مؤخراً على تفاصيل تتعلق باللقاء وما دار فيه حيث كان هناك (عرّابان) لهذا اللقاء هما الملك الأردني ورئيس جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) مائير داغان.

وكتب شيفر إنه تم نقل أولمرت في ساعة متأخرة من الليل قبل أسابيع بمروحية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي إلى عمان ورافقه داغان ورئيس طاقم مستشاريه يورام طوربوفيتش وسكرتيره العسكري غادي شيمني، وحطت المروحية بهم في مهبط قرب القصر الملكي حيث كان بانتظارهم هناك ملك الأردن. وعقد اللقاء مع المسؤول السعودي خلال وجبة عشاء متأخرة في قصر الملك واستمر اللقاء ساعات عدة. وبحث المجتمعون في مخاطر وتهديات البرنامج النووي الإيراني (وانتشار الإرهاب الشيعي) في منطقة الشرق الأوسط.

وتوصل المجتمعون إلى تفاهم يقضي بوجوب (مواصلة) التعاون الاستخباراتي السري لمواجهة التهديدات الإيرانية. ولفت شيفر إلى أنه خلال فترة رئاسة داغان للموساد (توثقت العلاقات بين إسرائيل ودول عربية في المنطقة وعلى رأسها السعودية بصورة كبيرة جدا).

ونقل شيفر عن مصادر أجنبية قولها أن داغان اعتاد على أن يعرض أمام ضيوف رفيعي المستوى يزورونه في مكتبه في مقر الموساد هدايا ثمينة قدمها له (ملوك وزعماء المنطقة، وبينها سيوف مذهبة ومرصعة بأحجار كريمة). وخلص شيفر إلى أنه ليس معلوماً شكل الهدايا التي تبادلها أولمرت والمسؤول السعودي في اللقاء الليلي السري (لكن وفقاً لمصادر سياسية رفيعة جداً، فإن رئيس الوزراء (أولمرت) عاد إلى البلاد فجراً متشجعا للغاية من نتائج اللقاء).

من جانبها ذكرت صحيفة (هآرتس) الاسرائيلية في السابع من أكتوبر بأن مستشار الأمن القومي السعودي الأمير بندر بن سلطان هو مسؤول الاتصال غير الرسمي بين الرياض وتل أبيب، فكان يتصل مع الإسرائيليين من بيته الفخم الواقع في ضاحية ماكلين بولاية فرجينيا الأميركية. وذكرت الصحيفة أن بندر بذل على مدار سنوات جهوداً نشطة من أجل السلام العربي الإسرائيلي، وكان أهم هذه الجهود هو محاولة إقناع رئيس السلطة الفلسطينية منذ ست سنوات بقبول مقترحات رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك والرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون لاتفاق الوضع النهائي، وفي البداية أرسله كلينتون كمبعوث سري إلى الرئيس السوري السابق حافظ الأسد في محاولة أخيرة لإحياء المفاوضات السورية.

وتابعت الصحيفة أن السعودية حامية الأماكن الإسلامية المقدسة دقيقة بشأن الاحتفاظ بموقف متجمد تجاه إسرائيل في العلن ولم توافق أبداً على إجراء لقاءات مع الإسرائيليين على مستوى وزراء الخارجية وكبار الدبلوماسيين، ومسؤول الاتصال غير الرسمي بين الرياض وتل أبيب كان الأمير بندر، الذي كان يتصل مع الإسرائيليين، عن طريق رئيس الموساد مائير دغان الذي كان يقدم تقاريره عن هذه اللقاءات بطريقة سرية لشارون.

وبيّن المصدر أن اتصال بندر ودغان استمر حتى بعد أن عاد بندر إلى السعودية، ووفقاً لمصادر إسرائيلية ازدادت الاتصالات خلال الحرب في لبنان، وفي الشهر الماضي رتب دغان لقاءً بين بندر ورئيس دغان الجديد في الأردن، وتم تسريب تفاصيل قليلة في خبر نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وأكد الخبر الذي نشرته الصحيفة أن إسرائيل والسعودية يعتبران إيران تهديداً مشتركاً عليهما.

الصفحة السابقة