أيها الحمقى في خارجية السعودية

اصمتوا.. أو العبوها بطريقة صحيحة!

الدول المعنية بالصراع مع إسرائيل ثلاث دول أو جهات: سوريا التي لديها مشكلة الجولان، ولبنان الذي لديه مشكلة ترسيم الحدود وبعض القرى، والفلسطينيون الذين تحكمهم اليوم حكومة حماسية منتخبة.

ما عدا هذا شأن زائد، وطفيليات عالقة.

مصر والأردن وقعتا اتفاقيات مع اسرائيل، وبالتالي لا قرار لهما بموضوع (الصلح والسلم) مع اسرائيل من قريب أو بعيد، فقد اتخذوا القرار وانتهى.

والسعودية التي تحاصر حكومة فلسطين الحماسية، وتصارع سوريا بغية اسقاط نظامها، ولها موقف غير متزن من الصراع الداخلي اللبناني.. هذه الدولة كيف يمكنها تسويق مبادرة سياسية للصلح مع اسرائيل، في هذا الظرف؟!

إنه لأمر غريب وعجيب حقاً!

الأسد قال قبل بضعة أشهر بما يفيد بأنه لا يقبل أن يقرر (الآخرون) نيابة عنه، فسوريا هي المعنية، ومن لا معركة له مع اسرائيل عليه أن يدعم قرار من له القرار وصاحب الشأن الرئيسي.

من نتائج هزيمة اسرائيل في لبنان، أن الإدارتين الأميركية والإسرائيلية تسعيان لتعديل مبادرة الملك عبد الله للسلام كيف توافق عليها اسرائيل وتصبح الأساس لصلح العرب معها!

وواحد من بنود زيارة رايس للمنطقة هو تعديل ما يمكن تعديله من تلك المبادرة، والمسألة لم تعد سراً فقد كشف عن أن بندر بن سلطان يحمل هذا الملف ويعدّل فيه! بعيداً عن أصحاب هذا الشأن.

لنفترض جدلاً انه تمّ التعديل، وان اسرائيل وافقت عليه وكذلك اميركا. ثم ماذا؟

لا بد ان يحظى التعديل بإجماع في قمة عربية، قد تعقد في الرياض في مارس القادم.

ماذا لو رفضتها سوريا، وهذا هو المرجح، خاصة إذا لم تستشر في الأمر، وخاصة وهي على هذا النفور من مواقف السعوديين؟

وماذا لو رفض لبنان، وحكومته العاجزة لا تسطيع ان تقرر شيئاً من هذا كما هو معلوم بالضرورة.

وماذا لو رفضت حكومة حماس وهو مرجح جداً، ولا يمكن ان تعترف باسرائيل.

ماذا يفيد حينها لو وافق كل العرب على الصلح مع اسرائيل؟!

ليذهبوا ويصالحوا اسرائيل، فالمشكلة باقية بهم أو بدونهم.

قد تضغط السعودية على هذه الجهات الثلاث لقبول التعديلات التي يبدو انها ستكون كبيرة.

ولكن بماذا تضغط؟

هل توقف المساعدات وهي متوقفة عن سوريا وعن حماس؟

هل تهدد بقطع العلاقات، وهي شبه مقطوعة مع حماس وترفض حتى مجرد استقبال رئيس الوزراء الفلسطيني، في حين أنها تعمل على إسقاط النظام السوري؟

ما يتحدث عنه السعوديون اليوم من تعديل المبادرة العربية لتقبلها اسرائيل اولاً، ثم سوريا، ثم لبنان وحكومة حماس، لن ينجح، ولا يمكن للسعوديين ان يتصرفوا في موضوع ليس من حقهم التصرف فيه نيابة عن أصحابه الحقيقيين والمعنيين به.

سيقول السعوديون: اذن لا تطلبوا منا المساعدة!

حسن. لقد دعوتم وطالبتم اسرائيل بمواصلة تدمير لبنان في حربها، والتقيتم بأولمرت، ونددتم ببني جلدتكم وهم يقاومون اسرائيل ووصفتموهم بالمغامرين.. إذن واصلوا المسير، وأقيموا العلاقات مع اسرائيل علناً.. دونما انتظار سلم وصلح لن يأتي، لأنه مجحف ويلبي الطلبات الإسرائيلية.

ليس هذا ما يثير الغضب حقاً.

بل هو أن الأميركيين من الغباء بمكان بحيث يعتقدون ان السعودية والأردن ومصر وعباس يستطيعون تغيير الخريطة السياسية ويفرضوا على العرب صلحاً بشروط اسرائيلية، في وقت هي أي أميركا وحليفتها تعانيان من مصاعب جمّة وانهزام شبه محقق.

والأغبى، هو الجانب السعودي الذي يعتقد بأنه قادر على اجتراح المعجزات، في حين لا يدرك أن حجمه السياسي الإقليمي، ونفوذه لدى مسؤولي الحرب والسلم في لبنان وفلسطين وسوريا قد تضاءل، بل أنه أصبح في حالة عداء مع أولئك المسؤولين.

من لا قرار له بنفسه، ولا علاقة له بالموضوع بالأصالة، ومن هو في صراع مع أصحاب القضية، كيف يعتقد بأنه سينجح، خاصة وأن ماكنة الإعلام السعودية تهاجم ليلاً نهاراً سوريا وحماس وكل أحد في لبنان غير فريق السنيورة؟!

هذا ما لا نفهمه، ولا نظن أن الأمراء السعوديين يعيشون واقعهم. ولا يفهمون ما يجري حولهم. فليكفوا عن التصدي لزعامة منطقة لا تقبل بها حتى قطر، فضلاً عن سوريا!

الصفحة السابقة