الكذب ديدنها وتغطيّه بادّعاء تطبيق الشريعة

الحكومة تعتقل ناشطين ديمقراطيين وتصمهم بالارهاب

نشرت وكالة يونايتد برس في الثاني والعشرين من مارس مقالاً حول شكوك الولايات المتحدة بالاعتقالات السعودية لإرهابيين. ونقلت الوكالة عن مسؤولين أميركيين يحققون في سلسلة إعتقالات من قبل السلطات السعودية في فبراير الماضي، تتعارض مع تصريحات رسمية بأن هؤلاء الرجال متورطون في تمويل الارهاب.

وقد نفى السيناتور رون ويدن، عضو في هيئة الاستخبارات التابعة للكونغرس، ما وصفه بـ (مزاعم الحكومة السعودية) حول الاعتقالات. وقد اخبر ويدن الوكالة بأنه (تأسيساً على الدليل الذي اطلعت عليه، يظهر بأن من المحتمل جداً بأن هؤلاء الرجال كانوا في الحقيقة ناشطين ديمقراطيين). ويدن الذي تلّقى مؤخراً إيجازاً حول قضايا تمويل الإرهاب السعودي من مسؤولين إستخباريين، أضاف بأنه ينوي متابعة القضية عن كثب (وما أزال يائساً من جهود الحكومة السعودية).

المعتقلون الإصلاحيون

وقد أجرت وكالة اليونايتد برس مقابلات مع كثير من مسؤولي الاستخبارات الاميركية بشرط عدم الكشف عن أسمائهم، وافقوا القول بأن بعض الوكالات الأميركية قد توصلت الى أن الاعتقالات ـ بحسب أحدهم ـ (لم تكن حفلة جيدة).

عشرة أشخاص تم اعتقالهم في الثاني من فبراير، إثنان في المدينة والبقية في جدة. وبحسب وزارة الداخلية السعودية، فإن الاعتقالات كانت جزءً من الجهد المتواصل ضد (الارهاب وتمويله). وبحسب الناطق بإسم وزارة الداخلية منصور التركي فإن الأشخاص العشرة كانوا متورطين بجمع تبرعات و(إرسالها الى أطراف مشبوهة) بحسب ما جاء في صحيفة الشرق الأوسط. وقال التركي بأن المال كان يستعمل لـ (استدراج أبناء الوطن للمواقع المضطربة) في إشارة الى العراق.

وبالرغم من أن المتبرعين السعوديين يعتقد بصورة واسعة قيامهم بتقديم تمويل كبير الى المتمردين العراقيين، القاعدة وجماعات إرهابية أخرى، وبالرغم من أن الحكومة أعلنت صراحة لسنوات (سياسة عدم التسامح) بخصوص جمع التبرعات لقضايا التطرف، فإنها المرة الأولى التي تتم فيها اعتقالات بصورة علنية في المملكة على خلفية مثل هذه الاتهامات.

ولكن ذلك كان قبل أيام من إبلاغ محام عن هؤلاء الرجال ـ المعتقلين ـ الصحافيين في العاصمة السعودية الرياض، بأن هؤلاء ليسوا ممولين للإرهاب، ولكن ناشطين ديمقراطيين. وقد ذكرت منظمة العفو الدولية بأن إثنين من المعتقلين، بمن فيهم المحامي سليمان الرشودي، قد تم اعتقاله في مارس 2004 بعد أن وقع على عريضة تنادي بإصلاح الحكومة السعودية.

ولكن الخط بين الناشطين الديمقراطيين والمتشددين الاسلاميين ليس دائماً واضحاً في السعودية، كما يقول نايل الجبير، الناطق بإسم السفارة السعودية في واشنطن للوكالة، ويقول (في التسعينيات (زعيم القاعدة أسامة) بن لادن كان يدعى منشقاً). وأشار الجبير الى ان الرشودي كان واحداً من مؤسسي لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية التي تتخذ من لندن قاعدة لها منذ العام 1993. المؤسس الآخر للمجموعة، سعد الفقيه، بناء على المحققين الفيدراليين، زوّد بن لادن بهاتف فضائي في التسعينيات. وقد صنّف الفقيه في 2004 من قبل وزارة الخزانة الأميركية كممول إرهابي.

وعلى الأقل، فإن واحداً من هؤلاء المعتقلين، العالم الاسلامي موسى القرني، كانت لديه ارتباطات تاريخية مع بن لادن، الذي كان بالنسبة له الصديق والمعلم الخاص خلال الحرب ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان. ويقول الجبير، في دفاعه عن الاعتقالات، (لا أحد يعرف هؤلاء الاشخاص أفضل منا)، ولكنه كان غير قادر على تقديم أية تفاصيل حول الاتهامات الرسمية أو تزويدنا بآخر المعلومات حول وضع الرجال المعتقلين أو تطوّر التحقيق، وقال (مازال هذا الموضوع قيد التسوية).

ويقول ماثيو ليفيت (الحقيقة هي أن السعوديين لم يقدّموا أية معلومات حول الاشخاص، ونشاطاتهم، أو المجموعات الارهابية التي يوهم بأنهم كانوا ينتمون إليها، بما يشي لكثيرين بأن مثل هذه المعلومات وببساطة ليست متوفرة). ليفيت الذي كان حتى بداية هذا العالم نائب مساعد لسكرتير الاستخبارات والتحليل في وزارة الخزانة، قال بأن تصنيف الافراد كممولين للارهاب من قبل الولايات المتحدة يبقى بدرجة كبيرة قائماً في المملكة.

وذكر قضية عبد الحميد سليمان المعجل، المدير التنفيذي، لفرع منظمة الغوث الاسلامية الدولية في المنطقة الشرقية بالسعودية. وقد صنّفته وزارة الخزينة كممولي إرهابي في أغسطس 2006 لتمويل نشاطات القاعدة في جنوب شرق آسيا.

في ذلك الوقت، قالت السفارة السعودية أن المعجل كان تحت التحقيق، وأن أمواله قد تم تجميدها بانتظار أية قرار قضائي. ولكن الجبير قال بأنه غير قادر على توفير أي معلومات جديد حول القضية.

ويدن قال: (أن الحكومة السعودية لم تفرض مطلقاً عقوبة جنائية على أي مموّل إرهابي كبير. وأن الحكومة السعودية لا تتعقّب المتبرعين الأثرياء لأن النخب الثرية في السعودية تمسك بكل الأوراق).

وقال الجبير بأن السعودية فرضت قيوداً بالغة القسوة على الجمعيات الخيرية في محاولة من أجل وضع أيديهم على المشكلة. ويقول (جمع التبرعات النقدية غير قانوني.. مهما كانت القضية. وحتى تحصيل التبرعات لحالات المعاناة الفردية غير مسموحة. وأن الاستثناءات الوحيدة هي حملات التبرع الخيرية التي تديرها الحكومة مثل تلك التي جرت في أكتوبر 2006 لجمع أموال من أجل أيتام تسونامي الجنوب شرق آسيويين). وقال بأن (هناك منع مطلق لنقل الأموال من السعودية لجمعيات خيرية أو غير ربحية خارج المملكة. فليس باستطاعتي استعمال حسابي السعودي للتبرع لجدتي.. وتسعى السفارة للحصول على إعفاء بشأن الجمعيات الخيرية التعليمية والطبية الأميركية ولكن تم رفض الطلب).

الصفحة السابقة