السعودية لإسقاط حكومة المالكي

ينسى السعوديون أن المالكي منتخب، وأن فريقه يمثل عشرة ملايين ناخب، وينسى المسؤولون السعوديون أن الحكومة الحالية بعد خروج علاوي وجبهة التوافق منها، لازالت تمثل نحو 13 مليون ناخباً شيعياً وكردياً.

إلغاء النتائج لا يغير من الواقع، حيث لن تأتي حكومة معينة أو انقلابية لها رصيد شعبي انتخابي كهذه. وإن كان هناك من (احتجاج) على (أصولية) الحكومة، فعلى الأقل هي منتخبة، وانتخابها جاء في جزء منه بسبب إشعال الفتيل الطائفي من قبل السعودية وجماعاتها، الأمر الذي دفع بالعراقي العادي للبحث عن ملجأ حقيقي ونفسي آمن، وليس هناك سوى القيادات القبلية، والقيادات الدينية. ولما كان السنة العرب قد رفضوا فيما سبق المعتدلين الشيعة باعتبارهم (عملاء) لواشنطن، مثل الجلبي وعلاوي وغيرهما، وأضعفوهم فكان من البديهي أن ينتصر الخط المحافظ والأصولي.

هذه البديهية لم تدخل بعد في ذهن السعودية ودول الإعتدال العربي!. وكأن العملاء في العراق، أسوأ من العملاء الحاكمين في الأردن والسعودية ومصر! الأمر الذي يجعل الموضوع أشبه ما يكون بنكتة، حين يتهم العميل منذ تأسيس دولته الآخرين بأنهم عملاء! والغريب أن الأصوليين الحاكمين في العراق لا تتهمهم السعودية بالعمالة لواشنطن، وإنما لإيران، لغرض في نفس يعقوب، فالهدف هو التحريض ضد حكومة المالكي وإسقاطها، وعدم الإعتناء بأية انتخابات ديمقراطية، أي الإطاحة بها بنفس الطريقة التي أريد بها الإطاحة بحكومة حماس وخنق شعبها في غزة.

وإذا كان هناك في الأراضي المحتلة بديلاً لحماس حتى وإن كان فاسداً، يمكن أن يجمع ما يشبه الأكثرية تحت مظلته، فإنه لا يوجد في العراق من بديل أكثر شعبية من الحكومة الحالية المنتخبة. هذه حقيقة، لا يريد آل سعود الإهتمام بها، أو وضعها ضمن حساباتهم حين يقدمون لواشنطن مقترحات حل للوضع العراقي. ولو كانت الآلة العسكرية الأميركية تستطيع أن تفرض حكماً كيفما تشاء لفعلت، والحقيقة فإنها جاءت بطاقم من واشنطن ليحكم العراق بقيادة غارنر لتطبق التجربة اليابانية، ولكنها لم تستطع، ولم يكن هناك من بد سوى الدخول في الإنتخابات بديلاً عن مواجهة الأميركيين. إذا تخلى الأميركيون عن نتائج الإنتخابات، فسيتحول العراق كله ضدهم، وسيخسرون مصداقيتهم في كل العالم وهم الذين يروجون لدمقرطة المنطقة!

هذا لا يهم السعودية، وكأنها تعتقد بأن واشنطن تستطيع أن تفعل ما تشاء! أو كأن واشنطن إلهاً يعبد من دون الله. مع أن السعوديين يدركون بأن واشنطن اليوم أكثر ضعفاً من أي وقت مضى، وهي لا تستطيع مواجهة الأكثرية بعد أن تحررت نفسياً على الأقل من طغيان البعث الصدامي.

تفيد تقارير عراقية بأن هناك تحركات مكوكية بين عمان و دمشق والرياض لتشكيل جبهة سياسية ضد المالكي، يقودها رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي الذي أخد يشن هجمات لاذعة ضد حكومة المالكي من منابر إعلامية اردنية وسعودية، وتقول المصادر أن السعودية تقوم بتمويل علاوي ليجمع من حوله قيادات في النظام السابق أبدوا استعدادهم للعمل معه. تجدر الإشارة إلى أن رئيس القائمة العراقية إياد علاوي، قال في لقاء تلفزيوني مع تلفزيون (الحرة) إن انسحاب جبهة التوافق من الحكومة خطوة في اتجاه انهيار العملية السياسية. وقد سبق لنوري المالكي أن حذر دول الجوار (ويقصد السعودية والأردن) من مغبة العمل على إسقاط الحكومة العراقية بطرق غير مشروعة.

الصفحة السابقة