بداية الغيث.. في فضيحة (فتح الإسلام)

هل ثمّة دورٌ سعودي في اغتيال الحريري؟

محمد شمس

بدأت تحقيقات استخبارات الجيش وقوى الأمن اللبناني مع معتقلي تنظيم (فتح الإسلام) بالكشف عن حقائق خطيرة،
زعيما فتح الإسلام: شاكر العبسي وأبو هريرة
بالرغم من أن ما خفي كان أعظم، كما تنبىء أخبار التهريب لعناصر أخرى في التنظيم خارج الحدود، وكذلك وضع قيود صارمة على مصادر المعلومات. كان القبض على (أبو سليم طه)، القيادي الأبرز في التنظيم والمعتقل الآن لدى الجيش، يعتبر مدخلاً الى مستودع من الأسرار الخطيرة حول نشأة تنظيم (فتح الإسلام)، ومصادر تمويله، وهويته، وخططه العسكرية، والأهم عملياته السابقة والشخصيات الخفيّة التي تديره.

فإضافة الى إعتراف طه بأن المجموعات التي تشكّل التنظيم هي بمعظمها عناصر سلفية وعلى صلة بتنظيم القاعدة، وأن قيادات التنظيم قدّموا بيعة لأمراء القاعدة في العراق (كما تكشف رسائل عثر عليها ضمن وثائق مصادرة من مراكز التنظيم)، فإن معلومات أخرى مفتاحية تستحق الإهتمام: يقول طه، بحسب صحيفة (الأخبار) البيروتية في الثالث من أكتوبر، أنّ المدعوّ أبو يوسف الجزراوي، وهو سعودي، يعدّ العمود الفقري الذي استند إليه التنظيم في الحصول على تمويل وتجهيز لوجستي متنوّع، وهو الذي يرتبط مباشرة بتنظيم القاعدة في الخارج. وقد سبق له أن فرّ من مخيم نهر البارد برفقة شهاب القدور (أبو هريرة)، وهو من الذين كانوا يوفّرون الصلة القوية بالمقاتلين الذين يتنقّلون بين لبنان وسوريا والأردن والعراق.

ذكر طه أن أفراد التنظيم بدأوا بالقدوم الى لبنان منذ بدأت قوى المعارضة اللبنانية إعتصامها وسط بيروت، وجاء أبو هريرة ليطرح مبدأ (الدفاع عن أهل السنّة) الذي يلقى صدى في بيانات رجال الدين السلفيين حول العراق الذين استعملوا ذات المبدأ من أجل تعبئة مذهبية لصالح السنّة في العراق. يقول طه أن لقاءات جرت بين (أبو هريرة) ورجال دين وناشطين لبنانيين بينهم كوادر في تيار (المستقبل). إعترف طه بأعمال عنف واغتيالات جرت في لبنان منها حتى الآن الإعتراف بالضلوع في جريمة عين علق في فبراير الماضي ومن ثم تفجيرات الأشرفية وفردان في مايو الماضي. وفيما نفى طه أي علاقة للتنظيم باغتيال الوزير بيار الجميل، فإن ثمة أجهزة أمنية لبنانية وخارجية تحاول تسريب معلومات ملفّقة تستهدف تضليل مسار التحقيق، فيما يحاول تجميع معلومات متناثرة وغير منسجمة لتشكيل حقيقة أخرى غير الأصلية.

في التاسع من أكتوبر، نشرت (الأخبار) رواية مايعرف بـ (مجموعة الـ 13) عن اغتيال رفيق الحريري، وهي مجموعة تم التحقيق معها من قبل فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وكذلك أجهزة أمن غير لبنانية وبصفات متنوّعة من يبنها سعودية وأميركية دون أن يعلم أفراد المجموعة من الذي يحقق معهم، وتضم هذه المجموعة أشخاصاً من جنسيات عدة: السعودية، لبنان، فلسطين، سوريا.

نتائج التحقيق مع أفراد المجموعة جرى التعامل معها بجدّية باستثناء ما تعلق منها بعملية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، على أساس أن القضية من اختصاصات لجنة التحقيق الدولية. قضية المجموعة تعود الى سبتمبر 2005، وقد صدر بحقها إتهام بالإقدام على (تأليف عصابة تمهيداً للقيام بأعمال إرهابية وتزوير أوراق رسمية ونقل أسلحة)، ووفق القرار أن (المدّعى عليهم، على رغم اختلاف جنسياتهم، جمعتهم عقيدة واحدة وأفكار هادفة الى الجهاد لتحرير العراق من الاحتلال الأميركي. وتحقيقاً لرغبتهم هذه، بايعوا أمراء تنظيم القاعدة. وقد أقدم هؤلاء الأمراء لاحقاً على تعديل وتحويل مهمّتهم وتوجيهها إلى الأنظمة العربية لبعض الدول التي كفّروها في العالم العربي والإسلامي وبعض الطوائف اللبنانية).

في التحقيقات الأوليّة التي جرت مع الموقوفين، والتي نشرتها جريدة (الأخبار) ابتداءً من العاشر من أكتوبر على حلقات متسلسلة ما يفيد بمعلومات عامة حول إغتيال رفيق الحريري، وكيف تحرّكت المجموعة ومن أهم أعضاؤها، وما علاقتهم بالمقاومة العراقية، وماذا يفعلون في لبنان، وماهي الدول تشملها حركتهم، ومن يطاردهم وفي أيّ دول؟ ما علاقتهم بالنظام السوري؟ ما هي الأجهزة والشرائح الإلكترونية المتطوّرة التي يصمّمونها وينقلونها؟ وما سرّ المعلومات المشفّرة على أجهزة كومبيوتراتهم الشخصية؟ وأين كان تُنقل ولماذا تستخدم؟ من هم أفراد مجموعات الرصد والاستطلاع لعملية اغتيال رفيق الحريري؟ كيف وأين صُوّر فيلم أحمد أبو عدس؟ ما هي قصّة الساعات الأخيرة لأحمد أبو عدس؟ وهل هو من نفّذ العملية ضد الحريري؟ كيف رصدت المجموعة الإجراءات الأمنية في محيط مكان تنفيذ العملية وكيف أحبطت فاعليتها؟ لماذا لم تظهر الاختبارات وجود الحمض النووي لأحمد ابو عدس في محيط مكان التتنفيذ؟ ما علاقة القاعدة في بلاد الحرمين بعملية اغتيال رفيق الحريري؟ ومن هو المنفّذ السعودي الذي يجري التحدث عنه والمذكور في تقرير المحقق الدولي سيرج براميرتس؟ ومن هو أبو هاجر السعودي ولماذا يرسل المجاهدين إلى لبنان؟ هل من علاقة لمجموعات أصولية جهادية في عين الحلوة بكل ما جرى؟ وكيف كانت تتم الصلات بين المجموعات الجهادية؟ كيف كانت المجموعات تنسق اتصالاتها البشرية والهاتفية والإلكترونية؟

في أول محضر من التحقيق الذي نشرته صحيفة (الأخبار)، دار الحديث عن اعتراف عنصر قيادي سعودي في شبكة الـ 13 ويدعى فهد اليماني وإسمه حسب التحقيق (فيصل أكبر!)، التي ألقي القبض عليه في يناير 2006. وبحسب نص التحقيقات التي نظرها وحوّلها المقدم رئيس شعبة المعلومات إلى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية في بيروت في 9/5/2006، تحت الرقم : 17/302 والتي بدأت بتاريخ 3/1/2006. والخاصة بمتابعة التحقيق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتحديداً حول اختفاء المدعو أحمد أبو عدس قبل حوالي الشهر من ظهوره على شاشات التلفزة وذلك بناءً لإشارة حضرة النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا بختم المحضر المذكور وتنظيم محضر إلحاقي لاستكمال الإجراءات خاصة وأنه قد ضُبط بموجب المحضر المذكور كمية من البنادق الحربية والذخائر وكمية كبيرة من الشرائح الكهربائية المماثلة المجهولة الاستعمال والتي تستعمل كـٌّفٌمز ـ ََّّمٌْىط، وأجهزة لاسلكية للإتصال وأقراص مدمجة وجهازي كمبيوتر وأوراق ومستندات ومن ثم توقيف كل من: فهد اليماني، سعودي الجنسية، وجمال بابلي ومحمد قوجة ـ ومحمد وفائي وطارق التاجر سوريين لم نتمكن من استماعهم بالمحضر لانتهاء المدة وضبط بحوزة الأخيرين جهاز كمبيوتر محمول وأقراص مدمجة وفلاشات لذاكرة الكمبيوتر وبطاقات اتصالات متعددة مرمزة ووثائق هويات فلسطينية مزورة وملاحظات مدونة بخط اليد لأرقام عائدة لأشخاص بألقاب وشيفرات مسجلة وتعليمات وأوراق مسجل عليها بخط اليد عن طريقة إعداد المتفجرات والتشريك لأنواع: 4ك :ٍّمٍُّم :شخش ومتفجرات أخرى. ومتابعة لموضوع التحقيق في توقيف كل من حسن النبعة ـ مالك النبعة ـ وهاني الشنطي وعامر حلاق وفيصل أكبر وطارق الناصر، وفتح المحضر في حالته الحاضرة إيداعه جانب النيابة العامة العسكرية يفيد محضر التحقيق انه تمت اسماع الموقوفين حقوقهم المنصوص عنها بقانون أصول المحاكمات الجزائية المعدّل، تمهيداً للاستماع إليهم، وبوشر بالاستماع الى الافادات.

الحريري: هل قتله سلفيون سعوديون؟

مقتطفات من إفادة فهد اليماني

وحسب محضر التحقيق مع الموقوف فهد اليماني يبدأ الاخير بالكلام يقول:

(تقدّمتم مني في محلة عين الرمانة، في الشارع أمام مبنى الصمود، قرب مدرسة الهدى، أعلنتم عليّ صفتكم الرسمية والغاية من حضوركم. فتشتموني، فلم تعثروا معي على ممنوع، وضبطتم هاتفيّ الخليويين وفلاشات الميموري ومفكرتي الخاصة. أحضرتموني إلى مركزكم، وتابعتم تلقي الاتصالات على هواتفي، فأوقفتم المتصلين بي والمعروفين من قبلي، ثم قمت بدلالتكم إلى الشقة التي أشغلها في لبنان، ثم تلوتم عليّ حقوقي بإجراء مخابرة هاتفية ومقابلة محامي ومعاينة طبية، وإنني مستعد للإجابة على أسئلتكم. كما ولم يفقد أو يتلف أو ينقص لي أو لأغراضي أي شيء من جراء التوقيف والتفتيش الذي تم على مراحل عدة.

س: ما هي الألقاب التي استعملتها لنفسك ولمَ استعملتها وبأية ظروف؟

ج: لقد استعملت عدة ألقاب، أذكر منها طارق وراني وأبو سليمان وصالح وفهد وفارس وعبد الغني وحسن والشيخ. وقد استعملت هذه الألقاب للعمل الأمني، تخفّياً ولعدم إظهار هويتي الحقيقية.

س: ضبطنا منك جواز سفر سعودياً مزوراً وبطاقة فلسطينية وهوية سورية وأوراق أخرى جميعها مزورة بأسماء مختلفة جميعها تحمل رسمك الشمسي. أضف إلى أنك أفدتنا بأن هويتك الحقيقية فيصل أكبر، سعودي الجنسية. وأضفت أنك أضعت هويتك الأصلية في أفغانستان، وأضفت أنك أقمت في سوريا وقد أوقفت في لبنان؟

ج: أفيدكم بأنني خرجت من منزلي في 1999 من المملكة العربية السعودية قاصداً أفغانستان للجهاد، حيث بايعت الشيخ أسامة بن لادن كوني سلفي المعتقد. وشاركت في القتال مع طالبان ضد قوات أحمد شاه مسعود، طبعاً بعد خضوعي للعديد من الدورات العسكرية في التنظيم الذي أنتمي إليه.

س: أخبرنا عن أدوار رفاقك الموجودين معك في لبنان، وخاصة أننا ضبطنا مسدسين حربيين وقنبلة يدوية وقناعاً وأموراً أخرى كثيرة نستعرضها أمامك من مضبوطات شقة الرملة البيضاء؟

ج: أفيدكم أن مروان يعمل في فتح البريد الالكتروني الخاص بتنظيمنا، واستئجار بيوت لنا في لبنان. أما نضال، فهو مجاهد وقد لوحق وتمكن من الوصول إلى لبنان. وسامر ووسيم فهما مجاهدان من لبنان. أما الطبيب، فهو طبيب الجماعة الذي أوقف معنا، فهو طبيب خاص بنا، وقد لوحق أيضاً. وقد أوقفتم أيضاً برفقة الطبيب الشيخ راشد، وهو مسؤول الجماعة، والباقون أعضاء ملاحقون قمت بإسكانهم في شققنا للحفاظ عليهم، وهناك آخرون لم يلق القبض عليهم، وهم موجودون في مناطق أخرى من لبنان، كفرج وداني وجلال ونور، وجميع المذكورين يستعملون ألقاباً، وهذه ليست أسماءهم.

س: أفدنا عن هويات الأشخاص الذين ذكرتهم الآن بألقابهم، ونعرض عليك رسوماً شمسية وبطاقات شخصية للموجودين لدينا؟

ج: بعد مشاهدتي الصور لديكم، أفيد بأن الطبيب هو طارق الناصر، وأن جوهر هو فيصل حسن، وأن نضال هو جمال بابلي، وأن الشيخ راشد هو حسام منيمنة، وأن مروان هو هاني الشنطي، وأن سامر هو عامر حلاق، وأن وسيم هو سليم حليمة، وأن نور هو خالد طه، وأن جلال ـ ومعروف أيضاً باسم رمضان ـ هو بلال زعرورة، وأن الملقب عبد الله هو زياد رمضان، علماً بأن الموقوفين لديكم الآن قد زودتهم الجماعة ببطاقات هوية مزورة بواسطة الملقب مراد، وهو سوري ولا أعرف هويته الحقيقية، واختصاصه التزوير والمونتاج.

س: لقد ذكرت لنا أن نبيل هو مَن يُبايع في سوريا، فكيف له أن ينتقل للقتال في العراق دون غيره من الأمراء الذين يبايعون؟

ج: لقد انتقل نبيل للقتال في العراق بناءً على طلب أبو مصعب الزرقاوي. وفي هذه الحال، لا ترفض الأوامر. وقد بلّغه هذا الأمر الشيخ راشد.

س: في المرتين اللتين أوصلت فيهما خالد الطه ورفيقه، وفي المرة الثانية التي أوصلت فيها بلال زعرورة ورفيقيه. أفدنا هل كان أي منهم يحمل أية أغراض؟

ج: في المرتين كان الشباب يحملون حقائبهم أو أكياس نايلون فيها أغراضهم الشخصية. وقد اصطحب خالد الطه كومبيوتره نوع ذب في أول مرة، وفي المرة الثانية اصطحب بلال زعرورة كومبيوتره الشخصي نوع .فقىوَُّش

س: هل جرى إخفاء خالد الطه وبلال زعرورة ورفاقهم في المخيم بناءً لأوامر؟

ج: نعم. لقد صدر أمر بإخفاء خالد الطه وبلال زعرورة في مخيم عين الحلوة بناءً لأوامر راشد. وقد قام جميل بالتنسيق مع معارفه في المخيم لإخفائهم هناك. أما مراد وأبو الرؤى وأحمد، فهم مطلوبون في سوريا، وقد صدر أمر أيضاً بتخبئتهم في المخيم. وفي العادة تصدر الأوامر للشباب بالاختباء، لدى حصول مشكلة أمنية معهم، حيث وفي الوقت الذي كانت الطريق إلى العراق من سوريا مفتوحة، كان يُطلب من الشباب المذكورين الانتقال إلى العراق. أما أخيراً، وعند إقفال الطريق إلى العراق واستمرار الحملات الأمنية في سوريا، جرى الانتقال إلى لبنان. وهذا ما حدث معي ومع الشيخ راشد والشباب الباقين كالطبيب والآخرين.

س: هل تذكر صدور أي أمر للمدعو هاني الشنطي، الملقب بمروان أو لغيره، تضمن الأمر تعليمات بالاختباء وعدم الحضور إلى مركزنا لدى إبلاغه من جانبنا بذلك؟ وممّن صدر الأمر ولمَن؟

ج: لقد صدرت أوامر عن جميل وراشد لدى وجودهما في سوريا، وكنت ما أزال هناك، لمروان أي هاني الشنطي بالاختباء وعدم الذهاب إلى أي مركز أمني تحاشياً للاستماع إليه وتوقيفه. وقد أعلمني وأكد لي هذا الأمر أخيراً هاني الشنطي أثناء وجودي في بيروت. وكان وسيم وسامر أي عامر حلاق وسليم حليمي قد اختبآ لدى هاني في شقة البسطة تحسباً لاستدعائهما إلى أي جهة أمنية في لبنان، وذلك لضمان عدم اكتشاف ما لديهم من معلومات عن نشاطات الجماعة.

س: هل تعرف شخصاً يدعى زياد رمضان، وخاصة أنك على معرفة بخالد الطه وهاني الشنطي وعامر حلاق وسليم حليمة وبلال زعرورة وآخرين على معرفة وعلاقة بزياد المذكور؟

ج: لا توجد معرفة بيني وبين زياد رمضان، لكن كنت أسمع به لدى حضوري إلى لبنان. وقد علمت أنه كان يلقب بعبد الله، وهو على معرفة بعامر حلاق وسليم حليمة بحسب ما أخبراني به عامر وسليم، وأنه يعرف أيضاً خالد الطه حسب قولهما.

س: كيف تطرقتم إلى ذكر هذا الموضوع؟

ج: لدى وجودي في لبنان أخيراً، علمت من عامر وسليم أنهما مختبئان لكونهما على معرفة بزياد رمضان، ويخشيان استدعاءهما للتحقيق، وفي سياق هذا الحديث تكلمنا عن التفاصيل.

س: ماذا يجمع المذكورين في إفادتك، وكيف تعرفت إليهم؟

ج: لقد تعرفت بخالد الطه بلقب بدر في البداية منذ حوالى سنتين حسب ما أذكر لدى حضوره إلى سوريا وتلقيه دورة أمنية، لقنتها أنا له في مدينة حلب. وبعدها التقى نبيل وراشد تسلسلاً للمبايعة، ومن ثم بدأ خالد طه بتجنيد الإخوة للعمل معنا. فحضر الملقب أبو تراب الذي أخضعته أنا لدورة أمنية كسائر الإخوة، ومن ثم اصطحبه نور أي خالد الطه للمبايعة لدى راشد، ومن ثم حضر مروان أي هاني الشنطي بتزكية خالد الطه، وقد خضع أيضاً لدورتي الأمنية، ومن ثم بايع راشد. ثم قام هاني بتزكية عامر حلاق وسليم حليمة اللذين قدما إلى حلب وخضعا لدورة أمنية، ومن ثم بايعا راشد أو نبيل. وقد حضر عامر قبل سليم بحوالى شهرين حسب ما أذكر، وأن آخر شخص حضر للمبايعة وللدورة الأمنية كان جلال أي بلال زعرورة، وذلك بعد سامر وحليم. بعدها بفترة بدأت الحملات الأمنية في سوريا فانتقلنا إلى لبنان وبقي جميل هناك وكان نبيل قد استشهد في العراق.

س: ذكرت لنا الملقب بأبو تراب. هل باستطاعتك تذكر أوصافه إذا شاهدته أو شاهدت رسمه الشمسي. وهل تعرف هويته؟

ج: نعم أذكر أوصاف أبو تراب لكونه وبعد خضوعه للدورة الأمنية لديّ، اصطحبه خالد الطه إلى نبيل وراشد للمبايعة، وهو الشخص نفسه الذي ظهر على التلفزيون في 14/2/2005 وأدلى بالبيان بتبني عملية اغتيال رفيق الحريري. وقد أعلمني باسمه خالد الطه بأنه يدعى أحمد أبو عدس.

س: ألهذا السبب اختبأ خالد الطه وهاني الشنطي والآخرون وتواروا عن الأنظار لدى شروعنا في البحث عنهم؟

ج: بعد عملية الاغتيال بحوالى أسبوع، اختفى خالد الطه ولم يعد يُشاهد كالعادة في المضافات خاصتنا. وأعتقد أنه قد أبدل لقبه من بدر إلى نور في تلك الفترة حسب ما أذكر.

س: متى وصل أحمد أبو عدس إلى سوريا، وعن طريق مَن قبل مقابلتك إياه وإجراء الدورة التي ذكرتها لنا؟

ج: أذكر أن أحمد أبو عدس الملقب بأبو تراب قد حضر إلى سوريا في بداية عام 2005، في الشهر الأول من العام المذكور. وقد ذهبت إلى مدينة دمشق في حينها، حيث استقبلته هناك. وكان برفقتي خالد الطه. وقد حضر أحمد أبو عدس من طريق المهرّب الذي نتعامل معه ويدعى أحمد من بلدة مجدل عنجر.

س: كيف وصل إليك خبر قدوم أحمد أبو عدس إلى دمشق، وكيف تعرفت إليه، وهل كانت المرة الأولى التي تشاهده فيها أم كنت قد شاهدته سابقاً؟

ج: لم أكن قبل مقابلتي أحمد أبو عدس قد شاهدته سابقاً، وقد أعلمني خالد الطه بحضور الملقب بأبو تراب، وقد ذهب معي خالد الطه لكونه يعرفه، حيث استقبلناه في ساحة المرجة بدمشق حيث سلّمه المهرّب إلى خالد الطه، غادر على إثرها أحمد المهرّب واصطحبنا أنا وخالد وأحمد أبو عدس في سيارة تاكسي إلى مضافة في دمشق، في حي ركن الدين. أمضى هناك أحمد أبو عدس حوالى أسبوع، ومن ثم اصطحبه خالد الطه لمقابلة نبيل والشيخ راشد.

س: هل من عادتك استقبال القادمين من لبنان شخصياً؟

ج: كلا. في العادة لا أتسلم أي شخص يحضر من لبنان في الشارع. والعادة تقضي بأن يُحضر الشخص إلى المضافة الخاصة بإعطاء الدورات.

س: لماذا إذاً في حالة أحمد أبو عدس انتقلت لاستقباله؟

ج: لقد تلقيت أوامر من نبيل وراشد بأن أذهب شخصياً وأستقبل أحمد أبو عدس.

س: لمَ هذه الخصوصية؟

ج: في البداية لم يكن الأمر واضحاً لي.

س: ماذا اتضح لك بعد ذلك، وكيف بررت طلبهم منك مرافقته واستقباله شخصياً؟

ج: لاحقاً، وبعد ظهور أبو عدس على التلفزيون، تبيّنت لي أهمية استقباله لكونه قد نفّذ العملية.

س: لماذا تدلي بمعلومات إن كانت صحيحة فهي تدل على تورطك واحتفاظك بمعلومات تفصيلية أكثر. ننصحك بالإجابة بكل صدق وموضوعية ووضوح، وبإفادتنا عن أدق التفاصيل بلقائك بأحمد أبو عدس؟

ج: بعد أن أوقفتموني وأوقفتم الشيخ راشد وأعضاءً من الجماعة، لم يكن باستطاعتي إخفاء المعلومات التي أعرفها عن أحمد أبو عدس وعن تفاصيل أخرى معروفة من جانبنا عني أنا وخالد الطه والشيخ راشد. لذا سوف أخبركم بكل حقيقة وتجرد عن معلوماتي عن تفاصيل لقائي بأبو عدس وما حدث بيننا.

س: هل تتعرض لأي ضغط أو إيحاء، وهل تدلي بإفادتك الآن لغاية ما، وهل تقول إفادتك بكل صدق؟

أبو عدس: الموضوع المغيب في الإعلام

ج: إنني أدلي بإفادتي بمحض إرادتي، ودون أي ضغط ولا أية إيحاءات. وإنني أقول الحقيقة كما هي.

كلا ليست لديّ أقوال أخرى. وهذه إفادتي.

تُليت عليه إفادته، فصدّقها ووقّعها معنا.

اللقاء بأحمد أبو عدس في دمشق

س: اُذكر لنا بالتفاصيل الدقيقة كل مشاهداتك ومعلوماتك منذ اللحظة الأولى التي تلقيت فيها التعليمات باستقبال أحمد أبو عدس حتى آخر لحظة شاهدت فيها أحمد أبو عدس؟

ج: لم أكن أسمع بأي معلومة عن حضور أحمد أبو عدس إلى سوريا حتى يوم الثلاثاء الذي لا أذكر تاريخه، بل أعتقد أنه في 18/1/2005، وتحديداً في المساء، حين حضر خالد الطه إلى دمشق، إلى ساحة المرجة، وكنت قد تلقيت اتصالاً هاتفياً من جميل على رقمي الخلوي الذي لا أذكره حيث أعلمني جميل بأن خالد الطه سوف يحضر ليكلّمني في موضوع معيّن لم يذكره على الهاتف، كعادتنا بالتحادث هاتفياً. وبالفعل، حضر خالد الطه إلى ساحة المرجة وكنت بانتظاره قرب سينما فيكتوريا والجسر.

حضر خالد بمفرده، ألقى السلام عليّ، وأعلمني بأن جميل يقول إن علينا في اليوم التالي استقبال شخص قادم من لبنان، على أن أقوم بإخضاعه للدورة الأمنية التي ألقّنها للشباب.

اتفقنا على اللقاء ظهر اليوم التالي الأربعاء في ساحة المرجة قرب فندق الخيام. غادر على أثرها خالد الطه وعدت أنا إلى شقتي في دمشق، حي المزة.

وفي اليوم التالي، وفي الساعة الرابعة عشرة والدقيقة الثلاثين، توجهت بواسطة السرفيس إلى قرب فندق الخيام. قابلت هناك خالد وكان يرتدي جينزاً أسود وقميصاً لونه أزرق زاهٍ.

أجريت أنا وخالد جولة استطلاع كعادتنا لدى اللقاء في الشوارع العامة بيننا، أي بين أفراد الجماعة. وحوالى الساعة الخامسة عشرة، حضرت سيارة تاكسي سورية لونها أصفر أذكر أنها من الطراز الصغير الحجم وتوقفت قبل أن تصل إلينا، وترجل منها شخصان تقدما منا حيث فهمت أن الشخص الآخر هو المهرّب الذي نقل أحمد أبو عدس، وعرفني خالد بالقادم من دون تسميته بأنه الشخص الذي ينتظره بينما غادر المهرّب ماشياً. وأضيف إن المهرّب لم يقبض أي مبلغ منا ولم نكن أنا وخالد نعرفه ومن الممكن أن يكون أحمد أبو عدس هو مَن قام بدلالة المهرّب إلينا لكونه يعرف خالد الطه؛ كان خالد قد أعلمني بأنه هو مَن زكّى هذا الشخص، أي أحمد أبو عدس؛ استقللنا نحن الثلاثة سيارة تاكسي سورية من نوع سابا إيرانية الصنع.

جلست أنا وأحمد أبو عدس في الخلف، وجلس خالد على المقعد الأمامي قرب السائق، وقد استقللنا هذه التاكسي دون معرفة سابقة بسائقها؛ دام وجودنا في السيارة من قرب فندق الخيام إلى حي ركن الدين حوالى الربع ساعة. دفع خالد أجرة التاكسي 35 ليرة سورية، وهو مَن قام بدلالة السائق إلى مكان المضافة، وهي في بناية بلون أبيض، فيها مصعد، والشقة في الطبقة الثانية، وكانت هذه أول مرة أتعرّف فيها إلى هذه المضافة. وصلنا إلى باب الشقة الخشبي ذي اللون الأبيض، قرع خالد الجرس، فتح لنا الباب الملقب شاكر، وشاكر معروف مني وهو من يستأجر الشقق ويدير المضافات لنا.

دخلنا الشقة وهي عبارة عن ثلاث غرف وصالون، وفيها حُصر وفرش إسفنج (حوالى ست) وكرسيان بلاستيك لون بني. جلسنا في إحدى الغرف البعيدة عن باب الشقة وقعدنا على الفرش على الأرض نحن الأربعة. عرّفته عن نفسي بلقب طارق وأعلمته أنني مَن سوف أعطيه الدورة الأمنية؛ بعدئذ نزل شاكر واشترى فروجاً وتناولنا العشاء نحن الأربعة حوالى الساعة السابعة مساءً.

غادرت الشقة المضافة إلى شقتي في المزة، وغادر شاكر أيضاً لاستحضار أغراض للإفطار صباحاً في اليوم التالي، ليعود وينام في الشقة، على أن أحضر أنا في الصباح للمباشرة بإعطاء الدورة لأحمد أبو عدس الذي لم أكن قد علمت باسمه أو لقبه لحينه.



الصفحة السابقة