مجاهدي خلق: حاضنة جديدة ولكن سعودية

معركة إستخبارية بين الرياض وطهران

ما يجري على السطح المبرّد بين طهران والرياض لا يعكس بالضرورة وضعاً صحياً مستقراً في جسد العلاقات الإيرانية السعودية، فثمة عالم خفي يخوض فيها الطرفان معارك شرسة، ليس العراق ولبنان وفلسطين ومياه الخليج وحدها الساحات التي تصطكّ فيها الأسنّة السياسية والأمنية بين الجانبين، فقد تصل أحياناً الى مستوى أخطر يتعلق بالمجال السيادي لكل منهما.

ضرب خفيف تحت الحزام، بعد جديد يدخل الى حلبة التنافس الإيراني السعودي، رغم أن التجارب السابقة تلقي بظلال قاتمة على معادلة تبدو للوهلة الأولى مقبولة طالما بقيت في حدود السيطرة، خصوصاً حين يكون التجاذب يجري في منطقة اعتاد الطرفان على ضبط مقاساتها، فثمة تجربة طويلة نسبياً من التعاون الأمني بين البلدين تعود الى فترة هاشمي رفسنجاني الرئيس الإيراني الأسابق الأثير لدى الملك عبد الله، ورئيس تشخيص مصلحة النظام حالياً.

وفيما تبقى طهران مركز الإستهداف الدائم في أية إضطرابات أمنية في المنطقة، كجزء من التعبئة الأميركية المفتوحة على خلفية الملف النووي الإيراني، تصبح لعبة الإستخبارات غير متكافئة لا من حيث القدرات الأمنية لكل من الرياض وطهران، ولكن من حيث نسبة الحقيقة والدعاية في فصول المعركة الإستخبارية.

بالنسبة لطهران، فإن وجود حركة معارضة إيرانية لها في العراق تحت الإحتلال الأميركي يجعل إمكانية إستغلالها في أية معركة سياسية وأمنية سهلة، ليس من الجانب الأميركي بل ومن جانب خصومها كافة، والحال نفسه بالنسبة للسعودية التي ترى في كل شيعة الخليج بمن فيهم الشيعة في المنطقة الشرقية حواضن أمنية نموذجية يخشى أن تنمو فيها حركات إعتراضية ضد الدولة.

في كل الأحوال، تبدو المعركة الأمنية بين الرياض وطهران شاخصة في أكثر من مكان يتزاحم فيه النفوذان الإيراني والسعودي. مصادر أمنية عراقية تحدّثت عن خلفية التحرّك السياسي والأمني العراقي في الآونة الأخيرة لحسم مصير حركة (مجاهدي خلق) الإيرانية في العراق أثر تقارير عن قيام قادة الحركة بعقد لقاءات واتصالات مع جهات عربية بدأت بالإردن التي سهّلت مرور قيادات من الحركة الى عمّان حيث أجرت مشاورات مكثّفة مع الأجهزة الأمنية الأردنية والسعودية من أجل التخطيط لعمليات عسكرية داخل إيران. وفيما يبدو، فإن المسؤولين الإيرانيين تنبّهوا الى تحرّكات غير طبيعية لقيادات (مجاهدي خلق) حيث أقدمت على قصف معسكر أشرف العراقي، وفي الوقت نفسه أبلغوا حكومة المالكي إحتجاجهم على السكوت عن تحرّكات المعارضة الإيرانية في العراق.

مصادر أمنية عراقية ذكرت في 20 يونيو الماضي بأن السعودية تتحرك لاستيعاب مجموعة قيادية من (مجاهدي خلق) داخل أراضيها لمواجهة نفوذ إيران وتصاعد خطرها وتأثيرها في المنطقة. المصادر ذكرت أيضاً بأن السعودية لن تتأخر في تسريب نبأ وجود هذه المجموعة لإبلاغ الإيرانيين بأنها تملك ورقة مماثلة كتلك التي بحوزتهم، أي وجود بعض قيادات شبكة القاعدة على الأراضي الإيرانية. وأضافت المصادر تلك بأن قرار إستيعاب قيادات في المعارضة الإيرانية جاء من أمين عام المجلس الوطني السعودي الأمير بندر بن سلطان الذي وعد بتزويدها بكل الدعم اللازم المالي والعسكري. وتشرح هذه المصادر خلفية قرار السعودية بأن الأخيرة تلقت طلباً أميركياً بهذا الشأن لجهة تطوير علاقة خاصة مع (مجاهدي خلق) كمرحلة تمهيدية لتسوية ملف الحركة في العراق وخروجها بصورة كاملة منه.

في المقابل، كان إحتجاز ثمانية بحرينيين يعملون في وزارة التربية البحرينية في سجن بالرياض منذ فبراير الماضي بتهمة التجسس لصالح إيران ورقة راجحة حتى الآن في يد الجهاز الأمني السعودي. بدأت القضية بتسريب الإتهامات التي دامت لفترة من الوقت عبر مواقع سعودية مقرّبة من وزارة الداخلية ريثما تصل إلى الجانب الإيراني، قبل أن تقرر الرياض وعلى لسان وزير الداخلية الأمير نايف التخفيف من وطأة الإتهامات والتنصّل من مسؤولية التسريبات حيث أكّد في الثاني والعشرين من يونيو الماضي أنه (لا صحة لما تناقلته وسائل الإعلام وبعض المواقع الإلكترونية حول مسببات اعتقال مجموعة من المواطنين البحرينيين في السعودية)، فيما أبقى الباب مفتوحاً بقوله (ما زالت الأمور في مجال الاتهام، والتحقيقات ستظهر الحقيقة..).

الصفحة السابقة