الوهابيون حرّموا التظاهر ومقاطعة البضائع دفاعاً عن غزة

علماء مسلمون يدينون فتاوى الوهابية السياسية

سعد الشريف

يوماً بعد آخر تفقد المؤسسة الدينية الوهابية سمعتها في الخارج، بسبب مواقف مشايخ الوهابية السياسية، وكانت أكبر خسارة تلقتها تلك المؤسسة قد جاءت في فترة الهجوم الإسرائيلي على غزة، حيث اندغم مشايخ السلطة ضمن السياسة الحكومية المنددة بحماس، أو المعارضة لدعمها، او حتى الدعاء للفلسطينيين في غزة. أكثر من ذلك، بادر بعض مشايخ السلطة السعودية الى إصدار فتاوى تدين المظاهرات المنددة باسرائيل وحلفائها الغربيات، كما فعل المفتي السعودي ورئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ صالح اللحيدان، وكذلك الى اصدار فتاوى تدين المقاطعة الشعبية ـ والتي يجري التحريض عليها عادة عبر الإنترنت ـ للبضائع الإسرائيلية والأميركية والغربية المتواطئة مع اسرائيل.

وقد انبرت ثلّة من علماء المسلمين للرد على مشايخ الوهابية وفتاواهم التخذيلية. من أولئك الأمين السابق لجبهة علماء الأزهر الدكتور يحيى إسماعيل الذي هاجم ما وصفه بـ (فتاوى التخذيل) التي صدرت عن مشايخ في السعودية، والتي حرمت
الشيخ الدكتور يحي اسماعيل
التظاهر لمناصرة الفلسطينيين، والدعوات إلى مقاطعة البضائع الغربية والأميركية.

وقال إسماعيل - وهو أستاذ الحديث بجامعتي الأزهر والكويت - إن المظاهرات التي قامت وتقوم لنصرة أهل غزة هي (وسيلة حضارية تعبر عن صحوة الأمة وتضامنها مع بعضها).. لافتاً إلى أن الأنظمة (لم تترك أمام الشعوب إعلاماً حراً للتعبير عن رأيها ونبضها، فلم يبق أمام الشعوب المكبوتة سوى التظاهر كتعبير صريح ومشهود على رفض العدوان).

واعتبر إسماعيل المظاهرات (ورقة قوية بأيدي الأنظمة التي تخشى الضغوط فتستطيع الدولة الدفع بورقة ضغط الشارع لتواجه بها ضغوط الضاغطين)، مؤكدا أن المظاهرات السلمية (تحيي في الناس الشعور بأن هناك ظلما وقع على إخوة لنا وتستنهض فيهم روح العزيمة والإصرار على رفع الظلم والعدوان).

وحول فتوى رفض الدعوات إلى مقاطعة منتجات الدول الغربية والأميركية أضاف إسماعيل (معركتنا مع الكيان الصهيوني ليست فقط معركة سلاح بل تمتد لتطال مختلف صنوف السلاح ومنها المقاطعة للمنتجات والسلع والعلاقات السياسية). وأكد أن المقاطعة (سلاح حاد جدا وبه يمكن إرسال رسائل للدول القائمة على أساس رأسمالي وتهتم بمصالحها وأسواق تصديرها). وشدد على المقاطعة والمظاهرة والبيان والدعاء وغيرها كلها أسلحة يتعين تفعيلها.

إخوان الأردن يردّون على مفتي السعودية

الشيخ همام سعيد

واستهجن المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن همام سعيد تصريحات مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ حول رفضه لمبدأ مقاطعة بضائع الدول الأجنبية التي تعادي العالم العربي والإسلامي. مستهجناً من يقاطع البضائع الأجنبية الدانماركية والاسرائيلية والأميركية والبريطانية.

وحذر همام سعيد من أن الاستهزاء بالواجبات الشرعية غير جائز، وأشار إلى أن تطرق مفتي السعودية لأهمية التبادل التجاري بين الدول هو استشهاد في غير موضعه، إذ إن (العالم واسع وتوجد بدائل للتبادل التجاري صادرات وواردات وهذا سلاح لمرحلة وليس حكما دائما). مضيفاً بأن حرب الأعداء واجبة شرعا، والبعد الاقتصادي شكل من أشكال هذا الوجوب، وآيات الجهاد تتضمن جهاد المال إلى جانب جهاد النفس. وتابع بأن مشروعية مقاطعة بضائع المشاركين في حرب المسلمين ثابتة المشروعية وعليها أدلة كثيرة.

وكبير علماء الأزهر يرفض فتوى المفتي..

من جهة أخرى، رفض الشيخ سيد عسكر، الأمين العام المساعد السابق لمجمع البحوث الإسلامية (أعلى هيئة علمية في الجامع
الشيخ سيد عسكر
الأزهر) الفتوى الصادرة عن المفتي السعودي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، بعدم جواز مقاطعة المسلمين لبعض بضائع الدول الأخرى. ففي بيان قال الشيخ عسكر، وهو عضو اللجنة الدينية في البرلمان المصري، (للأسف الشديد لقد جانب فضيلة الشيخ الصواب فيما ذهب إليه، حيث عمم حكما لا يليق بالمقام). وأضاف: (الفتوى معناها تنزيل الحكم الشرعي على جزئية من الجزئيات، بمعنى أن الأصل في التعامل مع أهل الكتاب - طعاما وشرابا وزواجا - هو الجواز لا التحريم، ولكن هذا الحكم ليس معمما، أي أنه لا يجوز التعامل مع الحربيين من أهل الكتاب في جميع الأشياء السابقة، لأن التعامل معهم فيها يقويهم في حربهم على أهل الإسلام).

وتابع الشيخ عسكر (كان ينبغي على الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أن يعرف - قبل الفتوى - من يريد المسلمون أن يقاطعوه. إنهم أعداء الإسلام ممن يذبحون أطفال فلسطين ويشردونهم ويسبون نساءهم ويدنسون مقدساتهم، ولذا فإذا تعلق الأمر بمقاطعة هؤلاء فإنها تصبح واجبة شرعا).

وكان المفتي السعودي قد انتقد المروجين للمقاطعات التجارية ووصفهم (بالمتنطعين والمطعطعين) أي المتشددين في أمورهم الدنيوية والدينية، مؤكدا أن التبادل التجاري بين الدول جائز.

وقد ووجه المفتي بنقد حاد من قبل المواطنين السعوديين مشيرين الى أن فتاواه كثرت في الآونة الأخيرة، واعتبروها (فتاوى سياسية) أملاها الأمراء السعوديون على المفتي وعلى غيره من مشايخ الوهابية.

الصفحة السابقة