بين الرياض وتل أبيب..

نظرة فلقاء.. فتطبيع!

سعد الشريف

بعد أقل من شهرين على العرض الذي تقدّم به رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بزيارة الرياض ولقاء الملك عبد الله للتشاور في المواضيع المشتركة لـ (الأمة)، جدّد الرئيس الإسرائيلي الثعلب شيمون بيرير دعوته للملك عبد الله في الأول من يوليو الجاري بمقابلته في القدس أو الرياض أو كازاخستان، حيث مكان انعقاد مؤتمر الأديان الذي ألقي فيه بيريز الخطاب الرئسي. دعوة بيريز لمقابلة الملك عبد الله تهدف إلى مناقشة مبادرة السلام العربية بعد أن تبنّت الدول العربية، حسب قوله، كلمة (نعم) بدلاً من كلمة (لا) وأن الكيان الاسرائيلي يعي التغيير الحاصل لدى الدول العربية تجاهها وتجاه السلام.

الجدير بالذكر أن بيريز كان قد شارك في مؤتمر (حوار الأديان) الذي عقد في نيويورك بدعوة ورعاية من الملك عبد الله، في نوفمبر 2008، وكانت تقارير من القدس المحتلة قد ذكرت آنذاك بأن الملك عبد الله سيلتقي مع بيريز على مائدة واحدة في العشاء الذي أقامه للضيوف، وضمت أيضاً الرئيس الأميركي والأمين العام لهيئة الأمم المتحدة بان كي مون، لمناقشة التقريب بين الأديان.

وفيما نفت الحكومة السعودية خبر اللقاء المباشر، فإن شاشات المؤتمر نقلت كلمة الرئيس الإسرائيلي بيريز وهو يتبادل النظرات مع الملك عبد الله ويوجّه إليه الكلمات المعبّرة، والأوصاف التي لا تليق إلا بزعيم السلام المأمول، فيما كان سعود الفيصل القابع في الكرسي الخلفي يقدّم ترجمة فورية لخطاب بيريز، الذي لم تغادر عيونه ملامح وجه الملك عبد الله. لا شك أن دعوة الأخير لبيريز بحضور المؤتمر فسّره الجانب الإسرائيلي على أنه بداية التطبيع العلني، خصوصاً إذا ما أضيف إليه دعوة سابقة لحاخامات يهود قد وصلتهم الدعوة مباشرة لحضور مؤتمر سابق لحوار الأديان في العاصمة الإسبانية، مدريد.

الحكومة السعودية تحاول حتى الآن التريّث في اللقاءات العلنية المباشرة، وتكتفي باللقاءات السريّة، حتى لو تعمّد الإسرائيليون الإعلان عن بعضها، خدمة لأغراض تطبيعية مستعجلة، ولذلك لا يضطر المسؤولون السعوديون الى نفي الأنباء الإسرائيلية عن اللقاءات بين الطرفين إلا حين يواجهون انتقادات في الداخل العربي.

آخر لقاء بين مسؤولين سعودي وإسرائيلي جرى في صالون (لو بورجيه) الدولي للطيران، شمال باريس في يونيو الماضي. وذكرت القناة الثانية التجارية في التلفزيون الاسرائيلي في 17 يونيو الماضي بأن السعودية تدرس بشكل إيجابي السماح للطائرات الإسرائيلية بالمرور والعبور في مجالها الجوي، وأكد مراسل القناة، نير دفوري، الذي كان متواجداً في باريس لتغطية فعاليات المعرض (أنّ عبور الطائرات الإسرائيلية سيكون مسموحا في طريقها إلى الجنوب).

وأضاف بأن هذا القرار تم اتخاذه (بعد اجتماع عقد في الصالون الجوي في العاصمة الفرنسية بين قائد الدفاع الجوي في المملكة العربية السعودية وبين المدير العام لوزارة المواصلات في الدولة العبرية، غدعون سيتيرمان). وقال المراسل دفوري أيضاً، استناداً إلى مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى، إنّ هذا الاتفاق لا يقتصر على انتقال العلاقات السعودية الإسرائيلية إلى مرحلة جديدة، إنما أيضا (يوفر على الإسرائيليين الكثير من الأموال، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الاتفاق في حال خروجه إلى حيّز التنفيذ، فإنّه سيقصر بشكل كبير زمن الرحلات الجوية من وإلى الدولة العبرية).

جدير بالذكر أنّ تقارير صحافية إسرائيلية كانت قد تحدثت في منتصف يونيو الماضي عن خطة أمريكية للسلام بين الدولة العبرية وبين الدول العربية المصنفة أمريكياً وإسرائيلياً بالمعتدلة، وزادت المصادر قائلة إنّ الرئيس الأمريكي سيطرح خطته للسلام في خطاب وصفته بالتاريخي في الصيف القادم. وجاء أيضاً، كما قالت صحيفة (يديعوت احرونوت) أنّ احد الأفكار لإخراج مبدأ السلام الإقليمي الى النور هو عقد مؤتمر دولي بمشاركة إسرائيل والدول العربية المعتدلة، والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة الأمريكية والدول التي تعلن عن موافقتها على هذه الخطة. وكشفت المصادر نفسها النقاب عن انّه من وراء الكواليس تدور مباحثات دبلوماسية بين إسرائيل وأمريكا والسعودية ومصر والأردن ودول الخليج الأخرى من اجل دفع هذه العملية قدما إلى الأمام.

ووفق احد المصادر فانّ الدولة العبرية ستعلن في المؤتمر الدولي عن موافقتها على البدء بمفاوضات لإقامة الدولة الفلسطينية، وبموازاة ذلك تحصل على رزمة مبادرات حسن نية من الدول العربية، مثل السماح للطائرات الإسرائيلية بالدخول في المجالات الجوية للدول العربية وافتتاح مكاتب مصالح في عدد من الدول العربية وفي مقدمتها السعودية، بالإضافة إلى ذلك توافق الدول العربية على عدد من خطوات التطبيع ومن بينها السماح لرجال الأعمال الإسرائيليين بالعمل في الدول العربية، وكل هذه الأمور، بحسب المصدر نفسه، تتم من خلال حصول الدولة العبرية على ضمانات دولية، أما بالنسبة للقدس فتقترح أمريكا أن تكون الأماكن المقدسة تحت الرعاية الدولية، وان تكون المدينة عاصمة للدولتين.

من جهة ثانية، نقلت مصادر صحافية في القدس المحتلة في 20 يونيو الماضي أن العاصمة البريطانية، لندن، إحتضنت لقاءً أمنياً رفيع المستوى بين إسرائيل والحكومة السعودية تناول الوضع في إيران، وسبل مواجهة التقدّم في البرنامج النووي الإيراني. ونقل عن مصادر أوروبية أن لقاءً عقد في منتصف يونيو الماضي بين مسؤول أمني إسرائيلي ومسؤول أمني عربي، قيل بأنه مدير الاستخبارات السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز. وتركّز اللقاء على مناقشة تقارير لدى الإسرائيليين حول زيادة وتيرة عمل البرنامج النووي الإيراني، وسبل مواجهة إحتمالات حصول إيران على السلاح النووي. وقالت المصادر أن هذا اللقاء يأتي في سلسلة لقاءات جرت بين رئيس جهاز أمني إسرائيلي ومدير الاستخبارات السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز.

الصفحة السابقة