الحوثيون ليسوا عملاء ولا مدعومين من ايران

مكسب ايراني تمنحه اليمن والسعودية!

عبد الوهاب فقي

السعودية تريد ان تصور الحرب في اليمن حرباً اقليمية
بينها وبين ايران!

والرئيس اليمني يريدها حرباً بين متمردين وسلطة مركزية!

والحوثيون يصورون الحرب الآن كحرب بين اليمنيين والسعودية!

لاجدال ان الحرب هي الان على الاراضي اليمنية.

ولا جدال ان الضحايا في معظمهم من اليمنيين.

ولكن..

يصعب على الكثيرين تصور ان الحوثيين الذين يقفون أمام جيشين عتيدين قوامهما مليون جندي دون أن يكون لهما رافد خارجي ودعم.

لو كانت الحروب اليمنية الخمس السابقة على الحوثيين ظهرت على الاعلام بشكل كاف، وبدون حصار لطواقم الصحافة المستمر حتى اليوم، لكان يمكن للقارئ العربي ان يستوعب تطور الاحداث وملابساتها جميعا. لكن هذا القارئ يفاجأ مرة واحدة، بجيشين امام (فئة ضالة عميلة مخربة) كما يقول الاعلام الرسمي السعودي، ثم يكتشف أنها قادرة على صد الجيشين لأسابيع بل لأشهر، فيتقبل حينها الدعاية بأن إيران وراء ما جرى وانه لا يمكن للحوثيين الصمود بدون دعم خارجي!

لماذا لم تكن ايران في الحروب الخمس الماضية متهمة؟! وحين اشتعلت السادسة كان التركيز عليها؟

لماذا توسعت الاتهامات من قبل ومن بعد الى ليبيا والصومال وسوريا واريتريا وحزب الله وحتى اسرائيل؟!

الجدل يدور حول السلاح دائماً، فمن أين جاء السلاح الحوثي؟

في الحرب الاولى التي اشعلها علي عبدالله صالح على الحوثيين، تجمع أقل من أربعمائة مقاتل، وأوقعوا في جيشه خسائر فادحة فأوقف القتال. وتكرر الأمر لخمس مرات خلال السنوات الاربع الماضية. خلال هذه السنوات زاد عدد المقاتلين الى أكثر من ثلاثين ألف مقاتل، وتوسع نفوذهم ليشمل عدداً من المحافظات بمساحة تزيد على مساحة لبنان!

في الحرب الاولى كان هناك تنافس بين الحوثيين المقاتلين حول من يحمل السلاح، لقلّته. وحتى الحرب الخامسة، أكل الناس الشعير من الحصار والجوع. اما في هذه الحرب، وبعد الاستيلاء على معسكرات الجيش، فقد أصبح وافراً وشمل عدداً غير قليل من الآليات والدبابات والمدافع، فضلا عن السلاح الخفيف.

الفشل الذي تلقاه الرئيس اليمني كان بحاجة الى مبرر. اذن ليلقى اللوم على ليبيا وإيران وقناة الجزيرة ايضاً!

هذا المبرر هو الذي ساقه علي عبدالله صالح للسعوديين الذين يطالبونه بالمزيد من الحرب والنجاح فيها (يا الله يا علي عبدالله، يا الله يا علي عبدالله ـ حسب قول الرئيس اليمني نفسه!).

لكن علي صالح الذي فشل في الحرب، جرّ السعودية اليها، زاعماً لها انه لم ينتصر على الحوثيين لأن ايران تدعمهم!

والسعودية لا يستثيرها شيء مثل الموضوع الايراني، فتهافتت على الحرب كتهافت الفراش على النار.

وهكذا توسعت الحرب وأخذت ـ في الاعلام على الاقل ـ طابعاً إقليمياً!

الإيرانيون من جانبهم كانوا ولازالوا حريصين على علاقة طيبة مع علي عبدالله صالح. وكلما نفوا التهمة ـ تهمة دعم الحوثيين ـ زاد علي صالح من فبركاته الاعلامية.

والحوثيون ـ حسب مصادرنا ـ شديدي الاستياء من الموقف الايراني.

والايرانيون التفتوا بعد أن اغلق علي عبدالله صالح مستشفاهم في صنعاء بعد سنوات من العمل شبه المجاني! ان هناك صيداً يمكن استثماره سياسياً واعلامياً ضد السعودية، حتى وإن لم يكن لهم دور فيما يتعلق بالنشاط الحوثي ولا بمزاعم التسليح. المنطقة التي تجري فيها المعارك محاصرة من كل الاتجاهات ولكن الاعلام صور ان هناك سلاحاً ايرانيا وما اشبه.

لقد استدعت السعودية الايرانيين الى حدودها، فمادام الاخيرون متهمين بالتمويل للحرب، اذن ليكن الاتهام في محله على الاقل!!!

وهكذا بدأ الايرانيون باستثمار الحدث الحوثي ضد السعودية من خلال نشرهم اخبار الحوثيين ومقاطع الفيديو المحاصرة التي يصدرونها. ولكن في الشأن السياسي لازال متكي وزير الخارجية الايراني يسابق الزمن من اجل ترقيع العلاقات مع صنعاء. وصنعاء لا تستطيع استضافته رغم التذلل الايراني المتكرر، الا بعد ان ترضى السعودية! والسعودية لا تقبل باستقباله!

المراقبون يقولون بأن إيران اذا ما دعمت الحوثيين، واذا ما قبل الاخيرون ذلك وهو امرٌ مشكوك فيه، كان يمكن ـ قبل الحرب السادسة على الاقل ـ أن يغير من المعادلة بنحو كبير، ولسيطر الحوثيون على صنعاء نفسها.

الآن لا يستطيع الايرانيون تقديم اي دعم حتى وإن ارادوا، وحتى لو رضي الحوثيون وهم لم يفعلوا ذلك من قبل، والسبب أن ساحة الميدان العسكري مغلقة، ما يجعل حتى من تسريب الطعام والدواء مشكلة صعبة، فما بالك بالسلاح الثقيل!

وبالمناسبة فإن السلاح الثقيل الذي لدى الحوثيين هو من الجيش اليمني. ولهذا كانت اتفاقية الدوحة عام 2008م تتضمن بنداً بتسليم السلاح الثقيل للحكومة اليمنية! كما تسليم القواعد العسكرية التي سيطر عليها الحوثيون واعادتها للجيش والنزول من الجبال!!

ان التركيز على الموضوع الايراني من قبل الاعلام السعودي واليمني لفت نظر الآخر ومنحه مبرراً للتدخل، وقد تكون خسارة السعوديين من هذا اكثر من ربحها من مزاعم التدخل الايراني.

اذا اصبح التدخل الايراني المادي حقيقة، وليس مزاعم، فعلى السعوديين ان يتأكدوا مما زعموه بأن العمامة السوداء تطوقهم من الجنوب، وأن يتأكد علي صالح بأن وضعه العسكري سيصل الى أقصى غايات السوء وقد تكون هناك النهاية.

الصفحة السابقة