في الذكرى الخامسة لتوليه الحكم

ما أكثر الطبّالين لعهد غير ميمون؟!

عمر المالكي

يخيل اليك وأنت تقرأ مقالة يوسف الكويليت في (افتتاحية) صحيفة الرياض (9/6/2010) تحت عنوان: (خمس سنوات خطت بنا خمسين عاماً).. بأن المنافقين من الكتاب ـ ومعظمهم من الجيل الديناصوري القديم ـ لا يدركون بأن الزمن تغيّر؛ وأن أفعل التفضيل لم تعد تلفت الإنتباه؛ وأن الزعم القائل بأنه: كلما كانت الكذبة كبيرة، فإنها تصيب المواطن بالدوخة.. لا أساس له من الصحة، فالكاذب وحده هو الذي يعيش عالمه الخاص به ويتصوّر أن الجمهور يشترك معه في الأجواء الكاذبة التي صنعها.

يخيل اليك وأنت تقرأ مقالة يوسف الكويليت في (افتتاحية) صحيفة الرياض (9/6/2010) تحت عنوان: (خمس سنوات خطت بنا خمسين عاماً).. بأن المنافقين من الكتاب ـ ومعظمهم من الجيل الديناصوري القديم ـ لا يدركون بأن الزمن تغيّر؛ وأن أفعل التفضيل لم تعد تلفت الإنتباه؛ وأن الزعم القائل بأنه: كلما كانت الكذبة كبيرة، فإنها تصيب المواطن بالدوخة.. لا أساس له من الصحة، فالكاذب وحده هو الذي يعيش عالمه الخاص به ويتصوّر أن الجمهور يشترك معه في الأجواء الكاذبة التي صنعها.

له الحمد: رجلٌ أثبت للعالم بأنه لا يجيد قراءة حتى إسمه، ولا يجيد قراءة آية كريمة، ولا يجيد حتى الحديث العادي بين الناس.

رجل لم يحقق شيئاً منذ تولى الحكم في مجال الحريات العامة والإصلاح السياسي. حتى الإنتخابات البلدية تم تأجيلها لمدة سنتين!؛ والسجون تزايدت أعداد قاطنيها الى ما يصل نحو ثمانية آلاف (معتقل رأي) لم يحاكم أي أحد منهم حتى الآن.

أية انجاز اقتصادي جاء به الملك عبدالله؟ 22% من الشعب يمتلك منازل فحسب، في حين أن النسبة فوق التسعين في دول خليجية أخرى، وبعضها فوق الثمانين بالمئة. النسبة السعودية هي الأقل في العالم وليس خليجياً فحسب.

والبطالة لم تتغير في عهده الميمون الى الأحسن حتى الآن، بل زادت. ويكفي أن نتابع النقاش والجدل في الصحافة السعودية حول ملايين العاطلين عن العمل.

هل هي سيول جدة والرياض والدمام وقبلها سيول مكة وتبوك وغيرها.. ما أنجزه خادم الحرمين الشريفين؟!

أم هي مشاريع التعليم والصحة والمواصلات والإسكان، أم ماذا؟

فلمَ التمجيد بملك فاشل بل بنظام حكم فاشل؟

لماذا لا يكون المديح محدوداً أو معقولاً أو يسهل امتصاصه وتصديقه، خاصة وأن الجزء الأكبر من الدعاية موجه الى المواطنين أنفسهم، وليس الى الإستهلاك الخارجي.

خمس سنوات عند الكويليت تعادل خمسين سنة تقدّم!

ما هذا الإسلوب الدعائي الهابط؟ فالسعودية هي الأكثر تخلّفاً سياسياً واقتصادياً وتعليمياً وخدمياً على مستوى الخليج كله، فأي خمسين سنة يتحدث عنها، وما هي المنجزات التي تم تحقيقها خلال السنوات الخمس الماضية داخلياً وخارجياً؟

والأسوأ حين يسلط الضوء على الشخص، أي على النموذج الركيك.. فـ (الملك عبدالله رجل بطاقة وعقول وتجربة آلاف الرجال)! هذه هي افتتاحية المقالة التي هي افتتاحية الجريدة نفسها ولك أن تعرف الباقي! ملكٌ أمّي حقاً، انطوى فيه العالم كلّه! حسب الدجّالين، مدّاحي القرون الوسطى! ولا يحتاج المدّاح الى أرقام، فيكفي أن تقول كما قال الكويليت: (جاءت خمس سنوات طواها عهد الملك عبدالله، نقلتنا إلى نصف قرن، وهي حقيقة تعلن عن نفسها، ويراها كل من يملك الحواس الخمس السليمة). فإما أن تصدّق هذا الهراء، وإمّا أن حواسك غير سليمة، والكذّاب إيّاه وأشباهه هم من يملكون الحواس، وبقية الجمهور والشعب يستحقون أن يحكمهم الأمّي الجاهل، لأن حواسهم (مضروبة) بعكس حواس الملك الفلتة الذي يزحف سريعاً نحو التسعين عاماً!

حتى في الأمور الواضح فشلها، كما السياسة الخارجية، يصرّ المدّاحون بأن الملك مثل (علامة بارزة بصدقه ومجابهته للمواقف الحرجة، فكان سيّد الوسطية والعقل، والحوار اللامتناهي الحدود مع كل الملل وأصحاب الديانات والسياسة).. الى آخر الهراء. وفي وقت تتذكر فيه العجز والصمت السعوديين تجاه غزّة، بل وإشهار السعودية سيفها على أهل غزة وعلى حماس ومواصلة حربها النفسية والإعلامية والسياسية ضدهما بالإضافة الى الخنق الإقتصادي.. وفي وقت تتصاغر فيه السعودية وملوكها خاصة بعد بروز الدور التركي الأخير، يأتي (كتّاب المقامات) السعوديون ليقولوا عن ملكهم الخيخة العاجز، بأنه (ظل مع الشرق كما الغرب، ومع البلدان الأكثر ثراءً مثل البلدان الأكثر فقراً لأن روحه الإنسانية الصافية مستودع للكرامة والوفاء والعطف). لقد أثبتت غزة وقبلها لبنان والعراق وأفغانستان أن مستودع السعودية ذاك قد جرى إفراغه بالكامل من الكرامة العربية والإسلامية!

وكتب رئيس تحرير الرياض في ذات اليوم 9/10/2010عن (حقائق التميّز التاريخي للملك عبدالله)! حيث تحدث عن منجزات الملك الفكرية!!، وعن (موهبته النادرة) كما قال، والتي (لا يختلف إثنان على كفاءة موهبته القيادية ثم جزالة تنوّع رياداته البناءة) التي ضاهت قيادات العالم الأول: مثل ساركوزي وكاميرون وبرلسكوني وأوباما!

أكثر هذا النفاق والجدل يضر بملك الجهالة أكثر مما ينفعه. لكن السديري يواصل القول بأن الملك السعودي أخذ (ليس دولته فقط، ولكن بخصوصية مميزة بين دول العالم الثالث.. نحو زمالة العالم الحضاري المتقدم)!

صحيفة الجزيرة أسرفت هي الأخرى في المديح المعوّم، حيث تمكن الملك وولي عهده من إعادة صياغة الإنسان (المسعود) في خمس سنوات كما تقول (9/6/2010). وفي خبر لافت ـ وكدلالة على التطور السعودي في العهد الميمون! ـ نشرت الجزيرة إنجازاً عظيماً تحت عنوان: (إنجاز سعودي صيني بفك الشفرة الوراثية للجمل العربي لأول مرة على مستوى العالم)!! وكان بودهم حذف الصين من الخبر كما فعلوا في مكان آخر من الجريدة، وإبقاء المنجز سعودياً محضاً، مع أن الجهد كلّه قام به الصينيون، من أجل تكريس عقلية الجمل العربي لدى أناس يحملون أسفاراً!

فعلاً: (ملك عظيم لوطن عظيم) كما في مقالة دعائية لخالد المالك! الذي قال بأن السعودية وملكها سجلا ظاهرة غير مسبوقة في (تحقيق معدلات عالية في إنجازاتها الحضارية) ولكن ما هي الأدلة على تلك المنجزات العظيمة: (وهي انجازات لا ندعيها، وإنما شواهدها ومعالمها من يتحدث عنها بكل ما يمكن أن يقال عن المملكة من وصف دقيق للمستويات التي وصلت اليها في عهد الملك)! هل فهمتم من هذا الهراء شيئاً؟!

وكعادة الصحافيين الأفاقين الذي لا يضعون حدوداً للمديح، فإن المالك ـ رئيس التحرير ـ يقول بأن من الخطأ الاعتقاد بأن ما أنجز كان (في حدود المعقول أو أنه يلامس المستويات الطبيعية)! وكأن هذه الأقول ستشترى في السعودية بين الفقراء والمعوزين والعاطلين عن العمل وساكني بيوت الصفيح وغيرهم!

اما وزير الخارجية السعودي فلم يقصر هو الآخر في مديح أعمامه الملوك كما أبيه، فكلهم (بررة) وكلهم تمتعوا بالعقلانية خاصة الملك الحالي الذي نسب اليه منجزاً لم يتحقق مثل رأب الصدع العربي. وكما هي المنجزات المكررة في جمل معلبة جاهزة، فقد حققت حكمة وعقلانية الملك في تحقيق مكانة للسعودية بين العالم! ولكن أين هي المكانة، وأين تجلّت الحكمة السعودية، وهل هناك أصلاً صوت سعودي فيما يحدث في هذا العالم العربي والإسلامي؟

محمد بن فهد، لص الشرقية الأكبر، كتب (أو كتبت بالنيابة عنه) مقالة نشرها في أكثر من صحيفة بينها الجزيرة تحت عنوان (في ذكرى البيعة)، تحدث مثلما ابن عمه سعود عن (التطورات التاريخية غير المسبوقة) و(على كافة الأصعدة) و (بكل المقاييس) و (في جميع المجالات).. وغير ذلك من دعاية العصر الديناصوري!

ومثله فعل نائب أمير الشرقية الطائفي والعنصري الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد آل سعود، الذي أكد على ذات الإسطوانة المشروخة: (شمولية التقدّم في كافة المجالات) (نمو غير معهود في الحياة الإجتماعية والإقتصادية والثقافية)! و (طفرة تنموية ضخمة في جميع مجالات حياتنا اليومية وفي كافة القطاعات).. الى آخر الترهات. الى جانب هذا المديح، كان هناك خبر يحمل عنواناً، يمثل دليلاً على التناقض بين المديح الأعمى والواقع المريض، هو: (خلال ندوة رعتها الأميرة صيتة بنت عبدالله... د. فوزية أخضر: 49% من المتقاعدين والمتقاعدات لا يملكون منازل، و30% فقراء). وخبر آخر حمل عنوان: (دراسة تؤكد حالات التحرّش بالمحارم والأقارب تجاوزت 17%).

والى صحيفة عكاظ، فعلى مدار يومين 9-10 يونيو، راحت الصحيفة تبالغ في المنجزات وفي عبقرية ملك مشهود له بـ (البُهم)!

هناك مقالة (ملك التواضع والعروبة) لساعد العرابي الحارثي، مستشار وزير الداخلية (10/6/2010)، تحدث فيها عن بزوغ عبقرية عبدالله، التي استقاها من والده المؤسس! ولم يترك الكاتب مديحاً يعرفه إلا وألصقه به، ولكن أعجبتني هذه اللقطة: (إن تحدث أوجز؛ وإن قال فعل؛ سلوكه إحقاق الحق؛ ومناجزة الباطل.. لا يعرف الكبر أو التعالي الى قلبه طريقاً؛ طاهر النفس، متسام مع مكارم الأخلاق؛ يتعامل مع الآخرين بكل رحابة صدر). لم يبق من هؤلاء المشعوذين إلا أن يقولوا لنا بأن ملوك آل سعود (خلقهم القرآن)! حاشا لله!

بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود.. أميرة تمدح عمّها تحت عنوان: (أسد الجزيرة.. شبل أخو نورة) (عكاظ، 10/6/2010). وأخو نورة هو عبدالعزيز، مؤسس السعودية، ونورة هي أخته، أي عمة الملك. أخذت الأميرة بسمة تعزف على معارف وعبقريات الشبل والأسد، خاصة في مجال حفظ حقوق المرأة. ما شاء الله! (فعهد مليكنا انجلت فيه الأحكام الإلهية، وانبلج فيه فجر الصحوة الإسلامية، وأنيرت فيه الطرق السوية لحكمة من الله، وعزة وتسخير من إلهنا لرجل اختاره الله لحكم أشرف بقاعه)!. (قل الله آذن لكم أم على الله تفترون)؟!

في عكاظ يوم 9/6/2010، لم يتعب المحررون في انتقاء الكلمات والعناوين، فالصحفيون يعرفون ما يريد الأمراء: إنه المديح بأية وجه كان. ولأن الجهالة لا حدود لها، فالمديح يمكن أن يتحول الى ذم، بمجرد أن يزيد عياره عن الحدّ، اي عن الذوق السليم.

محمد التونسي كانت مقالته تحت عنوان مطنطن: (أنعمت الملك الصـادق عبد الله بن عبد العزيز .. أخلاق السياسة وسياسة الأخلاق).. حيث طالبنا بأن نضغط زر محرك البحث لمعرفة من استحق لقب (الحاكم الأصيل) غير الملك عبدالله!. لا بد أن محرك البحث الذي يتحدث عنه ليس الشيخ غوغل، ولو أن لدى السعودية علم بالتكنولوجيا لقلنا أن لديها محرك بحثها الخاص الذي يتماشى مع عقلية كاتب المقالة وأضرابه من المضللين والمنافقين.

أمير آخر هو عبدالإله، أخ الملك عبدالله، زعم أن فاجعة سيول جدة حجبت ابتسامة الملك عبدالله طوال موسم الحج!

توقيت مضبوط ، لا أكثر ولا أقل بيوم!

وزعم الأمير بأن (الملك تأثر وتألم لما تعرضت له قافلة الحرية من اعتداء طال أسطولا يحمل مساعدات إنسانية لشعب يعيش تحت وطأة الحصار، فهو بطبعه ينبذ العنف ويكره الظلم، وهو دائم التأكيد على أن الأمور لا تعالج بالعدوان). واضاف: (مللنا من الأصوات والمظاهرات، والظهور أمام المايكروفونات لكسب الرأي العام، الملك لا يريد الأقوال بل يريد الأفعال ويهمه أن كل ما يعمل يكون له نتيجة، وهناك أمور عملية سوف تظهر بما يكرس مواقف المملكة الثابتة في دعم الحقوق المشروعة للشعوب).

وماذا فعل أبو قلب حنيّن؟! إنه منع حتى حجاج غزة من الحج! ووقف ضدهم من قبل حين هاجمهم الصهاينة وقتلوا أكثر من ألف فلسطيني.. وزعم السعوديون أن ملكهم خصص مليار دولار لإعمار غزة، لم يوصل منها قرشاً الى المحتاجين. وها هو العالم كله انقلب، وملك الإنسانية لم يعبّر عن انسانيته!!، ولكن عبدالإله يقول بأن هناك أموراً سوف تظهر اي في المستقبل: فانتظر ... حتى يأتيك الربيع!!

الصفحة السابقة