اعطوه جائزة الإسلام ثم شتموه!

الهواجس السعودية تصل مداها حين يجتمع الأتراك والإيرانيون!

محمد قستي

لم يكره السعوديون (الوهابيون النجديون) دولة أو جماعة مثل كرههم للعجم: الفرس والأتراك! وكرههم المحفور في الذاكرة التاريخية لمشايخ نجد الدينيين والسياسيين، يمتزج بالإستعلاء القومي، والتكفير على أساس الإختلاف الديني/ الطائفي، والقبلية في أدناها.

بالنسبة للعثمانيين، لم ينس الوهابيون حربهم معهم والحملات التي استأصلت دولتهم الأولى، وأخذ رجال آل سعود الى المنفى في القاهرة، أو الى حبل المشنقة في (الآستانة) رداً على منع آل سعود الحجيج، وتدمير تراث المسلمين ومقدساتهم في الحجاز، ونهب الروضة النبوية، وشنّ الغارات على جيوش الدولة العثمانية خاصة في الشام والعراق واليمن.

في أواخر أيامها، كان ابن سعود وقبل أن يصبح ملكاً، في حلف مع الإنجليز، وكان يتجاذب مع صديقه أمير الكويت مبارك الصباح السخرية على ما كانا يسميانه بـ (الدولة الذاهبة) ويتآمران عليها بالتعاون مع الإنجليز ومعتمدهم في الكويت وكذلك أحياناً مع المقيم البريطاني في بوشهر (رئيس الرؤساء)!

العثمانيون بنظر الوهابية ومشايخها مجرد كفرة وزنادقة، لا تجوز مؤاكلتهم أو مخالطتهم أو الإقامة بينهم. وحين سيطروا على المنطقة الشرقية (الأحساء والقطيف/ سنجق نجد) عام 1871، وطردوا آل سعود منها، ومن نجد فيما بعد عبر آل الرشيد، أفتى علماء الوهابية بعدم جواز البقاء والعيش في الأحساء والقطيف لأنها تحت حكم الكفار (الروم)! وقال الشيخ سلمان بن سمحان مكفّراً من لم يكفرهم ويقيم تحت حكمهم:

ومن لم يكفّر كافراً فهو كافرٌ/ ومن شكّ في تكفير: من ذوي الطرد

وقد أوضح مؤرخو الكويت بالخصوص: (عبدالعزيز الرشيد في كتابه: تاريخ الكويت) و(حسن خزعل في: تاريخ الكويت السياسي) كيف أن مؤسس دولة آل سعود (عبدالعزيز) كان شديد الولاء للإنجليز معادياً للعثمانيين ومتآمراً عليهم. وحين وقعت الحرب العالمية الأولى، اصطفّ ضدّهم وتحالف مع أعدائهم، وخطب ذات مرة في الكويت 1916م، قائلاً بأن لو كان في بدنه قطر دم تميل الى الأتراك لبذل كل وسيلة لإخراجها. ما جعل وجهاء الكويت يستاؤون منه، كما أكد ذلك مؤرخون سعوديون وموظفون لدى ابن سعود، كحافظ وهبة وجلال كشك وغيرهما.

لهذا فإنه والى وقت قريب كان السعوديون يدرسون التلاميذ كيف أن الدعوة الوهابية هي الوحيدة التي نجحت في القضاء على العثمانيين! وتبعاً للموقف من العثمانيين (الأتراك) والخشية منهم، انسحب الأمر على مصر، فهي التي قضت على آل سعود بجيش أرسله محمد علي باشا بناء على أوامر استانبول/ الآستانة. وحين جاء الجيش المصري الى السعودية عام 1991 لتحرير الكويت، كان أول طلب من الملك فهد بعد التحرير هو دعوة الجيش المصري الى مغادرة السعودية قبل أن تغادر اية قوات أجنبية أخرى. وفسّر الأمر أحد النجديين الوهابيين بالقول: (لا نعلم ماذا سيحدث. ربما يتآمر الحجازيون والمصريون علينا كما فعلوا من قبل)!

وكما الذاكرة السعودية مثقلة بالأحقاد على العثمانيين، فإنها كذلك مثقلة بكراهية الإيرانيين، وكان الملك عبدالعزيز يسخر منهم، أمام مستشاره الإنجليزي فيلبي، كما يسخر من الحجازيين ويكفرهم جميعاً. قال لفيلبي عام 1918: (إذا قدّمت أنت الإنجليزي ابنتك لي كزوجة، سأتزوجها...ولكني لا أتزوج ابنة الشريف، ولا بنات أهل مكة، ولا غيرهم من المسلمين الذين نعتبرهم مشركين، وآكل اللحم الذي ذبحه المسيحيون دون تردد، ولكن المشرك الذي يعبد مع الله إلها آخر فهذا هو ما نبغضه)! وبقي حقد الوهابية على الأشراف حتى بعد احتلال ديارهم (الحجاز). وكان فيلبي قد تحدث ذات مرة عن الموضوعات التي تدور في مجلس ابن سعود في الاربعينيات الميلادية الماضية، فقال أنها تنحصر في مسألتين: الجنس والمنشطات الجنسية؛ وشتم الأشراف في الأردن والعراق وتداول الإشاعات حولهم!

نُسيت تركيا العثمانية لعقود تسعة تقريباً، وبقيت تركيا العلمانية محببة للسعودية زمناً طويلاً. وبدا وكأنّ إرث الماضي قد انتهى، ولم يتبق منه سوى مقارعة (الفرس الأشرار) الذين بزغ نجمهم حديثاً! تمنت السعودية ومصر وبعض العرب الآخرين أن تدخل تركيا على خط التنافس السياسي في الشرق الأوسط، ولتحدّ من توسع النفوذ الإيراني الذي لا قبل لهم به. تمنّى السعوديون أن يدخل الاتراك معركة صمموها بأنفسهم وفي أذهانهم وتدور في إطار وحيد يشغل تفكيرهم: شيعة مقابل سنّة!

لم يطل الزمن أكثر مما طال! فقد حدثت المواجهة في اتجاه مختلف: تركيا مقابل اسرائيل. الشرارة الأولى في منتدى دافوس بين اردوغان وبيريز. وهنا لم يتعلم آل سعود شيئاً، فأقاموا حوارهم الديني في نيويورك وبحضور بيريز وليفني!! وتصوروا أن الموقف التركي تجاه اسرائيل ليس موجهاً في حقيقته لإسرائيل، وإنما هي مجرد محاولة إقلاع سياسي تركي تتكيء على المخزون العاطفي العربي تجاه القضية الفلسطينية. كما تصور السعوديون والمصريون والأردنيون بأن الأتراك لن ينافسوهم إلاّ في الولاء والعلاقات المتميزة مع اسرائيل، وليس في العداء لها!

لهذا.. قام الملك السعودي وقبل نحو ثلاثة أشهر، وبالتحديد في 9/3/2010 بمنح اردوغان جائزة (الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام)!! فالسعودية ليس لديها شهادات تدعيها لا في النضال ولا الجهاد ولا الحريات ولا التقدم والنمو ولا التسامح.. إلا الزعم بأنها زعيمة العالم الإسلامي وممثلة الإسلام! وهو تمثيل لا تقبل به معظم دول العالم الإسلامي، وكل واحدة منها خلقت لنفسها مؤسسة دينية تخدم أغراضها ولا تريد متابعة المؤسسة السعودية المتطرفة.

حضر اردوغان الى الرياض وقلّد الجائزة!

اعطوه جائزة الإسلام ثم شتموه!

وبعد أقل من ثلاثة أشهر تغيّر المشهد، وبدأ السعوديون يشتمون أردوغان في صحافتهم كما هم أقطاب كتابهم!

فبدل أن يحرج اردوغان نجاد، أحرجهم! واقترب من نجاد سياسياً أكثر!

وبدل ان يدخل الحرب من بوابتها الطائفية ضد ايران كما أرادت مصر والسعودية، فيصبح بذلك زعيم العالم السني مقابل الشيعة، فتكون الحرب شيعية سنيّة، ويكون انقسام الشرق الأوسط على هذه القاعدة، وليس على قاعدة مواجهة اسرائيل واعتداءاتها. بدلاً من ذلك، دخل أردوغان المعركة على أساس انساني وسياسي ومصلحي تركي.

رحبت ايران وسوريا وقطر!! وبالطبع حزب الله وحماس بالدور التركي، وتجهمت مصر والسعودية والأردن، والى جانبهم القاعدة في احدث بياناتها!.

القاعدة شتمت اردوغان، ونصر الله وصفه (بالطيب الطيب اردوغان).

عدّل اردوغان البوصلة الى اسرائيل بدلاً من ايران، وهذا ما لا تريده اميركا واسرائيل ومصر والسعودية وباقي المعتدلين العرب.

اجتمعت ايران وسوريا وتركيا وحماس وحزب الله والجمهور العربي والإسلامي في حزب واحد! يحمل العلم التركي، ويحمل راية نضالية لا تنافس، وراية انسانية فضحت اسرائيل ومصر والسعودية التي تحاصر غزّة. كما حمل راية الدين، أو حُمّل إيّاها، فأصبح اردوغان خليفة عثمانيا جديدا!

ماذا تبقّى للسعودية؟

احتارت السعودية ماذا تصنع، ففضلت الصمت ولاتزال!

لقد جاء الدور التركي وجرّد آل سعود ومشايخهم مما تبقى من ثيابهم! وفضحهم على رؤوس الأشهاد.

هنا المصيبة مضاعفة: فإذا كانت السعودية لا تستطيع تحمّل إيران! فكيف إذا جاءت تركيا؟!

الأغبياء المعتدلون! تصوروا أن دولة تركيا، دولة المؤسسات، يمكن أن تعمل موظفة في الديوان الملكي السعودي، وتتعلم الدين عند الأطرم الذي لا يجيد قراءة الفاتحة، وأنها ستتنكر لمصالح شعبها وتخوض حرباً طائفية لا تجيدها ولا تريدها ولا تؤمن بها وتوتر حدودها كما توتر الوضع مع شعبها!

منذ مجزرة سفينة مرمرة، صارت تركيا فجأة لغزاً غير مفهوم سعودياً! وكتب كاتب ال سعود تحت عنوان: (اللغز التركي مع العرب/ عبدالرحمن الراشد، الشرق الأوسط 31/5/2010)، محاولاً التفتيش تحت الجلد التركي كيما يتم التعرف عليه؛ فقد صفعهم أردوغان وأخافهم. كتب آنف الذكر محذراً، فقد (عاد الأتراك قوة مهمة إلى المنطقة العربية بعد نحو ثمانية عقود من رحيلهم) واكتشف السعوديون بأن الأتراك اصبحوا قوة فاعلة: (هم طرف في مفاوضات السلام مع إسرائيل، ومفاوضات الملف النووي مع إيران، وقوة فاعلة في التأثير في الساحة السياسية العراقية، ووصلوا إلى أقصى نقطة عربية، حيث أعلنوا رغبتهم في التوسط لحل الأزمة الصومالية، التي فشل فيها من قبلهم المصريون والسعوديون والقطريون وغيرهم).

محاولة الاستكشاف سببتها الصدمة (فتركيا لها أوجه متعددة ولا ندري بالتحديد أي وجه تركيا نرى اليوم) كما يقول الراشد! الذي يحاول عبثاً البحث عن أسباب اليقظة التركية، وكان الأجدر به أن يبحث سبب عدم اليقظة السعودية بالخصوص. حذر الراشد من أن تركيا ربما (تريد استخدام المنطقة وقيادتها من أجل فرض أهميتها لدخول اتحاد القارة المسيحية التي سبق أن رفضت عضويتها فيه مرات). وربما هي تركيا (السنيّة) ويصرّ الراشد على هذا الوصف السياسي الذي قال أنه ضروري (لمن؟) في زمن ما أسماه بالتنازع الطائفي، والسعودية تصر على اعتبار (تركيا دولة موازنة لإيران الشيعية، وتملأ فراغ باكستان الذي نشأ بسبب الفوضى الداخلية التي تعصف بها منذ أربع سنوات، باكستان كانت الطرف السني الموازن لإيران في المنطقة).

لا أحد يحلل الأمور طائفياً بأفضل من السعوديين!

لكنهم لم يعودوا متأكدين، فتركيا لم تتحرّك طائفياً ولا أميركياً، ولذا تفاجأ السعوديون واكتشفوا أن الأتراك يختلفون عنهم! بكلمة أكثر صفاقة: اكتشفت السعودية أن تركيا ليست عميلة لا لأميركا ولا لإسرائيل، وأن محركها مصالحها والى حد ما الأيديولوجية السياسية الجديدة التي لم تترسخ بعد من قبل حزب اردوغان، ولذا يتساءل الراشد: (هل نحن أمام مرحلة تركية مؤقتة قد تتغير لو اعتلت السلطة حكومة منافسة مثل الكمالية، التي قد لا تشارك أردوغان التوجهات نفسها؟ والمؤشرات الداخلية تقول إن حكومة أردوغان تعاني تدنياً في شعبيتها لأسباب اقتصادية). انظر دسّ السم في العسل! بالأمس كان أردوغان بطل تركيا، وينال أوسمة آل سعود، والآن هو فاشل اقتصادياً، وكأن السعوديين يتمنون زواله وعودة منافسيه العلمانيين.

ويعتقد السعوديون بأن سمعة تركيا الحسنة جاءت بسبب ابتعادها عن الهم العربي والإسلامي لعقود طويلة! ولكن هذه السيرة الحسنة لم تؤهلها لتلعب دوراً ناجحاً ـ حسب السعودية، أو حسب ما تتمناه السعودية وأزلامها! وعلى تركيا لكي تحافظ على سمعتها الحسنة عند السعودية أن لا تتدخل في الشأن العالسؤال الذي أشغل السعودية بعد حادثة سفن الحرية هو: (هل نحن أمام بداية قوة تركية إقليمية نافذة؟). لم يقطع الكاتب الراشد بذلك، ولكنه قطع بأن تلك القوة (ستكون في المستقبل قوة مقلقة أولا لجيرانها، مثل سورية وإيران، أكثر بلدين عملا بجهد استثنائي لإيقاظها وامتطائها). جواب ملغوم يحتوي على كل الموقف السعودي. السعودية ضد يقظة تركيا، خاصة اذا كانت اليقظة موجهة لاعداء الأمة الصهاينة. السعودية تريد يقظة طائفية تستثمرها في الحرب مع ايران بالتحالف مع اسرائيل وأمريكا. ولكن سوريا بالذات هي التي عملت على فتح آفاق الحراك السياسي التركي جنوباً، وهذا ما يعتقده السعوديون، بأن السوريين والإيرانيين (ضحكوا) على الأتراك وقرّبوهم من نفس مواقفهم تجاه اسرائيل، ومن ثم امتطوهم! ربي الفلسطيني، أو تتدخل ولكن وفق الشروط السعودية الإسرائيلية!

السؤال الذي أشغل السعودية بعد حادثة سفن الحرية هو: (هل نحن أمام بداية قوة تركية إقليمية نافذة؟). لم يقطع الكاتب الراشد بذلك، ولكنه قطع بأن تلك القوة (ستكون في المستقبل قوة مقلقة أولا لجيرانها، مثل سورية وإيران، أكثر بلدين عملا بجهد استثنائي لإيقاظها وامتطائها). جواب ملغوم يحتوي على كل الموقف السعودي. السعودية ضد يقظة تركيا، خاصة اذا كانت اليقظة موجهة لاعداء الأمة الصهاينة. السعودية تريد يقظة طائفية تستثمرها في الحرب مع ايران بالتحالف مع اسرائيل وأمريكا. ولكن سوريا بالذات هي التي عملت على فتح آفاق الحراك السياسي التركي جنوباً، وهذا ما يعتقده السعوديون، بأن السوريين والإيرانيين (ضحكوا) على الأتراك وقرّبوهم من نفس مواقفهم تجاه اسرائيل، ومن ثم امتطوهم!

في هذا يخطيء الراشد ومن ورائه آل سعود. ولكن الكاتب أشار الى انقلاب تركي سيحدث في المستقبل ضد الجارتين سوريا وإيران.. لماذا وكيف؟ ربما كان في ذهنه أن أميركا والغرب سيحاربان تركيا بمعاونة السعودية والمعتدلين العرب، لإجبارها على العودة من جديد الى خندقها القديم! وبالتالي ستضطر تركيا الى التراجع عن مواقفها تجاه القضية الفلسطينية، وستنسى أن يكون لها دور ما في الشرق الذي تنتمي اليه، خاصة اذا ما جاءت جزرة ما من الإتحاد الأوروبي. هذا هو رهان السعودية. لكن الكاتب لم يقل من هم ضحايا النفوذ التركي بعد السوريين والإيرانيين؟ أو حتى قبلهم؟!

إنها السعودية ومصر وحزب المعتدلين المعتلّين العرب! والى أن تغيّر تركيا رأيها من جديد، ليس هناك من ضحية في الوقت الحاضر غير هؤلاء خاصة آل سعود وإسرائيل!

تركيا.. العدو القديم لآل سعود!

ليبرالي سعودي كتب في منتدى نجدي وهابي ليبرالي (خلطة عجيبة!) مقالة قصيرة تحت عنوان (تركيا.. العدو القديم) عبّر فيها عن رأي السعودية الوهابية بشكل أكثر صراحة فقال: (لا ولم أستبشر خيراً بالتقارب العربي التركي، ولا أريد لتركيا أن تحمل همّ العالم العربي إطلاقاً؛ ولا أريد أن تعود أساطيل الدولة العثمانية إلى بلادنا من جديد في ثوب أردغان وحزبه؛ فلقد ذاق العرب الأمرّين من الدولة العثمانية التركية، فالأتراك هم السبب المباشر في تخلّف العربي اليوم). وأضاف: (إن العمق الحقيقي لتركيا هو أوروبا وليس العالم العربي؛ لذا فلتذهب تركيا إلى الاتحاد الأوربي لتتعلم وتنمو أكثر.. وتدعنا نحن العرب نخوض غمار البحث والخروج من عنق الزجاجة واللحاق بركب الحضارة.. ولتترك لنا حل القضية الفلسطينية مع العالم. إن دخول الأتراك على خط القضية الفلسطينية سيزيد القضية تعقيدا؛ وأول من يجب أن يقف في وجه الاتراك هم الفلسطينيون انفسهم؛ كما يجب أن يقفوا في وجه الإيراني أيضاً). وختم الكاتب مقالته بالقول: (يجب أن ينتهي التدخل التركي والفارسي في شوؤن العرب؛ فلقد دخلوا في الدولة الأموية والعباسية ثم احتلنا الاتراك باسم الخلافة الاسلامية ولم يزيدونا إلا تخلّفاً وتشرذماً. أيها العرب فلتردوا الغزو التركي الجديد، ولتعي سوريا وغيرها من البلدان العربية المجاورة المرتمية في أحضان الفرس والأتراك، أن العلاقات يجب أن تكون علاقات جوار وتكافؤ فقط)!

وسخرية طارق الحميد من تركيا

وعلى عادة كتاب آل سعود، فبمجرد أن شعرت السعودية بالحرج من الموقف التركي المتميز، بدأ طبالو آل سعود بالتشكيك والسخرية. اختار الكاتب عنوان (تركيا.. هذه هي قائمة الطلبات!/ الشرق الأوسط، 13/6/2010) وملخص الموضوع أن تركيا لكي تصبح زعيمة عليها أن تحل قائمة من مشكلات الشرق الأوسط. وقد صيغ المقال بشيء من السخرية، وكرد على ما قاله وزير خارجية تركيا بأن السدود مع العالم العربي والإسلامي لم تعد موجودة وأن تركيا (معنية بكل قضايا المنطقة، وستهتم بجميع تفاصيلها). هذه الجملة الأخيرة، اقتنصها صاحب العقل الصغير ليضع سلّة مطالب على تركيا! لكي تكون زعيمة وحسب قوله: (إذا حققت تركيا نصف هذه المطالب سننادي بها سلطاناً لمدة 500 عام جديدة! لكن ماذا فعلت لنا تركيا في الخمسمائة عام القديمة؟). لغة سعودية موتورة. وإذا كان هناك من أحد عليه أن يدفع ثمن زعامته، فهي السعودية التي تصيح ليلاً ونهاراً بأنها زعيمة العرب والمسلمين، دون أن تقوم بدور القائد الفعلي، حتى ملّ الناس منها واتجهوا الى غيرها تركيا وايران وحتى فنزويلا! وحديثاً نيكاراغوا! وهذا ما دفع باعلام السعوديين الى السخرية من العالم كله عدا أنفسهم وقيادتهم وطريقة تفكيرهم المريضة.

يطالب الحميد اردوغان بأن يحل القضية الفلسطينية، وأن تقنع تركيا (إيران بكف يدها عن دول المنطقة، وتتوقف عن زرع خلاياها، وتكف عن اختطاف العراق ولبنان).. لم يطلب مواجهة اسرائيل واحتلالها للأراضي العربية؛ ولم يطلب مواجهة النفوذ والإحتلال الأميركي للعراق. ومن المطالب العجيبة التي على تركيا القيام بها (أن تشرع بنشر العلمانية بمنطقتنا) ربما لتتعلم السعودية ذلك!، أو ليقول الحميد بأن السعودية دولة اسلامية؛ أو لكي يشتم حماس ويطالب تركيا بأن تعلمها كيفية ادارة الدولة. وكان الأجدر بالسعودية نفسها أن تنفك عن حكم العصابة وتتعلم من تركيا فعلاً كيف تدير دولة.

يطالب الحميد اردوغان بأن يحل القضية الفلسطينية، وأن تقنع تركيا (إيران بكف يدها عن دول المنطقة، وتتوقف عن زرع خلاياها، وتكف عن اختطاف العراق ولبنان).. لم يطلب مواجهة اسرائيل واحتلالها للأراضي العربية؛ ولم يطلب مواجهة النفوذ والإحتلال الأميركي للعراق. ومن المطالب العجيبة التي على تركيا القيام بها (أن تشرع بنشر العلمانية بمنطقتنا) ربما لتتعلم السعودية ذلك!، أو ليقول الحميد بأن السعودية دولة اسلامية؛ أو لكي يشتم حماس ويطالب تركيا بأن تعلمها كيفية ادارة الدولة. وكان الأجدر بالسعودية نفسها أن تنفك عن حكم العصابة وتتعلم من تركيا فعلاً كيف تدير دولة.

بالمختصر المفيد لن ترضى السعودية عن تركيا حتى تتبع ملة آل سعود الأميركية والصهيونية. وأن تتحول تركيا نسخة من دولة آل سعود (العفو مزرعة آل سعود!)! حينها سيصفق الحميد والراشد وبقية الربع لأردوغان وغول!

اسلاميو السعودية

(بعض) اسلاميي السعودية شذّوا عن الموقف الرسمي، وامتدحوا أردوغان، ولكنهم انزعجوا من تصنيف العالم له في عالم لا علاقة له بالمعتدلين العرب ورموزهم. كتب حمد الماجد مقالة في الشرق الأوسط (14/6/2010) كان عنوانها محور الألم السعودي: (أردوغان والملك فيصل ومهاتير)، أي أن رئيس وزراء تركيا كان يجب أن يوضع الى جانب العظيمين! الملك السعودي فيصل ومهاتير، لا أن يوضع الى جانب (عبدالناصر، الخميني، صدام، نجاد)! ويقول الماجد بأن اردوغان حُشر مع هذه الأسماء السيئة! رغماً عنه بسبب غباء الشعوب العربية. ولكن ما لم يجب عليه الكاتب هو: هل من العدل ـ اليوم ـ أن يصنف اردوغان مع مبارك والملك عبدالله الثاني، وعبدالله السعودي وبقية الشلّة المعتدلة؟ أم أن مقامه في قائمة أخرى أقرب الى روح العدل والإنصاف والشجاعة التي تحلّى بها أردوغان؟!

أما سلفيو السعودية الأصليون المعتقون فيعتقدون بأن اردوغان إنسان (مشرك وفاسق)! هذا أولاً!

وثانياً، فإن أردوغان بنظرهم عميل للغرب وإسرائيل.

وثالثاً، فإن من المؤلم للنفس الوهابية أن يتحول قادة السعودية وقادة مذهبها الى هذا الهوان الذي هم فيه، بحيث يرتفع أناس مثل اردوغان!

التعليقات الليبرالية الوهابية (يمكن الجمع بينهما في السعودية بسهولة جدا!!!) كانت مستفزّة من تصاعد شعبية أردوغان على قاعدة المواجهة مع اسرائيل، وليس على أساس أي أمر آخر. ما جعل السعودية تهبط الى الحضيض، وكأن الصفعة قد جاءتها مضاعفة. الليبرالي النجدي الوهابي همّه الدفاع عن آل سعود، وكان متوتراً كما أسياده. ولكن مع كل ما نشر وكتب بالصريح أو المستتر، فإن السعودية ـ كما اسرائيل ومصر ـ تلقت صفعة حقيقية، حين كانت بوصلة اردوغان القدس وليس طهران، كما كانت السعودية تشتهي.

السعودية في اندحار وتراجع، وما تفعله ويفعله اعلامها دليل على ذلك.

الصفحة السابقة