السعودية تشتري موقف روسيا

عبد الوهاب فقي

منذ أربع سنوات على الأقل والحكومة السعودية تسعى إلى إقناع الروس بوقف تعاونهم النووي مع إيران مقابل عقود سخيّة معهم، وفي كل مرة تحول ظروف ما سياسية وأمنية وربما إقتصادية دون نجاح المسعى السعودي. الروس من جانبهم وجدوا في لعب دور الابتزاز فرصة ذهبية، طالما أن هناك من هو على استعداد لبذل المزيد من المال من أجل تحوّل في الموقف الروسي حيال البرنامج النووي الإيراني.

زار رئيس مجلس الأمن الوطني الأمير بندر بن سلطان، الغائب عن الأنظار هذه الأيام، موسكو في يناير 2007 من أجل تقديم عرض بشراء أسلحة من موسكو بقيمة 2 مليار دولار، تشتمل على تزويد الرياض بمعدات تكنولوجية عسكرية وأسلحة متطورة، وكذلك 150 مروحية من طراز "30.أم.آي.35" الهجومية و120 مروحية للنقل من طراز "إم.آي.120"، بالإضافة إلى 150 دبابة من طراز "تي. 90" ونحو 250 ناقلة جند مدرعة وعشرات الأنظمة المضادة للطائرات.

لم ينجح بندر في إقناع الروس حينذاك بالصفقة، لأسباب عديدة من بينها أن الجانب الروسي لم يكن مطمئناً لدور بندر المحسوب على الجانب الأميركي، وكانت الشكوك تحوم حول مشروع يقوم به الأمير بندر لصالح الأميركيين بما يؤدي الى ضرب المصالح الروسية في الشرق الأوسط خصوصاً وأن المشروع موجّه الى دولتين حليفتين لروسيا في المنطقة وهما سوريا وإيران.

صفقة بندر ـ ميدفيديف/ موسكو ـ يوليو 2008

طلب الرئيس بوتين من جهاز الإستخبارات الروسية بتكثيف الجهود بغرّض التحقّق من عدم وجود أهداف خفيّة وراء تحرّك الأمير بندر بن سلطان على الجانب الروسي، حتى أن مصادر عربية مقرّبة من الجانب الروسي ذكرت بأن مسؤولين روس كبار تنبّهوا الى أن الأمير بندر بن سلطان يحمّل تطلعات تصل الى حد الطلب من الروس التعاون لإسقاط الملك عبد الله، وأنه أوحى الى الروس بأن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش ونائبه ديك تشيني لن يعترضا على هذا الخيار بشرط عدم توريط الإدارة الأميركية في ذلك. وهذا يؤكّد مرة أخرى أن المحاولة الإنقلابية التي قام بها الأمير بندر جرت أواخر إدارة الرئيس بوش، التي حوت عناصر صديقة لبندر، وبالتالي جيّرها للعمل لشخصه، أو هي حرّضته لان يقوم بما قام به. على أية حال، فإن خبر الإنقلاب قد تسرّب الى وسائل الإعلام الدولية بعد فترة من المحاولة الفاشلة، وقد ساهم ذلك الإكتشاف في رفع رصيد الروس لدى الملك عبد الله، حيث أن الصفقة العسكرية التي عقدها الأمير بندر مع الروس والتي ألغاها الملك نفسه، قد أنجبت صفقة بقيمة مضاعفة. وتأتي هذه الصفقة في ظروف مماثلة حيث تتزايد الضغوط الأميركية والأوروبية على إيران من أجل وقف برنامجها النووي، فيما تمارس السعودية دوراً تسووياً لكل العقبات التي تحول دون موافقة الروس والصينيين على الدخول في جولة الضغوطات والعقوبات على إيران، وأن الصفقة الأخيرة تدخل دون ريب في سياق المقايضات بين الدول في الملف النووي الإيراني.

في شأن صفقة الأسلحة الروسية، أعلن في 16 يونيو الماضي عن صفقة أسلحة روسية الى السعودية بقيمة 4 مليارات دولار. وقال أناتولي إيسايكين، المدير العام لشركة (روس أوبورون أكسبورت) الحكومية التي تدير غالبية صادرات الأسلحة الروسية، الخميس، إن المباحثات التي تجريها روسيا مع المملكة العربية السعودية الراغبة في التعاقد على شراء جملة من أصناف العتاد العسكري الروسي، تجتاز المرحلة الختامية الآن.

وذكرت صحيفة (فريميا نوفوستيه) أن السعودية قد تتعاقد على شراء ما تقارب قيمته 4 مليارات دولار من أصناف العتاد العسكري الروسي، ومنها منظومات الدفاع الجوي الصاروخية (س-400) و(بانتسير-1س) ومدرعات (ب إم ب-3) ودبابات (ت-90س) وطائرات (مي-17) و(مي-35) و(مي-26) المروحية.

الصفحة السابقة