أسرار صفقة (الخردة) الامريكية الى السعودية

سامي فطاني

ذكرت صحيفة (المنار) الإلكترونية في 28 أكتوبر الماضي بأن صفقة السلاح التي أبرمتها الولايات المتحدة مع السعودية بقيمة ستين مليار دولار أميركي خضعت للشروط والتحفظات الاسرائيلية التي ساهمت في الحد من التأثيرات السلبية للصفقة على ميزان القوى في المنطقة، وأبقت على التفوق الاسرائيلي في المجال العسكري، كما أن هذه الصفقة كشفت عمق العلاقات غير المعلنة في المجال الأمني بين إسرائيل ودول الاعتدال، والاصطفاف معاً في مواجهة ايران.

وذكر مراسل الصحيفة في واشنطن نقلاً عن مصادر مسؤولة ذات علاقة بخبراء كبار في مجال الأسلحة، أن الكثير من الأنظمة المتطورة للوسائل القتالية التي ستقدمها الولايات المتحدة الى السعودية قد تم ازالتها والتقليل من مستواها وقدرتها وكفاءتها. فطائرات ف15 التي سيتم تزويد سلاح الطيران السعودي بها ليست مشابهة من حيث أجهزتها وأنظمتها الالكترونية والذخيرة التي تحملها للطائرات من نفس النوع الذي تمتلك إسرائيل عدداً كبيراً منها، حيث أزيلت الصواريخ دقيقة الإصابة وذات التأثير الكبير والقوة التدميرية الهائلة والتي تصل إلى مسافات بعيدة من الطائرات التي تضمّنتها الصفقة المبرمة بين الرياض وواشنطن بناءً على شروط وتحفظات إسرائيلية.

وأضافت الصحيفة نقلاً عن المصادر نفسها أن طائرات ف 15 التي تعتبر طائرات مقاتلة هجومية أصبحت مع التعديلات التي أدخلت عليها بناءً على التوصيات الإسرائيلية طائرات دفاعية وصفها بعض الخبراء بطائرات دورية لمراقبة الحدود وذات مهام دفاعية أكثر من حقيقة دورها بأنها طائرات مقاتلة هجومية، بمعنى أن الطائرات التي ستحصل عليها السعودية بموجب هذه الصفقة لا قيمة لها بعد أن ازيلت منها الميزات المتطورة.

وأكدت المصادر أن السعودية وقّعت على التزام وتعهد بعدم استخدام السلاح الذي ستحصل عليه في مواجهة حلفاء أمريكا في المنطقة وفي مقدمتهم إسرائيل كأحد الشروط الذي سمح بخروج هذه الصفقة الى النور وعرضها على الكونجرس، وأشارت المصادر أن اسرائيل لم تعارض الصفقة المذكورة لأن جميع اشتراطاتها قد وافقت عليها السعودية، وبذلك فقدت الاسلحة المباعة الى الرياض أهميتها الاستراتيجية، حتى أن تل ابيب حصلت على تطمينات من السعودية خلال اللقاءات التي جمعت بين قيادات من وزارة الدفاع السعودية ، ومسؤولين من وزارة الدفاع الامريكية بحضور ضباط اسرائيليين مفادها ان هذه الاسلحة ابتاعتها الرياض لمواجهة تعاظم القوة العسكرية الايرانية التي تهدد اسرائيل ودول الخليج معاً. كذلك، وافقت السعودية في لقاءات مغلقة على تعزيز العلاقات الامنية والعسكرية والتنسيق المشترك بين الاطراف المعادية لايران والمشتركة في الرؤية بالنسبة للخطر الايراني وضرورة قطع الطريق على محاولات طهران الحصول على قدرات عسكرية نووية.

الجدير بالذكر، أنه بات مألوفاً الآن أن الصفقات العسكرية التي تبرمها السعودية مع الولايات المتحدة أو حتى مع دول أوروبية تمضي دون اعتراض من قبل جماعات الضغط الإسرائيلية. فقد خرجت (إسرائيل) من قائمة الأعداء السعودية، وليس هناك ما يخيف الأخيرة إسرائيلياً، بعد أن أصبح الكيانان عضوين ناشطين في معسكر الاعتدال. من جهة ثانية، بات في حكم المؤكّد في كل الصفقات العسكرية التي تجريها الولايات المتحدة مع السعودية حرمان الأخيرة من التكنولوجيا العسكرية المتقدّمة الكاسرة للتوازن الاستراتيجي مع الكيان الإسرائيلي، وقد وافقت على ذلك السعودية. وهذا يكشف عن حقيقة أن الغرض من الصفقات العسكرية ليس عسكرياً بالضرورة، بل ثمة أغراض أخرى سياسة وتجارية ومحلية.

في المنظور الإسرائيلي، يكشف يفتاح شابير المحلل العسكري والخبير الاستراتيجي في مركز أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي في (مباط عال) وهي نشرة دورية تصدر عن الأخير عن تعهّد أميركي لتل أبيب بأن الصفقة مع السعودية لن تشمل أسلحة (كاسرة للتوازن)، وأن صمت الإسرائيليين عن الصفقة يعود الى الأزمة الأقتصادية التي تساعد، بحسب بعض التقديرات، بضمان ما لايقل عن 75 ألف فرصة عمل. صحيفة (هآرتس) ذكرت بأن (إسرائيل ستصمت في الغالب لأن التسلح السعودي يأتي في ظل خطر مشترك من جانب إيران)!

الصفحة السابقة