الأماكن المأثورة في المدينة المنورة

ويقصد بالأماكن المأثورة، الأماكن التي جاء في فضلها نص قرآني، أو حديث نبوي، أو أثر، أو المواضع التي وطأها النبي صلى الله عليه وسلم، أو صلّى فيها، أو دعا بها. وقد تناول هذه الأماكن بالتحليل والتوصيف العديد من العلماء والمؤرخين والفقهاء، وجلّ المصادر التي كتبت عنها اتفقت على فضل المدينة وبركتها بقدوم المصطفى عليه السلام اليها، وبما نزل فيها من آيات وما صدر من أحاديث، ولما اشتملت عليه من أماكن مأثورة. وقد كان من ديدن السلف الصالح، تعظيم المدينة وآثارها، لأن محبة المدينة والسكنى بها، جاءت بها عشرات الأحاديث، فكانت دافعاً لهم للإقتداء والتأسي والتلمس لآثار النبي صلى الله عليه وسلم، دون المبالغة أو المغالاة في ذلك، وقد قسمت آثار المدينة الى سبعة أقسام:

المدينة المنورة عام 1907، حيث يظهر بعض من
سورها والمسجد النبوي الشريف

القسم الأول: المسجد النبوي

وما يحتويه من أماكن مباركة، كالروضة والمنبر، والحجرة النبوية الشريفة (القبر الشريف) والأسطوانات. وقد وردت أحاديث عديدة في فضائل هذه الأماكن المباركة. أول الأماكن المأثورة هي المسجد النبوي الذي بناه الرسول صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة، وشاركه الصحابة الكرام في وضع لبناته، فكان أول مسجد أسس على التقوى. وقد جاء في فضله العديد من الأحاديث الصحيحة، وكذلك في فضل الصلاة فيه. أما القبر الشريف (الحجرة النبوية الشريفة) فقد رغّب العلماء في زيارته، للتأسي والإعتبار بسيد الأبرار، والمعلوم أن زيارة القبور مشروعة، ولها أدعية مأثورة، وردت في الصحاح والسنن ليس هنا مجال بسطها، فما بالك بقبره صلى الله عليه وسلم. والمعلوم عند بعض العلماء أن البقعة التي دفن بها النبي صلى الله عليه وسلم هي أفضل بقاع الأرض.

ومن الأماكن المأثورة في المسجد النبوي: الروضة والمنبر، وقد جاء في فضلهما عدة أحاديث منها: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي). ومنبر الرسول وردت فيه عدة أحاديث صحيحة، تحدثت عن صناعته وشكله ومراتبه أو عدد درجاته، كما وردت في البخاري ومسلم، فالأخير يذكر أن منبره كان ثلاث درجات، وقد اختلفت الروايات في عدد درجات المنبر، هل هي ثلاث أم اثنتان؟ لكن توجيه العلماء للحديث كان كفيلا بدرء التعارض، فقالوا: إن من ذكر انه درجتان، لم يعتبر المقعد، ومن ذكر أنه ثلاث درجات اعتبره. هذا وقد كان صلى الله عليه وسلم يخطب متكئاً على جذع نخلة قبل صناعة المنبر، وأورد ابن تيمية عن تبرك الصحابة بمنبره، وذكر أن الإمام أحمد وغيره رخصوا في جواز التمسح بالمنبر ورمانته، والرمانة هي موضع مقعد النبي صلى الله عليه وسلم وموضع يده، لكن المنبر والرمانة احترقا، فزال ما رخص فيه من جواز التمسح أو التبرك، كما يقول ابن تيمية.

أما الروضة الشريفة فإن مما يزيد في أهميتها كأثر مبارك وجود الأساطين (أي الأعمدة والسواري) التي كان يصلي بجوارها النبي صلى الله عليه وسلم وبعض صحابته الكرام. فقد كان كبار الصحابة يصلون عند تلك السواري، وفي صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: (لقد أدركت كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري عند المغرب). من تلك الإسطوانات:

1/ اسطوانة المخلّقة، أو أسطوانة المصحف، أو الأسطوانة المطيّبة، أو أسطوانة الجذع. وهي الإسطوانة التي تقع عن يمين الواقف في المصلى الشريف من جهة القبلة، وذكر ابن حجر في (الفتح) أن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها.

2/ اسطوانة القرعة، وتعرف بأسطوانة عائشة، رضي الله عنها. وتقع هذه الأسطوانة في الروضة الشريفة بين المنبر والقبر، وقد ذكر السمهودي عن صلاة السلف في هذا الموضع عدة روايات.

المنبر النبوي ويعود إنشاؤه الى عهد السلطان العثماني
مراد في سنة 998هـ/ 1589م

3/ أسطوانة التوبة، وتعرف بأسطوانة أبي لبابة رضي الله عنه، وقد سميت به، لأنه ارتبط اليها حتى أنزل الله في توبته.

4/ أسطوانة السرير، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع سريره وفراشه في أثناء معتكفه، وكان ذلك بين الأسطوان التي كانت تجاه القبر وبين القناديل، وقد ذكر ابن ماجة في (السنن) عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف، طرح له فراشه وراء اسطوانة التوبة.

5/ أسطوانة الوفود، التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس عندها لاستقبال الوفود من العرب، وكان يجلس بها سروات الصحابة.

6/ اسطوانة المِحْرس، أو أسطوانة أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي كان يحرس باب النبي صلى الله عليه وسلم، ويصلي عندها، فسميت بالمحرس.

7/ أسطوانة التهجّد، وتقع وراء بيت فاطمة من جهة الشمال.

القسم الثاني: المساجد والدور

من المساجد والدور والمواضع التي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة أو الدعاء أو الجلوس فيها:

مسجد قباء: فقد أوردت مصادر الحديث وغيرها العديد من الأحاديث عن فضل مسجد قبا، وكيفية بنائه. فهو أول مسجد أسسه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة عندما وصل اليها مهاجراً، وقد شارك صلى الله عليه وسلم في بنائه. وبقي المسلمون يصلون في مسجد قباء الى أن حولت القبلة، فأرادوا إعادة بناء المسجد، فجاء اليهم النبي صلى الله عليه وسلم وخط القبلة، وشاركهم في بنائه. وذكر بعض العلماء أن المقصود بالآية: (لا تقم فيه أبداً لمسجد أسس على التقوى...) هو مسجد قباء، وهو محلّ خلاف.

مسجد الجمعة: ويقال مسجد الوادي، ومسجد عاتكة. وفي هذا الموضع كانت أول جمعة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة.

مسجد الفضيخ: عُرف أيضاً بمسجد الشمس، كما يقال له مسجد بني النضير. روي أنه لما حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير، ضرب قبته قريباً من موضع مسجد الفضيخ، وكان يصلي فيه ست ليال، فلما حرمت الخمر، خرج الخبر الى أبي أيوب ونفر من الأنصار وهم يشربون فيه فضيخاً، فحلّوا وكاء السقاء فهراقوه فيه، وبذلك سمي مسجد الفضيخ.

مسجد بني قريظة: عرف بذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في هذا الموقع أثناء محاصرته لبني قريظة.

مسجد مشربة أم إبراهيم: ومشربة أم ابراهيم من صدقات النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اتخذ النبي هذا الموضع سكناً للسيدة مارية القبطية أم إبراهيم، لذا ارتبط اسم الموضع بها.

مسجد بني ظفر: يقال له مسجد البغلة، وهو بطرف الحرّة الشرقية في شرقي البقيع.

المحراب النبوي: ويقع في الروضة الشريفة، أنشأه عمر بن عبدالعزيز، ثم جدده الأشرف قايتباي عام 888هـ/ 1483م

مسجد الإجابة: هو مسجد بني معاوية بن مالك بن عوف من الأوس، وهو في شمالي البقيع على يسار السالك الى العريض.

مسجد الفتح: والمساجد التي حوله، وتعرف كلها بمساجد الفتح، ومسجد الفتح هو الأول المرتفع على قطعة من جبل سلع في المغرب، غربيه وادي بطحان، ويقال له أيضاً مسجد الأحزاب والمسجد الأعلى، وقد صلى فيه الرسول كما في المساجد التي حوله، شأن المساجد المذكورة سالفاً.

مسجد القبلتين: يقال له مسجد بني سلمة، غربي جبل سلع، وفيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم في أثناء صلاته فيه بالتحول من توجهه الى بيت المقدس الى الكعبة في المسجد الحرام في مكة. وتفيد الروايات بأن الرسول صلى من الظهر ركعتين باتجاه بيت المقدس وركعتين أخريين باتجاه الكعبة في البيت الحرام بمكة. وبذا سمي مسجد القبلتين.

مسجد السقيا: روي عن ابي هريرة قوله: عرض النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالسقيا التي بالحرّة متوجها الى بدر وصلّى بها. وفي رواية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بحرة السقيا التي كانت لسعد بن أبي وقاص، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتوني بوضوء، فتوضأ ثم قام فاستقبل القبلة فقال: اللهم إن إبراهيم كان عبدك وخليلك ودعا لأهل مكة بالبركة، وأنا عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في مدهم وصاعهم مثلَي ما باركت لأهل مكة مع البركة بركتين.

مسجد ذُباب: ويعرف بمسجد الراية، ويقال له مسجد قرين، ويقع على جبل ذُباب، شمال غرب المسجد النبوي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ضرب قبته على جبل ذباب في معركة الخندق وصلى في ذلك الموضع.

مسجد أحد: ويعرف أيضاً بمسجد الفسح، وهو المسجد اللاصق بجبل أحد، على يمين الذاهب الى الشعب الذي فيه المهراس. وقد أفاد المؤرخون وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر في موضع هذا المسجد بعد انقضاء القتال يوم أحد.

مسجد في ركن جبل عينين الشرقي: على قطعة منه، وهذا الجبل هو الذي كان عليه الرماة يوم أحد، وهو في قبلة مشهد سيدنا حمزة رضي الله عنه.

مسجد العسكر: ويعرف أيضاً بمسجد الوادي، شمال مسجد عينين السابق، وقد روي أن مصرع حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه كان في ذلك الموضع، فلما وقف عليه النبي ترحم عليه، وصلى عليه.

مسجد السجدة: كان على يمين طريق السالك الى أحد من طريق الأسواف، عند نخيل معروفة بالبحير. وللمسجد أسماء منها: مسجد أبي ذر، ومسجد الشكر، ومسجد البحيري، ومسجد الأسواف، ومسجد السافلة. وهو مسجد صلى فيه رسول الله.

(1) أسطوانة السرير؛ (2) أسطوانة الحرس؛
(3) جدار المقصورة الغربي

مسجد البقيع: كان على يمين الخارج من درب البقيع، غربي مشهد عقيل بن أبي طالب وأمهات المؤمنين، ويعرف بمسجد أبي بن كعب رضي الله عنه، ويقال له مسجد بني حديلة. كان النبي يختلف اليه فيصلي فيه غير مرة.

مسجد المصلّى، وهو من المساجد التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم الأعياد. ويعرف بمسجد الغمامة، الواقع في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي. وهناك مسجدان آخران صلّى النبي فيهما العيد هما: مسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ويقع شمال غرب مسجد المصلّى؛ ومسجد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، شمال مسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

مسجد الشجرة: ويعرف بمسجد ذي الحليفة أيضاً، والحليفة: الميقات المدني، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيه إذا خرج الى مكة.

مسجد بني حرام: من بني سلمة من الخزرج. ومنازلهم تقع بالقاع في غربي مساجد الفتح ووادي بُطحان عند جبل بني عبيد.

مسجد الخربة: لبني عبيد من بني سلمة، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه مراراً.

مسجد جهينة وبلي: روى ابن شبّة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد جهينة، وروى ابن زبالة عن هشام بن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطّ المسجد الذي لجهينة ولمن هاجر من بلي، ولم يصلّ فيه. ويقع المسجد غربي حصن صاحب المدينة، والسور القديم بينها وبين جبل سلع.

مسجد عند بيوت المطرفي: تفيد الروايات أن النبي صلى في المسجد الذي عند بيوت المطرفي عند خيام بني غفار، وتلك الناحية كانت في غربي سوق المدينة.

مسجد بني زُريق: روي أنه أول مسجد قرئ فيه القرآن، وأن رافع بن مالك الزرقي لما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة أعطاه ما أنزل عليه في العشر سنين التي خلت، فقدم به رافع المدينة ثم جمع قومه فقرأه عليهم في موضع المسجد. وروي أن الرسول توضأ فيه وعجب من قبلته، ولم يصل فيه.

مسجدا بني ساعدة: من الخزرج، حيث صلى صلى الله عليه وسلم فيه، وهو يقع شرقي سوق المدينة وفي بئر بُضاعة، كما صلى في آخر لبني ساعدة يقع خارج بيوت المدينة، كان في شامي جبل ذباب الذي عليه مسجد الراية.

مسجد بني خدارة: وهم إخوة بني خدرة من الخزرج، وروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلّى وحلق رأسه فيه.

مسجد راتج: صلى فيه النبي، وشرب من بئر جاسوم كانت هناك، وهو يقع شرق جبل ذباب جانحاً الى جهة الشام.

مسجد بني عبد الأشهل: ويقال له مسجد واقم، وأخرج الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى فيه. وتقع منازل عبدالأشهل في الحرة الشرقية.

صورة قديمة للروضة الشريفة

مسجد القَرَصَة: والقرصة ضيعة لسعد بن معاذ رضي الله عنه، وكان عليه السلام يأتي دور الأنصار فيصلي في مساجدهم، وكان هذا واحداً منها.

مسجد بني حارثة: وهم من الأوس، كانت منازلهم في سند الحرة، ويعرف المسجد أيضاً بالمُستراح، وقد صلى فيه النبي عليه السلام.

مسجد الشيخين: ويقال له مسجد البدائع، ومسجد العدوة، وقد صلى عليه الصلاة والسلام في المسجد وبات فيه، وصلى فيه الصبح يوم أحد ثم غدا منه الى أحد.

مسجد بني دينار بن النجار: من الخزرج، ويقال له مسجد الغسالين، وقد صلى فيه النبي حين كان يعود أبا بكر الصديق رضي الله عنه.

مسجد بني عدي بن النجار، ومسجد دار النابغة: في بني عدي ايضاً. تقول الروايات ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في دار النابغة، واغتسل في مسجد بني عدي. ومنازل بني عدي غربي المسجد النبوي.

مسجد بني مازن بن النجار: وهو مسجد خطّه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يصلّ فيه.

مسجد بني عمرو بن مبذول بن مالك بن النجار: وكانت منازلهم عند بقيع الزبير، وقد صلى الرسول صلى الله عليه وسلم في مسجدهم.

مسجد بقيع الزبير: وقد صلى النبي عليه السلام الضحى فيه عدّة ركعات.

مسجد صدقة الزبير في بني محمم: ويقع غربي مشربة أم إبراهيم، في موقع يقال له الجزع المعروف بالزبيريات، وقد صلى الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم فيه.

مسجد بني خدرة: من الخزرج، ويقع مقابل بيت الحية، وهو مسجد صغير.

مسجد بني الحارث بن الخزرج ومسجد السنح: وروى ابن شبّة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في مسجد بني الحارث بن الخزرج ومسجد السنح. ومنازل بني الحارث تقع شرقي بُطحان وتربة صعيب.

مسجد بني الحبلى: ومنازلهم بين قباء وبين دار بني الحارث التي في شرقي بطحان، وهم رهط عبدالله بن أبي بن سلول. وقد صلى النبي عليه السلام في مسجدهم.

ضواحي المدينة المنورة يرى بينها قبة ثنية الوداع (1907م)

مسجد بني خطمة ومسجد العجوز: وقد روي ان النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى فيهما.

مسجد بني أمية بن زيد: وهم من الأنصار، وكان مسجدهم في موضع الكِبا بين الخربتين اللتين عند مال نهيك، وقد صلى الرسول في مسجدهم هذا.

ومن المساجد التي صلى فيها الرسول في المدينة: مسجد بني وائل: وهم من الأوس؛ ومسجد بني واقف: من الأوس أيضاً؛ ومسجد بني أُنيف: وهم حي من بلي، زارهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان يعود طلحة بن البراء، فتعاهدوا المكان وأقاموا فيه مسجداً؛ ومسجد دار سعد بن خثيمة: ويقع في قباء؛ ومسجد التوبة: بالعصبة، حيث منازل بني جحجبا من بني عمرو ابن عوف من الأوس؛ ومن بين المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: مسجد النور؛ ومسجد عتبان بن مالك: ويقع بأصل أُطمه المسمى بالمزدلف بدار بني سالم بن الخزرج؛ ومسجد ميثب: صدقة النبي صلى الله عليه وسلم؛ ومسجد المنارتين: في طريق العقيق الأكبر؛ ومسجد فيفاء الخَبَار؛ ومسجد بين الجثجاثة وبئر شداد بطرف وادي العقيق.

وهناك دور ومواضع ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها، أو جلس فيها، ولم تتخذ مساجد ومنها:

مربد الحكم بن أبي العاص؛ دار الشفاء وقد صلى فيها النبي عليه السلام؛ ودار عمرو بن أمية الضمري؛ ودار بُسرة بنت صفوان حيث صلّى الرسول بها؛ ودار يعلى؛ ودار أم سليم؛ ودار أم حرام بنت ملحان زوجة الصحابي عبادة بن الصامت، رضي الله عنه.

القسم الثالث: الآبار

هناك العديد من الآبار التي ارتبط ذكرها بالنبي صلى الله عليه وسلم، والتي وقف عليها المؤرخون بالتفصيل والتوصيف، كالفيروزآبادي في (المغانم) والسمهودي في (الوفا). من تلك الآبار:

بئر أريس (بئر الخاتم): حيث تفيد الروايات بأن النبي عليه السلام قد دخلها وتوضّأ منها وكشف ساقيه ودلاّهما في البئر.

بئر الأسواف: وقد جلس عليها صلى الله عليه وسلم، وأدلى رجليه فيها.

بئر الخاتم المعروف ببئر أريس

بئر أُنا: وقيل أنّا، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبته عليها حين حاصر بني قريظة، وصلى في المسجد الذي هناك، وشرب من البئر، وربط دابّته بالسدرة التي في أرض مريم بنت عثمان.

بئر أنس بن مالك بن النضر: فقد استسقاه رسول الله، فسقاه ماءً صبّ عليه اللبن. وقيل أن ماءها عذب، وكانت تسمّى في الجاهلية (البرود).

بئر إهاب: يقال أن رسول الله أتاها بالحرّة، وهي يومئذ لسعد بن عثمان.

بئر البُصّة: روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي الشهداء وأبناءهم ويتعاهد عيالاتهم؛ فجاء يوماً أبا سعيد الخدري، فقال: هل عندك من سدر أغسل به رأسي؛ فإن اليوم الجمعة؟ قال: نعم، قال: فأخرج له سدراً وخرج معه الى البُصّة، فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، وصب غسالة رأسه ومراقة شعره في البصّة.

بئر بُضاعة: وهي لأبي أسيد الساعدي، قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم بصق فيها، فهي يُتبشّر بها ويُتيمّن بها.

بئر جاسوم: فقد صلّى عليه السلام في مسجد راتج، وشرب من جاسوم.

بئر جمل: وهو من الآبار التي توضأ منها النبي صلى الله عليه وسلم.

بئر حاء: وكانت لأبي طلحة، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب.

بئر حلوة: قيل أن الرسول هجر نساءه، وكان يقيل تحت أراكة على حلوة، وهي بئر كانت في الزقاق الذي فيه دار آمنة بنت سعد، وبه سمي الزقاق (زقاق حلوة) ويبيت في مشربة له.

بئر ذرع: وهو بئر بني خطمة توضّأ فيها.

بئر رومة: وقد روي حديث عنها يقول: (نعم الحفيرة حفيرة المزني).

بئر السقيا: روي عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقى له الماء العذب من بئر السقيا.

بئر أبي عنبة: قيل أن الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر، ضرب عسكره على مائها، وهي على ميل من المدينة.

صورة قديمة لمقبرة البقيع قبل أن يدمرها الوهابيون

بئر غُرس: ويقال بئر الأغرس، روي قول لأنس: (ائتوني بماء من بئر غرس، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب منها ويتوضأ). وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (إذا أنا مت فاغسلوني بسبع قرب من بئري، بئر غرس).

وهناك بئر القراصة، وبئر القريصة، الذي توضأ منه رسول الله، ويسمى بئر حارثة، ويقال أنه صلى الله عليه وسلم شرب منها وفيها سقط خاتمه.

بئر اليسيرة: روي أنه صلى الله عليه وسلم جاء الى بني أمية بن زيد فوقف على بئر لهم، فقال: ما اسمها؟ قالوا عسيرة، قال: لا، ولكن اليسيرة، قال: وبصق فيها وبرّك فيها.

القسم الرابع: مقبرة البقيع

تعد مقبرة البقيع أول مقبرة اتخذها الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين بعد هجرته الى المدينة المنورة، وقد وردت عدة روايات تبين أنه صلى الله عليه وسلم كان يرتاد لأصحابه مقبرة يدفنون فيها، فكان قد طلب نواحي المدينة وأطرافها، ثم قال: أُمرت بهذا الموضع ـ يعني البقيع. وكان يقال بقيع الخبخبة، وكان أكثر نباته الغرقد. كان أول من قبر هناك من المهاجرين عثمان بن مظعون رضي الله عنه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجراً عند رأسه وقال: هذا قبر فرطنا، وكان إذا مات المهاجر بعده، قيل: يا رسول الله، أين ندفنه؟ فيقول: عند فرطنا عثمان بن مظعون. وفي رواية عن أبي داوود أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد دفن عثمان بن مظعون أخذ حجراً ووضعه عند رأسه، وقال: أتعلّم بها قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي.

قبة العباس بن عبدالمطلب عم النبي في البقيع وتضم قبور بعض أهل البيت (1907)

وورد في فضائل مقبرة البقيع العديد من الأحاديث، جمعها كل من ابن شبة، والفيروزآبادي، والسمهودي. ومن فضائل البقيع التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم:

* دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وصلاته على أهل البقيع، فقد ورد عن السيدة عائشة، رضي الله عنها، أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل الى البقيع فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غداً، مؤجلون. وإنا، إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد.

* إن أهل هذه المقبرة هم أول من يحشر من مقابر الأرض بعد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقد روى الترمذي من طريق ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول من تنشق عنه الأرض، ثم أبو بكر، ثم عمر، ثم آتي أهل البقيع فيحشرون معي، ثم أنتظر أهل مكة فأحشر بين الحرمين.

وأفرد السمهودي فصلاً في ذكر من دفن بالبقيع من الصحابة وأهل البيت. وقال الفيروزآبادي: لا شك أن مقبرة البقيع محشوّة بالجماء الغفير من سادات الأمة، غير أن اجتناب السلف الصالح المبالغة في تعظيم القبور وتجصيصها، أفضى الى انطماس آثار أكثرهم، فلذلك لا يعرف قبر معيّن منهم إلا أفراداً معدودة.

القسم الخامس: فضل (أُحُد)

يعتبر جبل أحد، الواقع في الجهة الشمالية للمسجد النبوي الشريف، من أهم الأماكن المأثورة في المدينة المنورة، نظراً لاتباطه بأحداث مهمة في التاريخ الإسلامي، ولتردد النبي صلى الله عليه وسلم عليه من حين لآخر.

قبة الصحابي أبي سعيد الخدري رضي الله عنه

عن جبل أحد وفضله، روى البخاري في صحيحه عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، حتى إذا أشرفنا على المدينة، قال: (هذه طابة، وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه). وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحداً جبل يحبنا ونحبه، وهو على ترعة من ترع الجنة، وعير على ترعة من ترع النار). ويقع بجوار أحد جبل عينين، ويعرف أيضاً بجبل الرماة، وهو جبل صغير جنوب جبل أحد، وقد اتخذه النبي صلى الله عليه وسلم موضعاً لرماة المسلمين يوم أحد.

اشتهر جبل أحد بوجود قبور شهداء معركة أحد. فبعد انقضاء غزوة أحد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفن الشهداء في المكان الذي شهدته أحداث المعركة في سفح جبل أحد. وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد، وكان يتعهدهم بالزيارة ويأمر بزيارتهم، وقد وردت روايات عديدة في فضل زيارتهم، ومتابعة الصحابة لما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في زيارة قبر حمزة رضي الله عنه وباقي الشهداء من الصحابة.

وروى أبو داوود في سننه حديث: لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوي الى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم، قالوا: من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نُرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب؟ فقال الله تعالى: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله عز وجل: (ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون). كما أورد السمهودي عدة روايات في زيارة الصحابة والسلف الصالح لمقابر شهداء أحد.

ويضم جبل أحد شعب أحد، وهو الشعب الذي انحاز إليه النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين بعد التحول الذي شهدته غزوة أحد لصالح المشركين، بعد أن كانت في بادئ الأمر تسير لصالح المسلمين. ومنطقة جبل أحد اشتهرت بمساجد صلّى فيها النبي صلى الله عليه وسلم سبقت الإشارة اليها.

جبل أحد

القسم السادس: أودية المدينة

منها: وادي العقيق: جاء في (الصحيح) عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بوادي العقيق: أتاني الليلة آت، فقال: صلّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجّة.

وهناك وادي بُطحان: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بُطحان على بركة من برك الجنّة.

القسم السابع: مواضع متفرقة

وهي مواضع اتصل خبرها بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومن بينها:

* أحجار الزيت: موضع بالمدينة، قرب الزوراء، استسقى عنده النبي صلى الله عليه وسلم. جاء في الحديث عن عمير مولى بني أبي اللحم، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قائماً يدعو يستسقي رافعاً يديه قبل وجهه لا يجاوز بهما رأسه.

* أحجار المراء: وهو المكان الذي التقى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بجبريل عليه السلام وهي قباء.

الصفحة السابقة