السماح للسينما خيانة! والاستخفاف باللحية ردّة!

محمد شمس

فعلاً (ومن التفاهة ما قَتَلْ).

وفعلاً ان يكون السماح بالسينما في السعودية خيانة دينية عظمى، ولكن استضافة القوات الأمريكية على الأراضي السعودية لتدمر دول اسلامية ليس خيانة! كما يقول مغرّد.

وفعلاً من المضحك أن منع السينما والمسرح وفرض القيود باسم الدين لم يجعل المجتمع السعودي مجتمعاً دينياً او مجتمع فضيلة. والإحصاءات تثبت ذلك كما يقول مغرد ثان.

العالم مشغول بالقضايا الكبيرة، والسعوديون حبيسو القضايا التافهة التي لم يحلّوها بعد، او على حد تعبير المغردة نورة خالد فإن (التفاهة عنوان لنقاشاتنا دائماً). والسبب في جرّ المواطن الى هذه القضايا (هيئة الأمر بالنَكَدْ، والنهي عن الفرحة) حسب المغرد تركي الغامدي.

لا توجد في السعودية سينماءات، ولكن كانت هناك دعوة لعرض فيلم (وجدة) للمخرجة السعودية هيفاء المنصور في قصر الثقافة بحي السفارات بالرياض. ما كاد مشايخ الوهابية يسمعون الخبر، حتى بادروا الى الإعتراض والنهي عن المنكر، فتجمعوا أمام قصر الثقافة، فتراجع الداعون، ولو الى حين. واعتبر الأمر انتصاراً لدعاة الفضيلة فافتتحوا هاشتاق للتغريد بالنصر المؤزر (السماح للسينما خيانة)؛ وما حفز ذلك أن صحيفة ايلاف الالكترونية تحدثت عن قرب السماح بافتتاح دور للسينما (ضمن الضوابط الشرعية) طبعاً طبعاً طبعاً. وافتتح هاشتاق آخر (الغاء عرض سينمائي بالرياض). لكن اكتشف الجميع ان العرض قد تمّ رغماً عن المشايخ.

من يسمّون بـ (حرّاس الفضيلة) وهابيون متنطعون كثر، وقد دافعوا عن تحريم السينما ومنعها وضرورة معاقبة من يقوم بذلك. بندر الأيداء يخاطب المغردين السعوديين: (ولكن لا تحبّون الناصحين. هذا فساد، وبوابة شر، وانقلاب على هيئة كبار العلماء). فالسماح بالسينما خيانة كما يقول سعد القعود، لما في ذلك من (افساد للدين والأخلاق، واستمرار المفسدين يعبثون مستغلين انشغال الناس بقضايا الأمة وعدم محاسبتهم اعظم خيانة). لكن يتساءل إياد بوخمسين: (هل علّة التحريم والتخوين تكمن في نوعية الأفلام؟ أم في قاعة العرض؟). مغردون رأوا ان المشايخ سيؤيدون الحاكم إذا ما أمر بالسينما وستصبح حلالاً حينها (مثل دخول النساء مجلس الشورى، وعطلة يوم السبت، وغيره. بعدين صار عمل جليل يؤجر عليه ولي الأمر) كما يقول سطام الجابر.

تأفّف يزيد قاسم من هذه الموضوعات: (كأن هذه الدولة لا تحمل على عاتقها هموما إلا قضية قيادة المرأة للسيارة والسينما. أما قضايا الفقر والبطالة فهذه لا تخصّهم). وايده في هذا خالد البندر: (يغارون ويغضبون على فيلم. لكنهم لا يغارون ولا يهتمون لأمرأة معنّفة وطليقة مظلومة). المغرد المختار، رأى في غضبة مشايخ السلفية بشأن السينما تشدداً يخالف منهج الإسلام؛ ورآها عبدالله الشميسي: وصاية هي من (أكبر لعنات المجتمع) تقوم بها (أقلية خاصيتها الوحيدة انها الأعلى صوتاً). ومن رأي نايف أنه من حقك ان تعترض (لكن مو ضروري تخترع فتوى) وجاء برأي: (اذا اردت ان تتحكم في جاهل، فعليك أن تغلّف كل قضية بغلاف ديني). هذا التدخل في حياة الناس وخنق المجتمع عبر توسعة المحرّم هو الذي دفع سعود الرويلي لتوجيه كلامه للمتشددين: (لا بارك الله باللي جمعكم. والله ما ركضتوا بمصلحة المواطنين بحياتكم).

واستغربت جيهان من كلمة (خيانة) وقالت: (يا ساتر يا رب. ليه الألفاظ الكبيرة دي). وبدأ مغرّدون يذكّرون مشايخ التشدد بفتاواهم السابقة وكيف ذهبت أدراج الرياح: (قالوا تعليم النساء خيانة. قالوا الفاكس والتلكس جن وشياطين. قالوا من عنده قنوات فضائية فهو ديّوث. فلا تستغربوا اذا قالوا السماح للسينما خيانة). وقال عمار شاووش: (عزيزي المحتسب: هل تذكر تعليم البنات؟ ركوب الدراجة الهوائية؟ الراديو؟ طيب الدش؟ والجوال ابو كاميرا؟ والبلوتوث؟) هذه كلها كانت حراماً فصارت حلالاً زلالاً!

في نهاية الأمر، تقول عالية القرني: (نبغى سينما، ونبغى أندية رياضية نسائية، ونبغى معاهد للموسيقى والتمثيل. نبغى حياتنا تتحول من الجفاف والقسوة الى الجمال والبهجة).

جريدة الوطن تسخر من اللحية!

قامت الدنيا ولم تقعد، فلقد استهزئ باللحية من قبل صحيفة الوطن. انها ليست لحية محددة، هي ليست لحية شيعية، ولا لحية سلفية، وان ربط بينها وبين الإرهاب والعنف!

(قطع الله يداً رسمتها) يقول الدكتور الحميضي، انها حرب على الإسلام! ومحمد المسند تساءل محرضاً: (لماذا لحية المسلم مستباحة؟! هل يستطيع الرسام ان يسخر من لحية بابا الكنيسة؟). نعم: لأن ليس لديه لحية، لا هو ولا البابا الذي سبقه، ولا الذي سبقهما! لقد استبيحت أنهر من دماء المسلمين على يد الفكر المتطرف السلفي، الذي يشنع الآن باستباحة لحية متطرفة!

انس دركل، يقيم في الرياض، دعا الله: (اللهم انتقم لسنة نبيك من هؤلاء المنافقين)؛ وفواز البرازي اعتبر الاستهزاء باللحى السلفية العنفية كفراً، وطالب بإحالة الرسام الى القضاء بتهمة الردّة. لكن خالد البندر اراد لنا ان نهدأ ونفكر في سؤاله: (بالله أسألكم، من الذي يسخر من اللحية؟! الجريدة أم الملتحون الذين استخدموها لخداع الناس وتحقيق مصالحهم الشخصية؟.

لكن الحملة يجب أن تكبر، من الحبّة تصبح قبّة! لا بد من تسخين: إن (سكوت هيئة كبار العلماء يجريء السفهاء على نبذ الشريعة). الله أكبر يا حميدان الجهني. وأحمد الشهري يزيد الطين بلّة: انه (عمل كفري وارهاب نفسي) وسبب أعظم في نشوء التطرّف. ويأتي محرّض آخر فيقول بأن وفاة وزير الداخلية نايف سمحت لأعداء الدين بالسخرية، مع ان نايف غير ملتحي، وسأل عبود الشمري: (ماذا لو سخر بصاحب سمو ملكي؟) الجواب: (لذهب الى الحاير وسجن وجُلد ولم يرَ الشمس مرة أخرى). ماذا تعني هذه المبالغة؟ تحريض على السلطة ام تحريض على الرسام؟

وكرّت سبحة التحريض على المخالف سياسياً (هل تم استنساخ الكاريكاتير من صحيفة يهودية). والمغرد الفيفي يصرخ في المواطنين: (هبّوا جميعاً دفاعاً عن سنة المصطفى)! ماذا تريدهم أن يفعلوا؟ ومحمد الصعب يبشر الجمهور بالنصر والفتح القريب! نصر على من؟

يوقفنا تميم لملاحظة (اكثر اللي يغردون ضد الجريدة ويطالبون بمحاسبتها هم اساساً مو حاطّين لحى. شيء غريب). ومها السنان تقول لمشايخ السعودية بأن كاريكاتير الوطن ملتحي يلبس بدلة، وأنتم لا تفعلون ذلك. بمعنى انكم لستم معنيين بالأمر. هذه الملاحظة لا تعني شيئاً لرباح الصديان، وهو يريد الثورة من اجل اغلاق صحيفة الوطن؛ التي يسميها المغرد البقمي صحيفة الوثن.

الصفحة السابقة