مغرّدون يحللون ويسخرون من تعيين مقرن ولياً لولي العهد

محمد شمس

لدينا ملك، هو رئيس مجلس الوزراء.

ولدينا ولي عهد، هو وزير الدفاع، والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.

ولدينا مقرن، هو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء. ما يعني انه الرجل الثالث في الدولة كما جرت العادة.

لماذا ـ إذن ـ فاجأ بيان الديوان الملكي المواطنين بخبر تعيين متعب: ولياً لولي العهد؟

ما هي الحاجة لإعلان هذا، مادام ولي العهد ستختاره هيئة البيعة بعد وفاة أحد الرجلين: الملك او ولي عهده؟

هل يعبّر هذا عن اشتداد الصراع داخل العائلة المالكة؟

هل ما فعله الملك ـ وقبل أقل من يومين من زيارة اوباما للرياض ـ جاء لإجهاض تعيين وزير الداخلية محمد بن نايف، المحبوب لدى الأميركيين اكثر من غيره؟

ام هل كان تعيين مقرن، وسيلة لتصعيد ابن الملك (متعب/ وزير الحرس) ليكون ولي العهد، وربما الملك القادم بعد موت او انسحاب والده وعمه سلمان من واجهة الحكم؟

ما رأي المواطنين السعوديين بهذه المفاجأة الملكية؟

لنقرأ تغريداتهم في هاشتاق: (# مقرن ولي لولي العهد)!

لم يقبل المغردون ـ ابتداءً ـ استخدام لقب (ولي ولي العهد) فلغوياً هو غير صحيح، وكان الأجدر القول بأن مقرن صار الولي الثاني للعهد. وسخر عمر، اذ ذكره اللقب بقول الأصمعي:

فوَلْوَلَت وولْوَلَتْ/ ولِيْ ولِيْ يا ويْلَ لي!

وقال سالم: (وليٌّ لولي؛ وللولي وليّ؛ والله هو المستعان وهو الوليّ). أبرار طالبت، بمناسبة ولي الولي، اجازة اسبوع، لأسبوع الإجازة! ونورة بشّرت رفيقاتها: (طَلَعْ موْ بَسْ المرأة محتاجة وليّ؛ حتى ولي العهد بِكُبْرَهْ صارْ لَهْ ولي)!

لكن: هل كان الملك مريضاً وقرُب أجله، فدعاه الأمر الى تعيين مقرن ولياً لولي العهد، ومن ثم استكمال التغييرات الأخرى؟ يتساءل الدكتور فؤاد ابراهيم. ويجيب: نعم، وهو ما تكشف عنه صورة الملك وهو يتنفس من قنينة اوكسجين اثناء لقائه بأوباما.

آخرون يعتقدون بأن لا سبب مستعجل، فكل ما في الأمر هو ضمان استقرار المستقبل! مستقبل ماذا ومن؟ الدولة ام العائلة المالكة؟ الثبيتي يشير الى التطورات الإقليمية والدولية وأثرها في القرار الذي جاء: (اخراساً لمن يتحدث عن هوّة الخلاف في أروقة الحكم). فهل خرس المواطنون، والصراع بين الأمراء ليس جديداً ولا غريباً؛ فهناك ملكٌ معزول مات في المنفى وهو سعود؛ وملك قتل بالرصاص وهو فيصل؛ وملك حكم تسعة اعوام وهو لم يعلم بأنه يحكم وهو فهد، بسبب توازنات الصراع الداخلي.

حمزة الحسن، الناشط السياسي، رأى أن تعيين مقرن لا علاقة له بسلاسة انتقال السلطة بل بالصراع عليها، وتعيين مقرن مقدمة لتعيين ابن الملك متعب ولياً لعهد مقرن. ورأى أن افضل ما يمكن للملك وولي عهده هو نقل السلطة في حياتهما الى الجيل الثالث. ويتساءل: هل كان قرار تعيين مقرن متسرعاً خاصة وان بيان الديوان يشبه البيانات العسكرية، وهل كان اوباما يضغط لتعيين ابن نايف ملكاً؟ ويؤكد بأن البيان الملكي متوتر، ويشعر قارئه بأن العائلة المالكة في معركة؛ وجاء تعيين مقرن كحل وسط بين متنافسين اثنين: متعب وزير الحرس، ومحمد بن نايف وزير الداخلية.

هذا ما لاحظه مستنير أيضاً من لغة البيان وهو ان النزاع على أشدّه بين العائلة المالكة. اما الشعب فخارج معادلتهم طبعاً، واعتبر هذا الإهمال للشعب رسالة لكل من ينتظر اصلاحات او انتخابات. والموسى يختصر الأمر: مقرن ولي ولي العهد، ويا ويل اللي يغيره. التحليل: واضح فيه خوف، بَسْ مِنْ مين؟ الله أعلم!

يتوقع الصحفي سلطان القحطاني ان يتنازل الملك لولي عهده سلمان، وان يتم تعيين متعب نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء. وينقل عن الوكالة الفرنسية ان سلمان أصرّ على تعيين ابنه محمد وزيراً للدفاع؛ في حين ان الملك يصر على تعيين ابنه متعب نائباً ثانياً.

* * *

السؤال الآخر يتعلق بما يقوله الديوان من أن ثلاثة ارباع اعضاء هيئة البيعة وافقوا على تعيين مقرن. آخرون يقولون بأن التعيين جاء دون الرجوع اليها، وان هيئة البيعة اسسها الملك وهو الذي قتلها في المهد. الأمير طلال قال بأنه لم يستشر في الأمر. وقال آخرون بأن تعيين مقرن يخالف نظام هيئة البيعة أصلاً.

يسأل عبدالباسط: اذا كان ثلاثة ارباع اعضاء هيئة البيعة وافقوا على قرار تعيين مقرن، فهل من حق المواطن معرفة اسماء الربع غير الموافق؟ ام لا داعي لذلك؟!

بيان الديوان الملكي يقول بان قرار تعيين مقرن لا يتغير ولا يُعدّل. لكن من يضمن ذلك؟ اذ لا قانون في البلد او للعائلة المالكة يمنع الملك القادم من تغيير من يريد، فالملك له كامل الصلاحيات، حسب عبدالعزيز البراهيم.

طبخة تعيين مقرن وغيرها تشير الى دور خالد التويجري مستشار الملك، ولذا فإن زوجة الملك عبدالله السابقة تتهم زوجها السابق بالهرم، وانه لا يدري ما حوله، وان الذي يقرر عنه هو التويجري، اي ان مصير آل سعود والشعب يقرره التويجري، حسب رأيها ورأى آخرين. فهذا المعارض السعودي الدكتور كساب العتيبي، يتهم التويجري بانه تلاعب بالملك، وأقحم ابنه متعب ليكون ولي عهد مقرن، وبذلك يضمن التويجري مكانه ومكانته. ومثل ذلك تحدث خالد بن الأمير طلال عن مؤامرة يحيكها التويجري قبل زيارة اوباما.

الدكتور عبدالله الفارس، قدّم تغريدتين ملتهبتين بشأن تعيين ومبايعة مقرن. يقول: (ليش أبايع مقرن، فبعد بعد غدْ سيختلف مليكي وولي ولي عهده. إن بعد بعد غد لناظره قريب. لغتنا أصبحت لوغارتمات للأسرة المستبدة). ويضيف: (آخْ. كم تمنيت يا آل سعود أن يدوم حكمكم الديمقراطي لقرون! لكنكم ومع شديد الأسف تتحاربون على استعبادنا)!

ومن التغريدات الساخرة قول احدهم: (الشعوب المتخلّفة في امريكا وأوروبا تختار من يحكمها كل اربع سنوات. في الخليج وتوفيراً للوقت يختارون لنا ثلاثة حكام «باكيج» ومرة واحدة).

ليس الشعب المُسَعْوَد (شعب الله المختار) وحده الغائب والذي يأخذ وضع الجماد كالمزهريات، بل حتى المفتي والمشايخ الذين يزعمون انهم ضمن أهل (الحل والعقد) ويتبين واضحاً انهم لا أهل حلّ ولا أهل عقد بل مجرد ادوات بيد العائلة المالكة. فهذه هي الديمقراطية السعودية الملكية؛ انها شأن عائلي لا يجب ان يتدخّل في خصوصيته متطفلون كما يسخر المغرد العتيبي. وعليه فإن الشعب لا شغل له سوى ان يكون متفرّجاً؛ وهذا ما دعا (المسلّك لولاة أمره) الى الضحك من الرعاع الذين يقولون بايعناك على السمع والطاعة! وهل أُخذَ شورُكَ ورأيُكَ في البيعة. كلْ تِبِنْ وانبطح!

ولاحظت الدكتور مضاوي الرشيد ان هناك حملة اعلامية سريعة منظمة على تويتر لصالح مقرن؛ وتكاثر المدّاحون له عن عبقرياته ومواهبه المتعددة، فهو عسكري طيار، وهو قارئ وراصد فلكي ويميل لعلوم الفلك، وهو مزارع متواضع يقود محراثه، وهو منظّم ويلتزم بالقانون عند الإشارة الحمراء فيتوقف!

المغرد (ولي الأمر) سخر من مآثر الإمام السلفي مقرن، وقال عنه أنه عندما يعطش يشرب، واذا جاع أكل، بالإضافة أيضاً انه يذهب الى الحمّام! وأكملت مغردة الأمر: (من مميزات ولي العهد المحبوب مقرن انه يقف عند اشارة المرور؛ كما يقود الحرّاثة بنفسه)؛ ليواصل المغرد مُقبل، فيشير الى أنه شاب، عمره ٧١ عاماً بالهجري، يعني (تَوَّهْ ما بَعَدْ فَقَسْ من البيضة. هو في ريعان الشباب. أُبايع، أُبايع)!

وإزاء هذه الفضائل خشي احمد العتيبي أن تعيّن العائلة المالكة عبدالعزيز بن فهد وزيراً لوزارة الإملاء والتعبير والتربية العامّة. لتختم مها عبدالله التغريدات بالقول: (الأمير مقرن ولياً لولي العهد، والشعب يتقبّل التعازي في وطنه المسروق المبيوع سلفاً)!


الصفحة السابقة