قضايا سعودية لمشاكل عميقة الجذور

محمدالسباعي

لا مكان مثل (تويتر) يمكن من خلاله قراءة الرأي العام الشعبي في مملكة آل سعود. فقد أصبح تويتر الوسيلة الشعبية الأولى في التعبير عن الهموم والآراء، وفي البحث عن التحولات في الإتجاهات السياسية والفكرية والنفسية للمواطنين. لا عجب أن تجد مثقفي البلاد وناشطيها وحتى مسؤوليها لهم مواقعهم على خارطة هذا الوافد الجديد في صحراء الاستبداد. المملكة من الخارج شيء مختلف، تصنعه الدعاية الرسمية الحكومية، أما في الداخل فهناك عالم متلاطم من الأفكار والنشاطات والإبداعات ترسم صورة أخرى لها ولشعبها ولنظام الحكم فيها

# مصر تصوّت لصالح المشروع الروسي

بالأمس القريب كان بعض الكتاب يمتدحون السيسي نكاية بالإخوان وتضامناً مع النظام السعودي نفسه الذي استشعر الخطر. واليوم دُهشوا لسياسات السيسي تجاه حرب اليمن وعدم وقوفه معهم، وكذلك وقوفه مقابل موقفهم في سوريا وغيرها، وأخيراً موقفه في مجلس الأمن حيث صوّت لصالح المشروع الروسي. لكن لا بد لهؤلاء الكتاب ان يتألموا وأن يسايروا الموقف الرسمي السعودي.

الكاتب والمحامي عبدالرحمن اللاحم كتب فيما مضى فقال: (اللهم ارض عن السيسي فإني عنه راض). والشيخ عبدالعزيز الريّس امتدح السيسي لحزمه ضد (الرافضة) ووقفته مع السعودية، وتمنّى عليه ان ينشر التوحيد الوهابي بمصر؛ وكأن مصر غير موحّدة لله. وحدها الوهابية، التي اختزلت التوحيد في ذاتها، ووحدهم أهل نجد وأتباع الوهابية موحدون!

الكاتب محمد آل الشيخ سبق وان امتدح السيسي فقال: (السيسي هزم المتأخونين، المتأسلمين، شرّ هزيمة؛ فأنقذ الله به مصر وأهلها من أن تكون سوريا أو ليبيا ثانية. لله درّه من بطل تاريخي عظيم). لكن بعد صفعة الموقف المصري الأخيرة من المشروع الروسي، كتب متراجعاً حسب الموقف الرسمي: (كم كنتُ مخطئاً حينما اعتقدتُ أن السيسي سينقذ مصر من الإنهيار. الإبتزاز من خلال المواقف الدبلوماسية الرخيصة ليست من أخلاق القادة الكبار).

وأما خالد التويجري، مستشار الملك عبدالله، ورئيس ديوانه، والذي على عهده جرى الإنقلاب على مرسي، قال في تغريدة بعد صمت: (أسفٌ ما بعدهُ أسف يا فخامة الرئيس، أن يحدث ذلك منكم تجاه المملكة بالذات)؛ ثم يمنّ على مصر فيقول للسيسي: (أنسيتم مواقفنا معكم كأشقاء؟!). يعني هل نسيتم الرز يا فخامة الرئيس؟!

هنا يرد الناشط عيسى النخيفي على التويجري فيقول له: (الله لا يوفقك يا خالد التويجري. أسفكَ هذا لن يُرجعَ لنا ثلاثين مليار، أشرتَ بها للسيسي، وأخذها الكلب وطعننا في ظهورنا).

الإخواسلفيون المسعودون وغيرهم كانوا فرحين بالخلاف المصري السعودي؛ وشمتوا بمن خالفهم من قبل، وطالبوا بمزيد من التصعيد في الموقف ضد السيسي.

الإخواسلفي محمد البشر، وصف موقف السيسي بأنه (موقفٌ يتعارض مع قيم الأخوة الإسلامية والعروبة والإنسانية والمروءة)؛ والمعارض السابق كساب العتيبي يرى فيما فعلته مصر إبتزازاً وسلوكاً منحطاً ورخيصاً؛ ومثله الصحفي الإخواني خالد العلكمي الذي علّق على ايقاف تزويد مصر بالمواد النفطية بأنها (أخبار تفتح النفس). والصحفي الإخواني الآخر، جمال خاشقجي يضرب تحت الحزام من اسطنبول، فيقول: (مصر تحتاج لمن يذكّرها أنها تمثّل العرب في مجلس الأمن).

نعم مصر تمثل العرب نسبياً، ولكنها لا تمثل السعودية حصراً.

وعموماً فإن الموقف الرسمي السعودي كان يغطي النقد الموجه لمصر وللسيسي، ويؤيد حجب المساعدات، والتوقف عن تزويد مصر بالنفط. الصحفي محمد الرطيان يقول انه منذ أخناتون وحتى الآن، لم يحكم مصر أحد أكثر حمقاً من السيسي؛ ويذهب ابو احمد القرني فيعلق بأن قرار مصر الأخير يُنبيء أن الكل قد تخلّى عن السعودية، كلبنان وعُمان ومصر والجزائر. إذن فلتثق الحكومة بشعبها.

لكن السعودية في حالة ضعف، ولا تستطيع ان تفتح معركة جديدة. وعليها أن تدفع، كما عوّدت الدول والأحزاب والجماعات والأشخاص على ذلك. عليها ان تدفع او تتحمّل النتائج! فالدعم للسعودية او السكوت عنها لم يكن بدون مقابل، ولن يكون في المستقبل.

الشيخ ضاوي بن سعيد لفت الى أن أغلبية المغردين السعوديين لا يعرفون ماهية المشروع الروسي بشأن سوريا؛ وقال ان المشروع يقضي بإخراج مسلحي جبهة النصرة من حلب، ويتساءل: (أيش مشكلكتم مع هذا؟). ويكمل بأن المشروع الروسي يتضمن: وقف الاعمال القتالية، وايصال المساعدات، وفصل المعارضة المعتدلة، وإخراج جبهة النصرة، ثم يسأل: (هل تزعّلكم هذه الأمور)؟

نعم تزعل آل سعود.. فلم ينته بعد استخدام جبهة النصرة وداعش، ويجب حمايتهما او توجيههما ضد سوريا، وإبقاء الحرب مستمرة. هذه هي مشكلة مشروع القرار السوري، وهذا هو سبب الغضب السعودي.

# هروب فتاتين الى كوريا

هروب الفتيات من بيوت أهلهن ظاهرة، تقرأ بعض تفاصيلها في الصحافة المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي. والسبب هو الإضطهاد للمرأة وعدم وجود تشريعات حمائية لها، وانتقاص حقوقها التي أقرها الشرع قبل ان تقرها القوانين الوضعية.

وقد تمددت الظاهرة للهروب من المملكة المسعودة نفسها، الى بلدان اوروبا وامريكا واستراليا وغيرها؛ وأخيراً هربت فتيات الى تركيا والى جورجيا، وآخراً الى كوريا الجنوبية. هذا له علاقة في أكثره بوضع المرأة المزري وحرمانها من أبسط حقوقها، في ظل نظام فاسد، وفي ظل تشريعات وهابية جامدة غبيّة وجاهلية.

أغلب هروب الفتيات الى دول الغرب لا يتم الإشارة اليه في الصحافة والإعلام السعودي. لكن حين تخرج الفتيات الى دول أخرى من المصنفة في العالم الثالث، يشحذ الإعلام ورجال الحكم والدبلوماسيون السعوديون عضلاتهم لاستعادة الفتيات وكأنهن قاصرات.

كل المحاولات الشعبية والحقوقية لتحسين وضع المرأة لم تنجح، ولم تتم الإستجابة لها.

هذا الإنسداد في الحياة الاجتماعية والسياسية، والذي تكفل به العقل السياسي السعودي، إن كان له عقل، كما تكفلت به المؤسسة الوهابية الجامدة، هو الذي يجعل المواطنين ذكورا وإناثاً يخرجون من السعودية ويبحثون عن العيش الكريم خارجها.

ورغم التضليل والقول ان السعوديات ملكات، إلا أن الملكات لا حق لهن، ويبحثن عن طريق للهجرة الى الخارج. ولطالما استعرضنا هاشتاقات بهذا المعنى مثل هاشتاق: (الله هجرة)، او (هجرة السعوديين).

قبل بضعة اشهر، قال عضو في مجلس الشورى ان هناك مليون مواطن يعيشون في الخارج. وحذر آخرون من أن كفاءات البلد تتسرب الى الخارج من مهندسين واطباء وغيرهم. ويتوقع ان تزداد هذه الحالة بسبب سوء الاوضاع الإقتصادية، وتفاقم الضغط الوهابي والضغط الأمني على الحريات العامة.

طبيب نفسي ومحامي لاحظا ظاهرة هروب او هجرة الفتيات الى الخارج منذ سنوات عديدة.

قال الطبيب بأنه في كل يوم يعمل فيه يزداد يقيناً بأن المرأة في مجتمعنا يقع عليها ظلم عظيم، وأشار الى مآس لا يتصور أحد أنها تقع في بلد مسلم. وأيده في ذلك المحامي الجذلاني من موقعه.

لكن الاخواني مالك الأحمد اشار الى دور المسلسلات الكورية في هروب الفتيات الى كوريا.

ان كان هذا صحيحاً فماذا عن هروبهن الى امريكا وبريطانيا وغيرها؟ هذه تبرئة للذات ووضعها على الثقافة الأجنبية التي تغزو المملكة. لكن السبب ليس الثقافة الخارجية بقدر ما هي ثقافة المجتمع الذكوري، وتعليمات الوهابية المتشددة التي تخنق الناس خنقاً.

ماذا عن هجرة مليون مواطن والعيش في الخارج لو لم تكن الأوضاع بائسة بالنسبة للجميع؟

السفارة السعودية في كوريا الجنوبية تبحث عن الفتاتين، وكأنهن مجرمتين. والسفير السعودي المتخلف يلاحق الأمر ويقول انه تأكد من دخول احدى الفتاتين الى كوريا! ما هي المشكلة ان سافرت احداهن الى كوريا بطريقة قانونية وبمالها، لماذا يقال عنها انها هاربة من العدالة السعودية. وتقول مغردة: (فشّلتونا. كلما سافرت سعودية رفعوا عليها بلاغ هروب). والمغردة رؤية تقول بأن صياغة خبر الفتاتين يفيدك وكأنهن مطلوبتان أمنيا في قضايا أمن دولة تتطلب دعم الانتربول!

وصفت العنود التميمي الفتاتين بأنهن من الناجيات من جحيم السعودية. وتضامنت النسوة مع الفتاتين. قالت مغعردة: (في كل مكان إسمها هجرة، إلا هنا، لمّا البنت تهاجر يسمونها هروب، معترفين أننا بسجن للنساء. عموماً عقبال الباقين). والمواطنة روان تتساءل: (هروب؟ يعني معترفين انهم كانوا مسجونات ومُستعبدات). وقالت مريم العتيبي بأن ما يحدث طبيعي، فإذا كانت الحياة هنا سجناً، فالهروب من هذا السجن واجب. والمغردة صوفيا انه ليس غريباً هروب الفتيات من السعودية، بل الغريب فعلاً هو صبرهن في هذا البلد وعدم هروبهن.

وقالت الكاتبة خلود الفهد: (الفتاة رفضت أن يسرقوا حلمها، وأن يفصّلوا لها حياتها على مقاسهم). وشبهت الناشطة تماضر اليامي هروب الفتاة من السعودية كهروب الحيوان من القفص أو السجين من السجن. اخرى تقول بأنها كانت في السابق ضد هروب الفتيات، على امل ان يتغير المجتمع. لكنه لم ولن يتغير، وتدعو: (الله يرزقنا هَجَّهْ من غير ضرر). يعني هروباً خارج الحدود بدون أضرار. اما المغردة إيمان توباكي فدعت الى عدم القلق على الفتاتين فقد سافرن الى المستقبل، وخاطبت بني جنسها: (أفيقوا واتبعوهن، واتركوا طريق مشبّب). ومشبب هذا، هو اسم لرجل من المباحث، صار يُطلق على كل جاسوس للسلطة وممثلاً لأمنها. والمغردة سارة آل علي تؤكد أن (السعودية مقبرة النساء، فحين تطالب المرأة بحقوقها تُقذَف ويُقال لها: اذا مو عاجبك، اطعلي برّا. واذا ما هاجرت قُذِفَت أيضاً وطالبوا بتأديبها وإرجاعها).

والطريف ان المغردة نيّرة خاطبت بني جنسها ايضاً فقالت ساخرة: (يلاّ يا بناتْ.. شدّوا حيلكم، نبي مع رؤية ٢٠٣٠، ما يبقى ولا امرأة بالسعودية). أما الناشطة الاجتماعية نوال الهوساوي فترى ان ظاهرة هروب الفتيات لا يعتبر تمرد مراهقات، بل هو تمرد على الخيارات المتاحة؛ واضافت: (ستهرب الجارية من قصر مَن استعبدها ولو كانت أغلالها ذهباً)؛ وختمت موجهة النصح: (لا تستعبدها، حتى لا تهرب منك بحثاً عن الحرية).

وتساءلت مغردة بسخرية: (لماذا ملكتين متوّجتين على عرش، يتنازلن عن المعيشة المرفهة ويهربن؟). وفي الإتجاه نفسه يسخر محمد الفارس: (هربت الملكات من الحرّاس، وتمّ اعلان النفير العام في قلعة الطاعة). واخيراً يعتقد المغرد أمجد أنه لو فتحت الدولة مطاراتها بالمجان لمدة أربع ساعات فقط، فلن يبقَ أحد في السعودية سوى أمراء الأسرة الحاكمة والخدم.

‫# قاضي العيينة يخلع زوجة عن زوجها

الصحيح ان القاضي طلقهما رغماً عنهما، والزوج كان على الحدود يقاتل، والزوجة كانت حاملاً! والحجة: (عدم تكافؤ النسب).أي جاهلية تعيش هذه المهلكة السعودية؟

تقول المغردة هاءات: (يخلعون امرأة تريد زوجها، وأنا مُعلّقة مدّة سنة محّدْ خلعني. هل أنتم حمير؟). وعبدالله العلويط يقول: (الزواج واستمراره حق للزوج والزوجة، وليس حقاً من حقوق والد الزوجة او اخوتها حتى يتصرفون بها كأملاكهم الخاصة). وفي حين تكتب صحيفة عكاظ عن ضحايا تكافؤ النسب؛ تتألم المغردة رغد فتقول: (محزن ان يكون هذا قدرهما في بلد لا يعرف الحب، ولا يؤمن بحرية خيار الإنسان، وغارق في العنصرية بجميع أنواعها).

ويتساءل الناقد عبدالله الغذامي: (من صنع الأنساب، وجعلها فوق كل القيم والحقوق؟.. والله إني أشعر انها “الموؤودة” وسيسألنا الله كيف نفرق زوجة عن زوجها تحت مفاهيم لم ينزل الله بها من سلطان). انها الجاهلية علناً في دولة تطبيق الشريعة الإسلامية، يقول مغرد. وإنها من الفضائح التي لا توجد في دولة مسلمة غيرنا؛ يؤكد كمال عبدالقادر.

من جانبها، وكأنها تحض الزوجين على الهرب، تقول اسماء الراجح، بأن بإمكانهما طلب اللجوء في امريكا (وخلّوا فضايحكم تُعلن في فوكس نيوز). وتسأل نور مستغربة: (هل شهدتم او سمعتم في العالم اجمعه تشتيت اسرة وفصل زوجين اجباريا من قبل قاض بسبب عدم تكافؤ النسب؟).

هذه شرعنة للتمييز والعنصرية والطبقية كما يقول سعيد معتوق. وتختم صوفيا بأن (دولة قوانينها وضيعة، ومتخلّفة، مثل هذه الدولة يستحيل ان تتطور. لا شيء يلوح بالأفق إلا رؤية الكبسة 2030).

#‬ معلم يمزّق كُتب وزارة التعليم

لعله من باب التكرار القول ان مناهج التعليم في السعودية تصنع التطرف والمتطرفين، وتحضّ على العنف، وتمزّق النسيج الإجتماعي على أسس طائفية ومناطقية وحتى قبليّة. هي مناهج أنتجت لنا القاعدة وداعش، ومجمل الثقافة التي تبثها أيديولوجيا السلطة الدينية، عبارة عن كتلة ملتهبة من الجهل أولا، ومن التطرف ثانياً، ومن الحضّ على العنف ثالثاً، ومن عدم احترام انسانية الإنسان، مواطنا كان أم أجنبياً رابعاً. وفوق هذا هي مناهج لا تربّي إلا على التباغض والتكفير والتبديع، ولا تتماشى مع أي اجتهاد مختلف ولا تقبل بانفتاح ولا تعايش ولا غيره.

لهذا توجهت لهذه المناهج موجات من النقد داخليا وخارجياً. وما لا يعرفه الكثيرون خارج المملكة، فإن النقد الداخلي الموجه لمناهج التعليم الديني في المدارس والجامعات، اكثر بكثير من النقد الموجه لها في الخارج.

ولقد كانت احداث سبتمبر ٢٠١١ فاتحة لتصويب النقد الغربي وغيره لتلك المناهج. فسارعت الرياض الى لفلفة الموضوع بحذف بعض الجمل او اعادة كتابتها مع ابقاء المضمون ذاته. ولازالت المناهج تولد الى هذا اليوم العنف والتطرف داخل السعودية، وتصدر الباقي الى الخارج. ولا عجب بعد هذا ان مناهج السعودية هي التي تدرسها داعش في المناطق التي تسيطر عليها في سوريا والعراق.

والمشكلة مزدوجة، فالمناهج الدينية سلفية وهابية متعصبة، والمدرسون هم ايضاً في اغلبيتهم الساحقة وهابيون متطرفون متخرجون من جامعات اسلامية محلية متطرفة. والمدهش ان فئات عديدة من المواطنين لا يُسمح لهم بالانضمام لتلك الجامعات، لأنه لن يُسمح لهم بالتدريس، لا المواد الدينية، ولا التاريخية. المؤتمن على تدريس الدين هم الوهابيون فقط، رغم اقليتهم العددية في السعودية.

ولهذا تضاعفت المشكلة، فحتى لو تم تعديل المناهج، وهو لم يحدث الا بشكل عرضي، فإن مشكلة الأساتذة وهم بعشرات الألوف تبقي التطرف قائماً.

أحد المدرسين، مزّق صفحات أحد الكتب المدرسية، وطلب من التلاميذ فعل ذات الشيء، وتم تصوير ذلك. والسبب ان في الكتاب رسومات ـ وليست صورة ـ لطفلة تساعد في الشرح، وهذا بنظره خلاف الإسلام!

تم تصوير تمزيق المناهج فكانت على مواقع التواصل الإجتماعي، وبدأ النقد.

علق أحدهم بأن غالبية المعلمين هم من مخرجات الصحوة الداعشية؛ والمغرد المتميّز احمد العواجي ذكرنا بالطالب عُمر الذي اتصل بعبدالعزيز الفوزان على الهواء وقال ان الدواعش يكثرون في مدرسته، فما كان من الداعشي المتخفي والمذيع الا ان فندوا كلام الطالب وكذبوه وهم لا يعرفونه. ويعتقد العواجي بأن التلاميذ يمكن أن يكتسبوا التطرف من معلميهم فيغدون أكثر تطرفاً من المعلم نفسه. والمغردة نور تضيف بأن من الضروري فحص المعلمين السلفيين نفسياً. وطالبَ علي أحمد بالرقابة على المعلمين لخلق جيل يبادر بالسلام ويقبل بالتعايش والتسامح. وترى سماء بان الجامعات أيضاً وليست المدارس فقط، بحاجة الى تنظيف من التطرف، ووصفت الكليات الاسلامية بأنها مزبلة فكرية.

لكن لا يمكن لأي موضوع يُطرح في السعودية، ولا نرَ وهابياً لا يشير الى إيران. فإيران حاضرة في كل المواضيع السعودية، حتى المحلية. وفي أكثر الأحوال يحضر الأخوان المسلمون أيضاً، حيث يلقي آل سعود وكتابهم بفشلهم على غيرهم دائماً.

عبدالله القحطاني يطالب بتنظيف المدارس من التطرف الصفوي، الذي ينشره أتباع إيران! والصحفي يحي الأمير يطعن في الإخوان المسلمين فيقول بأن المعلم الذي هو سلفي أصلاً وليس اخواني (يرفض المنهج الواضح انتصاراً للمنهج الخفي). واضاف بأن المعركة في التعليم طويلة وشاقة (ولكن سننتصر).

السؤال: مَنْ مكّن التيار المتطرف صانع ثقافة التكفير من جهاز التعليم وغيره، غير الحكومة، والأمراء. هذه هي سياسة الدولة، ولا تزال حتى الآن.

الناشطة نسيمة السادة تسأل: (ماذا نترجّى من عقول معلمين كهذا؟ ثم نتساءل بعدها: من أين لنا المتطرفين؟). ومن سؤال نسيمة الى سؤال منصور المليحي: (كيف نثقف في معلم ونسلم عقول أبنائنا له، وهو يرى في مثل هذه الصور فجوراً. الفجور هو أن يبقى هذا المعلم في مدارسنا). أما المغرد الحربي فيرى أن كل وزارة التعليم تحتاج الى تمزيق، وليس كتابها، فمخرجات الوزارة سيئة، والمناهج أصبحت أتفه من التفاهة.

لكن هناك في المقابل من يؤيد عمل المعلّم من تمزيق لصفحات الكتاب. فهذا اولاً يتماشى مع رأي المؤسسة الدينية وعلماء الوهابية جميعاً. وثانياً فإن ما قام به من وجهة نظرهم، أمرٌ بالمعروف، ونهيٌ عن المنكر. وعليه فالمعلم قام بشيء حسن، لا يُعاقب عليه، بل يكرم بسببه.

# اليوم الوطني

بمناسبة اليوم الوطني الذي صادف ٢٣ سبتمبر الجاري، ظهرت عدّة هاشتاقات، اكثرها صناعة رجال المباحث!

الناشط والقانوني في المنفى عبدالعزيز الحصان غرد بالمناسبة فقال: (وطنٌ بلا ضمائر.. مجرد خريطة وطن)؛ فرد عليه الناشط الخارج للتو من السجن عيسى النخيفي: (الله الله يا عبدالعزيز، خرجت وخرج معك بعض الأحرار، وبقينا نحن تحت الحصار، ومنع السفر، نقضي سجناً آخر، غير الذي قضيناه بالمعتقلات).

وحذر الحصان بأنه لا بد من الإصلاح قبل الإنهيار؛ واضاف موضحاً الحاجة الى مصالحة وطنية تستوعب الجميع وتُخرج كافة المُصلحين من المعتقل، وتغلق ملف الإعتقال للأبد. كما دعا الى صياغة عقد اجتماعي لوضع اسس دولة المؤسسات الدستورية، وحتى يتم اعلاء قيمة الشورى والحقوق والعدالة من خلال مؤسسات تخضع للرقابة والمحاسبة القضائية والشعبية.

هذا حلم يا عبدالعزيز. نسأل الله ان يتحقق.

في اتجاه آخر غرد احدهم فقال: (لو احتفلت بالمولد النبوي لبدّعوك وفسّقوك، وربما كفّروك، وهم يحتفلون بعيد وثني ويرون ذلك من أفضل الطاعات). آخر قال معلقا بأن المواطن يتراقص في الشوارع ويردد النشيد لآل سعود، فيما الأسرة الحاكمة تزداد مخصصاتها وترفها، وللمواطن التراب في عينه.

الشيخ محمد الوشلي ضد الاحتفال باليوم الوطني لأنه بدعة، كما يقر بذلك كل اتباع المدرسة الوهابية. وهو هنا يعلن موقفه ضمناً: (لو كان الولاء للأرض ما ترك النبي مكة. ولو كان للقبيلة ما قاتل قريش؛ ولو كان للعائلة ما تبرأ من أبي لهب. ولكنها العقيدة أغلى من التراب والدم). نعم، لكن هذا كلمة حق يراد بها باطل.

وعلى منهاج الوهابية يعلق رائد عقل بأن النبي وصحابته لم يحتفلوا بفتح مكة. والمعنى لماذا نحتفل بيوم احتلال آل سعود للمناطق. وقام هكر بالسيطرة على موقع قناة المجتمع وغرّد بالتالي: (احذر الاحتفال والتراقص وعلى أكتافك راية لا اله الا الله؛ فإن الصحابة قُطعت أيديهم وأجسادهم لأجل رفعها، وأنتَ تتراقص بها)!

سؤال: الملك سلمان والأمراء يتراقصون بالراية، فماذا أنت صانع؟! ولم لا توجه كلامك ونقدك لهم؟

# ذكرى وفاة صدام حسين

لم يكن العراق الملكي، ولا العراق الجمهوري، ولا العراق ما قبل الدولة القطرية ـ حتى، أثيراً لدى السعوديين.

لم يكن ملوك العراق، ولا رؤساؤه الجمهوريون، محبوبين لدى النظام ولا النخبة الوهابية النجدية.

ولم يكن العراق الديكتاوري، ولا العراق الديمقراطي، ولا العراق المنفتح أو المنغلق يعني للسعوديين شيئاً سوى الكره والبغض والخشية من المنافسة.

أيضاً.. لم تكن أيديولوجية القومية العربية، ولا أيديولوجية البعث، ولا حكم البعث في العراق، ولا يسارية عبدالكريم قاسم، مقبولة لدى النظام السعودي ولا مشايخه.

ولم يكن أحمد حسن البكر ولا صدام حسين ولا من هم قبلهما محبوبين في السعودية.

وصدام حسين بالخصوص، كان مكروهاً من قبل النخبة الدينية والسياسية النجدية الحاكمة. وقد تمّ تكفيره من قبل مشايخ الوهابية، كما تم تكفير أيديولوجية البعث، ومثلها ايديولوجية عبدالناصر القومية.

صدام صارت له قيمة فقط في مواجهة الشيعة داخلياً وقتل الملايين منهم.

وصارت له قيمة مضاعفة حين نسّق جهده مع السعودية ودول الخليج وأمريكا والغرب عامة، ليشنّ حربه على الجمهورية الإسلامية في ايران، وقد تم دعمه بالمال والعتاد وحتى في بيع نفطه عبر انبوب امتد من جنوب العراق الى شواطئ البحر الأحمر.

لكن صدام حسين صار مكروهاً بشكل مضاعف بعد احتلال الكويت، وعملت الرياض على تدمير العراق حرباً وحصاراً ثم غزواً واحتلالاً، فخلفه نظام نصف ديمقراطي، تحكمه أكثرية شيعية.

وهذا مازاد الطين بلّة، وبدا صدام حسين ونظامه أهون على الرياض وأيديولوجيتها الوهابية، من عراق ديمقراطي مستقر قادر على منافستها سياسيا واقتصاديا.

بمقتل صدام حسين أو إعدامه، وبسبب الحرب الطائفية التي تشنّها الرياض على الشيعة، وجد مؤيدو النظام السعودي أنفسهم يترحمون على صدام ويتمنون لو أنه كان باقياً ليواجه ايران نيابة عنهم كما فعل، وليمارس المذابح بحق خصومهم السياسيين من الشعب العراقي نفسه، كما تفعل داعش.

لهذا تحتل ذكرى اعدام صدام حسين حيّزاً لا يُستهان به في الذاكرة النجدية الوهابية، يختلط فيها التكفير له ولحزبه وأيديولوجيته والتنديد بدمويته واحتلاله للكويت؛ مع الحبّ والتقدير له لما فعله من شن حروب وإقامة مجازر طائفية وعرقية، وتمنّي لو كان حيا ونظامه باقياً ليساهم مع الرياض في مواجهة إيران.

في هذا العام، ظهر كالعادة هاشتاق باسم صدام حسين. وانقسم المغردون النجديون بالذات بين مؤيد له ومعارض. بين من يترحّم عليه، ومن يشكر الله للخلاص منه، خاصة وانه قصف الرياض بصواريخ باليستية واحتل الكويت.

الكاتب المتميز خالد الوابل يحذر قراءه: (احذر من السياسة. أتذكّر في نفس المسجد، ونفس الإمام، دعا لصدام، وبعد فترة دعا على صدام، وأخيراً دعا لصدّام)! والمفكر محمد المحمود يعتبر نفسه محظوظاً لمجرد أنه عاش في زمن أُعدم فيه طاغية بحجم صدام حسين، ويضيف: (استحضار هذه العدالة يملؤني سعادة). وتابع: (الموقف من صدام ليس موقفاً من مجرم هلك، بل هو موقف أخلاقي متجدد يتحدد فيه: هل أنتَ مع الإنسان أم مع الطغيان؟). وواصل: (لقد مرت عليّ أعياد كثيرة، ولكن أجملها وأسعدها على الإطلاق يوم شُنق أحقر وأخبث انسان عربي). ويختم: (ملايين قُتلوا وعُذِّبوا بأوامر الطاغية صدام. إن لم تفرح بشنقه، فأنت شريك له في كل هذا).

المحامي نايف آل منسي، له رأي معادٍ لصدام الذي هدد المملكة واطلق عليها الصواريخ (ولكن العباقرة من أبناء وطني تذكروه اليوم بعد الحرب الطائفية، أنه كان ضد الشيعة، فعظّموه).

ولأن صدام نطق بالشهادتين قبل إعدامه فقد اعتبرها كثير من الوهابيين منقبة.

‫احمد العواجي يقول: (الجاهل الأحمق بإمكانه أن يشهد لأكبر مجرم بأنه وليّ وشهيد، فقط لمجرد ان خصمه هو من أعدمه، أو لأنه نطق الشهادة قبل إعدامه). والملحد النجدي الدكتور سلمان يشرح موقف أبناء منطقته: (هم لا يقدسون صدام باعتباره حارس البوابة الشرقية… هم يعشقونه للمناكفة فقط، بحجة قتله للشيعة).

أما عثمان العمير، رئيس تحرير الشرق الأوسط الأسبق، ومسؤول موقع إيلاف الإلكتروني فيعلق بأن (تمجيد صدام حسين، تحيةٌ للوحشية والتطرف، وإعادة انتاج الطاغية. كل يوم تثبت الأحداث أننا لا نتعلم. لذلك يزداد تأخرنا ويتوالد لدينا الدكتاتوريون). ولاحظ مغرد أن المغردين العراقيين والكويتيين يشتمون صدام حسين، بينما عمد المغردون السعوديون الى شتم العراقيين والكويتيين (من اجل صدام طبعاً). وأضاف: (دوّختونا بسالفة: يكفي ان صدام نطق الشهادة، وكذا. فرعون قال قبل الغرق: آمنتُ بربّ هارون وموسى. فهل غفر الله له؟).

لكن المتيمين السعوديين بصدام كثر. يقول احدهم: (رحمك الباري يا سيف العرب. رحلتَ لكن ذكراك باق في قلوبنا يا أبا عدي). وقال نايف الزهراني: (تمّ تصفية السد المنيع للأمة العربية من أطماع إيران المجوسية، رحمك الله يا بطل).

الصفحة السابقة