يا سمو ولي العهد

أمريكا توعدنا بجنة غناء، فهلا سبقتموها إلينا ؟؟

يفصح المتحاورون عن بعض من مكنوناتهم الداخلية وضمن هامش معقول من الحرية، بحيث يمكن رصد هذه الحوارات واعتبارها بشكل عام مؤشراً على اتجاهات الرأي العام السعودي، بأكثر مما تعبر عنه الصحافة والإعلام المحليين.هناك على شبكة الإنترنت، يقوم أفراد ممن يمكن اعتبارهم منتمين الى الطبقة الوسطى العريضة في المملكة بالتعبير عن اتجاهاتهم وميولهم وآرائهم. هؤلاء في مجملهم وكما يبدو من الحوارات العديدة مسكونين بأنواع مختلفة من الهموم الجمعية، لم تجد لها متنفساً في الإعلام المحلي، ولا يمكن طرحها إلا بكثير من الحذر حتى لا يحظر الموقع محلياً، مع أن أكثر المواقع الحوارية السعودية أصبحت محظورة.

ما يهمنا هنا، هو استجلاء للآراء المختلفة بين السعوديين في قضايا وطنية مصيرية بالغة الحساسية. وسنقوم في كل عدد بعرض قضية من القضايا، وآراء المختلفين، الذين لم يجدوا إلاّ مواقع الإنترنت لطرحها على بساط النقاش. الموضوع التالي منقول عن www.wasatyah.com

* * *

تواجه أكثر من دولة عربية تهديداً جدياً بأن تكون ضحية للتغييرات التي ستفرضها متطلبات تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، ولعلنا ندرك حالياً أن أول الضحايا هو النظام الحاكم في العراق، أما الضحايا الأخرى فهي بحسب التسريبات والشواهد المتمثلة بالحملات الإعلامية والضغوط الرسمية وشبه الرسمية فهي السعودية وسوريا ومصر. وما يهمنا هنا هو السعودية وأنا كمواطن سعودي أعرف أنني أحكم نظام ملكي وراثي ولا ننكر أن العلاقة بين الحكم والشعب تمر منذ فترة بفتور ظاهر،سببها استرخاء الحكم وعدم اكتراثه بمعاناة شعبه التي تزداد سوءً مع الأيام. لقد زادت معدلات البطالة، وزاد الفقر، واستمرت سياسة تكميم الأفواه، ولم يتغير أسلوب إدارة الحكم في وقت شهد فيه الشعب تحولات فكرية وثقافية وحضارية ضخمة أصبح معها يتوق لنمط مختلف من التعامل وإدارة شؤونه. ولقد استشرى الفساد الإداري والمالي، وترسخت الواسطة حتى في الحصول على الحقوق الأساسية للفرد كالعلاج والتعليم والتوظيف، وهناك محاولات من ولي العهد السعودي لتلمس المشاكل وإيجاد حلول عملية تكفل كسب رضى شعب لازال يأمل، وإن كان أمله يكاد يستحيل قنوطاً ويأسا، ما لم ير أعمالاً جادة حقيقية تطمئنه إلى أنه أصبح فعلاً في موضع الاهتمام الذي يليق بآماله.

إن الشعب يا ولي العهد يرقب تحركاتكم ومحاولاتكم، ويحاول العقلاء منا، بل يتمنون ويرجون ويدعون الله أن تستطيعوا بما تحققونه لهذا الشعب أن تقزموا وعود أمريكا وجنتها الموعودة لنا.

يا سمو الأمير.. أنت تعدنا بجنة ونعيم.

وأمريكا تعدنا بالديموقراطية والحرية والانفتاح والعيش الرغيد.

أمريكا تعدنا بما يجعلنا نحلم مستيقظين بأن سنسكن بيوتاً تليق بمن تختزن أرضهم ربع احتياطي العالم من البترول، لا العشش والبيوت الطينية المتهالكة التي رأيتموها بأم أعينكم.

جعلتنا أمريكا نحلم بأن مجيئها سيحقق لنا العلاج المجاني في مراكز صحية لا تتوافر الآن إلا لمن هم من علية القوم، أو من لهم شفاعة أو واسطة. أحلامنا الأمريكية الوردية تصور لنا المستقبل وقد أضحى نظامنا التعليمي قادراً على تأهيل أبنائنا بدلاً من مناهج محو الأمية الذي تتبناه الآن وزارة المعارف. وسيكون لنا دستور مكتوب نعرف من خلاله واجباتنا وحقوقنا لنؤدي ما علينا ونطالب بجراءة بما لنا من حقوق. نتصور المستقبل الأمريكي وقد صارت لدينا قضاء عادل ومحاكم نأنس بها ونحتمي بأحكامها من جور السلاطين الحاليين. يقول الأميركيون لنا بأنهم سينقذوننا من تسلط شباب امتهنوا التسلط والإرهاب في هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأننا سنكون مثل كل شعوب الأرض نفرح ونبتهج ونقيم الأفراح في الأعياد ونرقص العرضات، كما كان آباؤنا، وسنتخلص من بواعث الغم والكآبة والرتابة، وسيكون بإمكاننا أن نضحك بعدما صار الفرح والضحك والإبتسام من المحرمات.

في ظل هذه المغريات التي يسيل لها اللعاب، ماذا ستقدمون لنا يا ولي العهد؟ هل تروننا سنكتفي بمكرمات متناثرة هنا وهناك كسعودة الليموزين أو أسواق الذهب أو أسواق الخضار؟ ألا تسبقون أمريكا إلينا؟!

يا ولي العهد: ألا نستحق منكم أن تتنازلوا عن البعض لتبعدوا عنا وعنكم مخاض التغيير الأمريكي القادم؟

يا ولي العهد: ألا ترون أن اللعب على كفتي ميزان فئات التحديث وفئات التقليديين أصبحت ورقة بالية، وأن المراهنة والمداهنة لمتشنجي السلفية أضحى رهانا خاسراً؟

يا ولي العهد: هل يعقل الرهان على جاهل أصم أبكم لا يعي ولا يدرك؟ هل يُراهن على من يطالب بالانسحاب من منظمة الأمم المتحدة، أيراهن على من يحرم الدش؟ أيراهن على من يحرم ويجرم الفرح والابتسام ويحرم التفكير ويحرم مالا يحرم؟.

يا ولي العهد: ألا ترون أن التعلق بالعلماء كحكماء في الدين والسياسة والاجتماع وتفصيل الحياة للعامة لا يقبل به المواطنون، ولا هو بالدين الذي تفرضه الدولة على نفسها، وعلى غيرها؟ لا يمكن التعلق بهم و قبول أفكارهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية في زمننا هذا؟

يا ولي العهد ألا ترون أن المراهنة على المعالجة الأمنية لمشاكل الشعب السياسية والإقتصادية والإجتماعية اتجاه فاشل ينذر بتدهور الإستقرار للمواطن والحكم؟ إلا تلحظون ما نلاحظ من إرهاصات ومؤشرات تنبيء بقيام ثورة شعبية لا تبقي ولا تذر تطحن البلد وأهله بما فيه نظامه الحاكم؟

ألم تلحظوا تغيراً في نسبة ونوعية الجرائم، كقتل عمالة البقالات في الطائف ومكة المكرمة، وإطلاق النار على وزارة المالية ومحاولة اقتحام مؤسسة النقد، وحرق مطعم الخرج وقتل قاضي الجوف، وغيرها؟ المواطنون يتململون وتكاد صمامات الأمان في عقولهم تعلن الانفجار.

يا ولي العهد: اسعوا لنا قبل أن تسعى لنا أمريكا بأساطيلها وعسكرها لتجبرنا على جناتها بعد أن تكوينا وتكويكم بلهيب جهنمها، كما ستفعل بالعراق قريباً.

* * *

ما أحرى العقلاء من بني قومي، أصحاب النفوذ والقرار، أن يعيدوا قراءة الحاضر الموار بالتغيرات التي تصب في غير صالح تيار (السلفية) فكرا وسياسة ودينا ودنيا. الشعب مشتاق للكرامة التي اختزلت في مكرمات (إستعلائية) وإعلانية ودعائية ملّ منها ولم تنطل عليه.

ما أحرى بـ(المتشدقين) يوميا بحب الاسلام، ووطن الاسلام، وديار الاسلام، واهل الاسلام.. ما أحراهم، أن يسبقوا التغيير القادم بتغيير فاعل عاجل حقيقي ملموس، وليس دعايات إخبارية، وتلميع صور المسؤولين، في نشرات الاخبار، وغيرها.

ما أحراهم ان يسبقوا (امريكا) ويخيبوا وعودها.. وذلك بسرعة إعلان (ميثاق وطني) للاصلاح يشمل كل شئ في أرجاء الوطن.. وان يعوا أن الناس لم تعد تخفى عليهم خافية، وان الحيل السياسية والمخاتلات الدبلوماسية لم تعد تنطلي على أحد.. فلا بد من الفعل السريع الناجز.

* * *

حفظك الله بالغت كثيراً فى قولك (أن المراهنة والمداهنة لمتشنجي السلفية أصبح رهانا خاسراً)؟ إن المبالغات وقذف الاخطاء وكل شنيعة على الفكر السلفى لأمر مشين، كيف لا؟ وهم من يمثله علمائي وعلمائك. أعلم قد تقول: أنك تقصد غلاة السلفية. حسناً أخي، ومن قال لك أن الدولة تأخذ برأي الغلاة كما تدعون، فالغلاة أنفسهم لم يشدّوا ويتصاعد نشاطهم أكثر إلا بسبب ما أصاب الامة الاسلامية. فلولا السلفيين الوسطيين أو الغلاة، كما تدعون، لأصبحت بلادنا منذ زمن بعيد مثل أي دوله عربية ينتشر بها الفساد والمظاهر الشركية.

وإذا كنت حقاً ملماً بالسياسة، فلا تقل إن أمريكا تعشمنا بالجنة، وأنت تدرك أن التهديدات تلك إنما هي للاستهلاك. إنها حين تهدد السعودية ومصر وغيرها، إنما تمارس حرباً سيكولوجية لتحقق أهدافاً معينة، بحيث تجعل مواطني المنطقة أكثر جرأة في المطالبة بحقوقهم فيصطدمون بالحكومة، وهذا ما يريده العدو! وفي المقابل تجعل جزء من الشعب يستشعر حجم الخطر فيصبح أكثر التصاقاً بقيادة آل سعود، فيتمزق شمل البلاد ويتضارب التياران. لسنا بهذه السذاجه حتى نصدق أن لدى أميركا رغبة حقيقية في التغيير، لأنها أضعف من فعل ذلك، وهي تعلم النتائج مسبقاً. أنت تعلم أن كل ما يتردد فى صحفهم الصفراء هو هراء لا معنى له ولن يحدث تغيير إلا بإرادة المولى.

الآن أكثر الأشخاص تقرباً للقيادة السعودية هم من غير السلفيين أو غلاة السلفية، بل أشخاص يقولون أنهم من العقلاء ويسميهم البعض علمانيين. حسناً ماذا أحدث هؤلاء من تغييرات وإصلاحات؟ انظر بماذا بدأوا: بطاقة المرأة؛ المطالبة بقيادة المرأة للسيارة؛ إنشاء أندية رياضية للمرأة؛ التأمين الالزامي؛ سعودة الوظائف ذات الرواتب المتدنية (كالليموزين).. كثير من الاخطاء فعلها هؤلاء العقلاء، أما السلفيون الذين تشنّون حملات غير مبررة ضدهم فيكفيهم فخراً أنهم يحاولون الحيلولة دون الوقوع في الفساد وإنحراف المجتمع عن الطريق الاسلامي وإن تشددوا كما ترون.

* * *

أستأذنكم قبل الرد أن أضيف توضيحاً لجزئية مما نحلم به:

نحلم أن لا يطلب من المواطن شدّ الحزام ليتحمل خطأ الحكومة في تراكم ديون مهولة تتجاوز السبعمائة مليار ريال، قبل أن تشرع الحكومة والعائلة المالكة نفسها بشدّ أحزمتها. ألا يفترض أن توقف الأنشطة الرياضية؟ وأن توقف المهرجانات وعلى رأسها مهرجان الجنادرية؟ وأن توقف رحلة الصيف الحكومية إلى الطائف؟ وأن توقف سباقات الخيل؟ ألا يفترض أن نعلم كم هي مخصصات الأسرة الحاكمة؟ لماذا يقال لنا بأن زمن الطفرة ولىّ ولن يعود في حين نراها مستمرة في الإمارات، ونسمع عن تصاعدها في قطر؟

نريد أن نرى على أرض الواقع إجراءات حقيقية متسارعة لتحسين الظروف المعيشية وتحسين مستوى الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية. نريد انفراجاً سياسياً وإعلامياً، ونريد رفع الوصاية عنا باعتبارنا راشدين، ونريد أن نعامل وكأننا المسؤولون عن حماية أعراضنا، لا أن تكون هيئة الأمر بالمعروف وصية وحارسة للفضيلة في مجتمعنا.

* * *

أختلف معك في قولك (نريد رفع الوصاية عنا باعتبارنا راشدين ونريد أن نعامل وكأننا المسؤولون عن حماية أعراضنا لا أن تكون هيئة الأمر بالمعروف وصية وحارسة للفضيلة في مجتمعنا). هل نفهم من هذا دعوة لإلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

* * *

هل يسمع أولو الأمر كلامنا هذا فيعمدون إلى المكاشفة والمصارحة فيسمحوا لنا بالمشاركة في الفعل الناهض الهادف حمايتنا وحمايتهم؟

* * *

بقيت نقطة تتعلق بكثرة الضرائب التي لن يستطيع المواطن تحملها في ظل هذه الاوضاع المتردية. ان من فكر في زيادة الضرائب إنما من أجل تسديد الدين العام، ولم يهتم بقضية كيف يستطيع موظف راتبه لا يتجاوز ألفي ريال أن يدفع المزيد من الضرائب. الاصلاح يبدأ من الأعلى وليس من الأسفل، وأول ما يجب فعله هو تخليص أجهزة الدولة من البرامكة (البطانة الفاسدة)، ثم إنشاء صندوق وطني لتسديد الدين العام تساهم فيه الأسرة المالكة ورجال الأعمال والموظفون من المرتبة السابعة فما فوق وكذلك العسكريون من رتبة نقيب فأعلى.

* * *

سيدي المدافع عن السلفية وعن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: حاولت أن أشرح لك باسهاب فوجدتك قد أوصدت الأبواب دون حامل البريد. إن كانت مهام الهيئة ستستمر على ما هي عليه وبنفس مفاهيم القائمين عليها، فأتمنى أن يصار إلى إلغائها، فكلنا مسلمون دعاة للمعروف ناهون عن المنكر. نحن يا سيدي لا نقبل أن يتولى فتية تربيتنا وإرشادنا بعد أن أقرّت لنا الأنظمة والشرائع الدينية والدنيوية بأننا راشدون. هل من المنطق أن يقبل أحد أن يربى ويوجّه، في حينه أنه نفسه يربي ويوجه أبناء وبنات له؟ هل يعقل أن يقبل أحد بأن يقبع تحت مظلة الوصاية من فتية أقل منه عمراً وربما علماً وعقلا بعد أن خرج من وصاية والدية واستقل نهائياً عن وصاية البشر؟

أما فيما يتعلق بعدم اختصاص المشايخ بالسياسة وشؤون الشعب الاجتماعية والمالية والتربوية وغيرها، فهل يقبل أحد من وزير خارجية بلد إسلامي أن يفتي فتوى فقهية يسترشد بها الشعب في شؤون دينه؟ لسنا في عهود فجر الإسلام.. ألم تطلع على مطالبات طلاب العلم وعلى رأسهم الشيخ الرشود بخروج الدولة عن منظمة الأمم المتحدة؟ هل يفهم هؤلاء ما هي تبعات الانسحاب؟ أن نمقت الأمم المتحدة شيء وأن نطالب بالانسحاب شيء آخر.

* * *

إذا كنت أنت تعرف أمور دينك فالجيل الحديث لا يعلم، فأنت من جيل لم يظهر تميزه عبر الدش أو الانترنت وغيرها من الوسائل التى هى سلاح ذو حدين، فلتدرك حجم الفساد الذي انتشر. إذا كنت من سكان جدة، فلك من المشاهد المزرية الكثير، بل أن الفساد أضحى عند المسجد الحرام بسبب الجاليات الأجنبية حيث أوكار الدعارة.

المشكلة ليست في الهيئة بل من قبل بعض القائمين عليها من الصبية، وهذه وجدت لها بعض الحلول عبر دورات لتعلم مهارات المخاطبة والتعامل، وليس هناك مبرر لإلغاء الهيئة، فافتقاد البعض لأسلوب المعاملة الطيبة لا يبرر تلك المطالبة.

فيما يتعلق بالشيخ الرشود، فإنه عبّر عن وجهة نظر دينية بحتة بغض النظر عن تطابقها وواقع الحال، ولكن لا ينفي ذلك صحة ما قاله، فالتحاكم يكون لله ورسوله.

* * *

هناك قطاعات عامة تستهلك مالاً وجهداً ويفترض أن يعاد النظر في أدائها ومقدار انتاجيتها.

أولا رعاية الشباب: فكم يستهلك هذا القطاع سنويا من مليارات الريالات، وهل قدمت رعاية الشباب ما يفيد المجتمع والوطن بالمقارنة مع ما تأخذه سنويا من الناتج الوطني. ثم ما هو الأهم للوطن والمواطنين (نشاطات وأعمال رعاية الشباب أم رعايتهم الاجتماعية)؟ ومن هذا المنطلق أقترح على الحكومة إذا كان لديها العزم الصادق على الإصلاح وإذا كانت تحس بآلام ومواجع مواطنيها أن تصدر قراراً فورياً بإلغاء رعاية الشباب، وتخصيص النشاط الرياضي وتحويله الى مؤسسات ذات نفع ربحي، وتحويل جميع مخصصات قطاع رعاية الشباب الى الرعاية الاجتماعية لمساعدة الأسر الفقيرة، توفيراً للقمة عيشها بشيء من الكرامة الإنسانية.

أين الصعوبة في هذا القرار ولماذا لا يدرس؟ أنا متأكد بأن الرياضة ستتطور في بلدنا أكثر إذا ما انسحبت الدولة عنها، وسنوفر مبالغ هائلة نستفيد ونطور بها جانباً آخر في أمس الحاجة للرعاية والتطوير. أما الثقافة والفنون فلن تتأثر مسيرتهما المعتادة إن كان مرجعهما الإداري وزارة الشباب أو الإعلام أو حتى الهيئة الفطرية! ثانيا وزارة الدفاع وملحقاتها: ويقترح دمج القيادات التالية (القوات البرية، الحرس الملكي، سلاح الاشارة، الدفاع الجوي، المساحة العسكرية) تحت قيادة واحدة وفي مبنى واحد، يتفرع من قيادتها الموحدة وكلاء لكل فرع من هذه الوحدات، وتعمل جميع هذه الوحدات تحت إدارة مالية واحدة، وإدارة شؤون عسكرية ومتقاعدين واحدة، وجهة مشتريات وصيانة واحدة أيضاً. وبهذا نستطيع توفير مبالغ هائلة لاتزال تهدر في مصاريف مجموعة قطاعات متشابهة تعمل تحت مظلة واحدة، ليجري من ثمّ تحويل المخصصات الفائضة الى قطاعات الخدمات الإجتماعية، أو تطوير مؤسسات حديثة شبه منقرضة والبلاد بحاجة إليها في هذا الظرف العصيب مثل: هيئة الرقابة والتحقيق.

بعد هذا يجب إعادة النظر في سياسة التصنيع الحربي ومدى جدواه مقابل ما يصرف علية سنويا من ملايين الريالات، بعد أن اصبح من السهل الحصول على أي نوع من السلاح عن طريق الحكومات أو السماسرة (المهم وجود المال) حتى وان كانت قنبلة ذرية. لقد أصبح التصنيع الحربي في السعودية مجرد (زينة) لا قيمة له، اللهم إلا وجود بعض المنتفعين الكبار، الذين يفيدون من هذه الواجهات الإستعراضية. أليس من السخرية دخول عالم تصنيع السلاح في حين نستورد أعواد الكبريت وإبر الخياطة! من المفروض أيضاً ـ لضبط مصاريف الدولة ـ التوقف عن شراء الاسلحة بعد أن اصبح أمن الدول واستقرارها مسؤولية عالمية، فإما أن تعتمد المملكة على حماية نفسها أو على الأميركان، لا أن تدفع للجهتين!! فضلاً عن أن ما لدينا من سلاح يكفي ويزيد ويصدأ في غياب الصراع مع العدو الحقيقي.

ثالثا : الهيئات القضائية (وزارة العدل، محاكم التمييز، ديوان المظالم، مجلس القضاء الأعلى). وزارة كاملة وثلاث هيئات كبرى للفصل في قضايا الناس وشؤونهم.. فهل هناك حاجه لتواجدها كلها؟ وهل يقارن ما تقدمه مع ما تأخذه؟ وما هي سلبيات وإيجابيات تواجدها؟ بمقارنه ما الهيئات القضائية من المال العام مع المحصلة النهائية لأعمالها نجد أنه لا يقارن، حيث أن شكاوى معظم المواطنين وتذمرهم في تزايد حيث غياب العدالة والتأخير وشيوع الفساد والرشوة، وتضارب الأحكام بعضها ببعض من قاض لآخر ومن هيئة أو محكمة لأخرى، هذا فضلاً عما يأخذه القاضي من راتب وامتيازات، حيث يحصل كثير منهم على مخصصات تصل الى مليوني ريال سنوياً. أما الفاسدون من القضاة فعشرات الملايين لا تكفيهم.

لقد أصبحت الأجهزة القضائية عائقاً في تنفيذ الأحكام واستخلاص الحقوق، حيث تبقى الإضبارات لدى محاكم وزاره العدل سنوات حتى يصدر الحكم، وبعدها يستطيع المحكوم عليه أن يعترض على الحكم لدى محكمة التمييز، وبعد شهور من مراجعة الحكم لدى محكمة التمييز، يستطيع المحكوم عليه اللجوء أيضاً لمجلس القضاء الأعلى وبعد شهور أخرى للأخذ والرد يستطيع المحكوم علية اللجوء لديوان المظالم بشكوى جديدة طرفها قطاع عام ولكنها تدور حول موضوع الحكم الصادر ضده (وكل هذا الوقت والحكم الذي قد صدر في القضية من المحكمة لا يزال تحت بند وقف التنفيذ) بحجه أن الحكم لا زال منظوراً لدى جهة قضائية ما، والمدخل الرئيسي لتعطيل الأحكام بهذه الطريقة هو الاجتهادات الشخصية للقضاة في الأحكام واختلافها من قاض لآخر، ووجود ثقافة قضائية يستطيع (الدعوجي) أو المتحذلق إيجاد ما يتعارض مع الحكم الصادر ضده من بطون الكتب الفقهية.

لذا أقترح أولا وعاجلا : تقنين القضاء ليكون واضحاً في بنوده وأحكامه، لقطع سبل ضياع الحقوق بين تعدد الهيئات القضائية وتنوع واختلاف اجتهادات القضاة.

ثانيا : دمج الهيئات القضائية في هيئتين بدلا من أربع (هيئة للنظر في القضايا وإصدار الحكم فيها والثانية لتمييزها أو لنقضها). وهذا سيوفر ملايين الريالات للمحرومين من المواطنين الفقراء أو الذين أفلسوا ودخلوا السجون بسبب عدم الفصل والتنفيذ في حقوقهم، وكذلك سيوفر مبالغ جيده لتطوير وتحديث الجهة المعنية بالبحوث القضائية وتطويرها.

ثالثا : (وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، الرئاسة العامة لادارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وزارة وثلاث هيئات مهماتها (الإفتاء والدعوة والإرشاد والأمر بالمعروف، والبحوث). أليست جميع هذه المهمات (شؤوناً إسلامية)؟ لذا اقترح دمج هذه القطاعات تحت مظلة وزارة واحدة ولتكن الشؤون الإسلامية. هذا سيوفر مبالغ طائلة لاختصار مهام إدارية متشابهة ومتعددة في مهمة واحدة مثل (مالية وإدارية، شؤون موظفين، مشتريات، بحوث، مباني وصيانه، وخلافه). أما قسم الأوقاف فأقترح أن يلحق، وبدون تردد، بوزارة الشؤون الاجتماعية لاستثمارها الاستثمار الأمثل لزيادة مواردها الشحيحة، ولدعم أنشطتها الاجتماعية أو لتأسيس نظام لمصاريف أسبوعيه أو شهريه للعاطلين عن العمل من الشباب حتى تتاح لهم فرص وظيفية.

وأطلب من وزير الشؤون الاسلامية الشيخ صالح آل الشيخ إعادة النظر في المبالغ السنوية التي تصرف على الانتدابات لموظفي وزارته في الداخل والخارج، وذلك للمبالغة في قيمتها، لأن وزارته تصرف حاليا للموظف الواحد من موظفي الدعوة ما بين خمسة وعشرة آلاف ريالاً مقابل ندب شهر واحد فقط للدعوة في الخارج، إضافة الى مصروف يومي، هذا الى جانب توفير السكن والنقل (مفرداً أو عائلياً) للداعية المستضاف. هذه مبالغ طائلة في وقت أصبحت فيه الحاجة الى الدعوة في الخارج شيئاً من الترف الدعوي لا حاجة له ولا مبرر خاصة في الوقت الحاضر.

رابعاً: الجامعات الاسلامية (جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، جامعه أم القرى بمكة، والجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة): أقترح دمج هذه الجامعات لتكون جامعة واحدة بفروع متعددة، وتحويل ما يتوفر من مخصصات لافتتاح كليات طبية ومهنية، وذلك بعد أن تشبع الوطن بخريجي هذه الجامعات مع عدم توفر إمكانية إتاحة فرص وظيفية (حالياً أو في المستقبل المنظور) لأفواج هؤلاء الخريجين السنوي، نظراً لنوعية التنمية المستقبلية المـتأمل حدوثها، وضرورة التخصص المهني والعملي والإنتاجي للعاملين فيها، وهذا مما لا يتوافق مع تخصصات هذه الجامعات.

خامسا : الحج وشؤون الحرمين (وزارة الحج، الرئاسة العامة لشؤون الحرمين، طباعة المصحف الشريف): ما المانع من دمج هذه الهيئات الثلاث لتعمل تحت مظلة واحدة هي (وزارة الحج) للإقلال من بنود المصاريف الاستهلاكية التي لا تخدم أو تؤثر في حجم العمل أو نوعيته لهذه الجهات. المعنى أنه من الممكن أحداث إصلاح لا باس به وضروري.. كخطوه أولى وعاجلة، وبدون استحداث أي التزامات جديدة على موازنة الوطن وموارده، وذلك عن طريق إعادة هيكلة القطاعات العامة وغربلتها حسب المعطيات والمتطلبات القائمة والملحة. والهدف تقليص البعض منها لعدم الحاجة وتوسيع وتنشيط أخرى أصبحت شبه ميته مع أهميتها مثل (مجلس القوى العاملة، ديوان المراقبة العامة، الإدارة السعودية للخدمات الاستشارية، الديوان العام للخدمة المدنية، الهيئات الاجتماعية بشكل عام).

لقد تطرقت (حسب وجهة نظري) لأهم القطاعات التي استحقت إعادة الهيكلة منذ أكثر من عقد من الزمن، مع العلم أن إعادة الهيكلة لجميع القطاعات مطلب وطني لا بد منه في حال وجود الرغبة الصادقة للتقدم. فنأمل ان لا تتردد الحكومة أو تتباطأ في اتخاذ قرارات جريئة وفعالة وسريعة للإصلاح، فالوضع حرج ولا يحتمل التأخير وتبعاته.

* * *

أزعم أن المطالب ينبغي أن تنطلق من الإحساس بكونها حقـًا من حقوق المواطن، وليس بكونها تنافـســًا مع أمريكا على المواطن. أمريكا لم تعِـد أحداً بأن تحقق له حقوقه، أمريكا ليست جمعية خيرية تهب الناس الحقوق والحرية و العدالة. أمريكا تبحث عن مصالحها لأن فلسفتها التي قامت عليها هي أن كل فرد وكل جماعة و كل شعب معنيٌ وحده بتحقيق مصالحه. أمريكا ليست أمـًا حنونـًا تحمي حقوق صغارها فكيف تحمي حقوق صغار غيرها؟! الشعوب هي المسؤولة عن تحقيق العدل لنفسها، لكن كيف؟ هنا يكمن السؤال المركزي.

* * *

هناك فرق بين أن أقول ستفعل أمريكا وأن أشير لوعودها ووعيدها. أمريكا منذ عدة أشهر وهي تحاول مغازلة الشعوب العربية على حساب حكامها لمعرفتها بحجم الهوة بين الطرفين. أما هل تكون أمريكا صادقة أم كاذبة، فهذا شيء لم نتبينه إلى الآن. نعم نعرف أن أمريكا إمبراطورية مجرمة عدوانية، لكنها تقول لنا من خلال إدارتها الجديدة: نحن نبشر بعهد أمريكي جديد. مسؤولوها يقولون إن مصالحهم أصبحت تتقاطع ومصالح الشعوب، وأنهم لا يحتاجون بعد انتهاء الحرب الباردة لحلفاء أو عملاء. إنهم يبشرون العراقيين ويبشروننا نحن السعوديين بالديموقراطية والحرية والانفتاح والازدهار الاقتصادي.

هذا ما يدّعونه، ويضيفون بأن سبب تحولنا لإرهابيين هو مناخ القهر وسوء الوضع المعيشي والتخلف الحضاري والانغلاق الذي تتبناه حكومتنا، ولذا فهم يقولون بأن ازدهارنا هو الخطوة الأولى لجعلنا أمة تتفاعل مع الأمم الأخرى نستفيد منها. وفوق هذا يقولون إنتظرونا وراقبونا في العراق، فسنحيله جنات عدن يرفل في مرابعها العراقيون بحيث نجعله نموذجاً يغري شعوب المنطقة لتستجدينا التدخل لفك أسرها من آسريها .

ستتكثف حملات الأميركيين وتتلطف عباراتهم خلال الأشهر القادمة وسنكون بين خيارين: وعود حكومتنا، ووعود أمريكا، فمن وجدنا وعوده بحسب التطبيق أصدق وأقرب للنوال، فستميل أنفسنا المتعبة نحوه وكأننا غرقى نتعلق بقشة لعلها تستحيل قارباً.

* * *

كما هو متوقع، فأمريكا منذ أحداث سبتمبر وهي تجهز الرأي العام الأمريكي وتجهز المبررات ضد السعودية، بدأتها تلميحاً ثم تصريحاً صحفياً ثم على ألسنة بعض قيادات الكونجرس، تلتها مؤسسات الدراسات الاستراتيجية، والآن تطرح كمواضيع عمل لدى لجان الكونجرس. قد يكون صيداً سهلاً كون أرضية التهيئة الداخلية والخارجية ضده مجهزة منذ 1991، لكن السعودية تحتاج لجهد بدأ ولم ينته. وإذا كان العراق وجد نصيراً يحاول إعاقة الولايات المتحدة في تنفيذ برنامجها لتغيير النظام، فإن الأمر يبدو مختلفاً فيما يتعلق بالسعودية. فالكونجرس بدأ بإثارة موضوع ضلوع السعودية في تمويل البرامج الإرهابية، وراح يؤكد بأن لا أحد سينسى أن خمسة عشر إرهابياً (كما سماهم) من التسعة عشر هم سعوديون.

ماذا سيكون عليه واقع الحملات بعيد الانتهاء من العراق؟ ستأخذ بالتأكيد شكلاً رسمياً صريحاً، فماذا نحن فاعلون؟

* * *

الوضع محزن، والقادم مهول. أقسم بأنه مهول. كما جففت أميركا المنابع عن جمعيات إسلامية خيرية، فإنها تسعى لتجفيف منابع السعودية، بصفتها راعية الارهاب العالمي كما يقولون، وبدأت الخطوة الأولى بالاتفاق مع روسيا في مسألة النفط، والثانية من خلال سيطرتها القادمة على نفط العراق. كل مآسينا نحن صانعوها، ولا شماعة يمكن التعليق عليها. إما أن نكون أو لا نكون، ويبدو أن الدرس انتهى أيها السادة.

* * *

هل تعايشون ما أعايش؟ وهل تسمعون ما أسمع؟ ألم تلاحظوا أن الهم الأكبر لأغلب المواطنين ليس في كيفية التصدي، أو التهيئة النفسية والفكرية، للتعامل مع المتغيرات القادمة لا محالة.. بل أننا جميعاً ننحو منحى فرديا منعزلاً عن الآخرين في تخطيطنا لمواجهة متطلبات المرحلة القادمة. ألم تلحظوا أنه ليس على ألسنة الناس الآن إلا التساؤل عن كيفية وأين يمكنهم تحويل أموالهم للعملات الصعبة؟ ومادام الحال كذلك الآن، فبالتأكيد سنشهد في القريب تراكضاً على تسييل الأصول من عقار وغيره. نحن نعيش باستمرار في ظل هواجس مخيفة، نتصور من خلالها أسوأ الأسوأ، لما يمكن أن نصادفه أو يصادفنا في غدنا القريب، ناهيك عن مستقبلنا ومستقبل أبنائنا.

الشفافية والمصارحة معدومة، والثقة بالمصادر الرسمية كذلك معدومة.. لذا فمصادر المعلومات عندنا تأتي من الإعلام الخارجي، والإشاعات، وتصريحات تتقاذف لأسماعنا عبر الفضائيات.. أيعقل أن نكون بهذه السلبية تجاه أنفسنا ووطننا؟ من المسؤول عن سلبنا إرادتنا، لنستسلم واهنين ننتظر ما يحل بنا ونكتفي بالدعاء والتوسل إلى الله أن يلطف بنا دون أن نعمل، أو بالأصح دون أن يسمح لنا أن نشارك في العمل، ليرى الله عملنا والمؤمنون؟

* * *

إخواني.. الأمور مخيفة ومتسارعة، الله يستر! هل قرأتم هذا الموضوع:

الخارجية الأميركية تدعو المعارض السعودي علي الأحمد في خطوة غير مسبوقة قام وزير الخارجية الأمريكي كولن باول بدعوة المعارض السعودي البارز علي أل أحمد مدير المعهد السعودي في واشنطن لحفل الإفطار السنوي الذي أقامه للمسلمين والعرب الأمريكيين مساء يوم الأثنين 18 نوفمبر الماضي.

وقد دُعي الأحمد بصورة شخصية؛ وزاد على ذلك أنه قد حُجز له المقعد بين مساعد وزير الخارجية لشئون الشرق الأوسط ويليام بيرنز وبين السكرتير الخاص للوزير باول؛ فيما بدا وكأنه إشارة صريحة لتقريب المعارض إلى دوائر القرار في الخارجية الأمريكية. ويشير البعض إلى أن هناك اتفاقاً جرى بين بيرنز وبين الأحمد لعقد لقاء منفرد في وقت لاحق. وكان آل احمد التقى السفير الأمريكي في السعودية روبرت جوردن على هامش المنتدى الذي دعت إليه مجلة فورتشن الأمريكية ومؤسسة الفكر العربي في 11 نوفمبر الماضي في أحد فنادق واشنطن.

ووردت شائعات قوية عن استعداد الخارجية الأمريكية لوضع السعودية على قائمة الدول المثيرة للقلق بشأن انتهاكات الحريات الدينية بعد أن كانت واشنطن ترفض إدراج السعودية في هذه القائمة التي تضم إيران وليبيا لسنوات طويلة.

يبدو أن أصحاب القرار في واشنطن بدأوا يتفهمون الحال نتيجة الوضع الديكتاتوري في السعودية الذي يمارسه مشايخ الوهابية بدعم وتأييد من الحكومة لتضييق الخناق على الشعب ودفعهم لأن يكونوا متطرفين عبر ترويج الإفكار المتطرفة السائدة في التعليم الرسمي وفي أغلب المساجد في السعودية والتي تسعى إلى إقصاء كل مخالف للرأي، وتسهم في تأجيج روح الكراهية بين أبناء المجتمع على أساس ديني أو مذهبي كما يظهر من خطاباتهم وفتاويهم التي صدرت في الفترة الأخيرة.

الشعب السعودي الحر يتطلع إلى ذلك اليوم الذي يسود فيه العدل والمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات دون النظر إلى اعتبارات مذهبية ومناطقية. كما يأمل الشعب السعودي أن تسود قيم الحرية واحترام الفرد وفكره وخصوصيته وأن تنال المرأة كامل حقوقها بوصفها إنساناً لا يمكن عزله بين أربعة حيطان عن المشاركة في فعاليات الحياة التي تناسب المرأة وتتوافق مع قدراتها (انتهى).

هذا يحدث لأول مرة، أليس كذلك؟ ماذا يعني إذن؟

* * *

لدي سؤال ساذج: هل هناك أحد من مسؤولي أو مستشاري هذا البلد يعنيه رضى أو زعل هذا الشعب؟

سبعمائة مليون دولار تصرف للبنان، وولي العهد رأى وسمع وتأكد وأيقن أن الفقر المدقع قد استوطن وتجنس هنا في العاصمة الرياض، بعد هذا تتمخض الجولة عن تشكيل لجان لدراسة ظاهرة الفقر، حجمها وسبل معالجتها، وكما قيل إذا أردت إماتة موضوع شكل له لجنة! في حين يتمثل الكرم والعطاء للخارج!

اللهم زدني جهلاً بالسياسة، فلعل جهلي للمغازي والمعاني يجعلني لا أفهم أن التبرع للبنان سينعكس ايجابيات ملموسة وسيدر علينا فوائد مضاعفة لا ندركها الآن.

* * *

سبعمائة مليون دولار تدفع الى لبنان. هذه من الكوارث. شيء مخجل يثير الغضب والله، ذهبت أموال شبابنا العاطل، ومستشفياتنا المنهارة، وطرقنا السيئة ومدارسنا المتهاوية، الخ إلى موارنة لبنان. 300 مليون دولار من الإمارات (الدولة التي اقترضنا منها ملياري دولار قبل ثلاث سنوات، قالت وكالات الأنباء أنها لتسديد رواتب موظفي الدولة. صرنا افريقيا الوسطى)!. و 300 مليون دولار قدمتها الكويت التي لا يزيد عدد شعبها عن سكان حي الشميسي البائس الذي زاره ولي العهد، في حين دفعت قطر 200 مليون دولار.

أما نحن فلابد أن نُظهر للبنانيات أننا (شو مهدومين) لذلك تبرعنا بسبعمائة مليون دولار، أي أكثر من مليارين ونصف المليار ريال (2625 مليون ريال)! وأما فقراء الشميسي وجازان، ومكة، والهفوف والبدع وما بينها فنشحذ من التجار بعض الصدقات لهم! بعد هذا يأتي (لاعقو الجزم) وبكل صفاقة ليخبرونا بأن الوليد بن طلال تبرع بـ ألف مسكن كل سنة لمدة عشر سنوات دعماً منه فقراء البلد، وكأنه ليس لدينا ميزانية ولا رعاية اجتماعية، ولا مؤسسات دولة حتى.

* * *

نحن (مهدومين) صحيــح؟ أضحكتني أضحك الله سنّك.

يبدو أن أميركا بدأت بالضغط الجاد على (المعازيب) (آل سعود) بأشكال مختلفة لم تكن مألوفة فيما مضى.

لا تنسوا أننا نعيش في دولة رأس الهرم فيها أربعة آلاف نسمة! وتتجاذبها الأيدي من كل مكان. كانوا يقولون بأن البطانة (السيئة) هي التي (تحجب) الرؤيا عن كرامات ولاة الأمر. وبـسذاجة معهودة وحسن نوايا نادرة نتلقف هذا الكلام بالدعاء لهم.. وبالدعاء على تلك البطانة. لكن تلكم (الزيارة) التاريخية وضعت (الكرة) في ملعب ولاة الأمر، فلا عذر لهم اليوم إن كان لهم عذر بالأمس. فلا حجاب ولا حاجز اليوم. وغداً، غداً القريب، سنرى من هو الأجدر بالدعاء له أو عليه.

بقي أن أهمس في آذانكم المملوءة بالقطر: هل تعتقدون بأن البيت الأبيض بتلك السذاجة حين يسعى الى تغيير (نظام) لولا التشهد كانت (لاءه) نعم؟!

إطبع الصفحة الصفحة السابقة