إنّهم يبيعون الكعبة!

عمر المالكي

(الكعبة) ليست للبيع، وأحياؤها القديمة التي تحفظ تراث وآثار الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك تراث وآثار أهل بيته وصحابته رضوان الله عليهم جميعاً، لم تحفظها الأجيال تلو الأجيال لتصبح نهباً للأمراء يقيمون على أنقاضها تجارتهم واستثماراتهم بعد أن نهبوا كل شيء في البلاد: نفطها وأرضها وزكوات أهلها، وتبرعاتهم.

إنها الوهابية التي لا ترى قيمة لتراث الإسلام، بل ترى في هدم بيت الرسول وآثاره، كما بيوت صحابته وأهل بيته وتراث الإسلام الخالد، وسيلة لترويج مبتدعاتها، وتسويق جهالاتها وتطرفها وتكفيرها.

لقد حول آل سعود مكة المكرمة كما المدينة المنورة الى محطّة استثمار متغرّبة، وشوهوا روحانية المكان، وقضوا على التاريخ الحيّ للمسلمين.

لقد أصبح لبرج الساعة هيبةٌ أكثر من الكعبة! وهناك المتاجرة بالكعبة المشرفة نفسها، حتى أن سعر إيجار الغرف تتفاوت بحسب الإطلالة على الحرم الشريف.

بئس التجارة هذه، فبيت الله سيكون لهم خصماً، وأهل الله في مكة خصماؤهم في الدنيا والآخرة.

لقد أباحت فتاوى مشايخ الوهابية الصلاة مع أئمتهم المعيّنين في الحرم (بعد أن طردوا أئمة الحجاز وصادروا دين الناس) أباحت لمن يرى ـ من الزوار والحجاج ـ صفوف المصلّين في الحرم الصلاة جماعة، وإن كانوا متعلّقين في أبراج تطاول الكعبة ومنائر الحرم، وبالتالي فإن من يدفع سيصلي في مكان مكيّف محجوز له مع حمام وسرير!

وبمنطق الرياضيات فإن من يدفع ٦٠٠٠٠ ريال كإيجار للعشر الأواخر من رمضان، يستطيع الصلاة جماعة، وتصبح قيمة الفرض الواحد بـ ١٢٠٠ ريال معدلاً! ويكون له حمام وسرير دون باقي المصلين!. أما إذا استأجر غرفة تطلّ جزئياً على الحرم، فإن الفرض الواحد يكلفه ٧٠٠ ريالاً! أما من لا يرى الكعبة، فسيدفع ٤٠٠ ريالاً، ولكن عليه أن ينزل للمصلّى في الحرم، ولن ير بالضرورة الكعبة، ولكن الجميع سيرى الساعة وأبراج الأمراء!

إنهم البدو، الحفاة العراة العالة رعاة الشاة، الذين أخبرنا رسول الله عنهم كإحدى علامات قيام الساعة، من الذين يتطاولون في البنيان! حتى وصل الأمر الى التطاول على تاريخ الإسلام وتراث النبي وبيته (بيت خديجة) الذي أقام عليه الوهابيون دورات المياه!

فأيّ إهانة للإسلام وتراثه أعظم من هذه؟!

لا يمكن أن تسمو أبراج الساعة التي يفاخر بها طغاة آل سعود وإعلامهم ـ كما أي شأن دنيوي مادي ـ شموخ ومكانة وروحانية بيت الله الحرام الذي لم يجدوا فيه سوى بقرة حلوب تدرّ عليهم عشرات المليارات من الدولارات سنوياً، وسوى موقعاً ينشر فيه ومن خلاله مشايخ الوهابية فكرهم التكفيري والعنفي الى كل أصقاع الأرض.

أوقفوا هدم مكة: فهي تسمى (بكة) بمعنى: مزدحمة، وجمالها وهيبتها بتركها كما هي! مكّة محدودة المساحة، هكذا أراد الله لها أن تكون، والمطلوب تنظيمها وليس هدمها، ويمكن بناء مدن للحجاج بعيدة عنها وتتواصل معها! لكن آل سعود ووهابيتهم لا يخشون غضبة إسلامية، ولا يخافون دعوة جيران الرحمن الذين هدمت بيوتهم وذاكرتهم بغير رضاهم وانتهبوا ممتلكاتهم بأبخس الأثمان.

يبدو واضحاً أن آل سعود لن يوقفوا الهدم، فهناك استثمارات تضخ المليارات في جيوبهم، توازي مدخولات دول. لكن الله لهم بالمرصاد، وسيهدم هذا الحكم السعودي الجائر، وسيخزي من يدعمه من وعاظ وهابيين باعوا عاجل الدنيا بآخرتهم، والذين لازالوا مهووسين متحفزين لازالة ما تبقى من الاثار الاسلامية بعد أن هدموا الغالبية الساحقة منها (95%) وهي جريمة، الغرض منها محو الهوية الاسلامية.

كل الأمم تحتفظ بتراثها وحضارتها، وآل سعود مع وعاظهم يهدمون كل شئ متعلق بالحضاره الاسلامية، حتى الجبال لم تسلم من الإقتلاع، بحجه الشرك وتطوير جيوبهم!

أنت المنتقم يا جبّار السماء!

الصفحة السابقة