وليد ابو الخير (الرابع) بين نشطاء حقوق الانسان في السعودية معظمهم في السجون الان

لا مفاجأة في قضاء آل سعود

ابو الخير.. السجن 15 عاماً لتشويه سمعة آل سعود!

محمد الأنصاري

هل كان مستغرباً او مفاجئاً ان يحكم قضاء الأمراء السعوديين على الناشط الحقوقي والمحامي وليد أبو الخير بالسجن لخمسة عشر عاماً، والمنع من السفر بعد نهاية سجنه لمدة خمسة عشر عاماً اضافية، والغرامة مائتي ألف ريال؟

كلا.. لا توجد غرابة في ذلك، ولا نظن أن وليد ابو الخير، المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان، كان يتوقع أقلّ من هذا الحكم، بالنظر لحالات عديدة سبقت شملت ناشطين ومدافعين عن حقوق الإنسان حُكم عليهم بأكثر من ذلك ولتهم أكثر سخافة من التهم التي وجهت لأبي الخير.

يعتبر أبو الخير أكثر شخصية حقوقية مشهورة عالمياً على المستوى السعودي، وقد حظي باهتمام وتغطية عالمية ونال جوائز لنشاطه الحقوقي، ويعتبر اعتقاله واصدار احكام قاسية بحقه رعونة حكومية وتحدياً للمجتمع الحقوقي الدولي، ولكن الأمراء يريدون فعلاً ارسال اشارة الى الداخل والخارج، بأنهم لن يعيروا اهتماماً بما قيل عن حقوق الإنسان وما سيقال من نقد لانتهاكاتهم.

وكالة الأنباء السعودية، طيّرت خبر حكم المحكمة الجزائية على وليد ابو الخير، وكانت صياغة الخبر شامتة ضد من وصفته بأنه متهم بالسعي لنزع الولاية الشرعية والإساءة للنظام والمسؤولين، وتأليب الرأي العام، واهانة القضاء وتشويه سمعة المملكة!

توقع القاضي الفاسد بأن وليد ابو الخير سيستأنف الحكم، وسيرفض المدعي العام الحكم وسيطالب بالمزيد من القمع، لكن وليد رفض منذ البداية الاعتراف بشرعية المحكمة، وهو ما لم تشر له بيانات السلطة او وكالة واس، وبالتالي فهو ليس معني أصلاً باستئناف الحكم.

الإعلام السعودي عكس شماتة الأمراء بالناشط وليد ابي الخير، وقد اختارت قناة العربية وموقعها عنواناً مُنتشياً يقول: (سجن مشوه سمعة السعودية ١٥ عاماً و٢٠٠ الف غرامة)!

الناشطة سمر بدوي، زوجة وليد أبو الخير، أبلغت وسائل اعلامية عربية بأن زوجها لن يستأنف حكم المحكمة، لأنه (لا يعترف بشرعية المحكمة الجزائية جملة وتفصيلا، ويرفض الاعتراف بالحكم الصادر في حقه، ولن يستلم صك الحكم، ولا ينوي الطعن فيه). واتهمت بدوي المحكمة الجزائية بأنها تنفذ أوامر وزارة الداخلية بغرض إخراس نشطاء حقوق الإنسان؛ وشددت على أنها ضربت بعرض الحائط معايير حقوق الإنسان الدولية التي صادقت عليها الحكومية السعودية. وتساءلت بدوي عن الجرم الذي ارتكبه زوجها ليكون أول ناشط سياسي يحاكم بموجب قانون الإرهاب، مضيفة بأنه لم يدع لإسقاط النظام أو القيام بعنف بل مارس نشاطه الحقوقي بشكل سلمي. وأكدت بدوي بأن المشكلة ليست في زوجها او في الناشطين وإنما في الحكومة السعودية غير المستعدة للإصلاح السياسي.

ومن جانبه أصدر مرصد حقوق الإنسان في السعودية الذي أسسه وليد ابو الخير خارج المملكة، بياناً بشأن حكم القاضي يوسف الغامدي على وليد ابو الخير بالسجن خمسة عشر عاماً، ودعا النشطاء والهيئات الدولية الحقوقية والإعلام الحر الى التضامن معه ومع زملائه المعتقلين.

وهكذا فإن الحكم على وليد أبو الخير ولّد عاصفة نقد هائلة اعلامية وسياسية وفي اوساط المنظمات الحقوقية الدولية، حتى أن برلمانات اوروبية قررت مناقشة الموضوع، فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية على لسان المتحدثة باسمها جنيفر بساكي إن (الولايات المتحدة منزعجة من الحكم بالسجن مدة 15 عامًا ومنع للسفر وغرامة كبيرة ضد المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان وليد أبو الخير). وأضافت بأن واشنطن تحث بشكل منتظم السلطات السعودية على احترام حقوق الإنسان.

هيومن رايتس ووتش أصدرت بياناً نددت فيه بالحكم الصادر ضد الناشط وليد أبو الخير، ووصفته بالمشين وأنه يؤشر الى (المدى الذي يمكن للسعودية الذهاب إليه لإسكات من يمتلكون شجاعة الدفاع عن حقوق الإنسان والسعي في الإصلاح السياسي). وقالت ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة: (لم تَكُفْ السعودية عن التعامل بقسوة مع مواطنيها الذين ينتقدون السياسات السعودية، لكن وضع ناشط سلمي خلف القضبان لمدة لا تقل عن 10 أعوام بسبب تعليقاته بمواقع التواصل الاجتماعي وتصريحاته لوسائل الإعلام يؤشر على الانحدار إلى درك جديد). وتابعت ويتسن: (إن حملة السعودية القمعية المستمرة على النشطاء الحقوقين السلميين تبعث على السخرية من عضويتها في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف، الذي ينتظر من أعضائه تعزيز وحماية تلك الحقوق التي تضرب بها السعودية عرض الحائط).

وأشار بيان هيومن رايتس ووتش الى أن نفس المحكمة السعودية التي حكمت على أبو الخير بالسجن ١٥ عاماً هي التي حكمت في أبريل الماضي بالسجن على الناشط الحقوقي فاضل المناسف من مدينة القطيف بالسجن ايضاً ١٥ عاماً وغرامة ١٠٠ الف ريال، وبنفس التهم تقريباً.

العفو الدولية أصدرت هي الأخرى بياناً مندداً بالسلطات السعودية وقمعها وأحكام قضاتها وطالبت بإطلاق سراحه بدون قيد أو شرط. وقال البيان بأن السلطات السعودية وعبر ممثلها في مجلس حقوق الإنسان بجنيف طالما أصرت على بيع مزاعم ان حقوق الانسان تتطور في السعودية؛ وفي جلسة مارس ٢٠١٤ زعم ممثل السعودية بأن حرية التعبير مضمونة حسب القانون السعودي؛ في حين ـ يضيف البيان ـ بأن السلطات تتقصد بوحشية النشطاء السعوديين الذين تجرّأوا على نقد أوضاع حقوق الإنسان السيئة هناك.

وتابعت العفو الدولية بأن السلطات السعودية باعتقالها وليد أبو الخير تظهر بأنها لا تستطيع ان تتحمل أية نقد وان الرسالة الواضحة من السلطات تقول بأن المكان الوحيد لنشطاء حقوق الإنسان المستقلين هو في السجون السعودية المزدحمة.

وكان سعيد بومدوحة من منظمة العفو الدولية قد صرح بأن أبو الخير (سجين رأي ولا بد من إطلاق سراحه فورا وبلا شرط)؛ واصفا حبسه (بمثال مخيف عن تعسف السلطات السعودية واستعمالها القضاء لإسكات المعارضة السلمية).

منظمة (ديواني) الحقوقية ومقرها جنيف أصدرت بياناً بمناسبة الحكم الظالم على ولي أبو الخير، اشار فيها الى أن السلطات التنفيذية اختارت قضاة المحكمة بمواصفات خاصة لينفذوا أجندة وزارة الداخلية، وليطلقوا تهماً فضفاضة ساقطة شرعاً ونظاماً. واعلن بيان ديواني عن تضامنه مع ابي الخير، وطالب كافة النشطاء والمهتمين بالشأن السعودي ادانة الحكم الجائر الذي يكشف عن عيوب جوهرية وقاتلة في المنظومة العدلية السعودية.

وفي ذات السياق أعرب مركز الخليج لحقوق الإنسان قلقه من معاملة المدافعين عن حقوق الإنسان كإرهابيين، وإصدار أحكام ثقيلة ضد أبي الخير والناشط مخلف الشمري وغيرهم من الناشطين الحقوقيين. ودعا المركز السلطات السعودية الى الإفراج عن أبي الخير، واسقاط جميع التهم الموجهة ضده، وعدم استخدام المحكمة الجزائية إلا في قضايا مكافحة الإرهاب وليس في قضايا المدافعين عن حقوق الإنسان.

أما منظمة مراسلون بلا حدود، فقد نددت هي الأخرى في بيان لها خاص بشأن الأحكام السعودية الجائرة ضد الناشطين وليد أبو الخير ومخلف الشمري، الذي يرجح وضعه في السجن قريباً بعد الحكم عليه بالسجن خمس سنوات. وقال فيرجيني دانغلز مدير منظمة مراسلون بلا حدود بأن المدافعين عن حقوق الإنسان يدفعون ثمناً غالياً لالتزامهم بمبادئ الحرية المرفوضة من النظام السعودي، ودعا دانغلز الى اطلاق سراح ابو الخير وكل اولئك الذين اعتقلوا لمجرد التعبير عن الرأي. وقال انه يجب على السلطات السعودية أن تحترم واجباتها الدولية.

بقي أن نقول أن وسماً ظهر على تويتر بعنوان: (السجن خمسة عشر عاماً لوليد أبو الخير) عبر فيه مجموعة من الناشطين والمهتمين والزملاء لوليد ابي الخير عن ألمهم للأحكام الجائرة بحقه، اضافة الى حملة التشويه المنظمة والرسمية التي رافقت ذلك.

عصام الزامل، زميل وليد ابو الخير، تحدث عن حملة كذب وتشويه وافتراء غير مسبوقة تعرض لها وليد ابو الخير في السنوات الأخيرة، ودعا له بالفرج والنصر. والناشط المعارض في المنفى عمر بن عبدالعزيز دعا الله ان يجزي وليد كل خير فهو (قد صدع بالحق حين سكتنا، ونصر المظلوم حين خذلنا، ودافع عن المعتقل حين جَبُنّا) حسب قوله.

أما الناشطة خلود الفهد فقالت ان هيلة القصيّر من تنظيم القاعدة نالت نفس الحكم (١٥ سنة سجناً)، واضافت بأن الأحكام الطويلة ضد مواطنين طالبوا بحقوقهم وبشكل سلمي هي من حولهم في نظر الشعب الى مناضلين والى رموز للحرية. ايضاً فالناشطة عزيزة اليوسف علقت على سجن وليد بتساؤل: (كيف سنصل الى مجتمع مدني وجميع رواده خلف القضبان؟)؛ فيما علق زميلها عقل الباهلي: (لو يدرك سجّان وليد كم ضحى من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان لقبّل راسه، ولاعتذر عن عجزه تقديم شيء له).

الصفحة السابقة