الحجاز تفتح ملف الممنوعين من السفر في المملكة

المنع من السفر: القمع المستطيل

وزير الداخلية خرق كل الأعراف والقوانين فزاد عدد الممنوعين الى بضعة آلاف

بسلطته المتزايدة يوماً بعد آخر، وفي غياب رمز البلاد القوي عن الوعي والإدراك ـ الملك فهد ـ أصبح وزير الداخلية الرجل الأول في الدولة، حيث تتضاءل يوماً بعد آخر سلطة أخوته: ولي العهد ووزير الدفاع، خاصة فيما يتعلق بموضوع الأمن الداخلي.

ووزير الداخلية الذي أحكم قبضته على الأمن، أحكم قبضته أيضاً وبشكل متوازي على الإعلام الداخلي، فأوامر القاء القبض على الصحفيين أو المتحدثين الى الفضائيات صارت من اختصاصه! باعتباره رئيس المجلس الأعلى للإعلام لعقدين ونصف، وحين ألغي هذا المجلس قبل فترة وجيزة، استمر وزير الداخلية يدير الصحافة عبر هاتفه، فيأمر بما يريد وبالإطاحة والعزل بمن لا يريد!

وتتضاعف سلطة وزير الداخلية اذا علمنا مقدار إحكام قبضته على القضاء، الذي يشهد هذه الأيام أسوأ مراحله، فهو الرجل الأول في القضاء، وكثيراً ما مرّر ما يريده من اعتقال بل وقتل أبرياء، في حوادث منشورة. حتى ديوان المظالم الذي هو أعلى هيئة قضائية، وكما توضح قضية اللاحم التي ننشرها هنا في هذا العدد، اصطف الى جانب وزير الداخلية ودعاواها بشكل مقزز وهو ما توضحه صياغة الحكم الصادر فيما يتعلق بمنع المحامي الإصلاحي المعتقل من السفر، إضافة الى سجنه!

وزيادة على هذا كله، فإن تصاعد إيرادات النفط قد منحت وزارة الداخلية حصة الأسد منها، فراح يجند أعداداً غفيرة من المخبرين والجواسيس المحليين والأجانب، حتى المتقاعدين أعادهم الوزير لخدمة الداخلية وتهدئة الوضع الأمني، هذا فضلاً عن شراء المزيد من التجهيزات الحديثة لملاحقة أعداء العائلة المالكة.

يختلف عدد الممنوعين من السفر بين فترة وأخرى، وأحياناً بين منطقة وأخرى، ولكن يبدو أن هذه الفترة التي تعيشها المملكة، هي من أكثر فترات القمع المنظم للدولة تحت مسميات مكافحة الإرهاب، وقد طالت الحملة الإصلاحيين النابذين للعنف الذي موله نايف وإخوانه لعقود! فاعتقل اساتذه الجامعات والمحامين وأصحاب الرأي، ومنع من السفر آلاف المواطنين من أساتذة الجامعات، ومن رجال الدين، ومن النساء والرجال والشيوخ.. بلا مبررات تقدم، وبلا إبلاغ للممنوع من السفر الذي عادة ما يهدد بالسجن إن طالب بجواز سفر له.

إن الفصل من الوظيفة والمنع من السفر هما السلاح الأشهر في السعودية هذه الأيام، وهما أمضى أسلحة نايف، بالإضافة الى عصاه الطويلة التي يفاخر ويهدد بها! ولقد قضى عدد غير قليل من المواطنين نحبهم بسبب منعهم من السفر للعلاج، في وقت يشعر فيه نايف وزير الداخلية بأنه الإله الذي يجب أن يعبد، فالبلاد بلاده، والناس عبيده، إن شاء منعهم من السفر، وإن شاء فصلهم من الوظيفة، وإن شاء قتلهم في سجونه أو عذبهم أو انتهك كرامتهم.

إن هذه الممارسات ليست جديدة في مملكة آل سعود، ولكن حجمها المتصاعد صار مخيفاً، خاصة وأن إخوة نايف وأبناءه بدأوا هم أيضاً بفصل أساتذه الجامعات وغيرهم ومنعهم من السفر والأمر باعتقالهم وكذلك الإتصال بالصحف وإقصاء رؤساء تحريرها ومحرريها (ونخص هنا سلمان وسلطان إضافة الى ابن نايف وهو مساعده محمد بن نايف). ان تصاعد هذه الحالات في بلد يزعم تطبيق الشريعة، بل ويزعم الإنحياز لحقوق الإنسان، حتى أنه وقع على العديد من الإتفاقيات والمواثيق خلال السنوات الأخيرة، يبين أن هناك استهتاراً ما بعده استهتار بحياة الناس وكرامة المواطنين، وأن ما وقع عليه لا يعني شيئاً. بل أن كل هذه التجاوزات تأتي مع وجود جمعية وطنية لحقوق الإنسان حكومية عين الملك اعضاءها! وذلك إمعاناً في السخرية والإستهزاء بكل القيم الإنسانية والدينية.

إن تفاقم مشكلة الممنوعين من السفر تسبب احتقاناً كبيراً بين المواطنين، والسبب الأساس هو أن الممنوعين من السفر هم من نخبة المجتمع ومثقفيه والناشطين سياسياً وثقافياً واقتصاديا، وإن التضييق على هؤلاء لا بدّ وأن يغير المزاج الشعبي أو يتأثر هذا الأخير بمزاج النخبة المبتلاة بالحكم السعودي القمعي.

في هذا العدد، نتعرض الى قضيتين تتعلقان بملف الممنوعين من السفر. الأولى عبارة عن دعوى رفعها المحامي عبد الله الناصر وكيلاً عن المحامي الإصلاحي عبدالرحمن اللاحم المعتقل في قضية رأي (الحديث الى قنوات فضائية في شأن عام!!) وهي دعوى ضد وزارة الداخلية التي منعت اللاحم من السفر، فرفع دعوى ضدها لدى ديوان المظالم، الذي لم يقبل الدعوى بحجة عدم الإختصاص، وقد رفع المحامي الناصر اعتراضاً على الديوان مطالباً إياه بقبول الدعوى.

أما القضية الثانية فأثارها عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الأستاذ اسماعيل ابراهيم سجيني، في مذكرة قدمها لرئيس الجمعية لاتخاذ خطوات ما لتقليل عدد الممنوعين من السفر، والتأثير على وزير الداخلية بأن يلتزم بالقانون، وإن كان فاسداً!

القضية الأولى

اللاحم يقيم دعوى ضد الداخلية في السجن:المنع من السفر ديدن وزير الداخلية


حكم رقم 62/د/ف/4 لعام 1425هـ

في القضية رقم 3039/1/ق/ لعام 1425هـ

المقامة من: عبد الرحمن بن محمد اللاحم

ضد: وزارة الداخلية


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد،

ففي هذا اليوم الأربعاء الموافق 18/12/1425هـ، أصدرت الدائرة الفرعية الرابعة بديوان المظالم بالرياض هذا الحكم بمعرفة رئيسها المستشار المساعد ناصر بن عبد الله الشثري، وبحضور أمينها/ علي بن سعد البواردي وذلك للوقائع والأسباب التالية:


الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى أن المدعي تقدم باستدعاء الى ديوان المظالم ذكر فيه أنه فوجئ في يوم الأحد 27/3/1425هـ بمسؤولي الجوازات يبلغونه بأن أسمه مدرج على قوائم الممنوعين من السفر وذلك أثناء قيامه بإنهاء إجراءات سفره داخل مطار الرياض الدولي، وأنه بناء على ذلك قام بمقابلة صاحب السمو الملكي مساعد وزير الداخلية الذي وعده بإنهاء الموضوع، ثم تقدم بتظلم من قرار منعه من السفر عن طريق برقية أرسلها الى سموه وذلك بتاريخ 29/3/1425هـ قيدت برقم 13312534/1، إلا أنه لم يتم إلغاء القراروالسماح له بالسفر، مع أنه له ارتباطات كثيرة في خارج البلاد، مما دعاه الى رفع دعواه أمام القضاء. وذكر أنه يطعن على القرار بعيب عدم الإختصاص، وذلك أن القرار إنما بلغ به شفاهة، وتضاربت الآراء حول مصدر القرار، وحيث أن نظام وثائق السفر في مادته السادسة عشرة الفقرة (2) حدد سلطة المنع بوزير الداخلية ولم يعطه حق التفويض في هذه الصلاحية لأي مسؤول في الوزارة. وبناء على هذا طلب المدّعي أصل القرار حتى يتمّ البتّ في مسألة الإختصاص.

كما ذكر المدّعي أنه يطعن على القرار بعيب مخالفة القانون على حد قوله، وشرح ذلك بأن النظام الأساسي للحكم نص في مادته السادسة والعشرين على أن (تحمي الدولة حقوق الإنسان… وفق الشريعة الإسلامية). كما نصت المادة السادسة والثلاثون على أن (توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات أحد أو توقيفه أو حبسه إلا بموجب أحكام النظام). كما أن نظام وثائق السفر نص في مادته السادسة فقرة (2) على أنه (لا يجوز المنع من السفر إلا بحكم قضائي أو بقرار يصدره وزير الداخلية لأسباب محددة تتعلق بالأمن ولمدة معلومة، وفي كلتا الحالتين يبلغ الممنوع من السفر في فترة لا تتجاوز أسبوعاً من تاريخ صدور الحكم أو القرار بمنعه من السفر).

وأشار المدّعي الى أنه يستفاد من نص النظام الأساسي للحكم أنه أوجب على الدولة حماية حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية، وأنه يقع عليها عبء توفير الأمن لجميع المواطنين، ويمتنع عليها أن تقيد تصرفات أحد أو توقفه أو تحبسه إلا بموجب أحكام النظام، كما أنه يتضح من المادة السادسة من نظام وثائق السفر أنه حدد حالتين بتوافر أحدهما يمكن لجهة الإدارة أن تصدر قرار المنع من السفر ضد أحد الأشخاص، وهما:

الحالة الأولى: صدور حكم قضائي بالمنع من السفر.

والحالة الثانية: صدور قرار من وزير الداخلية لأسباب محددة تتعلق بالأمن ولمدة معلومة.

وبوجود أحد هاتين الحالتين تلتزم جهة الإدارة بأن تبلغ الممنوع من السفر في فترة لا تتجاوز أسبوعاً واحداً من تاريخ صدور الحكم أو القرار بمنعه من السفر، وذكر المدعي أنه لم يصدر عليه حكم قضائي، كما أن قرار المنع يكون لمدة محددة ومبني على أسباب محددة وهي الأمن، وهذا لم يحصل في القرار، إذ أنه غير محدد المدة، كما أن المدعى عليها (وزارة الداخلية) لم تذكر في قرارها سبباً واحداً يؤدي من بعيد أو قريب الى انطباق الأسباب المحددة في المادة السابقة. كما أنها خالفت النظام بعدم تبليغ المدعي بالقرار خلال أسبوع. وأضاف المدعي أن المملكة أقرت العديد من الإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والذي يعد حق التنقل من أهم ركائزها، وهذه الإتفاقيات يجب الإلتزام بها عند إصدار كافة القرارات الإدارية، وطلب في ختام استدعائه الحكم له بقبول دعواه شكلاً، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار المدعى عليها لحين الفصل في الموضوع، وطلب إلغاء قرارها الصادر بمنعه من السفر، وإلزامها بالسماح له بالتنقل والسفر داخل المملكة وخارجها.

وبعد أن تم قيد الإستدعاء القضية وإحالتها لهذه الدائرة، حددت لها جلسة حضرها المدعي، كما حضرها ممثل المدعى عليها. وبسؤال المدعي عن دعواه ذكر أنه يطعن على قرار منعه من السفر، وبسؤال ممثل المدعى عليها عما لديه، ذكر أنه لم يصله تكليف من وزارة الداخلية إلا متأخراً، وطلب أجلاً من أجل إعداد الرد، وقد حددت الدائرة لذلك جلسة يوم الثلاثاء 19/9/1425هـ، حضرها الطرفان، وقدم ممثل المدعى عليها مذكرة جاء فيها أن ما يطالب به المدعي بإلغاء القرار الصادر بمنعه من السفر، لأنه مشوب بعيب عدم الإختصاص، وعيب مخالفة القانون، لا يسلم له به.. فإن القرار المذكور قد صدر صحيحاً وسليماً وخالياً من أي عيب من العيوب التي قد تشوب القرار الإداري، إذ أنه صدر استناداً الى المادة السادسة الفقرة (الثانية) من نظام وثائق السفر، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/24 وتاريخ 28/5/1321هـ، والتي نصت على اختصاص وزير الداخلية في إصدار قرار المنع من السفر، وهذا ما تحقق في هذا القرار؛ فقد صدر قرار صاحب السمو الملكي وزير الداخلية رقم 1 س خ 70 وتاريخ 22/3/1425هـ بإدارج إسم المدعي عبد الرحمن بن محمد بن سليمان اللاحم (سعود الجنسية) على قائمة المنع من السفر لمدة خمس سنوات اعتباراً من تاريخ صدور القرار لأسباب أمنية، وفقاً للأمر السامي الكريم رقم س/3849 وتاريخ 19/1/1425هـ، وبذلك يكون هذا القرار قد صدر صحيحاً وسليماً من أي عيب من العيوب سواء عيب عدم الإختصاص، أو عيب مخالفة القانون بمفهومه الواسع كما أشار المدعي، وطلب في ختام مذكرته رفض الدعوى، ثم ذكر في جلسة تالية عدم اختصاص ديوان المظالم بنظر الدعوى لأن القرار يعتبر عملاً من أعمال السيادة التي لا يختص ديوان المظالم بنظرها، وقد عقب وكيل المدعي عبدالله الناصري، أن دعوى موكله تنصب على قرار وزير الداخلية وليس على الأمر السامي وأنه يكتفي بما قدمه موكله.

وبعد أن اكتفى الطرفان بما قدماه أصدرت الدائرة حكمها في القضية للأسباب التالية:


الأسباب

حيث أن المدعي يهدف من دعواه الى طلب الحكم له بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 1 س خ 70 وتاريخ 22/3/1425هـ القاضي بمنعه من السفر لمدة خمس سنوات اعتباراً من تاريخ صدور القرار.

وحيث أن المدعى عليها أجابت على الدعوى على نحو ما سلف.

وحيث أن من المسائل الأولية التي يجب نظرها ابتداءً قبل الدخول في موضوع الدعوى هي مسألة الإختصاص، وحيث أنه وفقاً للمادة التاسعة من نظام ديوان المظالم الصادر في عام 1402هـ التي نصت على أنه لا يجوز لديوان المظالم النظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة.

وحيث أن أعمال السيادة هي طائفة من الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية تتصل بسيادة الدولة من الداخل أو من الخارج ومن ذلك ما يتعلق بأمن الدولة الداخلي.

وحيث أن تقدير العمل على أنه عمل سيادي يمس الصالح العام للبلد إنما هو راجع لتقدير القضاء.

وحيث إن اتخاذ التدابير الخاصة بالمحافظة على كيانها ويحقق الأمن لشعبها إنما هو من أوجب الواجبات التي يجب اتخاذها. وحيث أن المدعي سبق أن تم التحقيق معه وأشار في التعهد الموقع منه بتاريخ 2/2/1425هـ أن ظهوره في إحدى القنوات الفضائية ووصفه للقبض على بعض الأشخاص الذين رأى ولي الأمر القبض عليهم حفاظاً على سلامة البلد، بأنه قبض غير نظامي. وحيث ذكر في تعهده أن كلامه في استعجال وعدم تصور لخلفيات الموضوع، وتعهد بعدم العودة الى الظهور في القنوات الإعلامية وإبداء آراء تنتقد تصرفات الحكومة لاعتقاده بأن ذلك قد يؤدي الى التحريض والإثارة وخلق المشاكل؛ كما تعهد بعد إثارة الفتنة أو القيام بأي نشاط سياسي يخالف أنظمة وتعليمات الدولة والمشاركة فيه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بما في ذلك حضور الإجتماعات التي تعقد لهذا الغرض، أو إنشاء مكاتب لهذا الغرض، وكذلك عدم الإتصال بوسائل الإعلام بما لا يتناقض مع عهده السابق وأنه في حالة عودته الى أي نشاط من هذا النوع فإنه سيتخذ بحقه أشد الإجراءات وأنه مستعد للقسم على ذلك.

ثم تمّ التحقيق معه مرة أخرى بشأن تصرف آخر ودون تعهداً آخر في 4/4/1425هـ جاء فيه ما نصه: (أعتذر عن ورود بعض العبارات التي قد يساء فهمها في المداخلة التي تمت مع إحدى القنوات الفضائية في 22/3/1425هـ حيث كانت المداخلة على الهواء وكنت مرتبكاً ولم أتوقع بعض الأسئلة...).

وحيث ان الثابت ان المدعي من ضمن الموقعين على العريضة المسماة بـ (دفاعاً عن الوطن) والتي اشتملت على عدد من الأسماء، وحيث أن الأمر السامي رقم س/ 849 وتاريخ 19/1/1425هـ وجه وزير الداخلية الى أن من يعاود أي نشاط من الأنشطة التي جاء حظرها أنه يمنع من السفر. وحيث أن قرار وزير الداخلية نص فيه على أنه لأسباب أمنية وفقاً للأمر السامي المشار إليه، لذا فإن الدائرة ترى أن القرار الصادر بمنع المدعي من السفر إنما تم وفقاً لمقتضى الأمر السامي والذي أصدره ولي الأمر من أجل الحفاظ على أمن البلد وعدم فتح المجال لخلق البلبلة والفتن فيه، وذلك باتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق ذلك، ومن ذلك المنع من السفر. حيث إن المدعى عليها إنما قامت بتنفيذ ما وجه به الأمر السامي لذا فإن الدائرة ترى أن القرار الصادر ضد المدعي من أعمال السيادة التي لا يختص ديوان المظالم بنظرها، لذلك حكمت بالحكم التالي:

عدم اختصاص ديوان المظالم ولائياً بالدعوى المقامة من عبد الرحمن بن محمد اللاحم ضد وزارة الداخلية وذلك لما هو موضح بالأساب، والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.

رئيس الدائرة: ناصر بن عبد الله الشثري

أمين السر: عنه: علي بن سعد البواردي


الإعتراض على الحكم

تقدم المحامي عبد الله بن محمد الناصري، بالنيابة عن زميله المحامي الإصلاحي المعتقل عبد الرحمن اللاحم باعتراض على حكم ديوان المظالم بعدم الإختصاص بتاريخ 30/4/2005، الموافق 21/3/1426هـ. فيما يلي تفاصيل الإعتراض.


بسم الله الرحمن الرحيم

صاحب المعالي رئيس ديوان المظالم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

الموضوع: الإعتراض على الحكم رقم (62/د/ف/4 لعام 1425هـ) في القضية رقم (3039/1/ق/ لعام 1425هـ، المقامة من عبد الرحمن بن محمد اللاحم ضد وزارة الداخلية.

صاحب المعالي رئيس الديوان:

أتقدم الى معاليكم باعتراضي على الحكم المشار إليه بصفتي وكيلاً عن عبد الرحمن بن محمد اللاحم بموجب الوكالة رقم (119475) وتاريخ 21/8/1425هـ، الصادرة من كتابة عدل الرياض الثانية، متقدماً لمعاليكم بما يلي:

بتاريخ الأربعاء الموافق 18/12/1425هـ أصدرت الدائرة الفرعية الرابعة بديوان المظالم حكمها المشار إليه أعلاه القاضي بعدم اختصاص ديوان المظالم في نظر الدعوى التي أقامها عبد الرحمن بن محمد اللاحم ضد وزارة الداخلية متظلماً من قرار منعه من السفر.. على أساس أن القرار محل التظلم عمل من أعمال السيادة التي لا يختص ديوان المظالم بنظرها.

وحيث أننا لم نتسلم الحكم إلا بتاريخ 26/2/1426هـ فإننا نتقدم لمعاليكم باعتراضنا التالي آملين رفعه الى هيئة تدقيق الأحكام الموقرة، وفقاً لقواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم.

وقد قسمنا اعتراضنا الى شقين:

الشق الأول: مبني على ما نراه ونتمسك به أنه لا مكان لإعمال نظرية أعمال السيادة في المملكة بعد صدور النظام الأساسي للحكم.

أما الشق الثاني: فهو مبني أنه وعلى فرض بقاء أحكام المادة التاسعة من نظام ديوان المظالم بعدم اختصاصه في نظر الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة.. على فرض ذلك، فإن القرار محل التظلم هو عمل من أعمال الإدارة، حتى وإن كان تطبيقاً لعمل من أعمال السيادة.

شاكرين للدائرة الفرعية الرابعة اجتهادها، سائلين الله العون والسداد.


الشق الأول

لا مكان لإعمال نظرية أعمال السيادة في المملكة:

نتمسك في أنه لا مكان للعمل بنظرية أعمال السيادة في المملكة بعد صدور النظام الأساسي للحكم الذي صدر بموجب الأمر الملكي رقم (أ/90) في 27/8/1412هـ، ذلك أنه جاء تالياً لنظام ديوان المظالم الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م 51) وتاريخ 17/7/1402هـ، وبالتالي فقد ألغى النظام الأساسي للحكم ما يتعارض معه ومن ذلك ـ في رأينا ـ العمل بنظرية أعمال السيادة... إلا أننا قبل أن نتعرض لهذا الموضوع بالتفصيل فإننا نذكر ـ كمقدمة ـ نبذة عن نظرية أعمال السيادة، وموقف الشريعة الإسلامية من هذه النظرية.


أولاً ـ عن نظرية أعمال السيادة

لا يوجد خلاف على أن نظرية أعمال السيادة فرنسية الأصل والمنشأ والولادة، وقد نشأت في ظروف خاصة لا تخفى على ذوي الإختصاص، فقد أرسى دعائمها مجلس الدولة الفرنسي ثم تبعها في ذلك عدد من دول العالم، منها مجلس الدولة المصري، وديوان المظالم في المملكة.

وقد رفض العديد من الفقهاء هذه النظرية، كما قاوم القضاء آثار هذه النظرية بتفسير النصوص المانعة للتقاضي تفسيراً ضيقاً، وقد نقدها عدد من فقهاء القانون نقداً لاذعاً.

يقول الدكتور/ مصطفى أبو زيد فهمي عن هذه النظرية أنها تعد (إفلاساً جزئياً لمبدأ المشروعية لا يحسن السكوت عليه) (د. مصطفى أبو زيد فهمي ـ القضاء الإداري، ص 290).

ويرى الدكتور ماجد الحلو، أن (النصوص المتعلقة بأعمال السيادة في قانون مجلس الدولة المصري هي نصوص غير دستورية)(د. ماجد الحلو، القانون الإداري، ص 493).

ويقول الدكتور حامد محمد ابو طالب (منع القضاء من نظر أعمال السيادة أو ما يلحق بها من أعمال بمقتضى تشريعات تجعل من هذه الأعمال بمنجى من رقابة القضاء، يمثل اعتداءًا صارخاً على مبدأ الشرعية، وانتهاكاً صريحاً له، وفجوة حقيقية في هذا الصرح) (د. حامد محمد ابو طالب، منع القضاء من نظر أعمال السيادة، ص 82).

ويصف الدكتور محمود حافظ هذه النظرية بأنها (وصمة في جبين القانون العام، كما قيل بحق، وثغرة خطيرة في البناء القانوني، واستثناء حقيقي من مبدأ الشرعية) (الدكتور محمود حافظ، القضاء الإداري، ص 56-58).

وهناك أقوال عديدة ناقدة لهذه النظرية باعتبارها خروجاً على مبدأ المشروعية لا يتناسب مع نظام الدولة التي يحكمها القانون، لا نرى داعياً لاستعراض المزيد منها.


ثانياً ـ القضاء الإسلامي لا يعرف نظرية أعمال السيادة

لا يوجد في الشريعة الإسلامية ما هو محصن عن رقابة القضاء، ومقتضى نص أن الكتاب والسنة هما الحاكمان يلغي أي حصانة لأي عمل من أعمال السيادة من رقابة القضاء، بحيث لا يصح ولا ينفذ من القرارات إلا ما وافق الكتاب والسنة، والأصل في ذلك أن الحاكم يمارس سلطاته وقراراته في حدود الأحكام الشرعية وتكون طاعته واجبة، ومتى ما ثار نزاع حول هذه القرارات فإن الفيصل في ذلك هو القضاء.

ويمكننا القول أن هذا محل إجماع من الفقهاء. يقول ابن رشد: (أما فيما يحكم فاتفقوا على أن القاضي يحكم في كل شيء من الحقوق كان حقاً لله أو أو حقاً للآدميين)(ابن رشد، بداية المجتهد، جـ2، ص 382).

ويقول الطرابلسي: (وعلى القاضي مدار الأحكام وإليه النظر في جميع القضايا)(الطرابلسي، معين الأحكام، ص35).

وللتدليل على عدم استثناء أعمال السيادة من رقابة القضاء في الشريعة الإسلامية، نسوق هذه السوابق القضائية:

1 ـ الحكم الذي أصدره شريح قاضي الكوفة ضد الجيش الإسلامي في ذلك الوقت القاضي بأمر الجيش بالإنسحاب من مدينة احتلها بالمخالفة لشروط كانت بين قائد الجيش وأهل المدينة... مع أن الدعوى ضد عمل من أعمال السيادة.

2 ـ الحكم الذي صدر ضد القائد قتيبة بن مسلم بالتزام الصلح الذي أجراه مع المدعين..... مع أن قتيبة بن مسلم رضي الله عنه يتخذ إجراءات لصالح الدولة وفي زمن حرب.

ولن نطيل فليس المقام مقام إطالة في شأن لا نعتقد أنه محل خلاف، ونقول أن النظام الأساسي للحكم وضع قاعدة واضحة للمشروعية في المملكة تتمثل بشكل واضح في المواد التالية:

1 ـ نصت المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم على ما يلي: (المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، ولغتها اللغة العربية وعاصمتها الرياض).

2 ـ نصت المادة السادسة من النظام الأساسي للحكم على ما يلي: (يبايع المواطنون الملك على كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره).

3 ـ نصت المادة السابعة من النظام الأساسي للحكم على ما يلي: (يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنّة رسوله.. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة).

4 ـ نصت المادة الثامنة من النظام الأساسي للحكم على ما يلي: (يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية).

5 ـ نصت المادة السابعة عشرة من النظام الأساسي للحكم على ما يلي: (الملكية ورأس المال والعمل مقومات أساسية في الكيان الإقتصادي والإجتماعي للمملكة، وهي حقوق خاصة تؤدي وظيفة اجتماعية وفق الشريعة الإسلامية).

6 ـ نصت المادة الثالثة والعشرون من النظام الأساسي للحكم على ما يلي: (يتم تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية وفق خطة علمية عادلة).

7 ـ نصت المادة السادسة والعشرون من النظام الأساسي للحكم على ما يلي: (تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية).

8 ـ نصت المادة السادسة والأربعون من النظام الأساسي للحكم على ما يلي: (القضاء سلطة مستقلة.. ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية).

9 ـ نصت المادة الثامنة والأربعون من النظام الأساسي للحكم على ما يلي: (تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وفقاً لما دلّ عليه الكتاب والسنة وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنّة).

10 ـ نصت المادة الخامسة والخمسون من النظام الأساسي للحكم على ما يلي: (يقوم الملك بسياسة الأمة سياسة شرعية طبقاً لأحكام الإسلام، ويشرف على تطبيق الشريعة الإسلامية والأنظمة والسياسة العاملة للدولة وحماية البلاد والدفاع عنها).

11 ـ نصت المادة السابعة والستون من النظام الأساسي للحكم على ما يلي: (تختص السلطة التنظيمية بوضع الأنظمة واللوائح فيما يحقق المصلحة او يرفع المفسدة في شؤون الدولة وفقاً لقواعد الشريعة الإسلامية. وتمارس اختصاصاتها وفقاً لهذا النظام ونظامي مجلس الوزراء ومجلس الشورى).

وعلى هذا الأساس فقد حسم النظام الأساسي للحكم أمر المشروعية في المملكة وحصرها في أحكام الشريعة الاسلامية بمختلف مصادرها وأمر القضاة بالقضاء وفقاً للشريعة وما لا يخالفها من الأنظمة، ثم ختم ذلك بنص بالمادة الثانية والثمانون القاضية بما يلي: (مع عدم الإخلال بما ورد في المادة السابعة من هذا النظام، لا يجوز بأي حال من الأحوال تعطيل حكم من أحكام هذا النظام، إلا أن يكون ذلك مؤقتاً في زمن الحرب، او في أثناء إعلان حالة الطوارئ وعلى الوجه المبين بالنظام).


عن المادة التاسعة من نظام ديوان المظالم:

على أساس ما سبق فإننا نتمسك في أن النظام الأساسي للحكم بعد أن حصر الشرعية السعودية بأحكام الشريعة الإسلامية وبعد أن حدد ثلاثة أنواع من السلطات هي: السلطة التشريعة والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية، فإنه نص في المادة السادسة والأربعون منه على أن القضاء سلطة مستقلة وأنه لا سلطان على القضاة لغير أحكام الشريعة الإسلامية.

وعلى هذا الأساس فالنص على فصل السلطات وعلى استقلال السلطة القضائية وأن الشريعة الإسلامية هي الحاكمة يلغي ما يتعارض معه من نصوص سابقة ويعطي لهذه السلطة وحدها ولاية الفصل في المنازعات دون استثناء.

ولا مجال للعمل بنظرية أعمال السيادة لسبب واضح أنه لا يمكن الجمع بين هذه النظرية التي تمثل خروجاً على مبدأ المشروعية وهذه النصوص الجامعة المانعة من النظام الأساسي للحكم القاطعة الدلالة باعتبار الكتاب والسنة هما الحاكمان، وبالتالي فإن لا سيادة لأي عمل إلا ما وافق الشرع.

وفي ختام هذا الشق من اللائحة الإعتراضية، فإننا نتمسك أن النظام الأساسي للحكم وقد ألغى ما يتعارض معه، فإنه ألغى بلا شك الحكم الخاص بأعمال السيادة الذي ورد في سياق المادة التاسعة من نظام ديوان المظالم القاضي بعدم جواز نظر ديوان المظالم في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة، وأن الحكم بشرع الله وكون الكتاب والسنة هما الحاكمان يقتضي بالضرورة عدم تحصين أي عمل أو قرار من رقابة الشريعة ممثلة في القضاء المختص سواء أكان إدارياً أم عاماً.. آخذين بالإعتبار أن رقابة القضاء على كافة أعمال الدولة لا تتعارض مع المصلحة العامة، بل هي الضامن للمصلحة العامة، وأن الأساس في هذا الشق من الإعتراض أن نظرية أعمال السيادة تنهد في مواجهة الشريعة الإسلامية فلا يقوم لها قائمة مستدلين في ذلك بسابقتين قضائيتين وقعتا أيام الخلافة الراشدة ذكرناهما آنفاً.


الشق الثاني

إن القرار محل التظلم هو عمل من أعمال الإدارة حتى وإن كان تطبيقاً لأمر من أوامر السيادة

لو سلمنا جدلاً أن ديوان المظالم لا يختص بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة، فإن قرار سمو وزير الداخلية بحد ذاته هو عمل إداري يخضع لرقابة القضاء، ذلك أن القرار إنما صدر تنفيذاً للأمر السامي رقم (س/3849) وتاريخ 19/1/1425هـ، فالقرار في هذه الحالة قرار إداري وللقضاء سلطة مراقبة سلامته من الناحيتين الشكلية والموضوعية.

يقول الدكتور محمد فؤاد عبد الباسط (لا تعتبر القرارات الإدارية التي تتخذ لتنفيذ القوانين واللوائح من أعمال السيادة حتى لو كانت صادرة بالتطبيق لعمل من أعمال السيادة).

ثم أورد للتدليل على ما ذهب إليه حكم محكمة القضاء الإداري في القضية رقم (587) لسنة 5 ق بتاريخ 26/6/1951م المتضمن ما يلي: (القرارات الإدارية العادية التي تتخذ تنفيذاً للقوانين واللوائح ليست من أعمال السيادة في شيء).

ويقول الدكتور سليمان الطماوي: (وإذا كانت القرارات التي تتخذها الإدارة صادرة بالتطبيق لعمل من أعمال السيادة، فإن ذلك لا يغير من طبيعتها كقرارات إدارية تخضع لرقابة القضاء الإداري مثلها في ذلك مثل سائر القرارات الإدارية الأخرى) (الكتاب الأول ـ قضاء الإلغاء ـ ص 395).


القصور في تسبيب الحكم

مع تقديرنا واحترامنا للدائرة الفرعية الرابعة إلا أن الحكم في أسبابه لم يتضمن تلك الأنشطة التي حظرها الأمر السامي رقم (س/3849) وتاريخ 19/1/1425هـ، مع إشارته الى أعمال قام بها عبد الرحمن محمد اللاحم ليست محظورة في أي نظام من أنظمة المملكة وبالتالي، فإننا ـ إذا سلمنا جدلاً ـ أن الأمر السامي وما تضمنه هو عمل من أعمال السيادة، ومع التسليم أن تقدير العمل على أنه عمل سيادي يمس الصالح العام للبلد، إنما هو راجع لتقدير القضاء، فإننا لا نعلم إن كان عبد الرحمن محمد اللاحم قد ارتكب أي نشاط من الأنشطة التي حظرها الأمر المشار إليه، وقد تكون وزارة الداخلية أخطأت في التطبيق، ونعتقد أن هذا الجانب يمثل قصوراً وفي التسبيب لم يترك مساحة واسعة لتدقيق الحكم، ذلك أن تقدير الدائرة الموقرة للعمل على أن سيادي وأنه يمس الصالح العام خاضع للتدقيق.


المطلوب

نلتمس من صاحب المعالي رئيس ديوان المظالم إحالة اعتراضنا الى دائرة التدقيق بطلب نقض الحكم محل هذه اللائحة الإعتراضية واعتبار قرار سمو وزير الداخلية محل التظلم قراراً إدارياً خاضعاً لرقابة قضاء ديوان المظالم، والتوجيه بالنظر في التظلم والحكم بشأنه.

أعانكم الله،،،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المحامي

عبد الله بن محمد الناصري


القضية الثانية

مذكرة بخصوص المنع من السفر

28/3/2005 (18/2/1426هـ)

سعادة الدكتور/ بندر بن محمد الحجار، سلمه الله،،

رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو التفضل بالإحاطة أن قضية المنع من السفر بدون أسباب تتعلق بالأمن أو بدون صدور حكم قضائي، أصبحت من القضايا الهامة في المجتمع السعودي، حيث ان المنع من السفر بغير اسباب أمنية او بغير حكم قضائي يعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان التي نصت عليها المواثيق والعهود المعنية بحقوق الإنسان، وكذلك الأنظمة السعودية.

ويسعدني أن أرسل الى سعادتكم مذكرة عن قضية المنع من السفر في المملكة، وفقنا الله جميعاً الى الخير والصلاح لهذا البلد الحبيب.

وتفضلوا بقبول أطيب التحية والتقدير،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اسماعيل ابراهيم سجيني

عضو الجمعية

المنع من السفر

المقدمة

أصبحت قضايا حقوق الإنسان تمثل محوراً هاماً على الساحة الدولية ومعياراً للحكم على رقي الشعوب وتقدمها، وعلى مدى احترام الأنظمة والتشريعات ونظام الحكم لمواطنية. بل تجاوزت ذلك لتصبح من أسباب التدخل الدولي في الكثير من مناطق العالم، ورغم الإختلاف حول هذا الأمر نتيجة الكيل بمكيالين في قضايا التدخل الدولي بسبب الحفاظ على حقوق الإنسان واستخدام حقوق الإنسان كغطاء للمصالح السياسية وراء ذلك التدخل في بعض مناطق العالم، إلا أن حقوق الإنسان قد تخطت بذلك كونها مجرد تحقيق في قضايا التعذيب والتفتيش على معاملة المسجونين.

وتعتبر الحريات الشخصية من الحقوق الطبيعية للإنسان والتي منحها له الله منذ أن خلقه، فهي حق طبيعي لا يجوز المساس به بالإلغاء، ولا يجوز التنازل عنه، ولا يزول عن الإنسان إلا بزوال الإنسان ذاته، وسلطة الدولة إزاء الحرية الشخصية للإنسان وحقوقه ليست سلطة تقرير أو منح وإنما هي سلطة إعلان وتنظيم وحماية.

إلا أن كفالة هذه الحرية وحقوق الإنسان عموماً لا يعني المساس بالنظام العام والتعدي على حقوق الآخرين أو على المجتمع أو على البيئة، لذلك ليس هناك ما يمنع المشرع من وضع قوانين لتنظيم ممارسة الحرية الشخصية والحقوق الإنسانية بما يكفل مصلحة الجماعة وتحقيق الأغراض السامية التي قدرها عند سن هذه القوانين والتي جعلها المشرع الحكيم سياجاً لتلك الحرية الشخصية، ولضمان شرعية القيود والضوابط التي قد ترد على الحرية الشخصية في الأوامر التي تصدر بمنع الأفراد من السفر.

إن المبالغة في إيقاع عقوبة المنع من السفر على المواطنين لأي سبب معقول أو غير معقول لها كلفة سياسية كبيرة، أي أن تكون حركة المواطن وعمله وسفره ومعيشته كلها محكومة بإرادة آخرين يتمتعون بقدرة مطلقة وفورية على إعاقته في أي وقت، ومن أبرز سمات الدولة الحديثة هو التمييز الحاسم بين الدولة (التي تمثل جميع الناس) والمنشآت التجارية التي تمثل مصالح أصحابها فقط بموجب هذا التمييز فإن القطاع التجاري يمنع بصورة كاملة من الإستفادة من قوى الدولة أو صلاحياتها القانونية لتحقيق أغراض تجارية خاصة، ومن بينها منع التجار من إيقاع أي نوع من العقوبة على المواطنين.

المنع من السفر هو حرمان للمواطن من حق طبيعي وأصلي يتمتع به بموجب المواطنة وهو عقوبة كبيرة جداً تقارب عقوبة السجن. فلا يجوز حرمان المواطن من حقوقه الطبيعية إلا بموجب قرار من محكمة صالحة وضمن إجراءات التقاضي المعمول بها.

إن منع المواطن من السفر بناء على طلب أي جهة من دون حكم قضائي متكامل الأركان هو مخالفة صريحة للنظام الساسي للحكم الذي هو مرجع القوانين جميعاً، وإذا أرادت أي جهة أن تحصل على حقوقها فلتقيم دعوى قضائية على من تشاء، لا أن تخرق الحقوق الثابتة لمواطن، والدولة هي الجهة الوحيدة التي لها الحق في إيقاع العقوبات، وهذا الحق مقيد ـ بموجب النظام الأساسي للحكم ـ بقرار المحكمة وتوفر ضمانات قضائية متساوية لجميع الأطراف، لهذا فينبغي عدم التوسع في استعمال القرارات الإدارية، لا سيما تلك التي تنطوي على خرق للحقوق الأساسية للمواطن.

إن منع الإنسان من السفر لأسباب غير أمنية، وبدون حكم قضائي يعتبر مساساً بالحريات الأساسية للإنسان (حرية التنقل) التي كفلها له القانون والنظام الأساسي للحكم.

وتعتبر قضية المنع من السفر في المملكة إحدى القضايا الهامة التي تؤرق المجتمع، حيث تحتوي قوائم المنع من السفر الموجودة حالياً نسبة ملحوظة من الممنوعين من السفر لا يتعلق قرار منعهم بأسباب أمنية أو حكم قضائي صادر ضدهم. وقد توسع بعض الموظفين والمسؤولين في إضافة أشخاص لقائمة المنع من السفر لمجرد التحوط والشبهات غير الأمنية، مثل منع بعض المحكوم عليهم من السفر كتابياً لمجرد صدور حكم عليهم وقضائهم كامل مدة العقوبة، أو الأجانب الذين يمنعون من السفر لوجود مطالبات مالية أو مخالفات مرورية وذلك بعد منحهم تأشيرات خروج وعودة حتى يتم سداد المستحقات التي عليهم، وكذلك الأشخاص الذي صدر عليهم حكم بالإفلاس أو الإعسار يتم منعهم من السفر لمدد طويلة قد تصل الى عشرين عاماً، وهذا أمر مخالف لحق الإنسان في السفر.


المواثيق الإسلامية من قضية المنع من السفر

جاءت الرسالة الإسلامية بالحنيفية السمحة والشريعة الجامعة التي تكفل الحياة الكريمة لجميع البشر، ولترتقي بهم الى الكمال وتهذب الفرد والمجتمع كبيره وصغيره، أغنياءه وفقراءه دون أدنى تفرقة. قال الله تعالى في محكم تنزيله (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيرا/ سبأ ـ 28). وجاء في الحديث: (أحب الدين الى الله الحنيفية السمحة). لذلك فإن غرض تعاليم الإسلام توضيح الطريق القويم لنجاح البشر في الدنيا والآخرة.

إن منظومة الحقوق والحريات العامة في الإسلام تعنى بالحقوق التي أقرها الإسلام على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع وللحاكم والمحكوم، وللمسلمين وغيرهم، وهي آليات إسلامية للحق والعدل. كما أن من صميم تعاليم الإسلام ومبادئه التي نادى بها حريات تنطلق من العبودية لله سبحانه وحده لكي تحرر الإنسان من العبودية بكل أشكالها المادية والمعنوية. وأما تلك الحريات والحقوق الوضعية التي تتنافى مع الإسلام أو منح المواطن الحرية المطلقة التي تؤدي في نهاية الأمر الى تكبيله بقيود لا تنتهي، فقد رفضها الإسلام صراحة.

وقد اهتم الإسلام بإرساء جميع أسس العدالة والمحافظة على الحقوق، ومن أهم تلك الحقوق المحافظة على النفس، فقد اهتمت جميع تعاليم الدين الإسلامي بحفظ الدين، وحفظ النفس، والعقل والنسل والمال، وقد ظهر الإسلام كتحدّ أخلاقي يتحدى البشرية في أن تستجيب لنداء الإيمان، وليقيم نظاماً أخلاقياً عادلاً وعاماً يعكس تسليماً كاملاً للإرادة الإلهية.

وبالإضافة الى النصوص التي أوردها الإسلام للتأكيد على منظومة الحقوق والحريات الفردية عموماً، فقد نصت المواثيق الإسلامية على حرية التنقل والسفر كما جاء ذلك في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فقد قال تعالى: (وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله) (المزمل/20). (قل سيروا في الأرض فانظروا)(العنكبوت/ 20).

(وامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)(الملك/ 15).

والآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تناولت هذا الحق كثيرة ومتعددة، تؤكد جميعها على حق الإنسان في حرية الحركة والتنقل، وقد ضبط الإسلام هذا الحق بناءاً على أسس واضحة ولم يتركه عرضة للأهواء او الإستغلال، ومن هذا المنطلق فقد حرصت الشريعة الإسلامية على حرية التنقل، وقد أوضح بعض الفقهاء أنه ليس للدائن الحق في منع المدين من السفر اذا لم يحل اجل الدين حتى إذا أقر المدين بذلك الدين، وقد أجمع الفقهاء على أنه إذا ثبت إعسار المدين فلا يجوز منعه من السفر.

فالإسلام كان أول من راعى هذه الحقوق، وأمر باحترامها.

فالسفر وحرية التنقل أمر مكفول لكل إنسان ولا يجوز حرمانه منه إلا بضوابط ولأسباب محددة نص عليها القانون الإسلامي قبل غيره من القوانين الوضعية.


المواثيق الدولية من قضية المنع من السفر

نصت المواثيق الدولية على حرية التنقل والسفر دون قيد أو شرط إلا بموجب القوانين المنظمة لذلك، وقد ناقشت نصوص العهد الدولي لحقوق الإنسان هذا الشأن من خلال المواد التي نصت على حماية حرية التنقل كما هو موضح أدناه:

المادة 9: 1 ـ لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه؛ ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً، ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه. 2 ـ يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعاً بأية تهمة توجه إليه. 3 ـ يقدم الموقوف او المعتقل بتهمة جزائية سريعاً الى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانوناً مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه. ولا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم المحاكمة، في أية مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية، ولكفالته تنفيذ الحكم عند الإقتضاء. 4 ـ لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف او الإعتقال حق الرجوع الى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الإعتقال غير قانوني. 5 ـ لكل شخص كان ضحية توقيف او اعتقال غير قانوني حق في الحصول على تعويض.

المادة 12: 1 ـ لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته. 2 ـ لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده. 3 ـ لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي او النظام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الاخرين وحرياتهم، وتكون متماشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد. 4 ـ لا يجوز حرمان أحد تعسفاً من حق الدخول الى بلده.

كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية قد نص على عدم إهدار الحقوق والحريات المعترف بها في ذلك العهد كما هو موضح في المادة التالية:

المادة 5: 1 ـ ليس في هذا العهد أي حكم يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على أي حق لأي دولة أو جماعة أو شخص بمباشرة أي نشاط أو القيام بأي فعل يهدف الى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد أو الى فرض قيود عليها أوسع من تلك المنصوص عليها فيه. 2 ـ لا يقبل فرض أي قيد أو أي تضييق على أي من حقوق الإنسان الأساسية المعترف بها أو النافذة في أي بلد تطبيقاً لقوانين أو اتفاقيات أو أنظمة أو أعراف، بذريعة كون هذا العهد لا يعترف بها أو كون اعترافه بها أضيق مدى.

ويتضح من خلال تلك المواد أن المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ضمنت حرية التنقل والسفر سواءً للمواطنين أو غير المواطنين؛ ونصت تلك المواثيق والعهود حرفياً على عدم إهدار حرية التنقل من خلال الإخلال بهذه المواثيق الدولية التي وقعت عليها جميع دول العالم.

لذلك يجب العمل بهذه المواثيق وذلك ضماناً لحقوق الجميع وعدم وقوع الظلم على أحد وعدم تعطيل مصالح الناس، نتيجة الإخلال بحرية التنقل، واستخدامها للضغط على الخصوم بانتهاك النصوص الموضحة أعلاه.


المواد المتعلقة بقضية المنع في الأنظمة والقوانين السعودية

بالنسبة للمواد المتعلقة بقضية الحريات عموماً وحرية التنقل وحقوق الإنسان، فقد تناولت الأنظمة والقوانين السعودية قضية حقوق الإنسان من خلال المواد المنصوص عليها في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية. فقد نص النظام الأساسي للحكم ضمن الحقوق والواجبات على حماية حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية ومن ضمنها بالطبع حرية التنقل كما توضح المواد التالية.

المادة السادسة والعشرون: تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية.

المادة السادسة والثلاثون: توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها ولا يجوز تقييد تصرفات أحد أو توقيفه أو حبسه إلا بموجب أحكام النظام.

كما نص نظام المرافعات الشرعية واللائحة التنفيذية على الحالات التي يمكن فيها منع المدعى عليه من السفر، ومتى يحق للحاكم الإداري المنع من السفر، وهو ما توضحه المواد التالية التي شملها (نظام المرافعات الشرعية ـ الباب الثالث عشر ـ القضاء المستعجل).

المادة الثالثة والثلاثون بعد المائتين: تحكم المحكمة المختصة بنظر الموضوع بصفة مؤقتة في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت والمتعلقة بالمنازعة نفسها، ولا يؤثر هذا الحكم على موضوع الدعوى سواء رفع طلب الحكم بالإجراء المؤقت مباشرة أو تبعاً للدعوى الأصلية.

المادة الرابعة والثلاثون بعد المائتين: تشمل الدعاوى المستعجلة ما يلي: .... ج: دعوى المنع من السفر.

المادة السادسة والثلاثون بعد المائتين: لكل مدع بحق على آخر أثناء نظر الدعوى أو قبل تقديمها مباشرة أن يقدم الى المحكمة المختصة بالموضوع دعوى مستعجلة لمنع خصمه من السفر، وعلى القاضي أن يصدر أمراً بالمنع إذا قامت أسباب تدعو الى الظن أن سفر المدعى عليه أمر متوقع وبأنه يعرض حق المدعي للخطر أو يؤخر أداءه، ويشترط تقديم المدعي تأميناً يحدده القاضي لتعويض المدعى عليه متى ظهر أن المدعي غير محق في دعواه، ويحكم بالتعويض مع الحكم في الموضوع ويقدر بحسب ما لحق المدعى عليه من أضرار لتأخيره عن السفر.

ويتم منع المدعى عليه من السفر في الحالات التالية:

* إذا صدر أمر القاضي بمنع الخصم من السفر ـ وإن لم يكن بحضوره ـ فتبلغ بذلك الجهة المختصة بخطاب لتنفيذه، ولا يسمح له بالسفر إلا بإذن كتابي من القاضي، وهذا الأمر حكم، يخضع لتعليمات التمييز.

* إذا صدر أمر القاضي بمنع الخصم من السفر ـ لزمه إحاطة الجهة المختصة بما انتهت إليه القضية.

* إذا كان طلب المنع من السفر لأجل تنفيذ حكم مكتسب للقطعية فيكون من اختصاص الحاكم الإداري.

* التعويض للممنوع من السفر يقدره القاضي بواسطة أهل الخبرة.

* يقدم المدعي التعويض الذي حدده القاضي بشيك مصرفي محجوز القيمة باسم رئيس المحكمة ويودع في صندوق المحكمة.

* إذا صدر أمر المنع من السفر والدعوى تتعلق بمبلغ معين فأودعه المدعى عليه لدى المحكمة، أو احضر كيفلاً غارماً ملئاً ووكل شخصاً بمباشرة الدعوى فيسمح القاضي له بالسفر.

يتضح من المواد التي تم استعراضها أعلاه أن الأنظمة السعودية قد اهتمت بمراعاة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية ومنها حرية التنقل، وحفظت حقوق المواطنين والمقيمين من انتهاك هذه الحرية، وحددت نصاً كيفية التعامل معها حيث نصت صراحة على الحالات التي يمكن فيها حجر حرية التنقل والمنع من السفر بموجب النظام.

إلا أنه وكما تم استعراضه ضمن هذه المذكرة، فقد تم انتهاك حرية التنقل من قبل العديد من الجهات وأصبحت أوامر المنع من السفر تصدر من أشخاص وموظفين غير مخولين بذلك، وتصدر أحياناً أخرى بدون مراعاة الأنظمة المتعلقة بها حتى من قبل الأشخاص المخولين بإصدار أوامر المنع من السفر؛ وبناء عليه يجب العمل على الحد من تفاقم هذه المشكلة، وتقدم المذكرة بعض الإقتراحات والتوصيات للمساهمة في حلها.

التوصيات

يتطلب حل مشكلة المنع غير النظامي من السفر تضافر جهود جميع الجهات الرسمية والمجتمع ككل لحل هذه القضية التي تضر بالفرد والمجتمع معاً، حيث أن المنع من السفر الذي يخالف الأنظمة المرعية والصادرة بهذا الشأن ينتهك الحقوق الأساسية التي حفظتها الشريعة الإسلامية للمواطن والمقيم، ويخل بالأنظمة التي أصدرتها المملكة لحماية الفرد والمجتمع من أي نوع من أنواع الظلم والتجنّي على الحقوق الأساسية والحرية الشخصية حسب قواعد الشريعة الإسلامية، وتتمثل أهم المقترحات في التوصيات التالية:

* قصر قوائم المنع من السفر على أولئك الأشخاص الممنوعين من السفر بموجب الأنظمة ووفقاً للإجراءات النظامية التي تحفظ حقوق الأفراد والمجتمع والتي يبينها النظام.

* إلغاء كافة القوائم الحالية فوراً (والتي لا تتعلق بأمور أمنية) على أن يشمل ذلك المحكوم عليهم في قضايا جنائية أو إدارية أو خلافه، أي أن يسمح لهذه الفئات بالسفر فوراً.

* رفع جميع المعوقات التي تؤدي عملياً الى المنع من السفر للأشخاص سواء كانوا مواطنين أو خلافه، فمثلاً لا يجوز منع أو عدم منح تأشيرة خروج لشخص لمجرد أنه مدين بفاتورة هاتف أو خلافه.

* إتخاذ الإجراءات التنظيمية والإدارية التالية:

1 ـ تحديد جهة إدارية واحدة لها صلاحية المنع من السفر لأسباب أمنية وتنحصر في وزير الداخلية.

2 ـ يجب أن يكون المنع من السفر صادراً من جهة قضائية حسب نظام المرافعات.

3 ـ يجب أن يكون المنع من السفر محدد المدة، وذلك بالتنسيق مع وزارة العدل للتعميم على المحاكم والجهات القضائية بوجوب تحديد مدة منع السفر.

4 ـ في حالة وجود حكم أو قرار غير محدد المدة بالمنع من السفر فإن المدة القصوى هي ثلاثة أشهر، وعلى جهة الإختصاص التمديد لمدة مماثلة في حالة الضرورة القصوى.

5 ـ يجب ان تراجع القوائم دورياً كل ثلاثة أو ستة أشهر للتأكد من عدم وجود أو استمرار منع السفر لشخص والتحقق من صحة المنع.

6 ـ تقديم كل من ينتهك حرية التنقل بالمنع من السفر عن طريق إصدار أو تنفيذ أوامر المنع من السفر لمصلحة شخصية أو بمجرد الشبهات الى محاكمة عادلة، وإلزامه بدفع التعويض للأشخاص المتضررين من ذلك المنع حسب أنظمة المملكة.

والله الموفق.


الجمعية الوطنية تتعهد بالعمل لحل المشكل

الرقم 377/ش/426

التاريخ 2/3/1426هـ

سعادة الأستاذ إسماعيل إبراهيم سجيني، حفظه الله

عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إشارة الى خطابكم رقم 123/م/5 وتاريخ 18/2/1426هـ، المرفق به مذكرة عن قضية المنع من السفر في المملكة والتي أكدتم من خلالها بأن المنع من السفر بدون أسباب أمنية او بدون حكم قضائي يعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان التي نصت عليها المواثيق الدولية وكذلك الأنظمة السعودية.

نشكر لكم اهتمامكم بالموضوع ونؤكد لكم بأن أحد الأهداف التي أنشئت من أجلها الجمعية هي الوقوف ضد الظلم والتعسف وانتهاك حقوق الإنسان بوجه عام، ولكن في الوقت نفسه أود أن أشير الى أن الجمعية منذ إنشائها وحتى الآن تلقت نحو تسعمائة شكوى تحريرية وشفهية ولم يتقدم لها مواطن أو مقيم بشكوى (منع من السفر).. ولو تم ذلك لتعاملت معها كما كما يتم التعامل مع القضايا الأخرى، وقد أشارت المذكرة المرفقة بخطابكم في صفحة (4) الى وجود قوائم تحتوي على نسبة ملحوظة من الممنوعين من السفر الذين لا يتعلق قرار منعهم بأسباب أمنية أو حكم قضائي صادر ضدهم، وأن بعض المسؤولين والموظفين توسع في إضافة أشخاص للقائمة لمجرد التحوط والشبهات غير الأمنية.

ولكي تتمكن الجمعية من القيام بدورها بشكل فعال في تناول هذه القضية نرغب تزويد الجمعية بقائمة الممنوعين من السفر لمخاطبة الجهات التي منعتهم أو حتى الإجتماع بالمسؤولين فيها.

شاكراً لكم اهتمامكم ومتمنياً لسعادتكم التوفيق

رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان

د. بندر بن محمد حجّار

الصفحة السابقة