هل حقاً يأتي الاصلاح مع الملك الجديد؟

الآمـال المـوقـوفـة

مع وصول الملك عبد الله الى العرش بدأت تنتعش الآمال والأحاديث عن الاصلاح والتغيير في المملكة المحافظة دينياً وسياسياً، بعد أن طال أمد انتظار ظهور المصلح في العائلة المالكة. في المنظور العام، فإن الاصلاحيين السعوديين يعلّقون آمالاً كبيرة على الملك الجديد مع إدراكهم المسبق بأن عملية التغيير ستأتي بصورة بطيئة للغاية كما بدا ذلك من سيرة الملك عبد الله في فترة مرض أخيه ومن المضامين المتواضعة للخطوات الاصلاحية السابقة.

الملك عبد الله: وعد بالعدل فهل يتحقق؟

إن الاحتفالية غير المسبوقة التي أظهرتها مراسم البيعة للملك الجديد قد تنبىء عن تطلعات لدى كثير من الناس نحو عهد مختلف كثيراً عن العهود السابقة في تاريخ هذا البلد. ولم يتوقف هذا التطلع على فئة دون غيرها، بل هو يسري على الاصلاحيين في الداخل والغربيين في الخارج، حيث تنعقد آمالهم على أن يمثل عهد الملك عبد الله نقطة تحوّل جوهرية في تاريخ البلاد، في ضوء وصول شخصية معتدلة الى الحكم، أو هكذا قدّم نفسه للعالم وبخاصة للغرب.

المؤشرات التي يلتقطها المراقبون القريبون من البيت السعودي هو غياب الامير نايف، وزير الداخلية المتشدد من المشهد العام لعملية المبايعة المنقولة عبر شاشات التلفزيون والتي جرى تفسيرها على أن نفوذ الأمير نايف بدأ في الانحسار، وهو أمر من المتوقع حصوله سيما وأنه مثّل جبهة مواجهة مع الملك عبد الله، الذي بات يمسك بكامل السلطة بحسب تقاليد الحكم السعودي ومنصوص النظام الاساسي، مع أن خلف الكواليس تجري معركة أخرى يحاول فيها الامير نايف الانتقال الى المركز الثالث في الهرمية الادارية للدولة، أي بعد الامير سلطان، ومع التنبيه الى أن صناعة القرار داخل العائلة المالكة لا تتم بصورة إفرادية بل هناك مشاورات تجري بين أقطاب البيت السعودي.

يحلو لكثيرين أن يعيدوا معزوفة الاصلاح في عهد الملك عبد الله، أملاً في إثارة حلمه المدفون، وربما رغبة في صناعة كاريزما تاريخية لشخصية لم يثبت حتى الآن قدرتها على امتلاك المقوّمات الضرورية للقيادة الكاريزمية ما لم يقدم على خطوات عملية فريدة. يجادل البعض بأن توقّعات المرحلة المقبلة تدور حول إنخراط كثيف للملك الجديد في العملية الاصلاحية، الى حد االترادف الاصطلاحي بين كلمة (إصلاح) والملك عبد الله، مع أن الطريق مازال في بدايته لخوض الملك الجديد غمار الاصلاح وليس هناك ما يدعو لتقرير هذا الترادف فضلاً عن صناعة تراث إصلاحي موسوماً به. يعتقد كثير من المراهنين على القرار التاريخي للملك عبد الله بأن السعودية ستكون أقوى من خلال تدشين قواعد العملية الاصلاحية وهو السبيل لاندماجها في النظام العالمي، إذ إن السنوات الماضية التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر تسببت في أضرار فادحة لسمعة ومكانة وقوة السعودية على المستوى العالمي ولا سبيل الى إستعادة ذلك سوى من خلال البدء بإصلاحات جوهرية تفتح أمامها الابواب نحو العالمية، وهو ما سعى الى تحقيقه منذ سنوات، عبر زيارتين للولايات المتحدة وعبر حملة علاقات عامة مكثّقة تستهدف إعادة بناء الثقة والسمعة.

وجهة النظر الاخرى تقوم على أساس التجارب التي شهدتها السعودية في عهد ملوك طاعنين في السن محكومين بنظرات تقليدية للحكم والادارة لم يتلقوا تعليماً حديثاً بدرجة كافية تؤهّلهم لمعرفة ضرورات التغيير ومكاسبه. فالجيل القديم من الامراء بما فيهم الملك يتقدمون بنحو 15 سنة عن الجيل اللاحق من الامراء المؤهّلين لاستلام السلطة. عبد الله هو الابن الخامس للملك المؤسس ابن سعود الذي يعتلي العرش، فيما يتولى الابن السادس الامير سلطان البالغ من العمر 80 عاماً ولاية العهد كوريث معيّن للعرش بعد الملك الحالي. فالملك عبد الله البالغ من العمر 81 عاماً قاد البلاد نحو عقد من الزمن بعد إصابة الملك فهد بجلطة دماغية دون أن ينجز تغييرات جوهرية على الارض، وبقي متردداً كثيراً في إتخاذ خطوات إصلاحية ذات دلالة قوية، وحتى الحوار الوطني الذي إنطلق إبان ولايته للعهد بدأ يفقد تدريجياً أهميته الى أن وصل الى مرحلة موت طبيعي، بالرغم من الحماسة العالية التي أبداها عبد الله في دعم فعاليات الحوار الوطني ولقائه بالمشاركين وتشجيعهم على مواصلة الحوار.. لقد مات الحوار ولم يحقق أهدافه الاصلاحية المنشودة، وبقي إطاراً جامداً يتحرك وفق ممليات السياسة ورغبة الملك نفسه.

من المثير للدهشة أن صورة المملكة مازالت تحت حكم المسنين الخاضعين تحت تأثير الاصولية الدينية. وقد يقال الآن بأن خلافة عبد الله تشير الى بارقة أمل للاصلاحيين في البلاد بأن المواطنين سيحصلون على حقوقهم المعترف بها في الغرب. وعلى أية حال، فإن أيَّ تقدمٍ من المحتمل أن يكون بطيئاً للغاية، فالملك مهما بلغت قوته ورغبته في الاصلاح يظل محكوماً بمعادلة أخرى داخل العائلة المالكة، وهو في الاخير قائد لتحالف أمراء على قاعدة مصالح متبادلة، وإن رغبة الاصلاح لا يمكن أن تعبّر عن نفسها عملياً دون النظر الى مواقف الأمراء الآخرين الذين يقررون بالتوافق طبيعة الخطوات الاصلاحية ومداها وحجمها وتأثيراتها أيضاً. إن السبيل الى الاصلاح لا يمكن السير فيه بدون إجماع وتشاور بين أقطاب العائلة المالكة وحسب تعبير أحد الدبلوماسيين الغربيين (إن الاشياء في هذا البلد تتحرك عند سرعة أبطأ جمل في القافلة).

إن ما يقرب من عشرة آلاف أميراً من عائلة آل سعود، تسيطر على كافة مجالات الحكم، بالرغم من أن الاقطاب الكبار القابضة على مفاصل الدولة أصبحت تقرر من يقرّب أو يُبعّد في هيئة كرملين عائلي يزاول فيه هؤلاء الاقطاب دور القيادات الحزبية العليا. يتقارب هذا التحليل كثيراً من خلال الحديث الطويل الذي ألقاه الامير نايف في لقائه مع عدد من الاصلاحيين الذين إجتمعوا معه في بيت أحد المقربين منه بالرياض عقب اعتقال الاصلاحيين الثلاثة في الخامس عشر من مارس العام الماضي، حيث كان يؤكد على الامتياز العائلي وأن الدولة بكاملها تمثّل منجزاً عائلياً خالصاً بما يمنحها حقاً تاريخياً في الحكم وأن ليس هناك من له الحق في المطالبة بالاصلاح، لأنها مطالبة بغير وجه حق!

عبد العزيز القاسم: لا خيار آخر الا الاصلاح

إن هذه الرؤية تجعل حصر السلطة وتقاسمها بين فئة محدودة من آل سعود ترى بأنها مالكة للحرث والنسل، وإن ما يتنازع عليه الأمراء يعتبر شأناً داخلياً لا مجال فيه لمن دونهم بالتدخل فيه، فعليهم السمع والطاعة.. إنها صورة تقليدية للنظام التراتبي الحزبي المغلق.

تدعم هذا النظام الحزبي في هيئته البدائية سلسلة مؤسسات نشأت في الاصل لتوفير الأساس الايديولوجي لاستمراره واستقراره، فالى جانب المؤسستين العسكرية والامنية، فإن المؤسسة الدينية تمثّل الدعامة الايديولوجية الرئيسية التي ظلت إحدى ذرائع المناهضة للاصلاح. فمنذ نشاة الدولة السعودية الحديثة فرضت المؤسسة الدينية سلطانها على التعليم والاعلام والقضاء وهي القنوات الاساسية التي يمر عبرها مشروع الاصلاح في دول العالم. إن دور المؤسسة الدينية كان مركزياً في توفير الوصفة الشرعية للعائلة المالكة، ولكنها أيضاً زاولت دوراً تعويقياً لأي عملية اصلاحية داخلية، وكان الامراء يتخفّون خلف الرؤية الدينية التقليدية الصارمة لدى العلماء من أجل تبرير مواقفهم النابذة في الاصل لأي خطوة إصلاحية تؤدي الى اختلالات في السلطة.

لقد ظلت الدولة السعودية منهوبة لتيارين متنافرين: تيار التوهيب الديني الصارم وتيار التحديث المشوّه، والذين وصلا الى لحظة إلتحام كارثية في الحادي عشر من سبتمبر، حيث أن المجاميع الشبابية التي نشأت على ثقافة الكراهية الدينية في ظل مشاريع التحديث المشوّهة وجدت نفسها أمام حقائق متناقضة بين الاصالة الدينية المزعومة وبين مشاريع تحديث مفقرة، فقررت إستعمال ثقافة الكراهية لوضع حد للتناقض الداخلي بطريقة دموية.

إن هذا التناقض الفاضح الذي رسّخ العهد السابق أسسه من خلال إطلاق العنان لتياري الدين الوهابي الصارم والتحديث الفوضوي لم يكن بالإمكان إيقاف غلوائه وتداعياته الكارثية الا عن طريق عملية بحجم زلزال الحادي عشر من سبتمبر الذي إرتدت آثاره على الدولة والمجتمع بل والعالم بأسره، وسيتطلب من الملك الجديد، إن صدقت توقّعات المتفائلين ببدء عهد إصلاحي على يده، البدء بعملية تصحيح داخلية أي في بنى الدولة ومؤسساتها أولاً قبل الانطلاق نحو رحلة الاصلاح على مستويات أخرى.

إن التيار الاصلاحي الوطني الذي نشأ في السعودية كان دون شك متقدماً على المزاعم الاصلاحية للملك عبد الله ويفوق في نضجه ورؤيته في الاصلاح ما عبّر عنه الملك من تصريحات ونظرات في الاصلاح، وبالتالي فإن أجندة الاصلاح التي تقترحها القوى الوطنية قد تكون قائمة تمنيات بالنسبة لملك لم يظهر أكثر من لهجة باهته في العملية الاصلاحية بجانب خطوات خجولة ومعزولة وغير جوهرية.

إن خطوة الافراج عن الاصلاحيين الاربعة قد ينظر اليها في الخارج كمؤشر على بدء العهد الاصلاحي المنتظر، ولكن الامر غير ذلك فهو تقليد متّبع في تاريخ البلد، حيث يصدر الملك الجديد عفواً عن السجناء السياسيين. قد يكون من المبكر الحديث عن خطوات إصلاحية جوهرية مع بداية عهد الملك الجديد سيما وأن ترتيبات البيت الداخلي لم يتم حسمها بصورة نهائية، ولكن ليس هناك ما يدفع للمبالغة في المأمول الاصلاحي، فما قاله الامير عبد الله للاصلاحيين بأن (مشروعكم الاصلاحي هو مشروعي) تحوّل من حلم الى كابوس مزعج في الخامس عشر من مارس من العام الماضي، وإن السبب الذي يساق لتبرير موقف الملك عبد الله المتخاذل من قضية إعتقال الاصلاحيين بأنه كان خاضعاً تحت ضغط الجناح السديري بقيادة الامير نايف لم يكن سوى سبباً واهياً، فقد تبنى شخصياً الشعار الاصلاحي واستقبل الاصلاحيين بنفسه وأعرب عن دعمه لهم حتى غدا الاب الروحي للمشروع الاصلاحي الوطني.

يعتقد كثير من المتفائلين بأن عجلة الاصلاح بدأت بالدوران مع وصول عبد الله الى العرش وهو تفاؤل لا يستند على أسباب حقيقية ومادية، وكل ذلك مرتبط ببعض الشكليات الاصلاحية التي نشأت خلال اضطلاع الملك عبد الله بمهام الحكم خلال مرض الملك الراحل، مثل تأسيس مركز للحوار الوطني والانتخابات البلدية، مع أنها تمثل خطوات ضئيلة ومتأخرة للغاية. صحيح أن في عهده بدأت لغة الاصلاح تروج في اللغة العامة والمجالس المفتوحة والمغلقة بعد أن كان الحديث في الاصلاح من المحرمات، ولكن ذلك الرواج لم يتجاوز حدود التنفيس المطلوب درءا لانفجار الوضع. إن آمال الاصلاح المعقودة على الملك عبد الله مازالت تراوح في حيزها اللفظي والنظري ولم تترجم في خطوات عملية وخطط وسياسات، وبالتالي فنحن نتحدث عن رجل لم يجر اختبار موقفه على الارض.

إن قائمة الاصلاحات المأمولة تتجاوز حدودها الشكلية وتؤكد على اصلاحات جوهرية تطال أنظمة التعليم والقضاء والحقوق المدنية (حق التجمع مثالاً) والحريات العامة (حرية التعبير مثالاً)، وإرساء أسس المشاركة والتمثيل السياسي، وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية والتوزيع المتكافىء للثروة والسلطة.

سعود الفيصل: تحدي التطوير بأسرع وقت ممكن

لن نتوقع كثيراً من الملك عبد الله، كما بشّر بذلك مستشار الملك خليل الخليل في لقائه مع مجلة ديرشبيجل في الثامن من أغسطس حيث صوّر عهد الملك عبد الله بأنه ثورة إصلاحية من خلال تجديد نظام الحكومة والنظام الادارية بصورة جذرية وحسب قوله (فالقرارات لن تتحدد بعد الآن علي اساس الأذون الخاصة والمراسيم الفردية، بل ستتم في الفترة القادمة عبر ضروراتها الموضوعية وهو ما لا يقل أهمية وقابليتها العملية للتطبيق).

لقد قال الخليل أكثر من ذلك، وأطلق بشارة أخرى بقوله (إن السعودية في عهد الملك عبد الله ستصبح دولة القانون) وذلك يعني بالضرورة أن (الأمراء لن يكون لديهم أي أوضاع قانونية استثنائية في المستقبل.. فالاستثناءات والامتيازات يجب أن تنتهي).

إن هذه التصريحات وأشباهها قد نسمعها ونقرأها في عهود سابقة، ولطبيعة الزخم وضرورته في بدء كل عهد جديد فإن مثل تلك التصريحات تحمل على غير معناها الحقيقي، ولكن نضعها هنا حتى لا يقال بأننا نصطف مع المتشائمين ولكن سنعتبرها شهادة مع أو ضد في المستقبل، أي حين يتم وضع الوعود على المحك، وهي صك إلزامي على الملك الجديد الذي لم نرى منه سوى وعوداً.

ماذا قالوا عن العهد الجديد؟

توقّع محللون في الرياض أن يسرع الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي إعتلى عرش السعودية بعد وفاة الملك فهد بن عبد العزيز، وتيرة الاصلاحات السياسية في المملكة. وقال المحامي والمحلل السياسي عبد العزيز القاسم (أتوقع أن يكون عهد الملك عبدالله بداية إصلاحات واسعة النطاق، خصوصا أن الظروف المالية والاقتصادية مؤاتية للتغيير). وقال القاسم (واضح ان الملك عبدالله متحمس لاجراء اصلاحات سواء على صعيد المشاركة السياسية او حفظ المال العام ـ وقد حقق خطوات ملموسة في ذلك ـ أو إصلاح البنية التشريعية والمؤسساتية للدولة).

وجرت للمرة الاولى إنتخابات بلدية في السعودية في الربيع الماضي إنتخب خلالها نصف اعضاء المجالس البلدية البالغ عددها 178 في المملكة، بينما عينت السلطة القسم الآخر. وكانت هذه العملية الانتخابية التي اقتصرت على الرجال، الاولى من نوعها في البلاد حيث الحكم يستند الى تفسير الشريعة الاسلامية وحيث تعارض القوى المحافظة بقوة التغيير لا سيما بالنسبة الى اشراك النساء في الحياة السياسية.

وتمّت هذه الاصلاحات الحذرة في وقت تمارس الولايات المتحدة ضغوطا على الحكومات العربية من أجل توسيع المشاركة الشعبية في الحياة السياسية. الا أن المسؤولين في السعودية شدّدوا على أن أي تغيير يجب أن يكون متطابقا مع الظروف الداخلية.

وقال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أن عبدالله الذي يحكم البلاد فعليا منذ إصابة الملك فهد بجلطة دماغية في 1995 (يواجه التحديات نفسها: تطوير السعودية بأسرع وقت ممكن في إطار تقاليد البلاد، مع الحفاظ (...) على الاستقرار في المنطقة).

اقتصاديا، بدأت السعودية التي تأمل بالانضمام الى منظمة التجارة العالمية بحلول نهاية السنة، خطوات على طريق الخصخصة وفتحت اسواقها امام الاستثمارات الاجنبية. وقال المعلق السياسي تركي الحمد (كلمة حق ان الملك فهد بدأ تحديث السعودية، أما الملك عبدالله فسيسرع وتيرة الاصلاحات السياسية والاقتصادية). واضاف ان (الاصلاح لم يعد فقط خياراً كما كانت عليه الحال قبل عشرين أو ثلاثين سنة، بل أصبح الآن ضرورة حتمية).

واشار الى أن (إحدى المهام الرئيسية للملك الجديد ستكون بناء عدد أكبر من المؤسسات التي تربط بين الحاكم والمحكوم وإصلاح المؤسسات القائمة، بما في ذلك القضاء الذي يحتاج الى إعادة هيكلة). وقال الحمد ان البطالة هي من (التحديات التي تواجه الملك عبدالله خصوصا في ظل التكاثر السكاني وتزايد عدد الشباب)، مشيراً الى ان (عدم القضاء على البطالة قد تكون له إنعكاسات اجتماعية وسياسية لا سيما من حيث زرع الفكر المتطرف في عقول الشباب).

وبحسب أرقام غير رسمية، فان البطالة تشمل حوالي عشرين في المئة من السكان الذكور في السعودية. وتابع المحلل السياسي (لا نستطيع أن نقول أن الفقر سبب الارهاب لكن الفقر يوفر بيئة مناسبة لنمو جرثومة التطرف). واستهدفت السعودية منذ ايار/مايو بسلسلة هجمات دامية نسبت الى تنظيم القاعدة. وقال تركي الحمد (سيكون على الملك عبدالله تكثيف الجهود التي بدأها لترشيد الاقتصاد والقضاء على الفساد الاداري والمالي. فمن دون ذلك، كل دخل يأتي الى المملكة، مهما كان هائلا، سيتسرب من هنا وهناك). من جهة ثانية، وعد الملك عبدالله في تصريح الى الامة بالعمل على (إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة).

أعتقد أن البلد (السعودية) تواجه مخاضاً يصعب التكهن به وخصوصاً في هذه المرحلة الحساسة وهي انتقال دفة الحكم للملك عبد الله والذي سوف يواجه عدة تحديات إن أراد التغيير في الوقت الراهن، فهناك تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية، وكل هذه المجالات لا بد لها من تغيير من أجل تقدم البلد وتطويره.

هل يزول عائق الاصلاح

أعتقد أن البلد (السعودية) تواجه مخاضاً يصعب التكهن به وخصوصاً في هذه المرحلة الحساسة وهي انتقال دفة الحكم للملك عبد الله والذي سوف يواجه عدة تحديات إن أراد التغيير في الوقت الراهن، فهناك تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية، وكل هذه المجالات لا بد لها من تغيير من أجل تقدم البلد وتطويره.

فهناك من يريد التغيير بأسرع ما يمكن وخصوصاً من قبل رجال الأعمال والمثقفين أضف إلى ذلك منظمة التجارة العالمية. ولكن هناك من يعارض هذا التغيير سواءً من أفراد العائلة أو السلطة الدينية. ولكن التغير لا بد منه

إصلاحيو السعودية يرحبون بالعفو ويطالبون بتغييرات جدية

تباينت ردود الفعل على قرار عاهل السعودية عبد الله بن عبد العزيز بالعفو عن خمسة من دعاة الإصلاح في المملكة. فقد سارعت اللجنة العربية لحقوق الإنسان إلى الترحيب بالعفو الذي شمل ثلاثة من أعضائها.

ووصفت اللجنة في بيان تلقته الجزيرة نت العفو بأنه بارقة أمل لأسر المعتقلين السياسيين في المملكة تجاه إمكانية مراجعة ملفات ذويهم.

ورحَّب إصلاحيون سعوديون بقرارات الملك عبد الله و لكنهم قالوا إنه يجب إتخاذ خطوات أكثر جدية نحو الإصلاح.

وأعرب منصور النقيدان أحد أبرز منتقدي المؤسسات الدينية والتعليمية في المملكة عن أمله في أن تشهد الفترة القادمة مزيداً من إجراءات الإصلاح الجوهرية وأشار إلى أنه من المعتاد في السعودية أن يصدر الملك الجديد مراسيم عفو.

أما المحامي الإسلامي محسن العواجي فرأى أن قرارات العفو لا تعني أن الملك عبد الله سوف يتخذ خطوات أكثر جدية على طريق الإصلاح، وأشار إلى أنه يحكم بالفعل المملكة منذ نحو عقد نائباً عن الملك فهد بعد تدهور حالة الأخير الصحية.

وأعرب العواجي عن أمله في أن يتم التعامل مع قضية الإصلاح بجدية أكثر إلا أنه توقَّع إستمرار سياسات العاهل السعودي على نفس وتيرتها.

قناة الجزيرة ـ 10/ 8/2005م

الملك السعوديالجديد ينظر إليه كفاعل للتغيير الأجتماعي

لن تشهد المملكة العربية السعودية إصلاحات سياسية كبيرة في ظل الملك الجديد عبد الله، ولكنه سيواصل العمل في مجال التغييرات الاجتماعية الجارية ببطء حالياً في هذه المملكة الصحراوية، هذا ما يقوله الوجهاء السعوديون. فمنذ أن أصبح الحاكم الفعلي منذ عقد مضى في أكبر دولة منتجة للنفط في العالم، كانت مبادراته ملحوظة من أجل تمدين المجتمع المحافظ جداً من خلال القنوات التقليدية كالحوار والإجماع. وعلى الرغم من معارضة المؤسسة الدينية المتمثلة فإن هذا التحول قد يرى تفاعلاً أكبر بعد أن تم تسلّمه للسلطه بعد وفاة أخيه فهد هذا ما يقوله رجال الأعمال والنشطاء السعوديون..

(الملك عبد الله ليس جديداً على الساحه فلذا لا أتوقع تغييرات كبيرة ولكن سوف تكون هنالك حركة أكثر وأسرع) يقول عبد العزيز العريعر وكيل سابق لوزارة المالية وعضو في مجلس الشورى المعين، ويضيف (إن عبد الله معروف عنه بقدرته على الإستماع وإنفتاحه على الأفكار ولكن لا أتوقع تحولاً كبيراً عن النهج المتدرج، فالقرارات هنا تتخذ بالإجماع وأتوقع أن هذا سيتواصل).

وبالنسبة إلى الغربيين فإن التغيّرات الاجتماعية والسياسية التي حصلت في موطن الإسلام خلال العشر سنوات الماضية لا تبدو ذات أهمية، ولكنها بالنسبة لعموم السعوديين تعتبر كبيرة فقد أقيمت أنتخابات بلدية لأول مره بداية هذه السنة، كما أعطي مجلس الشورى صلاحيات تشريعية وشُكّلت لجنه لحقوق الإنسان، كما أن الصحافة تناقش القضايا الشائكة، ومع أن هنالك منعاً قائماً ضد سياقة المرأة، لكن النساء عملياً تعمل الآن جنبا الى جنب مع الرجال في مهن عديدة مع أن معظم المجتمع لايزال مفصولاً. يقول محمد الزلفة عضو الشورى الذي أثار قضية حساسة في شهر يونيو لاتزال معلّقة مقترحا قيام مجلس الشورى برفع الحظر عن قيادة المرأة: (لدي ثقة كبيرة في هذا الرجل ونعرف أنه داعماً للإصلاح ويعتقد بأن التغيير لابد أن يحدث ولكنه لا يعمل شيئاً الا مع مراعاة حاجات الأمن والأستقرار في البلاد).

لقد كسر عبد الله الحاجز السياسي عند لقائه ليبراليين سعوديين مطالبين بإصلاحات سياسية قبل عدة أعوام. وفي عام 2003 عقدت لقاءات لأول مره جمعت السنة والشيعة المهمّشين في المملكة العربية السعودية، وقد إستهدف الحوار الوطني مواجهة أكثر المواضيع حساسيةً للكثيرين من الأتباع المتشددين للمنهج الوهابي في السعودية مثل النظرة لغير المسلمين الذين يطلق عليهم هؤلاء بالكفرة.

ويقول جعفر الشايب وهو رجل أعمال شيعي فاز بمقعد في المجلس البلدي في المنطقة الشرقية بداية هذا العام (أعتقد أنه سيكون هنالك بعض التغيرات حيث أن الملك عبد الله قد إتخذ مبادرات مسبقة وأسّس لإصلاحات مستقبلية مع أننا لا نستطيع توقع حجمها ولكنه الشخص المناسب).

وكانت أول إشارة قالها عبد الله في خطابه التلفزيوني عندما أصبح ملكاً بأنها تعبّر عن نواياه حيث قال (أن من واجبي هو تحقيق الحق والعدل وخدمة جميع المواطنين من غير تمييز وأسألكم بأن تقفوا معي وتساعدوني ولا تبخلوا عليَّ بنصحكم) هذا ما قاله بعد إستقباله لآلاف من الرجال السعوديين الذين أعلنوا عن بيعهتم في لقاء تقليدي. ويشير رجل الأعمال عبد الرحمن الزامل بأن القرارات ستستمر في إتخاذها بالأجماع بين الأخوة وليس من قبل الملك عبد الله وحده وهذا ما يجعل أي تغيير مفاجئاً مستبعداً (لا ينبغي أن نتوقع مواقف تقود الى تحولات مفاجئة فهذا ليس من عاداتنا ولكن قد يكون هنالك تطور في العملية لأن المجتمع يكون أكثر تقبلاً).

وكالة رويترز للأنباء ـ11 / 8 / 2005م

الصفحة السابقة