لجنة دولية تطالب السعودية بوقف

التمييز ضدّ المرأة السعودية

محمد الأنصاري

أصدرت لجنة إزالة التمييز ضد المرأة التابعة لهيئة الأمم المتحدة في جلستها الأربعين في الفترة ما بين 14 يناير ـ 1 فبراير 2008، الملاحظات النهائية الرامية إلى إزالة التمييز ضد النساء في السعودية. فقد اعتبرت اللجنة التقرير الدوري الثاني حول السعودية في لقاءي 815 و816 في 17 يناير 2008. وأوردت اللجنة قائمة من القضايا والأسئلة التي حوتها وثيقة (CEDAW/C/SAU/Q/2) وردود فعل الحكومة السعودية في وثيقة (CEDAW/C/SAU/Q/2/Add.1). وأبدت اللجنة قلقها حيال التحفّظ العام حول تعديل المعاهدة الخاصة بمكافحة التمييز والموقّعة من قبل السعودية على مكافحة التمييز، بما يتناقض مع موضوع وهدف المعاهدة. وتطالب اللجنة الجانب السعودي بسحب تحفظها على المعاهدة وخصوصاً في ضوء حقيقة أن الوفد طمأن بأن ليس هناك أية تناقض من حيث الجوهر بين المعاهدة والشريعة الإسلامية.

المرأة السعودية: القليل من الحقوق

ودعت اللجنة الحكومة السعودية للعمل على إقرار قانون المساواة الشاملة بين الجنسين ومضاعفة جهودها لزيادة الوعي حول المعاهدة بين الناس. ودعت اللجنة الحكومة إلى ضمان أن تصبح المعاهدة جزءً جوهرياً من التعليم والتدريب القضائي للعاملين في حقل القضاء، بحيث يشمل القضاة، والمدّعين، والمحامين، والمحقّقين، خصوصاً أولئك الذين يعملون في المحاكم الخاصة بالشؤون العائلية، بما يؤسس للثقافة التشريعية الداعمة لمساواة النساء بالرجال وعدم التمييز على قاعدة الجنس في البلاد. كما تدعو اللجنة الحكومة السعودية لتعزيز وعي النساء بحقوقهن عبر، على سبيل المثال، برامج تثقيف ثشريعية، والدعم القضائي. وعبّرت اللجنة عن قلقها إزاء الفهم المتمايز لمبدأ المساواة، والذي يعني حقوقاً مماثلة للنساء والرجال على حد سواء، وكذلك الإنسجام بين النساء والرجال، وليس حقوقاً مساوية للنساء والرجال. وأعربت اللجنة عن قلقها بأنه بالرغم من المادتين الثامنة والسادسة والعشرين من النظام الأساسي للدولة والذي يؤكّد على مبدأ المساواة، إلا أن لا الدستور ولا الهيئات التشريعية الأخرى تجسّد عملياً مبدأ المساواة بين النساء والرجال. وتعبّر اللجنة عن قلقها لغياب تعريف محدد للتمييز ضد النساء بما يتطابق مع المادة الأولى من المعاهدة، والتي تشمل التمييز المباشر وغير الماشر وتحمّل الدولة مسؤولية منع التصرفات ذات الطبيعة التمييزية على الصعيدين الخاص والعام، بما يتطابق مع المادة الثانية من المعاهدة.

ودعت اللجنة الدولة إلى تضمين تام في نظامها التشريعي مبدأ المساواة بين النساء والرجال، وكذلك تعريف التمييز على أساس الجنس متساوقاً مع المادة الأولى من المعاهدة، وتحميل الدولة مسؤولية الأعمال التمييزية على الصعيدين العام والخاص، بما يتطابق مع المادة الثانية من المعاهدة وأن تأخذ الدولة الخطوات الصحيحة من أجل تطبيق مبدأ المساواة الرسمي والجوهري.

وتحفّظت اللجنة بقلق على مفهوم ولاية الذكر على المرأة (المحرم)، بالرغم من أن المفهوم غير مشخّص تشريعياً، والذي يبدو أنه يحظى بقبول واسع، والذي يقصر ممارسات النساء لحقوقهم تحت العهد وخصوصاً فيما يتعلق بقدرتهن القضائية، وفيما يتصل بالقضايا المتعلّقة بالحالة الشخصية، وتشمل الزواج، والطلاق، ورعاية الطفل، والميراث، والملكية، وصنع القرار في العائلة، واختيار السكن، والتعليم، والتوظيف. وتبدي اللجنة قلقها من أن مفهوم ولاية الذكر تساهم في هيمنة الأيديولوجية البطركية مع بقاء القوانين الثقافية العميقة، والعادات، والتقاليد التي تميّز ضد المراة وتشكّل عوائق خطيرة لتمتّعهن بحقوقهن الإنسانية. ممارسات أخرى شائعة في السعودية مثل الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة، والتي تعتبر تحديداً لحرية الحركة، وتساهم أيضاً في بقاء مثل تلك الإنطباعات العامة. وأعربت اللجنة عن قلقها بشأن الجهود المحدودة من جانب الدولة في تشخيص بصورة مباشرة الممارسات الثقافية التمييزية والإنطباعات.

وتطالب اللجنة الحكومة السعودية بأن تقوم بخطوات عادلة من أجل إنهاء ولاية الذكر على النساء، بما في ذلك تلك المتعلقة بحملات تنمية الوعي. وتدعو الدولة السعودية بأن تكون إيجابية وأن تطبّق دون تأخير إستراتيجية شاملة، وتشمل أهدافاً واضحة وجداول لتصحيح أو إزالة الممارسات والإنطباعات الثقافية السلبية الضارة بالنساء وأن تعزّز من حصول النساء على حقوقهن بما يتوافق مع المادتين 2 (إف) و5 (أيه) من المعاهدة. وتدعو اللجنة الحكومة من أجل إنهاء تقييمها الخاص بالحظر المفروض على النساء بشأن قيادة السيارة. وتطالب الدولة لأن تضمّن في تقريرها الدوري القادم معلومات حول مفهوم ولاية الذكر، وكيف تؤثّر على تطبيق المعاهدة في السعودية.

ولفتت اللجنة الى أن الدولة لم تطوّر خطة عمل وطنية من أجل تطوير المساواة بين الجنسين، تقوم على إعلان بكين، وقاعدة إنطلاق للعمل، وبكين+5، والملحقات اللاحقة للمعاهدة. ولذلك، تشجّع اللجنة الحكومة لتطوير خطة عمل وطني مدعومة بإستراتيجية فاعلة بشأن المساواة بين الجنسين، مستندة على المعاهدة، والتوصيات العامة للجنة، وإعلان بكين، وقاعدة إنطلاق من أجل العمل، وبكين +5، تلك المتعلّقة بكل القطاعات الحكومية وبالتشاور مع المنظمات غير الحكومية ذات العلاقة. وتطلب اللجنة من الدولة تقديم معلومات في تقريرها القادم حول الأثر والنتائج المنجزة في تطبيقها لمثل هذه الخطة. وتشجّع الدولة على البحث عن دعم تقني من هيئات الأمم المتحدة لجهة تطوير هذه الخطة، وكذلك جمع وتحليل المعلومات والتدريب للفريق الوطني المسؤول عن تطويرها وتطبيقها.

طيارة سعودية لا تستطيع قيادة سيارة

وفيما لحظت اللجنة أن الدولة في طور تقوية آليتها الوطنية لتقدّم المراة، بما يشمل تصميم أقسام ووحدات داخل الأجهزة الحكومية لتقديم الخدمات للنساء، فإن اللجنة قلقة بأنها لم تتلقَ صورة واضحة حول الآلية الوطنية بشأن حقوق النساء، وإطارها المؤسسي والقانوني، وكذلك حالة هذه الحقوق، وخصوصاً في المناطق التي تتطلب تعزيز صنع القرار. ولذلك تطالب اللجنة بأن تكفل الدولة بأن تكون الآلية الوطنية لتقدّم المرأة ذات طبيعة منظورة ولصنع القرار، وكذلك التنسيق بين السلطات، بما يجعلها قادرة على تحقيق بصورة فاعلة خطّتها من أجل تطوير المساواة بين الجنسين. وتطالب الدولة بأن تقدّم في تقريرها القادم صورة واضحة وتفصيلية حول الآلية الوطنية، بحيث يتم تصميم هيئة التنسيق المركزية أو الوحدات القسمية وتحديد سلطاتها، ووظائفها، وصلاحياتها، ومصادرها. وأن تاخذ بنظر الإعتيار أن هيئة حقوق الإنسان قد تحمّلت مهمة تطبيق المعاهدة والإتفاقيات الأخرى الخاصة بحقوق الإنسان، وتوصي اللجنة أن تتشكّل الهيئة من عدد متكافىء من النساء والرجال في الهيئة الإدارية لها، وكذلك تقديم تسهيلات كاملة للنساء للمطالبة بحقوقهن.

وطالبت اللجنة الجانب الحكومي بإعطاء أولوية قصوى للتدابير الشاملة لمتابعة كل أشكال العنف ضد المرأة والبنات، إدراكاً منها بأن العنف هو شكل من أشكال التمييز ضد المرأة، ويشكل إنتهاكاً لحقوق الإنسان بحسب المعاهدة. وتدعو اللجنة الجانب الحاكم بسن، وبصورة عاجلة، تشريع بخصوص العنف ضد المرأة، بما يشمل قانوناً شاملاً حول العنف الأسري والتأكيد على أن العنف ضد المرأة هو قضية جنائية وأن تكون لدى النساء والبنات ضحايا العنف الوسيلة المباشرة للتظّلم وأن يتعرّض المتسبّبون فيه للتحقيق والمعاقبة. وتوصي اللجنة الجانب الحكومي بتطبيق تدابير تعليمية ورفع مستوى الوعي بهذا الصدد على الأصعدة كافة. كما تشجّع اللجنة الدولة على الأخذ بالتوصية العامة للجنة رقم 9 في مثل هذه الجهود والدراسة المعمّقة للسكرتير العام حول كل أشكال العنف ضد المرأة، وحملته الدولية الحديثة لإزالته. وتطالب اللجنة الدولة لتقديم معلومات في تقريرها القادم حول القوانين والسياسات والبرامج من أجل التعامل مع كل أشكال العنف ضد المرأة وخصوصاً مقاربة اللجان الثلاثة عشر للحماية الإجتماعية، وتأثير تدابيرها، وكذلك المعلومات الرقمية والإتجاهات المتعلّقة برواج أشكال مختلفة من العنف. وقد لحظت اللجنة بقلق بأن الجانب الحكومي لم يقدّم معلومات كافية وحقائق رقمية حول وضع النساء غير السعوديات المقيمات في البلد. وتبدي اللجنة قلقلها حيال وضع وحالة إناث العمّال المهاجرين المحليين، وخصوصاً أنهن لسن مكفولين بنظام العمل الحالي، وفي الغالب لا يدركن حقوقهن، ومن الناحية العملية لا يستطعن تقديم شكاوى أو كسب حقوق في حالات الإساءة لهن. وعبّرت اللجنة أيضاً عن قلقها بشأن حقوق أطفال النسوة هؤلاء، وخصوصاً فيما يتعلق بالإقامة والحصول على الخدمات الصحية والتعليم. ولفتت اللجنة الى أنه في الوقت الذي بدا هناك تحسن ملحوظ بخصوص عدد النساء المشاركات في قوة القوة وخصوصاً في القطاع العام، فإن مستوى تمثيل النساء في الحياة السياسية في المستويات المحلية، والوطنية والدولية، وخصوصاص في مواقع صنع القرار متدن للغاية. وعكست اللجنة إهتماماً بأن النساء منعن من الإنتخابات البلدية في السعودية. وفيما يلحظ دور بعض النساء كمستشارات، فإن اللجنة توقفت عند غياب النساء المشاركات في مجلس الشورى.

وتشجّع اللجنة الجانب الحكومي على القيام بتدابير فاعلة بما يتوافق مع المادة الرابعة، والفقرة رقم واحد من المعاهدة والتوصيات العامة للجنة، رقم 23 و25، وتحديد أهداف صلبة وإطارات زمنية لتسريع زيادة مشاركة وتمثيل النساء في مجلس الشورى وكذلك الهيئات المنتخبة والمعيّنة الأخرى في كل المناطق وعلى كل المستويات العامة والحياة السياسية.

وتوصى اللجنة الجانب الحكومي لتنظيم برامج تدريب حول القيادة ومهارات التفاوض للقيادات النسائية الحالية والمستقبلية، كما تدعو لزيادة منسوب الوعي بأهمية مشاركة النساء في صنع القرار في المجتمع بصورة عامة. وقد لحظت اللجنة بأن بعض المواد في نظام الجنسية السعودية يتناقض مع المادة التاسعة للمعاهدة ويستمر في التمييز ضد المرأة السعودية المتزوّجة من غير سعوديين. وعبّرت اللجنة عن قلقها حيال الأبناء من هكذا زيجات بأن لا يحصلوا على حقوق متساوية أسوة بأبناء من رجال سعوديين متزوجين من نساء غير سعوديات.

وطالبت اللجنة من الدولة السعودية بتعديل نظام التجنيس بحيث يتطابق مع المادة التاسعة من المعاهدة وسحب تحفظها فيما يتعلق بالمادة التاسعة، الفقرة الثانية.

وعبّرت اللجنة عن قلقها حيال المعدل المرتفع للأميّة بين النساء، والتي تكشف عن نمط التمييز المباشر وغير المباشر بموجب المادة العاشرة من المعاهدة، كما عبّرت عن قلقها بشأن التمييز ضد المرأة فيما يتصل بوصولها إلى حقول دراسية معينة. وعكست اللجنة قلقاً بشأن انخفاض عدد النساء في الدراسات العليا بالمقارنة مع نظرائهن الذكور. وتشعر اللجنة بالأسف بأن الدولة لم تكن قادرة على تقديم معلومات كافية ومعطيات رقمية بشأن مستويات التعليم والمجالات التعليمية المسموح بها للنساء والبنات من المناطق القروية، وكذلك للنساء غير السعوديات.

وتشجّع اللجنة الدولة لزيادة الوعي بأهمية التعليم بوصفه حقاً إنسانياً وأساساً لتقوية المرأة. وتوصي اللجنة الحكومة السعودية بتطبيق التدابير لضمان فرص متكافئة للبنات والنساء للوصول إلى كل المستويات التعليمية. وتدعو اللجنة الحكومة للقيام بكل جهد من أجل تحسين مستوى الأميّة للبنات والنساء عبر تبني برامج شاملة للتعليم الرسمي والأهلي، وعبر تعليم وتدريب البالغين. وتطلب اللجنة من الدولة السعودية تقديم معلومات تفصيلية ورقمية في التقرير القادم حول تعليم النساء والبنات، بما يشمل أولئك من المناطق القروية وكذلك غير السعوديات.

وفي مجال التوظيف لحظت اللجنة فجوات في المعلومات المقدّمة حول توظيف النساء، كما عبّرت عن قلقها حيال العوائق المفروضة على توظيفهن، مثل انعدام عدد كافٍ من مراكز العناية بالطفل في القطاع الخاص. ولذلك، طالبت اللجنة بأن تقوم بالحكومة السعودية بخطوات فورية وهادفة من أجل زيادة مشاكة النساء في قوة العمل مع ضمان تطبيق القوانين الخاصة بتقدّم المرأة.

الصفحة السابقة