حول زيارة ساركوزي في الرياض:

على ساركوزي مناقشة حقوق الإنسان في السعودية

التفتت منظمات حقوق الإنسان كيف أن المصالح الخاصة للدول الكبرى بالخصوص دفعها ولازال يدفعها باتجاه التغاضي عن الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في الدول الحليفة التي تتحصل منها تلك الدول على مصالح مالية واقتصادية مهمة. والسعودية واحدة من الدول التي لديها وفرة مالية تغري تلك الدول عبر صفقات أسلحة في الغالب، واستطاعت من خلالها لجم الدعوات الدولية المطالبة بحقوق الإنسان. فزيارة بوش الأخيرة للسعودية لم يتم خلالها التطرق الى موضوع حقوق الإنسان، وكذلك حين زار ساركوزي، الرئيس الفرنسي، الرياض في شهر يناير، وخرج بصفقه مع السعودية بلغت عشرين مليار دولار! وقبل ذلك بريطانيا التي حصلت على صفقات العصر بلغت نحو ثمانين مليار دولار، وهكذا. لهذا لوحظ عدم اهتمام تلك الدول بما ترفعه من شعارت الدفاع عن حقوق الإنسان في دول مثل السعودية، بل وتقوم بالتغطية عليها، بالنظر الى المصالح الضيقة الخاصة، وهو ما يجعل موضوع حقوق الإنسان أقرب التسييس منه الى الحقيقة، وهو يستخدم في كثير من الأحيان كسلاح ضد دول بعينها لا ترحب بها الدول الغربية أو تعتبر منافساً أو معادياً لها.

وفي بادرة طيبة من هيومان رايتس ووتش، فإنها استبقت زيارة ساركوزي بأن ذكرته بأهمية الموضوع الإنساني الذي يفترض أن يعلو على المصالح الخاصة. وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش في بيان للمنظمة نشر في 10/1 الماضي، بأنه (يجب ألا تمنع أهمية السعودية الإقليمية والتعاقدات الأجنبية الرابحة المتوافرة فيها الرئيس ساركوزي من التحدث علناً عن انتهاكاتها الموسعة لحقوق الإنسان. فالسعودية تقمع المعارضين والنساء والأقليات وتعذب السجناء وتسيئ معاملة العمال الوافدين. وعلى فرنسا ألا تعلي من أهمية صفقات العمل على حقوق الإنسان الخاصة بالشعب).

ورأى البيان، أن بإمكان ساركوزي استغلال زيارته إلى السعودية لنقاش قضايا حقوق الإنسان مع الملك عبد الله، وهو أمرٌ لم يفعله حين زار السعودية فعلاً. ولاحظ البيان أن فرنسا تقول بأن 'شراكتها الإستراتيجيةب مع السعودية تستند إلى 'تقارب في الآراء حول الغالبية العظمى من القضايا الدولية والعلاقات الشخصية الممتازة على أعلى المستوياتب. وربطت ذلك بحقيقة أن أنها أجرت مهمة تقصي الحقائق في ديسمبر 2006 في السعودية، وأن الأخيرة لم تقم بالتصديق على أهم صكين بمجال حقوق الإنسان، وهما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى بواعث قلق كثيرة، رأت تذكير ساركوزي بها، من بينها:

ـ لا يوجد في السعودية قانون عقوبات مكتوب، وتعتمد هيئات إنفاذ القانون والمحاكم على أفكار فضفاضة واسعة النطاق عن الأفعال الجنائية.

ـ تمنع السعودية بشكل منهجي عن رعاياها الحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي والتعبير السلمي.

ـ ما زال التعذيب من الممارسات الشائعة بحق المتهمين الجنائيين قبل المحاكمة، وبحق المحتجزين في السجون، كما تبين في تسجيل فيديو تم عرضه في أبريل/ نيسان 2007.

ـ نفذت المملكة 156 عملية إعدام بقطع الرأس في عام 2007، مقارنة بأربعين عملية في عام 2006، وتشمل أسبابها 'جرائم' مثل السحر والشعوذة. وتواجه العمالة الوافدة قوانين وممارسات تمييزية.

ـ نظام الوصاية القانونية للرجل على المرأة في السعودية يحرم المرأة من حقوقها الأساسية. إذ يجب على النساء الحصول على إذن من آبائهن أو أزواجهن، بل وحتى أبنائهن، كأوصياء قانونيين عليهن بالنسبة للعمل والسفر والدراسة والزواج وتلقي الرعاية الطبية ودخول الهيئات الحكومية والتعامل معها، كحالة الاحتياج للحصول على حماية أو تعويض، بالنسبة لضحايا العنف الأسري.

ـ الشيعة في المنطقة الشرقية واتباع الطائفة الإسماعيلية في نجران بالتمييز الرسمي في التوظيف والشؤون القضائية والممارسات الدينية والمنح الخاصة بالأراضي.

ولهذا، طالبت هيومن رايتس ووتش الرئيس ساركوزي بدعوة الملك عبد الله إلى المبادرة بإصلاحات جريئة في مجال حقوق الإنسان، تشمل:

1) إصدار مرسوم بتجميد تنفيذ عقوبات الإعدام، أو على الأقل الأمر باقتصار تطبيقها على أكثر الجرائم جسامة، وعدم تطبيقها على الأشخاص الذين اقترفوا الجرائم قبل بلوغ 18 عاماً.

2) إصدار قانون عقوبات لا يُجّرم حقوق الإنسان المكفولة والمحمية، على أن يكون كفيلاً بمحاسبة المسؤولين الضالعين في أعمال التعذيب أو المعاملة السيئة.

3) إصدار تشريع يحمي الحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع والتعبير، بحيث يكون متفقاً مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات القائمة.

4) إلغاء نظام الكفالة بالنسبة للعمال الوافدين.

5) إلغاء نظام وصاية الرجل على المرأة واتخاذ خطوات تجاه تيسير اطلاع المرأة على الخدمات الحكومية، والحماية من العنف الأسري والقضاء.

6) وضع حد للتمييز في كافة المجالات ضد الأقليات الدينية، خاصة المواطنين من الشيعة والطائفة الإسماعيلية.

الصفحة السابقة