كلينتون في دعوة ناعمة للسعودية والبحرين

إدخلوا الربيع العربي.. لو سمحتم!

وصِفت بأنها كلمة هامة، ومفصليّة، وتاريخية، ولم نجد فيها ذلك. ومع ذلك فضّلنا ترجمة أهم فقراتها لوضعها أمام المراقب والمتابع لسياسة المعايير الأميركية المزدوجة حيال الربيع العربي.

بخلاف ما يوحي عنوان بلومبرغ أو (إرابيان بزنس.كوم) بأن كلينتون تحّث السعودية والبحرين على الدخول في الربيع العربي، فإن كلام كلينتون عن السعودية جاء عابراً ومقتضباً ومن باب (إبراء الذمة) فحسب، وليس تعبيراً عن موقف، فضلاً عن مبادرة ومشروع مقترح..

كلينتون تحدّثت بصورة عامة عن الثورات العربية، ولم تنس تسجيل دور أميركي في الربيع العربي، بل أوحت الى قبول ما كان مرفوضاً في المبدأ من وصول جماعات إسلامية الى السلطة. كلينتون أعادت تعريف الجماعات الإسلامية على أساس أنها غير معادية للديمقراطية (طبعاً لا ينطبق الأمر على خصوم الكيان الإسرائيلي مثل حركة حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان)..

كلينتون، ومنذ البداية، ميّزت بين إصلاحات سياسية في البحرين تجريها العائلة المالكة الخليفية، وبين قبول مطالب المحتّجين في سورية. واضح في هذا النوع من التصريح المراوغ أن كلينتون، والإدارة الأميركية خصوصاً، ليست مع مطالب المحتّجين في البحرين الذين يطالبون بسقوط النظام، حتى بات شعار (يسقط حمد) بنغمته المشهورة الأكثف حضوراً في شعارات الثورات العربية، فيما لا حديث على الإطلاق عن اليمن وهي الثورة الأكثر شعبية في ربيع العرب، فيما يبدو الموقف الأميركي داعماً بفجور لإخراج الثورة السوريّة من سلميتها وإرغامها على حمل السلاح والعسكرة، رغم ما تنطوي عليه من احتمالات اندلاع الحرب الأهلية.

وهنا مقتطفات من كلمة كلينتون للتاريخ.. وللشعوب العربية. فقد حثّت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون كلاً من السعودية والبحرين على تبني إصلاحات سياسية، فيما طالبت سورية بقبول مطالب المحتّجين (أي إسقاط النظام). وقالت كلينتون في 7 نوفمبر الجاري في كلمة لها أمام المعهد الديمقراطي القومي، وهي منظمة داعمة للديمقراطية ومقرّها في واشنطن، بأن للولايات المتحدة دوراً في الحركات الديمقراطية التي تستمر في تعكير الشرق الأوسط. وأضافت بأن (الثورات ليست لنا، وليست بواسطتنا، وليست ضدنا، ولكن لنا دور فيها)، وقالت أيضاً بأن (من حيث الأصل، فإن هناك جانب حق في التاريخ، ونريد أن نكون فيه، وبدون استثناء، نريد لشركاءنا في المنطقة تبني إصلاحات، حيث يكون هموا ايضاً في الجانب الصحيح من التاريخ ).

أضاءت كلينتون على الشكوك في كل من العالم العربي وفي داخل الولايات المتحدة حول الدوافع والإلتزامات الأميركية منذ أن بدأ الربيع العربي بحادثة حرق بائع الفواكه التونسي نفسه في ديسمبر 2010.

التطوّرات في الشهور منذاك صعدّت من احتمالية أن تكسب الجماعات الإسلامية السلطة السياسية في مصر، قد سلّطت الضوء على الإختلافات في الطريقة التي قاربت فيها الولايات المتحدة الحركات الإحتجاجية في أماكن مثل البحرين وسوريا وأثارت أسئلة حول معارضة الولايات المتحدة لمحاولات فلسطينية منفردة للحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية.

وإذ ليس هناك مقاربة (مقاس واحد للجميع) للديمقراطية في العالم العربي، فإن مثل تلك الحركة هي بقوة من مصلحة الولايات المتحدة وهي ضرورة استراتيجية، حسب تصريح كلينتون.

تقول كلينتون أيضاً بأن (المصدر الأكبر والوحيد لعدم الإستقرار في الشرق الأوسط اليوم ليس هو مطلب التغيير، ولكنّه رفض التغيير). كلينتون ذكرت بأنها صادقة مع حلفائها كما مع الآخرين. وحذّرت بأنه، في حال بقيت القوّة السياسية الأقوى في مصر مليئة بالرسميين غير المنتخبين، فسوف تكون هناك اضطرابات مستقبلية.

شجبت كلينتون ما وصفته بالنفاق الإيراني، وقالت بأنه على النقيض من مزاعم إيران بدعم الديمقراطية في الخارج، وقالت بأن الهوّة بين الحكأم والمحكومين أكبر في إيران منها في أي مكان آخر في المنطقة...وقالت بأن البحرين، حيث موقع الأسطول الأميركي الخامس، وهو متراس ضد العدوان الإيراني في الخليج، ثم عادت كلينتون وقالت بأن الإصلاحات ستكون في مصلحة المملكة.

وقالت كلينتون بأن المسؤولين في البحرين إستعلموا الإعتقالات الجماعيّة لمواجهة الإحتجاجات من قبل الغالبية الشيعية المطالبة بحقوق أكبر في بلد يدار من السنّة. وأشارت كلينتون إلى أن أعضاء في الكونغرس طالبت بتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان قبل إمضاء صفقة بيع أسلحة متفق عليها سلفاً مع المملكة/البحرين.

تقول كلينتون بأن الولايات المتحدة ستضع البحرين أمام التزاماتها للسماح بالإحتجاج السلمي والإفراج عن السجناء السياسيين. وذكرت أيضاً بأنه في الوقت الذي تكون فيه الإصلاحات والمساواة في مصلحة البحرين، ومصلحة المنطقة، ومصلحتنا، فإن القلاقل المستمرّة تصب في منفعة إيران.

لفتت كلينتون الى أن حركات الاحتجاج في الشرق الأوسط قد تأتي بجماعات وأحزاب لا تتوافق الولايات المتحدة معها. وأوضحت بأنها سئلت عن ذلك مراراً في سياق الأحزاب السياسية الإسلامية. وقالت بأن الرأي القائل بأن “المسلمين المخلصين لا يستطيعون العيش في ظل الديمقراطية يعتبر مهيناً، وخطيراً، وخاطئاً”. واستدركت كلينتون بالقول بأن “العقلاء قد يتباينون في الكثير”، فإن العامل الحاسم هو الالتصاق بالمبادىء الديمقراطية الأساسية. فالأحزاب يجب أن ترفض العنف، والإلتزام بحكم القانون واحترام حرية الكلام، والإتحاد، والإجتماع، وكذلك حرّيات النساء والأقليّات، وقالت (بكلمات أخرى، ما تطلقه الأحزاب على نفسها أقل أهمية مما تفعل).

وقالت كلينتون بأن لدى الولايات المتحدة المصادر، والقدرات، والخبرات لدعم أولئك الذين يسعون إلى تنفيذ عملية الإنتقال الى الديمقراطية. فجماعات مثل المعهد الديمقراطي القومي يستطيع المساعدة في تقديم كل مستلزمات الديمقراطية، وتعليم الناس على كيفية تشكيل حزب سياسي، وضمان مشاركة المرأة في الحكومة، وكيفية تنشئة مجتمع مدني.

وختمت كلينتون بالقول بأنه (مع احتمال وقوع الكثير من الأخطاء، وكذلك وقوع الكثير من الأمور الصحيحة، فإن دعم الديمقراطية العربية الناشئة هو إستثمار لا يمكننا إلا القيام به).

الصفحة السابقة