توماس فريدمان

السعودية مصدر الارهاب

محمد الأنصاري

كتب الصحفي الاميركي الشهير توماس فريدمان في 2 سبتمبر الجاري مقالة في صحيفة (نيويورك تايمز) تحت عنوان «رفيقتنا الاسلامية الراديكالية: السعودية».

في البداية يتطرق فريدمان الى مقالة نشرتها صحيفة واشنطن بوست الاسبوع الماضي حول توجيه نحو مائتي جنرال أميركي متقاعد رسالة الى الكونغرس، حثوا فيها المشرعين الاميركيين على رفض الاتفاق النووي مع ايران، و الذي قالوا انه «يهدد الامن القومي الاميركي». الكاتب يعتبر ان هناك حججاً منطقية يمكن ان يقدمها مؤيدو ومعارضو الاتفاق على حد سواء، لكنه يشير الى ان احدى هذه الحجج التي وردت في رسالة الجنرالات المتقاعدين مضللة لدرجة انه يستحق التوقف عندها.

يقول فريدمان ان هذه الحجة هي التي قدمها النائب السابق لقائد القوات الجوية الاميركية في اوروبا الجنرال توماس ماكينيرني، الذي تحدث عن الاتفاق النووي بالشكل التالي: «ما لا يروقني في الاتفاق هو ان الجماعة الاسلامية الراديكالية الرائدة في العالم تتمثل بالايرانيين. انهم مروجون الاسلام الراديكالي حول المنطقة و العالم. و نحن سنمكنهم من الحصول على اسلحة نووية».

فريدمان يعرب عن اختلافه مع هذا الكلام، حيث يشير الى أن صفة «مروجي الاسلام الراديكالي» لا تنطبق على الايرانيين، بل على السعودية. كما يعتبر ان ما اسماه «بالارهاب الايراني» ضد الولايات المتحدة طالما كان «ذات طابع جيوسياسي»: اي الحرب عبر وسائل اخرى من اجل طرد الولايات المتحدة من المنطقة كي تستطيع هي (ايران) ان تسيطر على المنطقة بدلاً من الولايات المتحدة.

برأي الكاتب فان من يعتقد ان ايران هي المصدر الوحيد للمشاكل في المنطقة يتجاهل احداث الحادي عشر من ايلول، حيث كان من بين الخاطفين التسعة عشر، خمسة عشر مواطناً سعودياً. و يرى فريدمان ان اكثر ما ادى الى تآكل استقرار و تطوير العالم العربي و الاسلامي عموماً، يتمثل بمبالغ مليارات الدولارات التي استثمرتها السعودية منذ السبعينيات من اجل القضاء على التعددية في الاسلام - سواء كانت الصوفية او السنية و الشيعية المعتدلة - و فرض «السلفية الوهابية المعادية للنساء و للغرب و للتعديدية» لتحل مكانها.

و يلفت «فريدمان» انه ليس صدفة انضمام آلاف السعوديين الى داعش و كذلك ارسال المنظمات الخيرية الخليجية التبرعات الى هذا التنظيم. و يقول ان ذلك يعود الى كون جميع هذه الجماعات الجهادية - داعش و القاعدة و جبهة النصرة - هي النتاج الايديولوجي للوهابية الذي زرعتها السعودية في «المساجد و المدارس، من المغرب الى باكستان الى اندونيسيا”.

كما يشير الكاتب الى ان سبب عدم طرح واشنطن هذه المسألة مع السعوديين يعود الى «الادمان على النفط» .

فريدمان يستشهد ايضاً بالسفير الباكستاني السابق لدى واشنطن «حسين حقاني» الذي تحدث عن تبسيط في هذا الموضوع، حيث يقول الاخير ان بينما «ايران هي مصدر للارهاب عبر دعمها لجماعات مثل حزب الله» حسب تعبيره، يضيف ان «العديد من حلفاء اميركا هم ايضاً مصدر للارهاب عبر دعمهم الايديولوجية الوهابية». و يقول حقاني كما جاء في مقالة «فريدمان» ان الايديولوجية الوهابية دمرت التعددية التي ظهرت في الاسلام منذ القرن الرابع عشر، من البكتاشية في البانيا التي تؤمن بالتعايش مع الاديان الاخرى، الى الاسلام الصوفي و الشيعي.

كما ينقل «فريدمان» عن حقاني قوله بان العقود الاخيرة شهدت محاولة ترمي الى التجانس في الاسلام، و ذلك من خلال «الادعاء بان هناك مسار شرعي واحد الى الله»، لافتاً الى ان وجود مسار شرعي واحد يعني انه يمكن قتل جميع الآخرين. و بحسب حقاني تعد هذه النظرية الاخطر التي ظهرت في العالم الاسلامي، مشدداً في الوقت نفسه على انها «جاءت من السعودية و احتضنها اطراف اخرى، بمن فيها حكومة باكستان» .

و يرى «فريدمان» أن تصدير السعودية للاسلام الوهابي كان من أسوأ الأمور التي حصلت بحق التعددية الاسلامية والعربية خلال القرن المنصرم.

الصفحة السابقة