حين يكون بيتك من زجاج أيها الأمير!

الأمير طلال يتخبّط هذه الأيام بشكل ملفت، وإذا كان تحمد له بعض الدعوات الإصلاحية فإنه أخذ بالإنقلاب عليها بمجرد أن شعر بأن التغيير القادم في المملكة قد يقوّض حكم أسرته. والأمير الذي لم يجد له منبراً داخل المملكة ليتحدث فيه عن آرائه، فتنقل بين قناة الجزيرة والإعلام المصري، والإعلام الكويتي واللبناني، وهي البلدان العربية التي يتسع فيها هامش الحريات وتتمتع بقدرٍ من المصداقية، أخذ يطعن في الجميع بمناسبة أو بدون، ليس في الإعلام فحسب بل حتى في النظم التي تحوي قدراً من الحرية والديمقراطية كالكويت التي اعتادت استضافته وتكريمه، بينما هو ينتقد ديمقراطيتها ويشير بطرف وكأنها لا تستحقها.

طلال.. قابلته مؤخراً صحيفة السياسة الكويتية فقال التالي:

''إن ما فعله الشيخ عبدالله السالم يتلقى عليه انتقادات من كثير من الناس، ومن العائلة الحاكمة، وأنا لا أذهب الى حاكم في منطقة الخليج إلا ويقول لي: لا نريد ديموقراطية الكويت، لانها في رأيهم عطلت المشاريع والقوانين والنمو، وتحولت الى فوضى، وأصبح من يحكم هم العامة وليس النخبة أو الاغلبية المتنورة، ومعنى ذلك عليكم أن تعيدوا النظر في المسيرة، وليس في العنوان. دساتير العالم تتغير حسب الظروف، فالدساتير ليست قرآن منزلا، وعليكم أن تعودوا الى خصوصيتكم، فقد لبستم ثوبا فضفاضا!''.

فهو ينتقد تأسيس برلمان، ويستشهد بمستبدي حكام الخليج كدليل على صحة كلامه! وليت عائلته المالكة تعطي شعبها معشار ما يطالب به من حرية متوفرة لدى الكويتيين. وبدل أن ينتقد الإستبداد صار داعية له، ومنظراً للخصوصية التي يبيعها أخوته على شعبهم، والثوب الفضفاض الديمقراطي شرف وفضيلة، لا يقارن بثوب الإستبداد السعودي شديد الضيق على جسد ضخم. والنخبة في الكويت، أو من أسماهم بالعوام، أكثر إخلاصاً وحباً لوطنهم من عائلة مالكة زرعت جهالها في كل ناحية وناصية، يأخذون شهاداتهم بدون دراسة، ويمارسون الحكم بدون مساءلة. ونذكر الأمير طلال الذي تفاجأ من وقوف الكويتيين مع قيادتهم إبان الغزو العراقي، أنه قال بأن لو حدث وغزا صدام حسين السعودية لانضمّ معظم السعوديين معه في مسعاه!

ذاك نتاج الديمقراطية، وهذا نتاج استبداد آل سعود.

وفي الوقت الذي تتقزّم فيه الإنجازات السعودية أمام إنجازات معظم دول مجلس التعاون إن في ميدان السياسة أو ميدان التنمية الإقتصادية والإجتماعية، يرى طلال ان الديمقراطية معوقة لمشاريع القوانين والنمو. فهلاّ طوّر استبداد إخوانك الأمراء بلدهم، بدل أن يحولوه في ظرف سنوات الى مدين يحتاج الى أكثر من نصف قرن ليسدد ديونه، وهلاّ ابتدعوا بديكتاتوريتهم قوانين توفر أبسط شروط الحياة الكريمة لمواطنيهم.

لقد تكلّم الأمير طلال كثيراً.. وآن له أن يصمت، إن لم يستطع أن يقل خيراً.

إطبع الصفحة الصفحة السابقة