هيكل في حديث عن السعودية

إنفجار سكاني وإصلاح حتمي

سامي فطاني

ألقى الكاتب الصحفي المعروف محمد حسنين هيكل محاضرة في جامعة (جورج تاون) الأميركية بالدوحة بعنوان (الخليج..اليوم بعد غد) تحدّث فيها عن هواجس الحاضر والمستقبل في ضوء المتغيرات السياسية الكبرى التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وحدّد أهم الملامح الجيوسياسية للخليج في الوقت الراهن.

ونشرت صحيفة الأهرام ـ الشباب، في تاريخ 6 مايو الجاري بعض فقرات المحاضرة، حيث رصد هيكل أهم هذه الملامح على الشكل التالي:

أولاً: إن الخليج مطمع قوى دولية وإقليمية، وهذه حقيقة

ثانياً: بجوار الخليج 3 دول كبيرة تطل عليه من كل جانب وهي السعودية والعراق وإيران، لكن هذه الدول في هذه اللحظة الراهنة مشغولة عنه.

ثالثا: هناك نوع من التوازن بين احتمال ضغط تمارسه أي من هذه القوى القريبة، وبين مواقف دول غيرها في العمق العربي بخاصة مصر وشمال إفريقيا العربي، ثم سوريا وجوار الشام. رابعاً: الاهتمام الخاص الأوروبي والأمريكي في المنطقة قائم وفاعل، ودواعيه متعددة؛ كالموقع وإمكانياته والطاقة وفوائدها. خامساً: وأخيراً، فإن الاستثمارات المتدفقة على بلدان الخليج كافة تمكنها من توسيع دائرة الحريصين عليها، إضافة إلى فوائد الاستثمار ذاته، فهو له مردود قريب وبعيد..

لاشك أن هيكل الذي يعي تماماً بأن المكان الذي حاضر فيه يفرض نوعاً من الدبلوماسية في الحديث عن هواجس قد لاتبدو كذلك بالنسبة لأنظمة رهنت مصيرها ونفطها وحاضرها ومستقبلها لشبكة تحالفات استراتيجية مع الغرب والولايات المتحدة بوجه خاص.

هيكل سلط الضوء على الدمار الهائل الذي تشهده منطقة شمال ووسط الشام وقال: (إذا لم يكن علينا الآن أن نتحدث عن أسباب هذا الدمار فإننا مطالبون على الأقل بتدبر نتائجه، وأخطرها «فراغ القوة» و»فراغ السلطة المخيف» والذي نشأ حول الخليج، وذلك بدوره سيستدعي أشكالاً وألواناً من الاضطراب والفوضى غير محكومة وغير منضبطة).

لاشك أن هيكل يحمل رسالة بالغة الدلالة بأن الدمار الشامل الذي تشهده بلاد الشام حالياً وخصوصاً سوريا بعد أن خطفت قوى اقليمية ودولية ثورتها الشعبية السلمية وأحالتها حرب دولية، يجب أن يقرع الأجراس في كل زوايا المشرق العربي من أجل انقاذ سوريا من المخرّبين الاقليميين والدوليين، وماذا يعني دمار سوريا على المستوى الاستراتيجي والجيوسياسي الاقليمي والعربي..

من جانب آخر، لفت هيكل الى متغيّرات كبيرة ستشهدها منطقة شبه الجزيرة العربية، إذ تحدّث عن الكثافة السكانية وتداعياتها على مستقبل المنطقة ودولها، وقال بأن الكثاقة السكانية: تزداد بمعدلات لفتت نظر الدارسين والخبراء، بينهم من رأى أنه في ظرف ما بين خمسة عشر سنة إلى عشرين سنة فان تعداد السعودية سيصبح خمسين مليون من البشر، واليمن نفس المقياس، أي أن كتلة مائة مليون إنسان سوف تملأ سعة شبه الجزيرة العربية، وهذا الامتلاء مطلوب لكنّه شأن أي امتلاء له فعل إزاحة، ثم أن مطالب المستقبل لهذه الكتل المتضخمة في السعودية واليمن قد تزيد كثيراً عن الموارد المتاحة، كما أن رياح التغيير وضمنها وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة سوف تطرح مطالبات ملحة ومتصاعدة متشوقة إلى الحق والحرية.

لاشك أن الكثافة السكانية سوف تترك تداعيات خطيرة على مستقبل دول الخليج، وعلى المملكة بوجه الخصوص، لأن الزيادة السكانية في ظل إخفاقات مريعة في برامج التنمية سوف تزيد من تعقيدات ما عجزت الدولة عن تسويته في زمن الرخاء، فالزمن وما يصاحبه من متغيرات هائلة اجتماعية وسكانية واقتصادية وسياسية وأمنية يفرض شروطه، في ظل فشل الدولة في تقديم حلول سواء على مستوى استيعاب الزيادة السكانية في التعليم والعمل والخدمات والسكن وبرامج التنمية عموماً..أم على مستوى الإصلاحات الاجتماعية والسياسية التي تأخرت كثيراً وباتت اليوم تشكّل المحك الذي تختبر فيه جدارة النظم السياسية على الصمود طويلاً..

الصفحة السابقة