تقرير اوروبي: الوهابية ملهمة للقاعدة

مؤشرات تغيّر في السياسة الأوروبية تجاه السعودية

البرلمان الأوروبي: الرياض تدعم التطرف؛ ومن صالحنا البدء بإصلاحات سياسية في السعودية باعتبارها العامل الأهم لاستقرار بعيد المدى ولتطوير المنطقة


هيثم الخياط

صادق أعضاء اللجنة الخارجية في البرلمان الأوروبي على مسودة قرار تضمن توصيات عديدة تدعو الحكومة السعودية الى احترام حرية التعبير الديني لكل من يعيش على الأراضي السعودية. وكانت النائبة آنا ماريا غومز، قد أعدت التقرير والذي شمل سلّة من المطالب المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الدينية والسياسية للمواطنين السعوديين، وقد جاء في سياق مراجعة العلاقة بين السعودية ودول الاتحاد الأوروبي، على غرار مراجعة بريطانيا لعلاقاتها مع السعودية، بالنظر الى التغيرات الراديكالية التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط واستدعت تغييراً في السياسات الدولية خاصة الأوروبية تجاه السعودية.

وقد تضمن التقرير توصيفاً للحكم في السعودية بأنه ملكي مطلق، لا يوجد به برلمان منتخب، وهناك تحديات تتعلق بمسألة الوراثة؛ كما ان سجل الحكم في حقوق الإنسان سيء ولا يتواءم مع واجباته الدولية حيث الفرق شاسعاً بين ما يطبقه على ارض الواقع، وبين ما صادق عليه من مواثيق.

واشار التقرير الى ان السعودية تحظر التعبّد بأيّ ديانة غير الإسلام على اراضيها، وان هناك اقليات دينية كالمواطنين الشيعة والصوفية وهم مستهدفون بالتمييز والتحيّز؛ بمباركة المؤسسة الدينية الرسمية. 

وتابع التقرير بأن منظمات حقوق الإنسان في السعودية مقيّدة بشكل حاد، ومراقبة من السلطات، وقد رفضت السلطات السعودية تسجيل مركز عدالة لحقوق الإنسان.

وحيث أن الحكومة السعودية تلعب دوراً قيادياً ـ حسب تعبير التقرير ـ في نشر السلفية/ الوهابية في انحاء العالم، وان أهم تمظهرات السلفية الوهابية ألهم منظمات مثل القاعدة التي تشكل خطراً عالمياً وعلى السعودية نفسها، خاصة وأن تمويل الإرهاب لازال يتم عبر الجمعيات الخيرية السعودية الخاصة.

لهذا كلّه رأى البرلمان الأوروبي ان من صالحه القيام بإصلاحات سياسية في السعودية باعتبارها العامل الأهم لاستقرار بعيد المدى ولتطوير المنطقة. ودعا التقرير السعودية لأن تفتح حواراً مع الاتحاد الأوروبي حول موضوع حقوق الإنسان، للتعرف على مواطن الحاجة التي تحتاج السعودية تغييرها. كما دعا البرلمان الأوروبي الى توفير الحرية الدينية لكل القاطنين في السعودية وأكد على حق حرية التعبير في مواقع التواصل الاجتماعي؛ وأبدى أسفه من انعدام الحريات الدينية في السعودية، التي أصبحت مطالبة ـ حسب التقرير ـ بتشجيع التسامح والإعتدال، واحترام التنوع الديني، وذلك عبر مناهج التعليم الدينية وعبر المؤسسة الدينية الرسمية نفسها، وكذلك عبر خطاب الدولة من خلال تصريحات مسؤوليها وموظفيها العامين.

وواصل تقرير البرلمان الأوروبي بأن دعا السعودية الى تسريع اتخاذ قرار بشأن قانون الجمعيات الأهلية وتأمين حريتها في العمل.

وحول المواطنين الشيعة، شدد البرلمان الأوروبي على الحاجة الى احترام حقوق المواطنين الشيعة الأساسية، ومثلهم الأقليات الأخرى، بما في ذلك حقهم في المشاركة الكاملة في الحياة السياسية والحكم. ودعا التقرير الحكومة الى عدم استخدام قانون مكافحة الإرهاب ضد الأقليات؛ وأن تبذل السلطات جهداً أكبر في ارساء قيم التسامح والتعايش بين المجموعات الدينية؛ وألح التقرير على الحكومة السعودية بأن تطهّر النظام التعليمي من التوصيفات التي تميّز وتحط من أتباع المذاهب الاسلامية الأخرى.

وبشأن المرأة، اشار التقرير الى ضرورة رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، وان يلتزم الملك عبدالله بوعده ان تشارك المرأة في الانتخابات البلدية القادمة عام ٢٠١٥، كناخبة، ومُنتَخَبة. وان يسمح للمرأة بحرية الحركة، والغاء نظام المحرم، واعطاءها فرصاً وظيفية، وشخصيتها القانونية، وتمثيلها في النظام القضائي، والغاء كل التمييز بحقها في الشأنين الخاص والعام، اضافة الى زيادة مساهمتها في فضاءات الإقتصاد والثقافة والسياسة والحياة الاجتماعية.

وفيما يتعلق بالتوصيات التي فُرضت على السعودية في مجلس حقوق الإنسان، ضمن المراجعة الدورية الشاملة، طالب البرلمان الاوروبي السعودية بتنفيذها.

ايضاً طالب الاتحاد الأوروبي الرياض بتحسين اوضاع العمالة الأجنبية التي تساء معاملتها، خاصة النساء العاملات خدماً في المنازل واللاتي يجدن انفسهن في حال من العبودية.

وحذّر التقرير من الدعم المالي والسياسي الذي تقدّمه الحكومة السعودية لمجموعات دينية وسياسية في شمال أفريقيا، وقالت ان ما تفعله السعودية سيؤدي الى تقوية الأصولية وإعاقة القوى التي تطالب بالحكم الديمقراطي. كما اعتبر التقرير الأوروبي دعم السعودية للإنقلاب العسكري في مصر بمثابة تهديد لجهود دول الاتحاد الأوروبي في تحقيق حل سلمي شمولي جامع للأزمة المصرية.

وتتواصل الدعوات في تقرير البرلمان الأوروبي للحكومة السعودية، حيث ألح أعضاء اللجنة الخارجية فيها على الرياض بأن تتوقف عن التصرف كحركة سلفية تدعم النشاطات التي يقوم بها المتمردون في مالي ضد الدولة هناك؛ فهذا سيؤدي الى زعزعة كاملة المنطقة؛ وأدان الأعضاء كل التدخلات الخارجية المباشرة وغير المباشرة.

ودعا البرلمان الأوروبي الحكومة السعودية بأن تتوقف عن التصرف كطرف منحاز بعقلية طائفية تعتمد سياسة الصفر خياراً في الأزمة السورية: (أما كلّه لي أو عليّ/ وحسب تعبير المتنبي: لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر). وبدلاً من ذلك دعاها الى استخدام مقاربة حل سلمي يشارك فيه كل الأطراف؛ وأيضاً دعا التقرير الحكومة السعودية لمساهمة أكبر في العمل الإغاثي للسوريين.

وبشأن البحرين، دعا البرلمان الاوروبي السعودية للمشاركة البناءة والتوسط من اجل اصلاح سلمي في البحرين ودعم الحوار الوطني؛ وايضا دعاها الى الانخراط في حوار مع ايران لمناقشة القضايا الثنائية وكذلك مستقبل المنطقة.

الصفحة السابقة