أرادت أن تكحلها فعمتها

معركة بين السعودية والأمم المتحدة

السعودية باتَت على اللائحةِ السوداءِ للدولِ والجماعاتِ المسلحةِ التي تنتهكُ حقوقَ الطفلِ في النزاعاتِ والحروبِ.. تبعا لسجلِها الاسودِ في حربِها العدوانيةِ على اليمن، بحسب ما اعلنت الامانة
العامة للأمم المتحدة بعدَ أكثرَ من عام من العدوانِ السعوديِ على اليمن

عبدالحميد قدس

لو صمتت الرياض إزاء تقرير الأمم المتحدة الذي يتهمها بقتل ما يزيد عن ستين بالمائة من الأطفال اليمنين الذين قتلوا أثناء الحرب العدوانية، والذي وضعها ضمن قائمة العار السوداء.. لو صمتت لكان خيراً لها. لكنها أرادتها معركة مفتوحة، فهيّجت أعلامها الداخلي والخارجي ضد الأمم المتحدة، وتحركت دبلوماسياً بهدف إزاحة اسمها وتبرئة سجلها الأسود، واستخدمت التهديد، هي وبعض دول الخليج كالامارات، من أنها ستوقف معوناتها لبرامج الأمم المتحدة. فكانت النتيجة ان سُحب اسمها من القائمة السوداء، ولكنها حُفر عميقاً في ذاكرة المجتمع الحقوقي الدولي، وفتح معركة مجددة بين الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية، ما اضطر الأمين العام أن يعيد النظر ويبرر الوضع، وأن يقول بأن رفع اسم الرياض مؤقت الى أن تأتي بأدلة تثبت عكس ما ورد في التقرير.

 

تقريرُ الأمانةِ العامة للأمم المتحدة أكدَ أن التحالفَ الذي تقودُه السعودية في الحرب على اليمن منذ مارس 2015، مسؤول عن قتل خمسمئة وعشرة اطفال يمنيين، وجرح ستمئة وسبعة وستين آخرين، بعضهم اصيب بإعاقات وتشوهات دائمة. وتحدث التقرير عن تنفيذ التحالف السعودي نصف الهجمات التي تعرضت لها مدارس ومستشفيات في اليمن. وأفاد بأن الانتهاكات الصارخة ضد الأطفال زادت بشكل كبير جراء احتدام الصراع في اليمن، موضحا أن معدل الانتهاكات سجل ارتفاعا مطردا عبر اشهر الحرب، موضحاً أن هذا الإرتفاع دفع المنظمة الدولية لإتخاذ قرار بإدراج تحالف العدوان في القائمة السوداء، بسبب القتل والتشويه والهجمات على المدنيين واستهداف الاطفال في المدارس والمستشفيات.

وأحصى تقرير الأمم المتحدة مقتل نحو تسعة آلاف مدني يمني من بينهم أكثر من ثلاثة آلاف طفل منذ بدء العدوان السعودي على اليمن. وقال بان كي مون الامين العام للأمم المتحدة في التقرير الذي صنّف السعودية كقاتلة أطفال وفي القائمة السوداء، ان الانتهاكات الصارخة ضد الأطفال زادت بشكل كبير نتيجة احتدام الصراع؛ وأضاف: في اليمن ونتيجة العدد الكبير جدا من الانتهاكات، فقد أدرجنا التحالف بقيادة السعودية بسبب القتل والتشويه والهجمات على المدارس والمستشفيات.

ويدرج التقرير في القائمة السوداء الجماعات التي تتورط في تجنيد واستغلال الأطفال والعنف الجنسي ضدهم وقتلهم وتشويههم والهجمات على مدارس و/أو مستشفيات ومهاجمة أو التهديد بمهاجمة الأفراد ذوي الحماية وخطف الأطفال.

ولا يختلف تقرير الأمم المتحدة عن تقارير المنظمات الحقوقية الدولية التي دأبت طيلة الحرب العدوانية السعودية على تذكير العالم بما يجري، ولكن الغطاء الدولي للعدوان السعودي كان شاملاً، ولم تحدث فيه انفراجة صغيرة إلا مؤخراً، بعدما ثبت أن آل سعود لا يمكن أن يكسبوا حرب اليمن، رغم اصرارهم على استمرارها.

فهيومان رايتس ووتش، تحدثت مراراً عن قصف الطائرات السعودية للمدنيين اليمنيين، وعن استخدامها القنابل العنقودية. ومنظمة أطباء بلا حدود اشتكت اكثر من مرة تدمير الطيران السعودية لمستشفياتها رغم اعطاء السعوديين مسبقاً احداثياتها. ما دعا العديد من المنظمات الى اتهام السعودية بارتكاب مجازر ترقى الى أن تكون جرائم حرب.

منظمة العفو الدولية أشارت في تقارير متتالية لها الى إنتهاك التحالف السعودي للقوانين الدولية. وتحدثت عن إستهداف طائرات العدوان لمدارس ومستشفيات، معتبرة ذلك إعتداءاً صارخاً على مستقبل الأطفال. كما أشارت الى التهديدات التي تواجه الأطفال، بسبب القنابل العنقودية التي ألقتها الطائرات السعودية على الأحياء السكنية في عدة مناطق في البلاد.

رد الفعل السعودي

 
19 منظمة دولية تطالب بإعادة إدراج الرياض ضمن قائمة العار السوداء

البعثة السعودية في الأمم المتحدة اصيبت بالصدمة وتجنبت في البداية التعليق العلني على التقرير الذي أصدرته المنظمة الدولية، الا ان الصحافة السعودية ـ وبأوامر ملكية عليا ـ استنفرت كل طاقمها التحريري وكتابها لاصدار سيل من المقالات والتقارير التي تتهجم على المنظمة الدولية، وتتنصل من الوقائع المثبتة لدى المحققين الدوليين. واسهب الكتاب السعوديون في شتم المنظمة الدولية وتحقيرها مستخدمين قاموساً واسعاً من التهم الجاهزة، ضد ابناء اليمن والشعوب والدول الاخرى.

من وجهة نظر السعودية، فإن الأمم المتحدة متحيّزة ضدّها؛ وتتساءل كما المتحدث باسم العدوان (احمد عسيري): كيف تساوون بيننا وبين الحوثيين الذين هم ارهابيون؟ وتمضي السعودية فتشير الى أن هناك (جهة ما) لم تسمّها كانت وراء وضع السعودية في القائمة، ربما يكون المقصود أمريكا، أو إيران.. وتكاد تربط المصادر السعودية بين وضع اسم السعودية في القائمة السوداء (قائمة العار)، وبين مباحثات الكويت، والضغوط المتزايدة على الرياض لوقف العدوان، بعد أن استنفذت الحرب الوقت المعطى لها، وبعد أن تبين أن ليس بمقدور تحالف الرياض على تحقيق نصر فيها.

كان يمكن للغضب السعودي أن يأخذ اتجاهاً آخر، لكن عناد الرياض، وبدل ان يهدئ المشكلة، زادها تعقيداً، وصار الهدف هو إسقاط الإسم من القائمة، بدلاً من إثبات أن الرياض بريئة من الدم اليمني، دم أطفال اليمن ونسائه ومدنييه.

الى جانب التهييج الإعلامي، مارست الرياض ضغوطاتٍ هائلة على المنظمة الدولية، وعبرَ عواصمَ غربيةٍ مؤثرةٍ في كواليسِ القراراتِ الأممية (فرنسا تحديداً)، وذهب عبدالله المعلمي، ممثل السعودية في الأمم المتحدة الى بان كي مون ملوحاً بتهديد قطع تمويل الرياض عن الهيئات والمنظمات الدولية المتخصصة في إطار الأمم المتحدة وبرامجها السنوية.

بعد اربعة أيام من صدور قرار بإدراج الرياض في القائمة السوداء، قائمة العار، أي في السادس من يونيو الجاري، قبل الأمين العام اقتراحاً من السعودية يقضي بإزالة إسم السعودية من القائمة مؤقتاً والقيام بمراجعة مشتركة من قبل الأمم المتحدة والتحالف الذي تقوده السعودية فيما يتعلق بالحالات والأرقام الواردة في تقرير الأمين العام الخاص بالأطفال والصراعات المسلحة. وفي بيان صحفي دعا الأمين العام التحالف إلى إيفاد فريق إلى نيويورك في أقرب وقت ممكن لإجراء مناقشات مفصلة، قبل نظر مجلس الأمن في التقرير في أغسطس القادم.

أعلنت الرياض انتصارها، وقال ممثلها في الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، أن ازالة اسم السعودية من القائمة السوداء نهائي، اي أن انتصار الرياض نهائي أيضاً. وأنها أثبت وجهة نظرها بقوة المال والتهديد، رغماً عن القرارات الدولية، وبيانات المنظمات الحقوقية التي تؤكد ما ذهب اليه تقرير الأمم المتحدة بشأن أطفال اليمن.

حرب الإعلام: الأمم المتحدة منظمة ارهابية

 

السعودية عضو مؤسس في الأمم المتحدة. وكان الأمير فيصل (الملك فيما بعد) قد حضر حفل انطلاقة الأمم المتحدة في نيويورك. ولطالما فاخرت الرياض بأنها تحترم المؤسسات الدولية، والقانون الدولي، وأنها عضو فاعل فيهما. بل كان من بين أهم الإنتقادات من قبل التيار السلفي للنظام السعودي، أنه يرضخ للقوانين الدولية وانه عضو في المنظمات الدولية الكافرة.

مَنْ يشكو الأمم المتحدة ومجلس الأمن، غالباً ما تكون الدول المتضررة، التي ترى انها، خاصة في عقودها الأخيرة، قد فقدت فاعليتها، وأصبحت رهينة للولايات المتحدة والغرب عامة، الذي يسيطر على سياساتها ويوجهها بخدمته ضد خصومه.

ولهذا طالبت كثير من الدول بتعديل قانون الأمم المتحدة، وإلغاء حق الفيتو، أو زيادة أعضاء مجلس الأمن، وتمثيل دول العالم الثالث. ولكن لا فائدة حتى الآن.

السعودية لم تكن في يوم من الأيام معنية بهذا التغيير. فهي أثيرة لدى الأمم المتحدة ورعاتها. لا ننس ان الولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر ممول للأمم المتحدة، وهي لذلك المسيطر على سياساتها. ولم تكن الرياض تنظر الى الأمم المتحدة الا كأداة تفيد حلفائها الغربيين ضد خصومها الإقليميين.

لكن الأمور بدأت بالتغيّر. فالحلفاء بدأوا باستخدام الأمم المتحدة ومؤسساتها ضد الحكومة السعودية نفسها، بعد أن نضبت خزينة الأخيرة، وبعد أن حاولت الرياض الخروج عن النصّ المسموح به.

الأمم المتحدة، وفيما كان ممثلها في الكويت يسعى لحل سياسي للأزمة اليمنية، أصدرت تقريراً اتهمت فيه الرياض بأنها قاتلة للأطفال اليمنيين، ووضعتها على القائمة السوداء!

هنا قامت قيامة الرياض. مئات المقالات والتصريحات ظهرت منددة بالأمم المتحدة، ومدافعة عن الرياض. والإعلام السعودي بدأ يشتم الامم المتحدة، ويهدد بقطع المعونات عنها وعن مؤسساتها. الى أن استسلمت الأخيرة وحذفت الرياض بعد نحو اسبوع من وضعها على اللائحة السوداء. لكن هذا كان عاراً للأمم المتحدة، وعاراً للسعودية نفسها.

المنظمات الحقوقية الدولية، كما الإعلام الغربي، شنّ حملة على الرياض وعلى الأمم المتحدة التي رضخت للإبتزاز.

 

المهم، أنه في غمرة الغضب السعودي باتهامها كقاتلة لأطفال اليمن، وكعضو لامع في القائمة السوداء للأمم المتحدة.. وضمن الحملة الإعلامية الرسمية، تنادت عصابات الرياض على مواقع التواصل الاجتماعي ووضعوا هاشتاقاً بعنوان (الأمم المتحدة منظمة ارهابية)، لأنها وضعت الرياض على اللائحة السوداء.

الأمم المتحدة (منظمة عنصرية حقيرة تديرها الماسونية الصهيونية)، هكذا يصفها المهندس سعود بن مقرن، ورجل المباحث الذي يحمل اسم (ضمير سعودي) قال انها منظمة (ارهابية مسيّسة. شجبت اعدام الإرهابي النمر، وصمتت عن الفظائع والمجازر في سوريا والعراق)؛ وعلق مؤيد آخر للنظام: (لا يعنينا تقريرها، ولا يهزّ شعرة في المملكة. تقريرها فاسد مفسد). والدكتور عبدالعزيز الزهراني يصف الأمم المتحدة بـ (العصابة الاجرامية التي تصنّف الدول والجماعات حسب طلب أمريكا).

خالد العمار يقول انه (يجب ان نبصق عليها وعلى مصداقيتها)، والداعية محمد الخضيري يقول انها منظمة (تُدار من عصابات دولية مجرمة تقف في صف الجلاد). ووصف الشيخ عبدالله الفيفي المنظمة بأنها مجرد (غطاء سياسي للطغيان الغربي والصهيوني)؛ اما الداعية سعد العتيبي فطالب برد عملي يحسم المعركة بصنعاء دون تأخير، كرد على تقرير الأمم المتحدة.

ابراهيم الناصري تساءل: (مَنْ قالَ انها منظمة ملائكية؟ وهل لدى الدول الضعيفة بديل آخر؟) واضاف: (على الدول الهزيلة ان تدفع ثمن هزالها). اما المعارض غانم الدوسري فقال بأنه اذا كانت الأمم المتحدة منظمةً ارهابية، فهذا (يعني أن آل سعود أعضاء في منظمة ارهابية)، وطالب بتصحيح الهاشتاق ليكون: (آل سعود عصابة إرهابية).

بعد ضغوط متواصلة، اعترفت الأمم المتحدة بأنها تتعرض لتهديد الرياض وأنها تتعرض لضغوط شديدة، وأعلنت إزالة اسم السعودية من قائمة قتل الأطفال السوداء؛ وفسر كثيرون ذلك بأن الأموال السعودية لعبت دورها كما هي العادة؛ فيما اعتبر انصار النظام حذف اسم السعودية انتصاراً دبلوماسياً. وعلق الأمير خالد آل سعود فقال: (خضعوا رغما عن أنوفهم، ففي النهاية لا يصحّ الا الصحيح)؛ ورد يمني متألماً: (الحقيقة ان السعودية قاتلة لأطفال اليمن، والأمم المتحدة متواطئة معها، وحسبنا الله ونعم الوكيل).

لقد وضعت الرياض جماعة انصار الله (الحوثيين) ضمن قائمة الإرهاب وهي اليوم تتفاوض معهم. واتهمت الامم المتحدة بأنها منظمة ارهابية، لكنها اليوم غيرت رأيها فيها بعد ان تراجعت عن تصنيفها لها في اللائحة السوداء. وتعاونت مع حزب التجمع للإصلاح الإخواني في اليمن بعد ان وضعته في قائمة الإرهاب فأغضبت الإمارات. لكن الخطير، هو ان السعودية في عقل معظم البشر تعتبر مفرخة للإرهاب، فماذا ستفعل؟

ردود فعل المنظمات الحقوقية الدولية

 

صعقت منظمات حقوق الإنسان الدولية من تراجع الأمين العام للأمم المتحدة. هيومن رايتس ووتش قالت إنه (عار على مكتب بان كي مون تسييس قائمة منتهكي حقوق الطفل والرضوخ لضغوط السعودية). وقال نائب مدير المنظمة للمرافعة الدولية فيليب بولوبيون بأن مكتب بان كي مون بلغ مستوى جديداً من التدني برضوخه للسعودية، ولأن قائمة العار اضحت خاضعة للتوجيه السياسي، فقد فقدت مصداقيتها، ولطخت موروث الأمين العام في مجال حقوق الانسان. واعتبر بولوبيون قرار رفع التحالف السعودي من القائمة السوداء أمراً مقلقا للغاية، وكتب في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: انه مستوى جديد من الانحطاط في الأمم المتحدة فيما يخص الانتهاكات السعودية ضد الأطفال في اليمن وتبييض لصفحة سوداء تحت الضغط السعودي بقوة على قائمة العار.

وتعليقا على تقريرِ الامم المتحدة كتبَت كريستين بيكرلي الباحثة في هيومن رايتس ووتش تحتَ عنوان: أطفالُ اليمن ضحايا انتهاكاتٍ مُروّعة. وقالت انه في كل عام، ينشر الأمين العام للأمم المتحدة قائمة العار، التي تشمل القوات الحكومية والجماعات المسلحة التي ارتكبت انتهاكات جسيمة ضد الأطفال خلال نزاعات مسلحة. وهذا العام، أُدرج لأول مرة التحالف الذي يقاتل في اليمن بقيادة السعودية، وحُدِّدت مسؤوليته عن قتل وتشويه الأطفال في اليمن، والهجمات على المدارس والمستشفيات.

وأوضحت الباحثة الحقوقية خلفيات القرار بأن هناك زيادة بستة أضعاف في قتل وتشويه الأطفال في اليمن خلال العام 2015، مع قتل سبعمئة وخمسة وثمانين طفلا وجرح الف ومئة وثمانية وستين على الأقل، وفقا لتقرير الأمين العام. وكان التحالف السعودي مسؤولا عن ستين في المئة من وفيات وإصابات الأطفال. وسجلت الأمم المتحدة أكثر من مئة هجمة على المدارس والمستشفيات في اليمن، والتحالف الذي تقوده السعودية مسؤول عما يقارب نصف هذه الهجمات التي تسببت كلها تقريبا في تدمير جزئي أو كلي للمرافق.

وقد وجد الأمين العام أن الاتجاهات المقلقة للحرب العدوانية على اليمن استمرت خلال العام الفين وستة عشر، وصدم من حجم الانتهاكات.. وهو محق في ذلك.

لكن هذه الإشادة بوضع السعودية ضمن قائمة العار، صدمت الكاتبة بعد حذف اسم السعودية.

وتكتلت تسع عشرة منظمة دولية بينها هيومن رايتس ووتش، وأمنستي، وأوكسفام، وسيف وورلد وغيرها، لتطالب الأمين عام بان كي مون علناً بإعادة ادراج التحالف بقيادة السعودية في قائمة العار، وقال مديرُ منظمةِ أوكسفام في اليمنِ إن عودة الأمم المتحدة عن قرارِها فشلٌ معنويٌ ويناقضُ كلَ القيم والمبادئِ التي من المفترض أن تقومَ عليها المنظمة الدولية.

هي معركة لم تنته، كما تمنتها الرياض.

لم تنته بإزالة اسمها من قائمة العار.

فبعد تزايد الضغوط على الأمين العام للأمم المتحدة، ظهر علناً ليصرّح بأنه تعرّض لتهديدات وضغوط سعودية وغيرها، وانه باعتباره أميناً عاماً للأمم المتحدة، ومسؤولاً عن برامجها وعن حياة ملايين من البشر يعتمدون على المساعدات.. اضطر الى حذف اسم السعودية من القائمة. وطالب بعدم استخدام سياسة المساعدات للضغط على نشاطات المنظمة. فيما قال المتحدث باسمه بان حذف اسم الرياض لم يكن إلا مؤقتاً ريثما يتم النقاش مع الرياض حول المعطيات والمعلومات التي تقول أنها غير صحيحة في التقرير. ما يعني انه يمكن إعادة اسم السعودية الى القائمة من جديد.

السعودية، وعبر ممثلها في الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي نفى توجيه تهديد للأمين العام، وقال انه فقط تحدث اليه (شفهياً)! وألقى باللائمة على خصوم السعودية بأنهم هم الإرهابيون وقتلة الأطفال وليس بلاده، وطيرانها، وجنودها، وحصارها للشعب اليمني.

في كل الأحوال، فإن الرياض لم تغادر مستنقع العار الأسود، سواء جاء ذلك باعتراف الأمم المتحدة أو بعدمه.

حذف اسم الرياض لا يغير من واقع الحال شيئاً، وها هي الفضائيات ترينا كل يوم مجازر في اطفال اليمن ونسائه ومدنييه ومنشآته التعليمية والصحية وغيرها.

الرياض مفرخة الإرهاب حتى لو لم تقل الأمم المتحدة ذلك؛ وهي قاتلة للأطفال حتى لو برأتها من ذلك.

لقد تلوثت الرياض بعدوانها، وهي لم تحقق نصراً بحذف اسمها مؤقتاً. بل جعلت ذاتها هدفاً للمنظمات الحقوقية الدولية، ومادة للكتابة والتنديد في الصحف العالمية.

الصفحة السابقة