احتمالات تدخل السعودية بالعراق باتت أكثر ترجيحاً

رأت مصادر صحافية أنه رغم احتمال تفضيل حكام السعودية تجنب التدخل في العراق، إلا أن هناك شعوراً متزايداً بأن احتمالات تدخل السعودية في العراق أصبحت أكثر ترجيحاً إن لم تخف وتيرة العنف، مضيفة أن هناك عدة أفكار مثيرة للجدل حول الرياض وتشمل تمرير أسلحة إلى العرب السنَّة في العراق وتحسين العلاقات مع إيران.

وذكرت صحيفة Los Angeles Times الأميركية أن 'حكام المملكة الصحراوية يواجهون معضلة كبيرة تتمثل في كيفية عزل أراضيهم عن القتال الطائفي الدائر في العراق المجاور وإيجاد طريقة لمواجهة التأثير الإيراني المتزايد هناك'.

وأوضحت بأنه في الوقت الذي تلقى أعداد متزايدة من المسلمين السنَّة حتفها في العراق فإن سنة السعودية يراقبون بحذر، مشيراً إلى أن العديد منهم يسعى إلى حماية السنَّة عبر الحدود وهي الرغبة التي عززتها الروابط الأسرية بين البلدين.

وتابع المصدر أنه في الوقت نفسه فإن الحكام السعوديين قلقون جداً بسبب نمو قوة إيران 'الجارة المريبة'، كما أن الغزو الأميركي للعراق شكل كارثة استراتيجية بالنسبة إليهم، ذلك أن السلطة انتقلت للساسة الشيعة في العراق والذين كانوا يعيشون في إيران ويتلقون المال والدعم من حكومتها، وهو ما أدى إلى وضع بغداد تحت سيطرة رجال الدين الإيرانيين، الأمر الذي يهدد استقرار السعودية.

ويقول عبدالله العسكر، الأستاذ بجامعة الملك سعود، 'سيزعزع العنف والنفوذ الإيراني في العراق قاعدة المجتمع السعودي ويقود البلاد إلى الحرب، هناك اعتقاد خاطئ بأن لدينا قاعدة مجتمعية صلبة، وهو خطأ فهناك جذور عميقة وفيروسات تنتظر الوقت للظهور'.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي طلب عدم كشف هويته قوله 'الخيار هو أنه يجب علينا البدء بتسليح ميليشيات سُنّية، إن خرجت الأمور عن مجراها سنقوم بذلك'. ورأى التقرير أن هذه الفكرة شائكة فالعديد من السعوديين قلقون من أن الخط الفاصل بين المتمردين السنَّة والميليشيات الشيعية سيكون متذبذباً في أفضل الأحوال، وكل خطوة سعودية لدعم السنَّة الذين لهم علاقة بالمتمردين الذين يعتدون على القوات الأميركية قد يكون كارثيا بالنسبة لواشنطن، حيث يشكك البعض في الاعتماد على السعودية كحليف لأميركا.

وأضاف أن المملكة تكره عموماً تشجيع الجماعات الثورية خوفاً من أن تجد عائلة آل سعود نفسها في نهاية المطاف في الجانب الخطأ لسلاح المتطرفين.

وأوضحت الصحيفة بأن السعودية لها تاريخ حافل في إرسال المجاهدين إلى الخارج للقتال باسم السنَّة، لكن الجهاد الذي ترعاه الدولة أدى إلى نتائج عكسية ضد العائلة الحاكمة، حيث أن بعض السعوديين الذين تلقوا المال والتشجيع من الحكومة لقتال السوفيات في أفغانستان في الثمانينيات عادوا إلى الوطن وانقلبوا ضد الحكام، مشيرة إلى أن العرب الأفغان ومنهم أسامة بن لادن جلبوا معهم بذور الإرهاب إلى السعودية.

ومضى المصدر موضحاً أن حكام السعودية ظلوا حتى الآن صامتين، مشيراً إلى أن السعودية لها أسباب براغماتية للبقاء بعيداً، فبينما عمت الفوضى في العراق شهدت المملكة ازدهاراً بفضل ارتفاع أسعار النفط بسبب الحرب، كما أن قوات الأمن قامت بإخماد الهجمات التي شهدتها المملكة، بالإضافة إلى وفاة الملك فهد التي منحت آمالاً أن يقوم خلفه عبدالله بإجراء الإصلاح الموعود.

وأوضح بأنه في الوقت نفسه قامت العائلة الحاكمة ورجال الدين السنَّة الأقوياء ببذل جهود لتحسين العلاقات مع الأقلية الشيعية التي تتركز في المناطق الشرقية الغنية بالنفط، مشيراً إلى أن الحكام قلقون بشأن إثارة المزيد من المرارة الطائفية بالتأييد المباشر لسنَّة العراق.

ويقول عبدالعزيز القاسم، وهو رجل دين إصلاحي، إن الحكومة السعودية فشلت في تخفيف العداء الطائفي، مشيراً إلى أن رجال الدين السنَّة لم ينتقدوا تفجير المقدسات الشيعية التي كادت تؤدي إلى نشوب حرب أهلية. كما أوضح بأن بعض السعوديين يأملون أن تدفع الأزمةُ السعوديةَ إلى تحمل بعض الأدوار في المنطقة، وهم يعتقدون أن الغموض حول العراق ألقى الضوء على فراغ في القيادة العربية، وهم يحاولون دفع حكومتهم إلى تغيير تعاملها مع بغداد.

ومن جانبه، تساءل نواف عبيد، وهو مستشار أمني للحكومة السعودية، 'هل يدركون عبء المسؤولية التي عليهم؟ إن القضية قضية قيادة والسعوديون في حاجة إلى أن يقودوا الآن لأنه لم يتبق هناك أحد، واليوم مهما قررت السعودية فعله فهم سيحددون كيفية تعامل العرب مع العراق'.

عن صحيفة لوس انجلس تايمز ـ 24 مايو 2006 ـ ترجمة موقع الخيمة

الصفحة السابقة