عادل اللباد شاعر الثورة.. السجن 13 سنة فقط!

عمرالمالكي

 

الشاعر والناشط عادل اللباد، لُقب بـ(شاعر الثورة). اعتقل في اكتوبر 2012 وتم تأكيد الحكم عليه مؤخراً بالسجن ثلاث عشرة سنة، بتهمة التحريض على العنف، وانتقاد آل سعود ـ ولاة الأمر!

في كل محفل، في كل عرس شهادة، كان اللباد حاضراً.

في المظاهرات كان يرفض إلا أن يظهر بزيّه كاملاً واضح الوجه وفي المقدمة.

في تشييع الشهداء، وفي تأبينهم، هو حاضر جسداً وروحاً وشعراً.

لم تكن السجون غريبة عنه، فما أكثر ما دخل السجن، وما أكثر التعذيب الذي نزل به.

كتب ذات مرّة بأنه لن يسامح نايف بن عبدالعزيز (وزير الداخلية الأسبق)؛ وشرح كيف كان التعذيب والتحقيق والإهانة والصفع بالنعال (الزبيري) الذي تفنن الجلادون في استخدامه بحقّه.

اللباد كان في مقدمة المتظاهرين، المطالبين بالحرية والكرامة. لم يكن ليغطّي وجهه، حتى لا يتعرف عليه رجال المباحث.

كان صريحاً واضحاً مستقيماً شجاعاً، لا يأبه كثيراً للعواقب، ويهمه انتصار المُثُل والقيم التي آمن بها، وناضل من أجلها، وسطّر بعضاً من ذلك النضال في أحد كتبه.

لكن الأقلام الحرة قد تقف لفترة، ولكنها لا تجف. واللباد وأمثاله لا ترهبهم هذه الأحكام الجائرة، ولا يزيدهم السجن الا قوة وصلابة لنيل الحقوق، يقول حيدر صادقاً.

بمناسبة تأكيد الحكم قال أحد مناصريه: (ثلاثة عشرة سنة سجن، ثمن الشعر الحرّ في الحرمين الأسيرين. ثلاث عشرة سنة حبسٌ للقافية والوزن والصورة واللحن. تهمة اللباد: قصيدة). هناك من فزع لابن الذيب، الشاعر الذي سُجن في قطر لسنوات من أجل قصيدة، ودافع عنه الكثير من المسعودين، لكنهم أبوا الا ان لا يعرفوا الشاعر ابن وطنهم القريب عادل اللباد، يقول مناصر آخر.

لكن أي ثقافة ننشدها، والأدباء والشعراء والكتاب في بلادنا يملؤون السجون، بسبب ان حروفهم ترهب سلطة قمعية؟

احتجاجاً على القمع، تجمعت عائلة اللباد، ورفعت راية الدعوة لحريته.

كتبت زوجته ورقة تحت قدمه مطالبة: 

أريد أن أراك حلماً

تطوّق بذراعيكَ الأمل

أريد أن أراك نوراً تقهر عتمة السجن فرحاً

أريدُ أن اراكَ شموخاً، تليّنُ الصخرَ طوعاً

أريدُ لبحركَ أن يعبرَ المحيطَ صبراً

أريدكَ دعاءً.. تسبيحةً، وصلاةً، وشكراً وحمداً

أريدُ أناملكَ سحراً:

يمسحُ دمعاً، ينثرُ شعراً،

يضمّدُ جرحاً، ويُشفي وجعاً،

.. ويقهرُ صنماً

من قبور الأحياء ـ سجون ابن سعود ذات الخمس نجوم ـ تتسرّب قصائد اللباد المملوءة تحدياً وكبرياء.

كتب: (ستعلمُ الثلاث عشرة سنة، أنني لا أنحني إلا لخالقي).

القبرُ يعلمُ أنني لا أنثني

لا أنحني إلا لأزرعَ سُنْبُلةْ

ولربما أكلُ الحديدُ بمعصمي

فبمعصمي أمضي لأقطعَ سلسلَةْ

وأثيرُ في زنزانتي غضبَ الخُطى

ودمي على الأغلالِ يُعطي الأسئلةْ

ويُطاردُ الجلادَ في أحلامه

في سجنه يجني حصادَ الزلزلَةْ

حتى إذا طَفِقَ العذابُ بليلهِ

رَسَمَتْ لنا الآهاتُ شكلَ القُنبُلَةْ

ومن سجنه، يبعث اللباد الى ابنته الصغيرة فاطمة:

يا عيوني حين تبدو حالمَةْ

وربيعي في الليالي المُظلِمَةْ

يا شذا أنفاسَ حلمي كلّما

كتبَ الهمُّ بقلبي تمْتَمَةْ

كيفَ لي والحبُّ إن لمْ تزرعي

في حياتي ـ يا حياتي ـ موسِمَهْ؟

ليسَ لي في قعرِ بُعدي أمَدٌ

غير أن تكسرَ جُبّيْ “فاطمةْ”!



الصفحة السابقة